قيمة ثقافية إنسانية ذات ارتباطٍ وثيقٍ بروح الأصالة التي يتميّز بها الشعب السعودي تمثلها «العرضة السعودية»، حيث يبرز من خلالها عمق الموروث الذي يُعبّر عنه بالحركة المتناسقة والكلمة ذات الدلالة العميقة؛ إضافةً إلى زيّها المميز، وارتفاع أصوات مؤدّيها، وتميّز نغماتها التي تبعث الحماسة في نفوس المستمعين والعارضين.
وتمثل «العرضة السعودية» رقصة انتصار وعز وافتخار ورمزاً يعكس تاريخ السعودية وأمجادها، وكانت تؤدَّى وقت الحرب لإظهار القوة وتعبيراً عن الفرحة في وقت السلم.
لذلك أطلقت «هيئة تطوير بوابة الدرعية» النسخة الثالثة من مبادرة «الدرعية... بيت العرضة» التي تُعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، بهدف تأصيل قيمتها الوطنية التاريخية وتعزيز فخر المشاركين بهويتهم الأصيلة، من خلال ربطهم بإرثهم العريق، حيث تستهدف المبادرة تدريب النشء من عمر 12 عاماً حتى 17 عاماً على مهارات أداء العرضة، انطلاقاً من مسؤوليتها في الحفاظ على الموروث العريق للدرعية.
تُعد «العرضة السعودية» رقصة عز وافتخار بالتراث السعودي (الشرق الأوسط)
وقد أولت «هيئة تطوير بوابة الدرعية»، «العرضة السعودية»، اهتماماً خاصاً، تجسّد في إطلاق المبادرة، عام 2019، بالتعاون مع «المركز الوطني للعرضة السعودية»، وذلك في قصر الأمير ثنيان بن سعود بحي الطريف التاريخي بالدرعية، ليسهم نجاح المبادرة في إقامتها سنوياً، نظراً لما خرجت به من نتائج محمودة.
ونظّمت الهيئة النسخة الثانية من المبادرة عام 2021، حيث جرى خلالها تدريب 100 مشاركٍ على أصول «العرضة السعودية»، بواقع 25 مشاركاً في كل دورة، وكُرّم 20 فائزاً منهم، عبر اختيار 5 متأهلين من كل دورة تدريبية.
ويقول صالح العبد الواحد، رئيس فرقة الدرعية لـ«العرضة السعودية»، إن «هذه المبادرة مهمة لتعزيز شعور الانتماء للإرث الذي يحمله التاريخ السعودي بين النشء، حيث يمثل الشباب شريحة كبيرة من عدد سكان السعودية، ونأمل أن يحافظوا على هذا الموروث المهم في المملكة». كما يضيف أن الدورة تهتم بشرح كل تفاصيل «العرضة السعودية»، من الملابس والقصائد التي تُستخدم في العرضة، ليتشربوا جميع المعلومات حولها، وكان من الملحوظ اهتمامهم الكبير بها وبمعرفة جميع تفاصيلها، حيث كانوا متعاونين بشكل ممتاز مع المدربين.
واشتهرت الدرعية بإتقان أهلها هذا الفن، بل إن فرقة الدرعية كانت حاضرة في أغلب مناسبات الدولة؛ منذ توحيد البلاد في 1932، حتى اليوم، ونجحت في أن تجعلها مسك الختام لأي احتفاء، مما عزز حضورها بين مختلف الأجيال، وفتح شهية الكتّاب كي تُبنى قصصها، وتأخذ أبعاداً في البحث عن أغوارها، ومدى تأثيرها.
وتأتي «العرضة السعودية» أيقونة للتراث الشعبي الذي تشتهر به منطقة نجد، وأُدرجت في عام 2015 ضمن «قائمة التراث العالمي غير المادي» لدى «المنظمة الدولية للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)»، إضافة إلى تأسيس مدارس خاصة بتعليم هذه الرقصة الشعبية، وتهدف من خلالها إلى نشر ثقافة «العرضة» لدى الجيل الجديد، وتأصيل روح التراث بهم.