النفط يتراجع بفعل بيانات صينية ضعيفة مع ترقب لمؤشرات أميركية

عشاء عمل بين «أوبك» و«صناع الصخري»

وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر يتحدث خلال أسبوع «سيرا ويك» المعني بالطاقة في هيوستن بتكساس الأميركية أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر يتحدث خلال أسبوع «سيرا ويك» المعني بالطاقة في هيوستن بتكساس الأميركية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

النفط يتراجع بفعل بيانات صينية ضعيفة مع ترقب لمؤشرات أميركية

وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر يتحدث خلال أسبوع «سيرا ويك» المعني بالطاقة في هيوستن بتكساس الأميركية أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر يتحدث خلال أسبوع «سيرا ويك» المعني بالطاقة في هيوستن بتكساس الأميركية أول من أمس (أ.ف.ب)

انخفضت أسعار النفط خلال تعاملات أمس (الثلاثاء)، بعدما أدى ارتفاع الدولار وصدور بيانات نفطية ضعيفة في الصين إلى تحويل دفة السوق بعد خمسة أيام من المكاسب.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 55 سنتاً، أو 0.63 في المائة، إلى 85.67 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:28 بتوقيت غرينتش. وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 54 سنتاً، أو 0.5 في المائة، إلى 80.02 دولار للبرميل.
وهبطت الأسعار مع ارتفاع الدولار قبيل بدء شهادة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أمام الكونغرس. وعادة ما يؤدي صعود الدولار إلى تقليل الطلب على النفط المقوّم بالعملة الأميركية من المشترين حائزي العملات الأخرى.
وتعرضت الأسعار لمزيد من الضغوط بسبب انخفاض الصادرات والواردات الصينية في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، بما فيها واردات النفط الخام. وجاء الانخفاض رغم رفع القيود المرتبطة بالجائحة في الصين؛ مما يشير إلى ضعف الطلب الخارجي.
أوضح ريكاردو إيفانجليستا، محلل أول بشركة ActivTrades للوساطة المالية، أن المخاوف المتعلقة بجانب العرض قد دعمت سعر البرميل طوال الأسبوع الماضي، والتي تولدت عن شح الطاقة الاحتياطية في السوق، مصحوبة بشكوك حول كمية المواد النفطية التي يمكن لروسيا أن تصدرها للأسواق.
أضاف إيفانجليستا لـ«الشرق الأوسط»: «لكن تلاشت تلك المخاوف عقب صدور تقارير من الصين كشفت عن انخفاض في واردات النفط خلال الشهرين الأولين من العام... ويبدو أن تلك الأرقام قد أحيت بعض الاعتبارات لدى متداولي النفط، فتباطؤ الطلب من جانب الصين قد يعوض أي ارتفاع للأسعار ناجم عن انحسار النفط الروسي في الأسواق العالمية».
والسقف السعري الذي وضعه الغرب على النفط الخام الروسي ومنتجاته «مرتفع للغاية لدرجة أنه لم يضر بالمصالح الروسية»، وفقاً للمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف.
وقال بيسكوف، أمس، لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، إنه في ظل المستويات الحالية، فإن السقف السعري شبه غير موجود. موضحاً أن روسيا لا تعترف بأي سقف سعري للنفط.
في غضون ذلك، قال أشخاص مطلعون: إن مسؤولين تنفيذيين في كبرى شركات النفط الأميركية عقدوا اجتماعات خاصة مع مسؤولين في منظمة «أوبك» على هامش مؤتمر في هيوستون الأميركية، لبحث شؤون الطاقة، في مواصلة لتقليد بدأ قبل نحو خمس سنوات عندما كان الجانبان متنافسين شرسين.
يتمتع كلا الجانبين بطلب عالمي قوي على النفط والغاز، وحققا أرباحاً قياسية خلال العام الماضي. وتلاشى التنافس بينهما مع استقرار طفرة النفط الصخري التي أوصلت الولايات المتحدة إلى قمة منتجي النفط العالميين، وقلصت حصة «أوبك» في السوق.
كانت «أوبك» تنظر إلى النفط الصخري كقوة جامحة تقلل من إيراداتها من خلال جلب إمدادات نفطية ضخمة جديدة إلى السوق. لكن تحسنت العلاقات بعد أن أذعنت شركات النفط الصخري لمطالب المستثمرين بزيادة عوائد رأس المال وخفض الإنفاق على زيادة الطاقة الإنتاجية.
أقيم حفل العشاء بين الطرفين في معظم السنوات الأخيرة خلال مؤتمر «سيرا ويك» للطاقة في عاصمة صناعة النفط الأميركية. وعشاء هذا العام هو الأول الذي يحضره هيثم الغيص كأمين عام لمنظمة «أوبك»، الذي تولى منصبه أغسطس (آب) الماضي.
ومن بين كبار المسؤولين التنفيذيين من الشركات الأميركية الذين شاهدهم مراسلو «رويترز» في حفل العشاء، الرئيس التنفيذي لشركة «تشيسابيك إنرجي» نيك ديل أوسو، والرئيس التنفيذي لشركة «بيونير ناتشرال ريسورسيز» سكوت شيفيلد، والرئيس التنفيذي لشركة «هيس كوربوريشن» جون هيس.
يأتي العشاء الخاص هذا العام في وقت مضطرب للأسواق العالمية، حيث أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطيل تدفقات النفط والغاز العالمية.
ومن المنتظر أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط بأقل من 600 ألف برميل يومياً في 2023، وهو معدل أبطأ بكثير من نحو مليوني برميل يومياً في 2018.
يحضر عدد أقل من مسؤولي «أوبك» مؤتمر «سيرا ويك» السنوي لهذا العام، مع غياب وزراء من دول رئيسية منها السعودية والعراق.


مقالات ذات صلة

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

الاقتصاد منظر عام لمقر شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في أبوظبي (رويترز)

رئيس الإمارات يوافق على تشكيل مجلس إدارة ذراع الاستثمار العالمية لـ«أدنوك»

وافق رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تشكيل مجلس إدارة شركة «إكس آر جي (XRG)»، الذراع الاستثمارية الدولية الجديدة لشركة «أدنوك».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد لوحة عليها شعار شركة «روسنفت» الروسية في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ (رويترز)

«روسنفت» و«ريلاينس» تتفقان على أكبر صفقة بين الهند وروسيا لتوريد النفط

قالت 3 مصادر إن شركة النفط الحكومية الروسية «روسنفت» وافقت على توريد ما يقرب من 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى شركة التكرير الهندية الخاصة «ريلاينس».

«الشرق الأوسط» (موسكو - نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة النفط «إكسون» في ليندن بنيوجيرسي (أ.ب)

أسعار النفط تحافظ على مكاسبها وسط عوامل متباينة

لم تشهد أسعار النفط تغييراً يذكر في التعاملات الآسيوية المبكرة يوم الخميس، في حين تترقّب الأسواق حالياً أي مؤشرات بشأن التحرك الذي سيتبناه الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد انخفاض مخزونات النفط الخام وارتفاع مخزونات البنزين في أميركا

انخفاض مخزونات النفط الخام وارتفاع مخزونات البنزين في أميركا

أعلنت إدارة معلومات الطاقة يوم الأربعاء أن مخزونات الولايات المتحدة من النفط الخام انخفضت بينما ارتفعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.

«الشرق الأوسط» (دنفر)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.


الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.