كوابيس «ليمان براذرز» تطرق الأبواب من «سيلفرغيت»

تراجع واسع للبنوك... ومحاولات للطمأنة

شعار بنك «إس في بي» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)
شعار بنك «إس في بي» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)
TT

كوابيس «ليمان براذرز» تطرق الأبواب من «سيلفرغيت»

شعار بنك «إس في بي» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)
شعار بنك «إس في بي» على أحد الهواتف الجوالة (رويترز)

لم يكن انهيار بنك «ليمان براذرز» في 15 سبتمبر (أيلول) عام 2008 مجرد أزمة لأحد المصارف؛ لكنه كان بادرة لأزمة عالمية كبرى عرفت بأزمة الرهن العقاري، وإعلانا لا يقبل الشك عن أن كثيرا من اتجاهات الأسواق -رغم رواجها- تحتاج لمراجعة من حين لآخر.
وبعد 15 عاما من الواقعة، التي شهدت تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 4.5 بالمائة خلال ساعات قليلة (وهو التهاوي الأكبر للمؤشر منذ أحداث هجمات سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة)، شهد القطاع المصرفي العالمي بداية سيئة يوم الجمعة مع هبوط أسهمه في البورصات، ومنها هبوط القطاع المصرفي الأوروبي بنسبة 4.5 بالمائة، نتيجة القلق بشأن الصعوبات التي تواجهها مجموعة «إس في بي فاينانشل غروب» (سيليكون فالي بنك) الأميركية، وهي شريك مفضل للعديد من شركات التكنولوجيا، عقب انهيار مجموعة «سيلفرغيت كابيتال كورب» الأسبوع الماضي، ما أثار فزعا في أروقة الصناعة المصرفية.
ويعمل كل من «إس في بي» و«سيلفرغيت» في فرع التمويل، ويعتمدان بشكل كبير للغاية على الأصول عالية المخاطر وتلك المشفرة، والتي تحقق عوائد أكبر للمستثمرين... ومنذ انهيار منصة العملات الرقمية «إف تي إكس» نهاية العام الماضي، تهافت المودعون على سحب الودائع من «سيلفرغيت». وبعد الخسائر من بيع سريع للأوراق المالية، أعلنت الشركة يوم الأربعاء الماضي عن خططها لإنهاء العمليات والتصفية. فيما سعى «إس في بي» لزيادة جمع التمويل بكثافة وسرعة بنحو 2.25 مليار دولار عبر طرح إضافي للأسهم، ما أدى إلى مخاوف كبيرة وسحب كبير للإيداعات، ليهوي سهم البنك بنسبة تفوق 60 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
ومع الإعلان عن صعوبات «إس في بي» وسحوبات الزبائن، كان مدير عام المجموعة المالية حض الزبائن على «عدم سحب ودائعهم من البنك وعدم بث الخوف أو الذعر» كما ذكرت مصادر لصحيفة «وول ستريت جورنال» الخميس. كما باعت المجموعة على عجل 21 مليار دولار من الأسهم المالية، ما أدى إلى خسارة تقدر بحوالي 1,8 مليار دولار.
ويقول كريس ماريناك، المحلل في «جاني مونتغمري سكوت»، إنه بينما كانت التكلفة المتزايدة للودائع معروفة من قبل والضغوط الناتجة عنها ملموسة، إلا أن السوق فجأة تيقن لهذا الأمر بعد اتجاه «بنك سيليكون فالي» لزيادة رأسماله، بحسب «بلومبرغ». فيما قال ديفيد بينامو مدير الاستثمارات في «أكسيوم الترنيتف انفستمنت» لوكالة الصحافة الفرنسية إن حركة «الذعر المحدودة» هذه بدأت كرد فعل على قيام زبائن بسحوبات كبرى.
التحركات أثرت بقوة على أسهم البنوك بشكل عام في البورصات، خاصة تلك المنفتحة على التعاملات المشفرة بشكل أو آخر. وفي بورصة باريس خسر سهم بنك «سويتيه جنرال» 4,96 بالمائة ليصل إلى 25,40 يورو، و«بي ان بي باريبا» 3,38 بالمائة ليصل إلى 60,52 يورو، و«كريدي أغريكول» 2,94 بالمائة إلى 10,97 يورو.
في أماكن أخرى في أوروبا، خسر سهم مصرف دويتشه بنك الألماني 9,85 بالمائة من قيمته، فيما تراجعت أسهم «كومرتسبنك»، ثاني أكبر مصارف ألمانيا، بنسبة 6,12 بالمائة. كما تراجع سهم «باركليز» البريطاني بنسبة 3,83 بالمائة، والإيطالي «انتيسا سانباولو» بنسبة 3,06 بالمائة، والسويسري «يو بي إس» بنسبة 4,45 بالمائة.
وفي هونغ كونغ، خسر مصرفا «إتش إس بي سي» و«ستاندرد تشارترد» الجمعة أكثر من 3 بالمائة، و«هانغ سينغ بنك» أكثر من 4 بالمائة. ونفس الاتجاه سجل في اليابان، حيث تراجعت أسهم أبرز المصارف اليابانية.
ومع اشتعال المخاوف، ذكر الخبير الاقتصادي محمد العريان، رئيس صندوق «غرامرسي»، أن البنوك الأميركية يمكنها أن تحتوي مخاطر العدوى وضغوط النظام الناجمة عن الاضطرابات التي تسبب فيها مصرف «سيليكون فالي بنك». وأضاف في تغريدة على «تويتر» يوم الجمعة: «يمكن احتواء مخاطر العدوى والتهديد المنهجي بسهولة، من خلال إدارة دقيقة للميزانية العمومية، وتجنب المزيد من أخطاء السياسة المالية».
وتابع العريان: «في الوقت نفسه، بينما النظام المصرفي الأميركي قوي ككل، فهذا لا يعني أن كل بنك كذلك». وأضاف: «بسبب التقلبات في العوائد، بعد الفترة الطويلة السابقة لسياسة التمكين، فإن البنوك الأكثر ضعفا هي تلك العرضة لمخاطر أسعار الفائدة والائتمان».
ومن جانبه، قال بيل أكمان، مؤسس صندوق التحوط «بيرشينغ سكوير»، إنه يجب على الحكومة الأميركية دراسة تقديم حزمة إنقاذ «مخففة للغاية» لمجموعة «إس في بي» المالية إذا لم يتسن التوصل لحل، بحسب «بلومبرغ».
وأضاف أكمان، في سلسلة تغريدات، أن الشركات المدعومة برأس المال الاستثماري تستخدم «إس في بي» من أجل القروض والأموال التشغيلية، ويمكن أن يؤدي فشل الشركة إلى تدمير حافز طويل الأمد مهم للاقتصاد. وأوضح أن الحكومة يمكن أن تختار ضمان الودائع مقابل تفويضات لتمكين الشركة من جمع أموال جديدة.
وبالاتصال بتراجع الأسواق، مرت العملة الرقمية بتكوين بأسوأ أسبوع لها منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في ظل عمليات بيع كثيفة لها بسبب المخاوف. وذكرت «بلومبرغ» أن أكبر عملة رقمية في العالم تراجعت الجمعة 3.2 بالمائة إلى أقل من 20 ألف دولار للوحدة الواحدة لأول مرة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد تراجعها الخميس بأكثر من 8 بالمائة... كما تراجعت العملات الرقمية الأصغر مثل إيثر وسولانا وكاردانو.
وقال جون تورو، المسؤول في شركة «إندبندنت ريزيرف» لتداول الأصول الرقمية، إن عمليات البيع الكثيف للعملات الرقمية يبدو أنها مرتبطة بتحركات سوق الأسهم. وأضاف أن تراجع أسعار أسهم البنوك في البورصة الأميركية واقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن فرض ضريبة جديدة على الأثرياء ساهما في خفض جاذبية العملات الرقمية لدى المستثمرين.


مقالات ذات صلة

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

أشاد الرئيس جو بايدن، الخميس، بأرقام النمو القوية، وأوضح أنها تؤكد أن الولايات المتحدة لديها «الاقتصاد الأقوى في العالم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك التي تترقب بيانات مهمة هذا الأسبوع (أ.ب)

المستثمرون يترقبون بيانات الناتج المحلي والتضخم الأميركية هذا الأسبوع

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الثاني وأرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عن كثب.

«الشرق الأوسط» (عواصم: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

ارتفع سهم شركة «ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب» بأكثر من 50 في المائة خلال معاملات ما قبل افتتاح بورصة «ناسداك» لجلسة يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باكستان تبدأ محادثات حول إعادة جدولة ديونها لقطاع الطاقة الصيني

وزير المالية الباكستاني محمد أورنغزيب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في مكتبه في إسلام آباد (أرشيفية - رويترز)
وزير المالية الباكستاني محمد أورنغزيب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في مكتبه في إسلام آباد (أرشيفية - رويترز)
TT

باكستان تبدأ محادثات حول إعادة جدولة ديونها لقطاع الطاقة الصيني

وزير المالية الباكستاني محمد أورنغزيب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في مكتبه في إسلام آباد (أرشيفية - رويترز)
وزير المالية الباكستاني محمد أورنغزيب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في مكتبه في إسلام آباد (أرشيفية - رويترز)

بدأت باكستان محادثات بشأن إعادة جدولة ديونها المستحقة على قطاع الطاقة للصين، إلى جانب محادثات بشأن الإصلاحات البنيوية التي اقترحها صندوق النقد الدولي، وفق ما أعلن وزير المالية الباكستاني، محمد أورنغزيب.

زار أورنغزيب، الخميس، بكين وأجرى محادثات حول إعادة جدولة ديون قطاع الطاقة المستحقة للصين بنحو 15 مليار دولار.

وقال أورنغزيب في مؤتمر صحافي، الأحد، إن باكستان ستتعامل مع إعادة هيكلة الائتمان الصيني لقطاع الطاقة على أساس كل مشروع على حدة، وإن إسلام آباد تتطلع إلى تعيين مستشار محلي في الصين لهذا الغرض.

وشدد وزير المالية على أنها تعيد جدولة الديون وليس إعادة هيكلتها، لأن خفض المبلغ المستحق عليها ليس وارداً. ومن المفهوم عموماً أن إعادة الجدولة تنطوي على إطالة متفق عليها للوقت اللازم لسداد الديون.

وكانت الدولتان اللتان تشتركان في الحدود حليفتين منذ فترة طويلة، وساعدت عمليات تجديد القروض من الصين أو صرفها، باكستان على تلبية احتياجاتها التمويلية الخارجية في الماضي.

وتجري باكستان محادثات مع السعودية والإمارات والصين من أجل تلبية احتياجات التمويل الإجمالية بموجب برنامج صندوق النقد الدولي، الذي تحتاج إسلام آباد إلى موافقة مجلس إدارته.

ووافق صندوق النقد الدولي، هذا الشهر، على خطة إنقاذ بقيمة 7 مليارات دولار للاقتصاد المثقل بالديون في جنوب آسيا، في حين أثار مخاوف بشأن ارتفاع معدلات سرقة الطاقة وخسائر التوزيع التي تؤدي إلى تراكم الديون عبر سلسلة الإنتاج.

وذكرت صحيفة «إكسبرس تريبيون» وفقاً لوثائق وزارة الطاقة الباكستانية أن إسلام آباد «طلبت رسميًا من الصين، الخميس، إعادة جدولة ديونها، مع زيادة المبالغ المستحقة لمشاريع الطاقة في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني بنسبة 44 في المائة إلى 401 مليار روبية بحلول نهاية السنة المالية الماضية.

بدءًا من يونيو (حزيران) 2024، ارتفعت المبالغ المستحقة لمحطات الطاقة الصينية إلى 401 مليار روبية، بزيادة 122 مليار روبية أو 44 في المائة عن العام السابق.

وأضافت الصحيفة أن «هذه الديون غير المسددة، التي تنتهك اتفاقية إطار عمل الطاقة لعام 2015، تعوق المزيد من العلاقات المالية والتجارية بين البلدين».