الفجوة الجندرية العالمية تحتاج إلى 50 عاماً لرأبها

تقدم ياباني وقلق ألماني وتحذيرات من «عقوبة الأمومة»

تظاهرة نسائية لدعم حقوق المرأة في العاصمة الفرنسية باريس تزامنا مع يوم المرأة العالمي (أ.ب)
تظاهرة نسائية لدعم حقوق المرأة في العاصمة الفرنسية باريس تزامنا مع يوم المرأة العالمي (أ.ب)
TT

الفجوة الجندرية العالمية تحتاج إلى 50 عاماً لرأبها

تظاهرة نسائية لدعم حقوق المرأة في العاصمة الفرنسية باريس تزامنا مع يوم المرأة العالمي (أ.ب)
تظاهرة نسائية لدعم حقوق المرأة في العاصمة الفرنسية باريس تزامنا مع يوم المرأة العالمي (أ.ب)

أظهرت دراسة أعدتها شركة «برايس ووترهاوس كوبر» أن التقدم نحو المساواة في الرواتب بين الرجال والنساء طفيف، لأن النساء يعانين في كل أنحاء العالم من «عقوبة الأمومة» مع ارتفاع كلفة الحضانات وتباطؤ مسيرتهن المهنية بسبب الولادة.
وقالت الشركة في بيان الثلاثاء إن الدراسة «مؤشر النساء العاملات» تظهر أن التقدم نحو المساواة بين المرأة والرجل في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي كان «ضعيفا جدا» في السنوات العشر الماضية، مع فارق في الراتب استقر على 14 في المائة، ولم يتراجع سوى بنسبة 2.5 نقطة منذ 2011... وبهذه الوتيرة، سيستغرق الأمر 50 عاماً لبلوغ المساواة بحسب الشركة.
وأوضحت في البيان خصوصاً أن التحسينات «خلال العام الماضي مصدرها الانتعاش في مرحلة ما بعد كوفيد في سوق العمل أكثر من التقدم الفعلي». وترى شركة الاستشارات أن «عقوبة الأمومة» أي خسارة الدخل بالنسبة للنساء اللاتي يربين أطفالهن هو العامل الأبرز الذي يفسر هذا الفارق. ويرجع ذلك إلى تباطؤ التقدم الوظيفي عند العودة إلى العمل بعد الولادة وإلى «المساهمة الضعيفة بشكل غير عادل في رعاية الأطفال وتعليمهم من قبل الآباء» في جميع أنحاء العالم.
وتوقفت الدراسة عند حالة بريطانيا خصوصاً متحدثة عن «أزمة حضانة أصبحت باهظة الثمن ونسبة ضئيلة من الرجال الذين يأخذون عطلة أبوة» ما يرغم «عدداً متزايدا من النساء على التوقف عن العمل».
ضمن دول منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي، فقدت بريطانيا خمس مراتب في مؤشر «برايس ووترهاوس كوبر» بشأن المساواة في الرواتب بين النساء والرجال وانتقلت من المرتبة التاسعة في عام 2020 في أوج سنة الوباء إلى المرتبة 14 بعد سنة، وهي آخر سنة سجلت فيها بيانات.
لكن بريطانيا تبقى رغم ذلك في صدارة دول مجموعة السبع في هذا المجال متقدمة على كندا (المرتبة 18)، والولايات المتحدة (25)، وفرنسا (23)، وألمانيا (21)، واليابان (28)، وإيطاليا (30). وتحتل لوكسمبورغ ونيوزيلندا وسلوفينيا المراتب الثلاث الأولى في المؤشر، مع تقدم كبير للمجر التي باتت في المرتبة 13. فيما سجل أقوى تراجع لسويسرا (20).
وفيما يخص التقدم في بعض الدول، قال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوم الأربعاء إن البلاد أحرزت تقدما فيما يتعلق بتحسين ظروف عمل المرأة في اليابان، لكن يجب بذل المزيد.
واحتلت اليابان المرتبة 116 من بين 146 دولة من حيث المساواة بين الجنسين في التقرير العالمي للمنتدى الاقتصادي العالمي العام الماضي، وتتعثر الجهود الرامية لتعزيز دور المرأة في الإدارة والحكومة. ولا توجد سوى وزيرتين من بين 20 عضوا في حكومة رئيس الوزراء فوميو كيشيدا.
وغالبا ما تجد النساء صعوبة في تحقيق التوازن خاصةً بين العمل والمهام المنزلية، التي لا يزال ينظر إليها على نطاق واسع على أنها مسؤولية المرأة، مما يدفع الكثيرات للعمل بعقود «مؤقتة» غير مستقرة ومنخفضة الأجر.
وقال كبير أمناء مجلس الوزراء هيروكازو ماتسونو في مؤتمر صحافي دوري، إن «وضع النساء اللاتي يسعين لتحقيق التوازن بين مسؤوليات الأسرة ومكان العمل صعب للغاية في بلدنا». وأضاف ماتسونو: «ارتفعت معدلات وظائف النساء بناء على إجراءات اتخذناها. لكن من الصحيح أيضاً أن كثيرات منهن يتحولن إلى العمل المؤقت عندما يلدن، ولا تزال الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الأمر في منتصف الطريق»، مضيفا أنه يدرك أن هناك الكثير للقيام به من أجل تغيير السلوكيات الاجتماعية تجاه النوع.
ووفقاً لاستطلاع نشر في صحيفة سانكي شيمبون اليومية، قال 65 في المائة من النساء إنهن يضعن أولوية أقل للوقت المحدد لأنفسهن للوفاء بمتطلبات كل من المنزل والعمل، مقارنة بنسبة 42 في المائة من الرجال.
وتقوم النساء بأعمال الطهي بنسبة 80 في المائة، مقارنة بنسبة ثمانية في المائة من الرجال، وكان للمهام المنزلية الأخرى نسب مماثلة. أما الوظيفة الوحيدة التي يقوم بها الرجال أكثر من النساء فهي إخراج القمامة بنسبة 49 في المائة للرجال، مقابل 43 في المائة للنساء.
وتمتد الأزمة الجندرية لمختلف بلدان العالم، وفي ألمانيا أظهر استطلاع حديث للرأي أن غالبية كبيرة من النساء لا يشعرن بالمساواة في الحقوق مع الرجال. وأظهر الاستطلاع، الذي أجراه معهد «يوغوف» لقياس مؤشرات الرأي ونشرت نتائجه يوم الأربعاء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أن 62 في المائة من الألمان لا يعتقدون أن «الرجال والنساء في ألمانيا يتمتعون حاليا بحقوق ومكانة متكافئة في المجتمع أو يتلقون معاملة على قدم المساواة في جميع النواحي». وبلغت النسبة بين النساء اللاتي تبنين هذا الرأي 73 في المائة، مقابل 48 في المائة بين الرجال.
وفيما يتعلق بفرص العمل، ذكرت 61 في المائة من النساء والفتيات أنهن غير متساويات فيها مع الرجال إلى حد ما أو على الإطلاق. وشمل الاستطلاع، الذي أجري خلال الفترة من 8 حتى 22 فبراير (شباط) الماضي، 2170 شخصاً.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.