> سألت قبل بضعة أشهر مخرجاً عربياً حقق حتى الآن فيلمين في بلده عن كيف يدير الممثلين. هذا من بعد أن لاحظت أنه ليست هناك من إدارة فنية أو درامية، بل مجرد إدارة بدنية: تقف هناك وعندما أقول «أكشن» تركض باتجاه السيارة القادمة.
> قال في ردّه: «أسلوبي» (أي كما لو كان بدعته التي لا يشاركه فيها أحد) أن أشرح للممثل الدور الذي يلعبه وأطلب منه أن يكون طبيعياً.
> أردت أن أقول له إن هذا ليس أسلوباً، بل «زوغاناً» من الإدارة الصحيحة، لكني لم أرغب في الجدال لإدراكي أن ثاني أصعب الأمور في الحياة، من بعد التهرب من الضرائب، هو الإقناع.
> المسألة هي أن التمثيل الطبيعي هو أقل مَرتبات التمثيل شأناً. لأنه إذا كانت المسألة هي الركون إلى «الطبيعي» لكنا جميعاً ممثلون جيدون. هو تنازل عن امتلاك ناصية الدراما وفهمها وتجسيد الشخصية بحيث ينتقل الممثل من نفسه إلى نفس سواه.
> التمثيل في كل فيلم ذي قيمة يتبع مدرسة ما أعلى من أسلوب التمثيل الطبيعي. لا يعني ذلك أن يأتي المخرج بممثل غير محترف. شاهد «سارقو الدراجات» أحد علامات السينما الواقعية الإيطالية في الأربعينات. ممثلوه كانوا غير محترفين، لكنهم استمعوا جيداً لتعليمات المخرج فيتوريو دي سيكا وتعلّموا كيف يساهمون في خلق الشخصية التي لديها مرجع درامي جيد.
> في هذه الأيام يدخل الحابل بالنابل ونسمّي كل شيء بما يُرضي كبرياء المخرج. نسمح لأنفسنا الاعتراف بأن التمثيل كان جيداً لأنه كان طبيعياً من دون أن ندرك أنه إذا كان طبيعياً فهو ليس جيداً كفاية.
م. ر