وكالة {الطاقة الدولية} تدرس المزيد من الإجراءات لمراقبة الاتفاق النووي

إخفاق إيران في الإيفاء بوعودها يستوجب كشفه وإعلانه للعالم

وكالة {الطاقة الدولية} تدرس المزيد من الإجراءات لمراقبة الاتفاق النووي
TT

وكالة {الطاقة الدولية} تدرس المزيد من الإجراءات لمراقبة الاتفاق النووي

وكالة {الطاقة الدولية} تدرس المزيد من الإجراءات لمراقبة الاتفاق النووي

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن مديرها العام يوكيا أمانو سوف يلتقي، الخامس من أغسطس (آب) الحالي، بأعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس)، لإطلاعهم على الدور المنوط بالوكالة القيام به للتحقق من الالتزام الإيراني حسب اتفاق فيينا النووي.
جاء ذلك في بيان إلكتروني مقتضب وزعته الوكالة في ساعة متأخرة، مساء أمس (الجمعة)، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه. وحسب البيان، فإن أمانو تلقى، صباح أمس، دعوة من اللجنة للاجتماع بها، وإنه قد قبل الدعوة. وعليه، فإنه سوف يطير للعاصمة الأميركية واشنطن حسب موعد اللقاء.
ويذكر أن الوكالة تنتظر بتاريخ 15 أغسطس الحالي، ردًا كتابيًا من إيران يتضمن إجابات يفترض أن تكون كافية ومفصلة لكل القضايا التي لا تزال عالقة بين الطرفين بما في ذلك الاستفسارات التي طرحتها الوكالة فيما يتعلق بقضية الأبعاد العسكرية، وذلك وفقًا لـ«خطة العمل المشتركة» التي وقعتها إيران والوكالة على هامش الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية «5 + 1».
هذا ولا يزال اتفاق فيينا النووي ينتظر موافقة وتصديق الكونغرس ذي الأغلبية الجمهورية الذي لا يزال يدرسه في أجواء عدم شك واتهامات أن الإدارة الديمقراطية لم تحكم بنوده بالقوة الكافية.
هذا، وكان طرفا الاتفاق النووي؛ أي إيران والمجموعة الدولية؛ قد أوكلا مهمة التحقق من الالتزام الإيراني التقني بتجميد أنشطتها النووية، وتقليصها حسب بنود اتفاق فيينا، للوكالة التي عليها القيام بعمليات مراقبة وتفتيش حساسة وبصورة يومية لكل المواقع النووية الإيرانية ومن ثم رفع تقارير دون انقطاع عن مدى الالتزام الإيراني أو أي اختراقات أو تجاوزات؛ مما قد يترتب عليه قيام الطرف الآخر بإعادة العقوبات لما كانت عليه قبل الاتفاق.
وفي وقت سابق، قال مصدر دبلوماسي، أمس، إن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، «يدرس بإيجابية» دعوة من لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، للحديث عن إيران، استجابة لطلب بعض الساسة الأميركيين إتاحة المزيد من المعلومات فيما يتعلق بدور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مراقبة برنامج إيران النووي والتحقق منه.
كما طلب بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، الذي سيبحث ما إذا كان سيقر الاتفاق، إتاحة المزيد من المعلومات فيما يتعلق بدور وكالة الطاقة في التحقق من تطبيق إيران للاتفاق.
وقال المصدر: «علمت أن المدير العام أمانو تلقى خلال الليل (بتوقيت فيينا) دعوة من أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، كما علمت أنه يدرس الدعوة بإيجابية»، حسب «رويترز».
ويقوم أمانو بمهمة حساسة تتمثل في تقييم البرنامج النووي الإيراني في الماضي والمستقبل، وهو لا يحمل تفويضًا سياسيًا، ويشدد على الدور الفني للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إلا أن عليه أن يحافظ على التوازن الدقيق بين تقديم معلومات عن الأنشطة النووية الإيرانية والتبعات السياسية الكبيرة التي يمكن أن تترتب على تلك المعلومات.
وإذا أخلفت إيران وعودها المتضمنة في الاتفاق الذي توصلت إليه في 14 يوليو (تموز)، مع القوى العالمية الست سيكون على أمانو ومفتشيه أن يكتشفوا ذلك ويعلنوه للعالم.
ويتعين على مجلس الشيوخ الأميركي إقرار أو رفض الاتفاق وسيكون أمامه مهلة إلى 17 سبتمبر (أيلول) المقبل لاتخاذ قراره.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن من المعتاد ألا تنشر ترتيبات الضمانات مع الدول، مشيرة إلى أن إيران ليست استثناء، وأضافت أن الترتيب الذي توصلت إليه مع إيران في 14 يوليو يوفي بمتطلباتها لتوضيح قضايا معلقة.
واعترض الجمهوريون الأميركيون على الاتفاق معتبرينه غير صارم بما يكفي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي على المدى الطويل.
وحذر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في جلسة لمجلس الشيوخ الأميركي، هذا الأسبوع، من أن رفض الاتفاق سيزيل كل القيود على نشاط إيران النووي، وسيفتح أمامها طريقًا سريعًا للحصول على سلاح نووي كما سيتيح لها مليارات الدولارات نتيجة انهيار العقوبات.
وبموجب الاتفاق، وافقت القوى العالمية على رفع العقوبات مقابل فرض قيود على البرنامج النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى تطوير وسائل صنع قنبلة ذرية. وتقول طهران إنها تسعى للحصول على الطاقة الذرية لأغراض سلمية فحسب.
في غضون ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موجيريني، في اجتماع مغلق مع واضعي السياسة في الاتحاد، إنه يجب البدء في محادثات رفيعة المستوى بشأن الطاقة والتجارة مع إيران مطلع العام المقبل.
ويشير محضر اجتماع عقد يوم 15 يوليو، واطلعت عليه «رويترز»، إلى أن موجيريني قالت للمفوضية الأوروبية بعد يوم من التوصل لاتفاق بشأن برنامج إيران النووي هذا الشهر، إنه «ينبغي البدء في الإعداد لتجديد الروابط الاقتصادية مع إيران».
وأضافت أن المفوضية يجب أن «تقدم دعمًا للإعداد لاستئناف العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران عقب رفع العقوبات الدولية بمجرد دخول الاتفاق حيز التنفيذ»، وتتوقع المفوضية أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ «قرب نهاية العام».
وفي ضوء هذا، اقترحت موجيريني أن يقوم عدد من أعضاء المفوضية بزيارة رسمية لإيران في نهاية العام أو بداية 2016 لمناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك مع السلطات الإيرانية مثل التجارة والبحث والطاقة والثقافة.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»