ميلانو... قهوة وأناقة وجمال

يبقى سحرها رغم معالمها السياحية المحدودة

الغاليريا في ميلانو يضم أشهر الماركات العالمية (شاترستوك)
الغاليريا في ميلانو يضم أشهر الماركات العالمية (شاترستوك)
TT

ميلانو... قهوة وأناقة وجمال

الغاليريا في ميلانو يضم أشهر الماركات العالمية (شاترستوك)
الغاليريا في ميلانو يضم أشهر الماركات العالمية (شاترستوك)

الإيطاليون بشكل عام شعب يبتكر الموضة ويلبسها بشكل لافت ليكون من بين أكثر سكان العالم أناقة، ومن يزور ميلانو المدينة الإيطالية الشمالية ستشده أناقة سكانها الذين يشبهون في هندامهم اليومي (رجالاً ونساء) عارضي الأزياء الذين خرجوا للتو من عرض للأزياء.
ميلانو مدينة سياحية بامتياز ولو أن معالمها السياحية محدودة وقليلة، فجميع الطرقات فيها تودي بك إلى ساحة الدومو، وكاتدرائية دومو التي يعتبر مبناها ثالث أكبر مبنى كنيسة، تزينه 135 قمة مستدقة من الرخام، و3500 تمثال، وأبواب من البرونز منحوتة على يد فنانين ونحاتين إيطاليين.
من المعروف عن الدومو، الذي يعتبر أهم معلم سياحي في ميلانو، أنه استغرق بناؤه 500 عام، ولا تزال الأعمال جارية حتى يومنا هذا. وفي كل مرة تزور بها ميلانو، تلاحظ أن المبنى مسور بالسقالات الحديدية، لأن أعمال البناء لم تنتهِ بعد. من الممكن الصعود إلى أعلى المبنى لرؤية المدنية من فوق، الحجز المسبق ضروري، ومن الأفضل الحجز على الموقع الخاص بدومو، واختيار وقت معين للزيارة، وإلا فسيتعين عليك الانتظار في طابور طويل للصعود. وإذا كنت لا تملك الوقت الكافي لذلك، توجه إلى الطابق السابع من مبنى «لا ريناشينتي» وتناول وجبة إيطالية أو قهوة على الشرفة المطلة على مبنى الدومو مباشرة، وتكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد من خلال هذه الزيارة.
ميزة ميلانو تكمن في وفرة المطاعم فيها والمقاهي والمحلات التجارية المعروفة بواجهات العرض الرائعة، لأنها بمعظمها تعرض تصاميم مصممين إيطاليين، أمثال دولتشي أند غابانا، وأرماني، وغيرهم من الأسماء العالمية اللامعة في عالم الموضة.
وبما أننا ذكرنا الموضة، فزيارة ميلانو في آخر أسبوع من فبراير (شباط) تكون بمثابة فرصة لرؤية أجمل الوجوه والتصاميم لأن المدينة تلبس ثوب الذوق الرفيع والأناقة الزائدة التي تتلمسها في الطرقات وفي المطاعم وفي كل زاوية منها، ويبقى السؤال؛ كيف تتمكن الإيطاليات والحسناوات والعارضات من المشي بالكعب العالي الرفيع على أرضية ساحة الدومو المرصوصة بالحصى؟ الجواب: «الأناقة تتفوق على الراحة في ميلانو».
بما أن ميلانو ليست غنية بكثير من المعالم السياحية، يرى السياح أنفسهم دائماً يختارونها لتكون نقطة الانطلاق، ومنها يتوجهون إلى الجبال القريبة ويستقلون القطار لزيارة منطقة بيرغامو Bergamo أو بحيرة كومو Como lake في منطقة غاردا وماجيوري، وتعتبر هذه المناطق من أكثر الأماكن رومانسية في إيطاليا، ويقصدها كثيرون لإقامة الأعراس على ضفاف بحيراتها الخلابة.
ونعود الآن إلى ميلانو، وإلى أهم ما يمكن أن تقوم به فيها...
التسوق: بما أن ميلانو هي عاصمة الموضة دون أي منازع، فتجد فيها كماً كبيراً من الأسواق والمحلات التجارية التي تبيع الماركات العالمية، بالإضافة إلى البوتيكات الصغيرة التي تجد فيها ملابس فريدة وتنتشر في محيط منطقة «بريرا Brera»، وفي شوارع هذه المنطقة التي تقودك إلى ساحة دومو تجد الغاليريهات التي تبيع القطع الفنية، إلى جانب المنتجات المحلية، والملابس التي تكون أسعارها متهاودة بالمقارنة مع محلات دور الأزياء العالمية. وأنا شخصياً أفضل التبضع في تلك البوتيكات، لأنك تجد فيها قطعاً تختلف عن تلك التي تجدها في المحلات الكبرى التي تجدها وتتشابه في مدن أخرى مثل لندن وباريس وغيرها من مدن الأزياء المهمة في العالم.
ومن شوارع التسوق الأخرى: فيا مانزوني، وفيا سانت آندريا، وفيا ديلا سبيعا، وفيا مونتي نابوليوني، والمستطيل الذهبي «كوادريلاتيرو دورو». ومن الممكن أيضاً زيارة المحلات التجارية الراقية داخل مبنى «غاليريا» المقابل للدومو.
وإذا كان لديك الوقت لزيارة المحلات التي تبيع الماركات العالمية بأسعار مخفضة، أنصحك بالتوجه إلى «فوكس تاون آوتليت» الذي يقع على الحدود ما بين إيطاليا وسويسرا، وفيه أكثر من 230 متجراً وتصل نسبة التخفيضات فيه إلى 70 في المائة، ويمكن الوصول إليه بواسطة القطار، أو الحافلة، أو السيارة.
المطاعم والمقاهي: عندما تذكر إيطاليا يسيل اللعاب بمجرد التفكير بالطعام، لأن الأكل الإيطالي هو بالفعل من ألذ أنواع الطعام في العالم، وما تتذوقه في إيطاليا يختلف تماماً عن الأطباق الإيطالية التي تتذوقها خارج البلاد بسبب المنتج وكيفية تحضيره ولمسات طهاته.
المطاعم والمقاهي لا تحصى ولا تعد في ميلانو، فسأذكر بعضها، ولكن قبل ذلك يجب أن أحذرك من بعض الجوانب التي تثير غضب الإيطاليين والعاملين في المطاعم، وهي طلب الكابوتشينو أو أي نوع من القهوة «مع الحليب» بعد منتصف النهار، والسبب هو أن الإيطاليين ينظرون إلى فنجان الكابوتشينو الدسم على أنه وجبة كاملة تحل مكان الفطور، ولهذا تراهم يمتعضون من السياح الذين يطلبون الكابوتشينو بعد وجبة دسمة من الباستا والبيتزا.
من المطاعم التي جربناها وكانت بالفعل جيدة، مطعم «جاكومو أريناجاريوGiacomo Arengario» ويقع في الطابق الأخير من مبنى محاذٍ لمبنى الدومو، ويطل على الكاتدرائية مباشرة، إذا قررت الأكل فيه فترة المساء فسوف تشدك الإنارة التي تضيء المبنى لتشكل سحراً لا مثيل له وأنت تتناول الأسماك وأطباق الباستا مع سرطان البحر، والباستا مع لحم الـ«أوسو بوكو»، والأخطبوط المشوي وتشكيلة من مقبلات السمك النيئة مثل الـ«سيفيتشي» على الطريقة الإيطالية.
وإذا كنت تحب الجلسات الخارجية فأنصحك بمطعم «أوبيكا Obeka» أعلى مبنى متجر La Rinascente في ساحة دومو، وفيه يمكنك تناول الغداء اللذيذ مثل البيتزا وزهرة الكوسا المقلية وجبن البوراتا الذي يعتبر أشهر ما يقدمه المطعم.
من المطاعم الذي يوصي بها المقيمون في ميلانو ودليل ميشلان، مطعم «ألفيريسكو Alfresco» وهذا الحجز يتطلب الحجز المسبق لأن الإقبال عليه كبير جداً، ديكوره بسيط ويذكرك ببيوت الإيطاليين، الخدمة جيدة جداً لأن الندل يشرحون كل طبق بشكل رائع يجعلك تشبع قبل الأكل. من ألذ الأطباق: الريوزوتو بالزعفران، والباستا بسرطان البحر، ودجاج الميلانيزي، وللتحلية جرب التيراميسو، وفي المطعم حدائق جميلة يمكن الجلوس والأكل فيها في فصل الصيف.
وإذا كنت تبحث عن عنوان للأكل العالمي والأنيق، فما عليك إلا التوجه إلى فندق «أرماني» وتناول الطعام في مطعم «نوبو Nobu» الياباني، لائحة الطعام لا تختلف عن تلك التي تقدمها مطاعم نوبو في لندن على سبيل المثال، ولكن الديكور يختلف، كما توجد لائحة للحلوى الإيطالية لا تجدها إلا في نوبو ميلانو، مثل الـ«ميل فوي» والـ«تيراميسو»، بالإضافة إلى الحلوى الأشهر في نوبو والأكثر مبيعاً، التي تعرف باسم «بينتو بوكس».
لمحبي مأكولات الشوارع أو Street food من المستحيل زيارة ميلانو من دون الانتظار في الطابور للحصول على قطعة من ألبانزيروتي Panzerotti في محل Panzerotti Luini، وهي عبارة عن عجينة ملفوفة تختار المكونات فيها، اخترنا الجبن مع الطماطم، الطعم أكثر من رائع.
مقاهي بيع القهوة عند كل زاوية وشارع، وبعضها يقدم الإيسبريسو «مشروب ما بعد الظهر» (على الواقف)، ولكن هناك مقهى يقصده الـ«ميلانيزي» أو أهالي ميلانو، واسمه «بيانكو لاتيه Bianco Latte» وفيه أجواد أنواع القهوة.
وإذا كنت تسعى لفنجان قهوة غير إيطالي، ولكن في أجواء فريدة من نوعها، فتوجه إلى Starbucks Roastery Reserve بمبناه العملاق الذي كان في الماضي مبنى البريد في وسط ميلانو ليتحول في 2018 إلى أكبر محمصة لشركة ستارباكس الأميركية، تنتج طناً من القهوة يومياً، وتغذي كل أفرع الشركة في أوروبا. زيارة المحمصة تجربة حقيقية لتذوق القهوة وتناول قطعة من مخبوزات Princi ومشاهدة طريقة تحضير القهوة من البداية إلى النهاية، بما في ذلك تذوق أجدد نوع من قهوة ستارباكس Oleato الذي يضم ملعقة من زيت الزيتون الإيطالي.
ولمحبي التقاط الصور ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي فزيارة بار لوتشيه Bar Luce من «برادا» مهمة، وتجده في مبنى الغاليريا، ويمكن أن تتناول فيه القهوة مع الأطباق الخفيفة والكيك والحلوى الإيطالية والسندويتشات، «معظم الذين يقصدون هذا المكان يصورن الطعام ولا يأكلونه».
وبما أننا ذكرنا محيط منطقة الـ«دومو»، لأن جميع الطرقات في ميلانو تؤدي بك إليها، حيث تنتشر في الطرقات المخصصة للمشاة هناك كثير من المقاهي التي تبيع القهوة والحلوى، وغالبيتها جيدة.

الإقامة
توجد في ميلانو خيارات كثيرة للإقامة، ولكن إذا كنت تبحث عن إقامة راقية وسط المدينة فيمكن الحجز في فندق «فور سيزونز» أو «ويستين بالاس»، أو «أرماني»، ومن الممكن أيضاً حجز شقة على موقع «إير بي أند بي» فهذه الفكرة جيدة، لأن الأسعار أفضل من أسعار الغرف الفندقية، وبنفس الوقت تكون تلك الشقق راقية وجميلة، ومن الممكن أن تجدها في وسط المدينة.

التنقل
التنقل في ميلانو سهل، وهناك عدة طرق، أولها المشي إذا كنت من هواة التنقل على قدميك والتعرف إلى المدينة بشكل أفضل، كما يمكنك التنقل بواسطة الترامواي الكهربائي، أو استئجار سيارة من شركة Enjoy Milan التي تقدم سيارات فيات إيطالية صغيرة تستأجرها من خلال تطبيق إلكتروني للشركة، والفكرة أشبه بالتطبيق الذي يستعمل حول العالم لاستئجار الدراجات الهوائية.
ويمكن استخدام التاكسي أو Uber ولكن تنبه إلى أن تسعيرة هذه الوسيلة الأخيرة قد تكون أغلى من التاكسي، فتنبه إلى هذه النقطة وقارن الأسعار، خاصة فترة الليل.
إذا كنت تنوي الخروج من ميلانو فاستخدم القطار، لأنه سهل ومنظم جداً، ويأخذك إلى بيرغامو وبحيرة كومو في أقل من ساعة، وأسعاره جيدة جداً، «تختلف بحسب الدرجة والتوقيت».


مقالات ذات صلة

«شيبارة»... طبيعة بحرية خلابة في السعودية تستقبل زوارها نوفمبر المقبل

يوميات الشرق «شيبارة» يضم 73 فيللا عائمة فوق الماء وشاطئية (واس)

«شيبارة»... طبيعة بحرية خلابة في السعودية تستقبل زوارها نوفمبر المقبل

يبدأ منتجع «شيبارة» الفاخر (شمال غربي السعودية)، رابع منتجعات وجهة «البحر الأحمر»، استقبال الزوار ابتداءً من شهر نوفمبر المقبل لينغمسوا في تجربة سياحية فاخرة.

«الشرق الأوسط» (تبوك)
يوميات الشرق حمل الأمتعة اليدوية يوفر الوقت والمال (غيتي)

الأمتعة اليدوية لن تمثل مشكلة بعد اليوم

قد يوفر حمل الأمتعة اليدوية على متن الرحلة الوقت والمال، لكنه إجراء لا يخلو من التوتر. إذا كنت آخر من يستقل الطائرة، فقد تكون خزائن الأمتعة العلوية ممتلئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يصف سياح تلال لشبونة بأنها «شديدة الانحدار» (غيتي)

«السياح يصرخون من الألم»... مدن أوروبية لا يمكنك المشي فيها

إذا كنت تخطط لقضاء عطلة قريباً في إحدى الدول الأوروبية، فإنك ستحتاج إلى التأكد من شراء حذاء رياضي مريح بالإضافة إلى أحذية الرقص الخاصة بك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اللافتة التي وضعها مطار دنيدن (سي إن إن)

مطار نيوزيلندي يثير الجدل... ويضع حداً زمنياً لـ«عناق الوداع»

أثار مطار دنيدن في نيوزيلندا الجدل حول العالم بعدما فرض «حداً أقصى» لـ«عناق الوداع»؛ حيث وضع لافتة جديدة تفرض حداً أقصى يبلغ 3 دقائق على العناق بمنطقة الإنزال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يتضمن جناح «الدرعية» تجارب تفاعلية فريدة للزوار (الشرق الأوسط)

التراث السعودي في قلب العاصمة الصينية بكين

جناح «الدرعية» تضمن تجارب تفاعلية فريدة للزوار، من خلال تقديم القهوة السعودية والتمر، كما يمكن للزوار تجربة ارتداء «بشت البرقاء» والمشاركة في أنشطة فنية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
TT

«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

في أفلام «الأبيض والأسود» المصرية القديمة، تطل ضاحية «المعادي» بقصورها الفخمة وفيلاتها الفسيحة وشوارعها المظللة. واليوم حين تزور هذه الضاحية، جنوب القاهرة، يفاجئك أنها لا تزال تحتفظ بطابعها العريق، مع لمسات حياتية عصرية؛ فتستمتع فيها بالأجواء الهادئة الممتزجة بوسائل الراحة الحديثة، مجسدةً تلاقي الماضي والحاضر.

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

عندما أقام الخديوي إسماعيل مدينة «حلوان» لتكون مشتى للعائلة الملكية والنبلاء، تحولت المعادي المجاورة من قرية ريفية تتمتع بجمال الطبيعة والمساحات الخضراء، إلى محطة رئيسية في طريق الوصول إلى حلوان. يقول الباحث في التاريخ أمجد عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تتجول في شوارع المعادي تشعر أنك عدت سنوات طويلة للوراء، إلى أجواء الزمن الجميل؛ حيث الهدوء والرقي والمباني الكلاسيكية، والأشجار العتيقة».

بمرور السنوات ازدادت أعداد هذه الأشجار؛ فحين تسير في شوارع المعادي تنبهر بجمال وألوان البونسيانا والجاكرندا والأكاسيا، كما يستوقفك منظر الأشجار المثمرة، مثل المانجو والتوت والنبق والليمون والجوافة. وإذا صادفتَ أحد سكانها في الطريق وسألته عن السر، يقول لك بفخر: «عندما بدأ السكان يقطنون المعادي حدث فيما بينهم ميثاق شرف غير مكتوب، مفاده أن كل من يبني بيتاً أو ينتقل إلى منزل بها، عليه أن يزرع شجرة من اختياره؛ ما جعل المكان كالجنة».

زواحف وحيوانات لهواة السياحة البيئية في محمية وادي دجلة (تصوير: محمد وجيه)

للأماكن القديمة مميزاتها الاستثنائية بالنسبة لكثيرين؛ وليس من الغريب -وفق أمجد- أن تحتفظ المعادي بكل سماتها الأساسية؛ لأنها مكان عريق يرجع إلى عام 1903، فقد كانت في الأصل منطقة زراعية تعبر منها المراكب بين شاطئي النيل، وكان ذلك وراء تسميتها «المعادي»، فهي كلمة مأخوذة من «معدية» الركاب النيلية.

يقول عبد المجيد: «شهدت تطويراً كبيراً عام 1890 لتلائم الطبقة الأرستقراطية التي تمر بها إلى حلوان، إلى أن سكنها أبناء هذه الطبقة؛ حيث قام المهندس الكندي ألكسندر آدامز بتخطيطها، مستلهما طابع القرى الإنجليزية، ومن ثم تميزت المعادي ببيوتها ذات الطابقين والحدائق الخلفية الواسعة. والمفاجأة أن المؤرخ الراحل موفق بيومي قدَّم وثيقة تاريخية تثبت إنشاء أول محطة طاقة شمسية بالمعادي عام 1911؛ لذلك كله فإن الضاحية مسجلة بوصفها منطقة ذات قيمة تراثية».

وحين تزور هذه الضاحية، فإنك تشعر بكل هذا العبق التاريخي والثراء الجمالي للمكان. ورغم نشأة امتدادات لها يرتبط اسمها بها، فإن «المعادي القديمة» لا تزال ملاذاً للأثرياء والجاليات الأجنبية.

المعادي حنين للزمن الجميل (تصوير: مي تركي)

إذا كنتَ من عشاق القراءة، فإنك حين إقامتك في هذا الحي لفترة طويلة أو قصيرة، أو حتى عند زيارته لبضع ساعات، حتماً ستشعر بنوستالجيا غامرة؛ فهنا على سبيل المثال عاش «المغامرون الخمسة» أبطال السلسلة البوليسية الشهيرة في الوطن العربي.

الفنون والتعلم

يجد الأفراد الذين لديهم شغف بالفن ضالتهم في المعادي؛ حيث تحتضن الضاحية فرصاً لا حصر لها للتعلم والإبداع، بدءاً من البازارات الموسمية، وحتى العروض المتنوعة للفنانين المحليين والأجانب. وتزخر بمراكز ثقافية، بعضها فيلَّات قديمة قرر أصحابها تحويلها إلى ساحات للفن، تقدم العروض السينمائية والمسرحية والفنون الحركية التشكيلية، والكتب، وورشات العمل للأطفال والكبار وفصول الرقص، مثل السالسا، والتانغو، والرومبا، فضلاً عن تنظيم أسواق المنتجات اليدوية التقليدية.

«فيلا بيل إيبوك» له طابع خاص في المعادي (صفحة الفندق على فيسبوك)

متعة التسوق

إذا قررتَ الإقامة لفترة في المعادي، فلن تحتاج إلى الخروج بعيداً للتسوق؛ فكل شيء حولك رهن إشارتك، من العلامات العالمية أو المنتجات المحلية. تضم المعادي كثيراً من مجمعات التسوق. وبجانب المولات ستجد متاجر تتخصص في القطع اليدوية الفريدة التي تجمع بين الحرفية التقليدية والجماليات الحديثة. وتشتهر المعادي أيضاً بمتاجر أخرى تبيع منتجات عالية الجودة للعناية الشخصية بأسعار معقولة، مقارنة بالمراكز التجارية.

المعادي حي له سمات خاصة (تصوير: عمر المصري)

التخييم

الاستمتاع بأجواء الصحراء والتخييم في مصر لا يشترط أن تتوجه إلى خارج العاصمة؛ ففي قلب المعادي توجد «محمية وادي دجلة»، وهي من أفضل أماكن التخييم؛ لتمتعها بالطقس المعتدل؛ فهي مناسبة للزيارة في الصيف والشتاء؛ لاحتوائها على تجويفات في الجبل تجعل الجو رطباً حتى مع ارتفاع درجة الحرارة.

داخل المحمية، اترك نفسك لجمال الطبيعة، واستمتع بالهدوء والاسترخاء، وشاهد عن قرب حيوانات وطيور نادرة، سواء كان ذلك سيراً، أو باستخدام الدراجات في المحمية؛ ما يجعل المغامرة أكثر متعة.

فيلَّات محاطة بالأشجار والزهور (تصوير: مي تركي)

جبل الخشب

لا تغادر المعادي بعد زيارة المحمية؛ فإذا كنت من عشاق السياحة البيئية، فأمامك مكان آخر ينتظرك، وهو محمية «الغابة المتحجرة» التي تكونت عبر ملايين السنين، ويُطلق عليها في كثير من المراجع العلمية اسم «جبل الخشب»؛ حيث تعد أثراً جيولوجياً نادراً.

طعام مختلف

لا يوجد في السفر والرحلات أروع من تناول الطعام اللذيذ بعد يوم مليء بالحركة والتنقل. في المعادي أمامك عدد مذهل من المطاعم، وخيارات الطعام التي لا حصر لها. يتوفر كل شيء، بدءاً من المخبوزات الطازجة الساخنة القادمة من مختلف مطابخ العالم، مروراً بأطباق اللحوم المختلفة والأسماك والبيتزا، فضلاً عن مطاعم المأكولات العالمية، مثل السوشي الطازج والأطباق الفنزويلية والبرتغالية وغير ذلك، وصولاً إلى أحدث اتجاهات السلطات والأكل النباتي والصحي.

في مطاعم المعادي انغمس في روعة مذاق أطباق من مختلف مطابخ العالم (تصوير مي تركي)

جولة نيلية

من أروع الأنشطة هناك، الاستمتاع بالإطلالة الساحرة على ضفاف النيل، على متن إحدى البواخر الثابتة أو المتحركة؛ حيث المنظر الخلاب والنسيم المنعش. وهناك يمكنك الاختيار بين تشكيلة متنوعة من أشهى الأطباق، بينما تستمتع عيناك بجمال الطبيعة، وستعيش أيضاً أجواء فنية مميزة؛ حيث تقدم البواخر برامج استعراضية فلكلورية، مثل عروض التنورة على أنغام الموسيقى.

وإذا كنت تبحث عن إقامة مختلفة تجمع بين الرفاهية ودفء البساطة المصرية، فأنصحك بالابتعاد عن الفنادق العالمية الفخمة، واختيار أحد فنادق المعادي القديمة، في فيلات أنيقة مفعمة بذكريات أُسر عريقة، عاشت فيها عشرات السنوات، ومنها فندق «فيلا بيل إيبوك» الذي يعود إلى عشرينات القرن الماضي، وتحيط به المساحات الخضراء.