لبنان ينتظر عروضًا دولية لترحيل نفاياته التي بدأت تهدد مطار بيروت

الوزير دو فريج لـ {الشرق الأوسط} : تواصلنا مع شركات أجنبية وننتظر عروضها

سيارات ودراجات نارية تقطع احد شوارع بيروت فيما أكوام النفايات التهمت جزءاً كبيراً منه (أ.ب)
سيارات ودراجات نارية تقطع احد شوارع بيروت فيما أكوام النفايات التهمت جزءاً كبيراً منه (أ.ب)
TT

لبنان ينتظر عروضًا دولية لترحيل نفاياته التي بدأت تهدد مطار بيروت

سيارات ودراجات نارية تقطع احد شوارع بيروت فيما أكوام النفايات التهمت جزءاً كبيراً منه (أ.ب)
سيارات ودراجات نارية تقطع احد شوارع بيروت فيما أكوام النفايات التهمت جزءاً كبيراً منه (أ.ب)

فشلت اللجنة الوزارية المكلفة إيجاد حل لأزمة النفايات التي تجتاح البلاد منذ أكثر من أسبوع في إتمام مهمتها حتى الساعة، بسبب تعذر إيجاد مطمر جديد يكون بديلا لمطمر الناعمة الذي تم إقفاله نهائيا لاستيعابه أكثر من قدرته.
ويهدد تحول المشكلة أخيرا إلى أزمة بين المناطق نظرا لرفض أي منها استقبال نفايات منطقة أخرى، إلى تفاقمها أكثر فأكثر بغياب الحلول السريعة وانصراف المواطنين وبعض البلديات إلى عمليات الحرق أو الرمي في الأحراج ما يهدد بانفجار أزمة بيئية كبيرة.
ويبدو أن خيار ترحيل النفايات إلى دول أخرى عبر شركات خاصة يتقدم على غيره من الحلول المطروحة، حتى لو تم اعتماده لمرحلة انتقالية فقط.
واعتبر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أن «الاقتراح الوحيد الجدي لحل أزمة النفايات المتفاقمة حاليا، هو التصدير إلى الخارج»، لافتا إلى أنّه «ومن نظرة أولية، فإن تكلفة التصدير هذه، ليست بعيدة كثيرا عن تكلفة استيفاء شركة سوكلين لعمليات الجمع والطمر في لبنان».
وأعرب جعجع في بيان عن استغرابه لـ«عدم الانكباب بجدية وبسرعة، لدراسة هذا الخيار، كما استغرب من جهة أخرى، إصرار البعض على حلول مضرة بيئيا مثل الطمر على ارتفاعات تتجاوز الـ1000 متر عن سطح البحر، وتهدد المياه الجوفية أو حلول أخرى لا تقل ضررا».
وأشار نبيل دو فريج، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية وعضو اللجنة الوزارية التي تسعى لإيجاد حل لأزمة النفايات، إلى أنّه قد تم طرح موضوع ترحيل النفايات منذ الأيام الأولى لاجتماع اللجنة «إلا أنه وحتى الساعة لم نحصل على عروض من شركات خاصة تحدد التكلفة ونوع النفايات القابلة للتصدير».
وقال دو فريج لـ«الشرق الأوسط»: «ما يهمنا ألا تشمل عمليات الترحيل أنواعا محددة من النفايات باعتبار أننا نفضل أن يتم تصديرها كما هي على شكل بالات لصعوبة توافر معامل لفرزها في لبنان».
وأوضح دو فريج أن «الحكومة اللبنانية تدرس جديا خيار الترحيل وهي قامت باتصالات مع أكثر من شركة أجنبية وتنتظر أن ترسل هذه الشركات عروضها ليبنى على الشيء مقتضاه»، مشددا على عدم إمكانية التعاطي مع الموضوع بإطار الفصل: «أي نبحث بترحيل نفايات بيروت ونترك النفايات تلتهم باقي المناطق اللبنانية». وأضاف: «علينا أن نعي أن هناك قواعد وشروطا لعملية الترحيل، باعتبار أن للأمم المتحدة شروطها كما للاتحاد الأوروبي شروطه، وبالتالي فإن الموضوع قد يكون معقدا أكثر مما يتصور البعض، حتى إن هذه الشروط قد لا تكون متوافرة في النفايات التي نريد تصديرها».
من جهته، أشار وزير السياحة ميشال فرعون إلى أنّه طلب من اللجنة الوزارية في غياب حلول طارئة للأزمة، «بلورة سريعة لخيار إضافي ولو كان مؤقتا، وهو قرار ترحيل النفايات»، لافتا إلى أنّه «تتم متابعة هذا الأمر بشكل خاص لبيروت إذ إن الخيارات الأخرى هي قيد الدراسة والنقاش مع مجلس بلدية بيروت والمحافظ والوزارات المختصة».
وشدّد فرعون في بيان على أن اللجوء لخيار الترحيل: «لا يعوض عن الاتفاق على مطمر أو مطامر تستوفي كل الشروط البيئية، كما أن أي حل نهائي يجب أن يشمل نقل معامل النفايات من منطقة الكرنتينا».
ولاقى مجلس بلدية بيروت هذا الاقتراح، فتمنى بعد اجتماع طارئ له على مجلس الوزراء أن يجيز لبلدية بيروت حل مشكلة النفايات في بيروت الإدارية عن طريق التعاقد مع شركات مختصة لشحنها إلى خارج الأراضي اللبنانية.
وقد أدّى التأخير بالبت بالحلول إلى بروز أزمة جديدة بعدما باتت النفايات تهدد مطار رفيق الحريري الدولي، مع تجميع كميات منها بجوار المطار.
وحذّر رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النيابية محمد قباني يوم أمس من استمرار رمي النفايات بجوار المطار، وقال في تصريح: «أجد من واجبي كرئيس للجنة الأشغال العامة والنقل النيابية التحذير من استمرار رمي النفايات بجوار المطار لأن ذلك يشكل خطرا حقيقيا على سلامة الطيران»، منبها إلى أنه وفي حال استمرار تجميع النفايات في المنطقة المتاخمة للمطار، فإن ذلك قد يؤدي إلى «تدبير بإغلاق المطار، من قبل وزير الأشغال العامة والنقل أو مقاطعة للمطار من قبل جهات دولية».
وطالب قباني باتخاذ قرار من الجهات السياسية المعنية بـ«توقيف هذا العمل الخطير فورا، والتوجه إلى حلول أخرى».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.