سان دييغو.. جوهرة كاليفورنيا

شواطئ رملية تشتم منها رائحة المكسيك

سان دييغو.. جوهرة كاليفورنيا
TT

سان دييغو.. جوهرة كاليفورنيا

سان دييغو.. جوهرة كاليفورنيا

أين ستجد في العالم مدينة شهيرة بطقسها المعتدل وجوها المريح طوال العام وتتناول طعامك في إحدى ضواحيها الراقية بينما يمر أمامك في المحيط الهادي عشرون ألفا من قوافل الحيتان الرمادية المهاجرة في الشتاء من القطب الشمالي باحثة عن الدفء بعد رحلة طويلة تقارب 16 ألف كيلومتر؟.. إنها سان دييغو في أقصى جنوب ولاية كاليفورنيا الجميلة حيث تشتم منها رائحة المكسيك التي لا تبعد عنها سوى 25 كيلومترا.
خلعت سان دييغو عنها رداء المدينة القروية المحلية وقاعدة البحرية العسكرية لتصبح منتجعا زاهيا يستمتع بأكثر من مائة كيلومتر من الشواطئ التي تجذب السائحين ونجوم هوليوود ومحبي السباحة والغطس واعتلاء الأمواج المتكسرة والقفز بالمظلات من أعالي الهضاب إلى عباب المحيط الباسيفيكي. أصبحت المدينة سادس أكبر مدينة في الولايات المتحدة وثاني أكبر مدينة في كاليفورنيا بعد لوس أنجليس القريبة، لكن وسطها ليس مزدحما بالسيارات كبقية المدن الكبيرة وفيه حديقة الحيوان المشهورة بـ800 نوع من الحيوانات بما فيها الباندا النادرة والدب القطبي وعالم مخلوقات البحار حيث ترى عروضا ممتعة للحيتان والدلفين وهي تقفز عاليا أمامك لتثبت براعة المدربين المختصين، إنما قد تضيع لتجد شارعا معينا لأن كلمة شارع لها 14 مرادفا بالإنجليزية والإسبانية وحتى الإيطالية أحيانا. رغم إطلالتها على البحر تتميز سان دييغو وخصوصا أرقى ضواحيها المسماة لاهويا (أو الجوهرة بالإسبانية) بالجمال الطبيعي الرائع وقلة الرطوبة لأن الصحراء والواحات وأشجار النخيل والتمر تحميها من الخلف.
لاهويا الجوهرة

طبقت شهرة لاهويا الآفاق وحين انطلقنا إليها من مطار سان دييغو بعد رحلة لا تتعدى 20 دقيقة اكتشفنا لماذا أطلق عليها لقب الجوهرة فهي ضاحية غنية رائعة الجمال تتميز بلطافة سكانها الذين لا يتجاوز عددهم الأربعين نسمة وفيلاتها البديعة المطلة على البحر وأزهارها ونباتاتها ومناخها المحلي الخاص الذي يسمح بتنوع ألوان النبات الأميركي المعترش البوغنفيلية وزهرة طير الفردوس. أهم شوارع البلدة تحمل أسماء جيرارد وبروسبكت ففيهما تقع أشهر المحلات الصغيرة والفندق الفخم التاريخي «لا فالانسيا» المبني على الطراز الإسباني – المغربي وفنادق الدرجة الأولى مثل «غراند كولونيال» وفندق «لاهويا شورز» وكثير من المطاعم وصالونات بيع اللوحات الفنية ومقر جمعية لاهويا للموسيقى التي تقدم أفضل الحفلات الموسيقية خلال الموسم. أشهر موقع في البلدة نجده على الشاطئ الصخري قرب أحد الكهوف وتجرى فيه البحوث العلمية حول مياه المحيطات والأسماك ومخلوقات البحار، ونكتشف على الشاطئ الرملي المجاور مهجعا لأسود البحر وهم يتمتعون بالشمس الدافئة ويجلبون آلاف السياح لالتقاط الصور التذكارية حين يحوم حولهم طائر البجع الكبير.

المطاعم

أخيرا تمتعت ضاحية لاهويا بالجديد من المطاعم الراقية ذات الأسعار المعقولة نسبيا والتي تتماشى مع مناخ ومنزلة هذا المنتجع الفريد.
حسك السمك من جنس السردين:
اسم المطعم الجديد الذي فاز بالشعبية الواسعة خلال أشهر بعد افتتاحه هو «هيرينغ بون» وشعاره حسك سمك الرنكة، وهو من جنس السردين، وقد حول صاحبه الشيف بريان مالاركي مرأبا مهملا للسيارات القديمة في وسط لاهويا وزرع فيه ستة أشجار كبيرة للزيتون تبلغ أعمارها ما يقرب من 100 سنة نقلها من مزارع كاليفورنيا بكلفة تقارب تسعين ألف دولار. وكلف الطاهية الشابة الموهوبة أماندا بومغارتن بإدارة المطبخ وابتكار الصحون الجديدة البسيطة واللذيذة بآن واحد، وكانت النتيجة نجاحا باهرا خلال بضعة أسابيع.
يملك مالاركي خمسة مطاعم متنوعة في سان دييغو تروق لكل الأذواق والمشارب وله نظرية خاصة في إدارة المطاعم، فهي مكان للتسلية واستضافة الأصدقاء والأحباب وسمى فكرته بأنها «مؤامرة طعامية» فالمطعم الأول في وسط المدينة «سيرسكر» يختص بالطعام الأميركي الكلاسيكي الحديث، والثاني (غيغهام) في ضاحية لا ميسا التي يقطنها كثير من المهاجرين العرب يفتخر بشعاره «عيد شرقي» ويقدم أصنافا كثيرة من اللحوم والمشاوي، والثالث (بورلاب) في ضاحية ديل مار يعرف بالمطعم الآسيوي الذي يلتقي مع راعي البقر، والرابع (غاباردين) في ضاحية بوينت لوما على الشاطئ يقدم الأسماك المحلية الطازجة، لكن مطعم هيرنغ بون في ضاحية لاهويا يتميز بتصميمه الفريد ويختلف عن مطاعم لاهويا التقليدية المملة.
الجو الباهي في المطعم ترافقه الموسيقى والخدمة اللطيفة المهذبة وطريقة الشيف أماندا البارعة في تحضير الوجبات في المطبخ المفتوح بذوقها الرفيع وبساطتها تجعل من «هيرنغ بون» أحد المطاعم الجديدة التي تضمن النجاح المستمر والشعبية الواسعة لدى سكان الضاحية وللسائحين وتجعله الماسة البراقة بين مجموعة المطاعم الخمسة.

أيدي فيز
المطعم الفاخر المطل على البحر افتتحته مجموعة من سلسلة المطاعم من ولاية تكساس البترولية وجعلته كالقصر المنيف مع أجمل منظر عريض شامل لكل اتجاه للمحيط الهادئ لرؤية قوافل الحيتان وهي تنفث الماء إلى الأعلى في طريقها إلى شواطئ المكسيك طلبا للدفء.
ويقدم المطعم أفضل ما يجود به البحر من أصداف وأسماك تؤكل ويتألف المطعم من طابقين وفيه فرقة موسيقية صغيرة للرقص أثناء العشاء وأكلات لذيذة من المقبلات والسلطات والصحون المفضلة مثل شوربة الكركند (لوبستر بالإنجليزية أو هومار بالفرنسية) وسمك موسى (السول) وسمك «ماهي ماهي» من جزر الهاواي والاسم يعني القوي باللغة المحلية وهو سمك كبير، يشبه التونا، ذو رائحة نفاذة لكنه شهي الطعم. «أيدي فيز» مطعم رائع يطور المشهد الطعامي للضاحية الحالمة بعد طول انتظار، وآخر أخباره أن أحد الزبائن تقدم لخطيبته بعرض الزواج على شرفة المطعم لشدة إعجابه بالجو العاطفي البهيج.
«سيزنز 52}
يفتخر هذا المطعم الجديد بتقديم الأطباق التي لا يتجاوز فيها عدد الحراريات على 475 نظرا للاهتمام الزائد بالرشاقة وضبط الوزن. إنما من المؤكد أنها أطباق لذيذة تفتح الشهية في جو راق وديكور حديث وخدمة ممتازة خالية من العيوب في وسط المجمع التجاري الضخم للتسوق (يو تي سي) المعروف بمركز المدينة الجامعي لقربه من جامعة سان دييغو كاليفورنيا. تشمل لائحة الطعام التي تميل إلى مطبخ البحر الأبيض المتوسط على الخبز العربي المحشو بالدجاج المغمس بالثوم والبصل المتبل بالخل البلسمي وشرائح الفليفلة الحمراء المشوية على الفحم وجبن الموتزاريلا الأبيض، كما تشمل الحمص بالطحينة العادي والمخلوط بالفلفل الأحمر.

حديقة بالبوا

لا تكتمل الزيارة لسان دييغو دون العروج على حديقة بالبوا الواسعة وزيارة متاحفها المبنية على الطراز الإسباني المكسيكي وزيارة ضاحية جزيرة كورونادو اللطيفة وفيها الفندق القديم الضخم بنفس اسم الجزيرة والإعجاب بأسلوب بنائه الإسباني – المكسيكي لأنه بني لأول مرة حين كانت ولاية كاليفورنيا جزءا من المكسيك في النصف الأول من القرن التاسع عشر. إذا لم يسعدك الحظ برؤية الحيتان في ضاحية لا هويا فأفضل بقعة للحاق بهم قبل سفرهم إلى المكسيك هي آخر نقطة في جنوب سان دييغو وهي بوينت لوما التي دخل منها مكتشف سان دييغو البرتغالي خوان دي كابريو عام 1542 في مهمة أوكله بها التاج الإسباني آنذاك وما زالت أجمل جهة في المدينة حتى الآن.



نيجيريا تصدُّ هجوماً لتنظيم «داعش» ضد قاعدة عسكرية

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
TT

نيجيريا تصدُّ هجوماً لتنظيم «داعش» ضد قاعدة عسكرية

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)

أعلنت نيجيريا أن جيشها تصدى لهجوم كبير نفذه «تنظيم داعش في غرب أفريقيا»، ضد قاعدة عسكرية في ولاية بورنو، أقصى شمال شرقي البلاد، ما خلّف «عدداً كبيراً» من القتلى في صفوف منفذي الهجوم.

آثار المعركة التي دارت بين مقاتلي «داعش» والجيش النيجيري (إعلام محلي)

وقال الجيش النيجيري إن قوات عملية «هدن كاي»، وهي عملية عسكرية لمحاربة الإرهاب، نجحت في صدّ هجوم منسّق شنّه إرهابيو «داعش» على القاعدة العسكرية المتقدمة في مايراري بولاية بورنو.

وأضاف الجيش أن قواته «وجّهت ضربة حاسمة لقدرات التنظيم العملياتية في المنطقة»، حسب ما ورد في بيان صادر عن ضابط الإعلام في العملية العسكرية، العقيد ساني أوبا، نشرته السبت وكالة الأنباء النيجيرية (NAN).

وقال أوبا إن الهجوم، الذي بدأ في وقت متأخر من مساء الجمعة واستمر حتى الساعات الأولى من صباح السبت، أُحبط بفضل عمليات منسّقة بين القوات البرية والدعم الجوي، وأوضح أن الإرهابيين حاولوا اختراق القاعدة باستخدام آليتين مفخختين، لكن القوات رصدت الآليتين بسرعة وقامت بتدميرهما، ما منع أي اختراق للقاعدة.

إرهابي من بين القتلى في الكمين الذي نصبه الجيش (إعلام محلي)

وأكد أن لقطات كاميرات المراقبة والمشاهدات الميدانية بيّنت مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين بجروح خطيرة، في حين سارع من تبقى منهم إلى إجلاء قتلاهم وجرحاهم.

وأضاف البيان أنه عقب فشل الهجوم، نفّذت قوات مدعومة بمجموعة التدخل السريع، وفريق من قوات الشرطة الخاصة، وأفراد قوات المهام المشتركة المدنية، عملية تمشيط واسعة للمنطقة.

وأدّت العملية إلى اكتشاف عدد كبير من قتلى الإرهابيين، إضافة إلى مصادرة أسلحة وذخائر ومواد لوجستية تركوها أثناء انسحابهم. وشملت المضبوطات بنادق «كلاشنيكوف»، ومخازن ذخائر، وعيارات نارية وقنابل يدوية، ودراجات نارية، وأجهزة اتصال، ومعدات قتالية، ومستلزمات طبية، ومواد أخرى تشير إلى نشاط عملياتي متواصل للجماعة الإرهابية.

وقال أوبا إن استعادة هذه المعدات والمواد اللوجستية «شكّلت ضربة إضافية لقدرات الإرهابيين، وقيّدت حريتهم في الحركة داخل المنطقة»، وأضاف أن «الآليتين المفخختين جرى تدميرهما بالكامل بنيران دفاعية من القوات، ما تسبب في أضرار بنقطتين على الطريق».

وشدد على أنه لم يحدث أي اختراق للقاعدة العسكرية، وهو ما اعتبر أنه «يعكس حالة الجاهزية واليقظة والقدرة العالية لدى القوات النيجيرية»، مشيراً إلى أن القوات تنفّذ حالياً «دوريات هجومية في المنطقة لمنع أي نشاط إرهابي جديد، ولطمأنة المجتمعات المحلية بأن الوجود الأمني مستمر وفعّال».

وختم قائلاً إن «القوات مصممة على هزيمة كل العناصر الإرهابية بشكل حاسم، واستعادة السلام والاستقرار الدائمين في شمال شرقي البلاد»، مؤكداً أن «فشل الهجوم على مايراري يبرز مستوى الجاهزية المهنية لعناصرنا في الميدان».

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)

على صعيد آخر، أعلن الجيش النيجيري إنقاذ أربعة مخطوفين وتحييد أحد الخاطفين خلال كمين نُفِّذ في ولاية بلاتو، وقالت مصادر خاصة للإعلام المحلي إن العملية جاءت إثر معلومات استخبارية حول اختطاف أربعة أشخاص في قرية ريمي، ضمن مقاطعة جيري.

وأوضحت المصادر أنه في نحو الساعة الرابعة فجراً يوم الجمعة، انتشرت قوات القطاع الأول التابعة للعملية انطلاقاً من جينغري، ونصبت كميناً على المسار المتوقع لانسحاب الخاطفين. وقالت المصادر: «خلال العملية، اشتبكت القوات مع الخاطفين وتبادل الطرفان إطلاق النار، ما أجبر الخاطفين على ترك الضحايا الأربعة والفرار».

وأضافت أنه بعد تمشيط المنطقة عثرت القوات على جثة أحد الخاطفين الذي تم تحييده خلال الاشتباك، كما شملت المضبوطات التي تم العثور عليها بحوزة الخاطفين الفارين: بندقية «AK-47»، ومخزن ذخيرة واحداً، و13 طلقة من عيار «7.62 ملم» الخاصة.

وبحسب المصادر، تم استجواب الضحايا الذين جرى إنقاذهم قبل إعادتهم إلى ذويهم، في حين تتواصل الجهود لتعقب ما تبقى من أفراد عصابة الخطف والقبض عليهم، وأكدت المصادر أنه لم تُسجَّل أي خسائر في صفوف القوات.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


تحت ضغط صيني... آخر حزب معارض في هونغ كونغ يحلّ نفسه

لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
TT

تحت ضغط صيني... آخر حزب معارض في هونغ كونغ يحلّ نفسه

لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)

صوَّت أعضاء آخر حزب معارض رئيسي في هونغ كونغ اليوم (الأحد) لصالح حل الحزب، ما يشكل نتيجة للضغوط التي تمارسها الصين على الأصوات الليبرالية المتبقية في المدينة، في حملة أمنية مستمرة منذ سنوات.

ويمثل الحزب الديمقراطي الذي تأسس قبل 3 سنوات من عودة هونغ كونغ من بريطانيا إلى الحكم الصيني في عام 1997، المعارضة الرئيسية في المدينة. وعادة ما كان يكتسح الانتخابات التشريعية على مستوى المدينة، ويضغط على بكين من أجل الإصلاحات الديمقراطية ودعم الحريات.

ولكن دفعت احتجاجات شعبية مؤيدة للديمقراطية عام 2019، اندلعت احتجاجاً على ما اعتبره البعض تشديداً لقبضة الصين على المدينة، إلى سن بكين قانوناً شاملاً للأمن القومي لقمع المعارضة.

وقال رئيس الحزب لو كين هي للصحافيين، عقب اجتماع عام غير عادي اليوم (الأحد) إن أعضاء الحزب الديمقراطي صوَّتوا لصالح حل الحزب وتصفيته.

وأضاف: «لقد كان شرفاً عظيماً لنا أن نسير جنباً إلى جنب مع شعب هونغ كونغ طوال هذه العقود الثلاثة. وعلى مر هذه السنوات، كان هدفنا الأسمى هو مصلحة هونغ كونغ وشعبها».

ومن بين 121 صوتاً، صوت 117 عضواً لصالح حل الحزب، بينما امتنع 4 أعضاء عن التصويت.

وقال أعضاء كبار في الحزب لـ«رويترز» في وقت سابق، إنه جرى التواصل معهم من قبل مسؤولين صينيين أو وسطاء، وحثهم على الموافقة على الحل أو مواجهة عواقب وخيمة، منها احتمالية تعرضهم للاعتقال.

ولم يرد مكتب الاتصال في هونغ كونغ بعد على طلب من «رويترز» للتعليق. والمكتب هو الجهة الرئيسية التي تمثل الصين في هونغ كونغ.

ويأتي التصويت على إنهاء سياسات الحزب المعارض التي دامت 3 عقود في المدينة التي تديرها الصين، بعد أسبوع من إجراء هونغ كونغ انتخابات المجلس التشريعي «للوطنيين فقط» وقبل يوم واحد من صدور حكم على قطب الإعلام جيمي لاي الذي دأب على توجيه انتقادات للصين، في محاكمة تاريخية تتعلق بالأمن القومي.

وأدت الخطوة التي اتخذتها بكين في عام 2021 لإصلاح النظام الانتخابي في المدينة، والتي سمحت لمن جرى تصنيفهم على أنهم «وطنيون» فقط بالترشح للمناصب العامة، إلى تهميش الحزب من خلال إبعاده عن الساحة السياسية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، قالت مجموعة أخرى مؤيدة للديمقراطية -وهي رابطة الديمقراطيين الاشتراكيين- إنها ستحل نفسها وسط «ضغوط سياسية هائلة».

وانتقدت بعض الحكومات -ومنها حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا- القانون، قائلة إنه يُستخدم لقمع المعارضة وتقويض الحريات، بينما تؤكد الصين أن لا حرية مطلقة، وأن قانون الأمن القومي أعاد الاستقرار إلى هونغ كونغ.