يرى مسؤولو بايرن ميونيخ الألماني أن فريقهم قادر على الفوز بـ«دوري أبطال أوروبا» هذا الموسم، بعد التأهل إلى ربع النهائي بالفوز على المنافس العتيد، باريس سان جيرمان الفرنسي، ذهاباً وإياباً 1 - صفر و2 – صفر.
وعلى الرغم من وجوده فيما سُمي «مجموعة الموت» بجانب العملاقين الإسباني برشلونة والإيطالي إنتر، خرج بايرن منتصراً من جميع مبارياته في دور المجموعات ذهاباً وإياباً، وبفوزه ذهاباً وإياباً على سان جيرمان، رفع انتصاراته إلى 8 من أصل 8 مباريات خاضها في طريقه إلى ربع النهائي، بسجلّ هجومي رائع (21 هدفاً) ودفاعي أروع (اهتزَّت شباكه مرتين فقط).
ويرى هربرت هاينر رئيس نادي بايرن ميونيخ الألماني أن فريقه قادر على الفوز بلقب دوري الأبطال هذا الموسم، وقال: «لا أرى فريقاً أكثر قوة من فريقنا كما ترون، لا يمكنك تحقيق كل شيء بالمال فقط (في إشارة إلى سان جيرمان)».
مبابي وميسي يجران أذيال الخيبة (رويترز - أ.ب)
استناداً إلى ما شاهده من فريقه حتى الآن، ورغم أنه بعيدٌ كل البعد عن تشكيلتي ثلاثية عامي 2013 و2020، قال المدرب يوليان ناغلسمان بعد إنهاء حلم سان جيرمان بلقبه الأول في المسابقة القارية الأهم، إن البايرن قادر على تحقيق ما يشاء إذا تمتع بالتعطش والشغف اللذين يتوافقان مع النوعية الموجودة في النادي البافاري.
وقال ناغلسمان: «رددت الأمر 20 مرة: (إذا نجحنا في الجمع بين التعطش والمشاعر، فسنحصل على أقصى قدر من النوعية التي نتمتع بها، وحينها بإمكاننا أن نحقق أي شيء)».
وحصد بايرن ميونيخ حتى الآن جوائز قيمتها الإجمالية 02.89 مليون يورو بفوزه بجميع مبارياته الثماني بدوري الأبطال، وفي حال وصوله إلى النهائي المقرر في إسطنبول، بالعاشر من يونيو المقبل، وتتويجه باللقب، فسيحصل على إجمالي 52.121 مليون يورو.
وتبدو تصريحات ناغلسمان بعد المباراة وكأنها المديح الطموح المعتاد الذي يدلي به المدربون بعد فوز مهم، لكنه لم يعفِ لاعبيه من الانتقادات هذا الموسم، في ظل الأداء المتأرجح في الدوري المحلي.
عادة، وبحلول شهر مارس (آذار)، يكون البايرن المتوَّج «32 بطلاً للدوري الألماني» متقدماً برقم مزدوج على أقرب منافسيه، وفي طريقه لحسم الأمور، لكن، هذا الموسم، خسر بايرن النقاط على أرضه وخارجها أمام عدد من الأندية المتعثرة، ويتصدر الآن الترتيب بفارق الأهداف فقط عن غريمه، بوروسيا دورتموند.
ويدرك ناغلسمان جيداً أن بايرن يملك أفضل فريق في الدوري بفارق هائل عن أقرب منافسيه، لكن اللاعبين لا يأتون في بعض الأحيان إلى المباريات بالسلوك المناسب، لا سيما على الصعيد المحلي.
وقال المدرب إن مكانة بايرن في ألمانيا تعني أن الفرق المنافسة تواجهه بشغف وتصميم مضاعفين، على أمل حصد نقطة أو أكثر ضد العملاق البافاري، مما يعني أن فريقه يحتاج إلى فعل الشيء نفسه.
وتابع: «لا يزال هناك كثير من الفرق القادرة على خلق متاعب لنا، لأن كل فريق يقاتل بشراسة عندما يلعب ضد بايرن ميونيخ. لسوء الحظ، يتعين علينا دائماً إحضارها معنا (المشاعر الحماسية). إذا قمنا بإقران هذه الأشياء معاً، فسنكون جيدين جداً... وإذا لم نفعل ذلك، فسنقدم كرة قدم مهزوزة، ونحن بغنى عن ذلك حقاً».
وكان المدافع الفرنسي، دايو أوباميكانو، محور إشادة ناغلسمان، بعدما نجح في الحد من تحركات مواطنه، كيليان مبابي، نجم سان جيرمان، معتبراً أن بإمكان ابن الـ24 عاماً «أن يكون أفضل مدافع أو بين أفضل مدافعين أو ثلاثة في العالم».
وتابع: «أرى أنه عندما يكون في كامل تركيزه، ولا يترك الأمور البسيطة، يقدم أداءً مذهلاً، عابه قبل عامين افتقاره إلى الصبر في بعض الأوضاع، أما أمام سان جيرمان، فلعب جيداً مع الكرة، وبحث عن أسهل الحلول».
وبعد التخلّص من عقبة سان جيرمان، ينتقل تركيز بايرن إلى معركة الدوري المحلي، حيث يلعب، غداً (السبت)، على أرضه ضد جاره البافاري، أوغسبورغ، القابع في المركز الثالث عشر بفارق 3 نقاط فقط عن منطقة الهبوط.
وكان أوغسبورغ إحدى الهوات التي سقط فيها بايرن في الدوري بخسارته (صفر - 1) ذهاباً في سبتمبر (أيلول)، ما جعله يتراجع في حينها إلى المركز الخامس في أدنى ترتيب له هذا الموسم.
وكي «يحقق كل شيء»، كما يتمنى مدربه الطامح إلى قيادته لتكرار سيناريو ثلاثية عامي 2013 و2020، على بايرن إدراك أن النوعية قد لا تكون كافية في كثير من الأحيان، بل يجب أن تترافق مع الاندفاع والحماس والشغف.
على الجانب الآخر، كان باريس سان جيرمان مؤمناً بأن إقناع كيليان مبابي بالبقاء في العاصمة سيحقق له أخيراً المجد الذي طال انتظاره في «دوري أبطال أوروبا»، لكن الفشل في بناء فريق قوي بما يكفي حول النجم الفرنسي، ساهم في خروج مبكر آخر من أوروبا، وتوديع البطولة من ثمن النهائي للمرة الخامسة في آخر 7 مواسم.
يبدو الآن مشوار باريس سان جيرمان إلى نهائي 2020 أشبه بإنجاز غريب، بعد أن أتى في موسم تفشى فيه وباء فيروس «كورونا»، عندما تحول «دوري أبطال أوروبا» إلى بطولة مصغرة خلف أبواب مغلقة.
كانت هناك احتفالات في مايو (أيار) الماضي، عندما وافق مبابي على تجديد عقده لمدة 3 سنوات، للبقاء مع الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرازيلي نيمار، في العاصمة الفرنسية، بدلاً من الانضمام إلى ريال مدريد الإسباني.
كان من المفترض أن يتبع تعيين الكشاف البرتغالي لويس كامبوس مديراً رياضياً، وكريستوف غالتييه مدرباً، خلفاً للأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، بناء فريق جديد ومثير.
من الصعب المجادلة بأن سان جيرمان أقوى الآن مع أمثال البرتغالي فيتينيا والإسباني فابيان رويس عما كان عليه مع الأرجنتينييْن أنخل دي ماريا ولياندرو باريديس، العام الماضي.
وقال غالتييه عقب الخروج الموجع: «الأمر لا يتعلق ببناء الفريق. إنها مجرد قصة الموسم. افتقدنا لاعبين مهمين. الفريق ضعف (جراء خسارة عناصر) في المواجهتين ضد بايرن».
وكان مبابي دخل من مقاعد البدلاء في نصف الساعة الأخير لتعافيه من إصابة في الفخذ خلال الخسارة 0 - 1 في باريس ذهاباً. وغاب نيمار عن الإياب لإصابة في الكاحل، بينما خرج كل من المدافعين؛ البرازيلي ماركينيوس، ونوردي موكييلي، في نهاية الشوط الأول وانطلاق الثاني توالياً في الإياب لتعرضهما للإصابة.
قال غالتييه: «لقد كان موسماً مزدحماً للغاية. طُلب من أجساد اللاعبين القيام بالكثير. كانت هناك كأس العالم، ومن الواضح أنه عندما تصل إلى دور الستة عشر، من الجيد أن يكون الجميع متاحين».
ووضع سان جيرمان الأمل في مبابي وميسي في قلب المواجهة في ميونيخ، لكن الأرجنتيني لم يكن له تأثير يُذكر، بينما لمس الفرنسي الكرة 32 مرة فقط.
وقال مبابي الذي سيصبح مستقبله مرة أخرى موضوع تكهنات متزايدة: «كما قلتُ في أول مؤتمر صحافي لي في (دوري أبطال أوروبا) هذا الموسم: سنبذل قصارى جهدنا. الحقيقة أن هذا أقصى ما لدينا. الشيء الوحيد المهم بالنسبة لي هذا الموسم الفوز بلقب الدوري، ثم سنرى».
ويتساءل البعض عن سبب عدم تمكن نادٍ، مثل سان جيرمان، من بناء فريق بدكة قوية بما يكفي حول مبابي ليظل قادراً على المنافسة رغم الإصابات.
وقال ديفيد جينولا، النجم السابق للنادي، الذي يعمل الآن محللاً في قناة «كانال بلوس»: «إذا كان لدى باريس سان جيرمان طموحات للفوز بدوري أبطال أوروبا، فإنهم بحاجة إلى التعاقد مع لاعبين يملكون معايير عالية... أعتقد أنهم سيحققون النجاح الذي يبحثون عنه في اليوم الذي يتوقفون فيه عن المراهنة بكل شيء على لاعب واحد. متى سنتحدث عن فريق؟».
ومع إنفاق الكثير على صفقة مبابي الجديدة والحاجة إلى احترام قواعد اللعب المالي النظيف لـ«الاتحاد الأوروبي لكرة القدم»، فشلت إدارة سان جيرمان في التوقيع مع قلب دفاع كانوا في أمسّ الحاجة إليه.
ينتهي عقد ميسي هذا الموسم، وكانت هناك محادثات حول تمديده، لكن سيكون قد بلغ عامه الـ36 في يونيو، وسيكون من الحكمة استثمار الأموال المطلوبة في مكان آخر.
قد تكون هناك شكوك أيضاً حول مستقبل غالتييه نفسه؛ إذ يدرك المدرب أن الفوز بلقب الدوري المحلي وحده قد لا يكون كافياً، وقد اعترف قائلاً: «نعرف مدى أهمية (دوري أبطال أوروبا). هناك كثير من التوقعات؛ إذا فزنا فقط بالدوري، فهل كان موسماً سيئاً؟ ما نأسف عليه كثيراً أننا لم نتمكن من المنافسة بكل قوتنا ضد بايرن». لا توجد ضمانات بأن باريس سان جيرمان بكامل قوته كان سيهزم بايرن أو يواصل مشواره نحو لقب «دوري الأبطال».
خلال 11 موسماً في البطولة القارية بالحقبة القطرية، فاز الفريق بسبع مباريات فقط في مواجهات من مباراتين بالأدوار الإقصائية.
وكتب فنسان دولوك في صحيفة «ليكيب» الرياضية اليومية: «لا يوجد سبب يجعل باريس سان جيرمان في عام 2023 يتعلم الدروس التي لم يتعلمها منذ 10 سنوات. لا يوجد سبب أيضاً لإنكار أن الفريق عندما يدخل الأدوار الإقصائية فإن الخسارة باتت ثقافة».