تونس تقر «حزمة» إجراءات عاجلة للمهاجرين

مهاجرون عاجيون في مطار تونس قبل 3 أيام للعودة إلى بلادهم (إ.ب.أ)
مهاجرون عاجيون في مطار تونس قبل 3 أيام للعودة إلى بلادهم (إ.ب.أ)
TT

تونس تقر «حزمة» إجراءات عاجلة للمهاجرين

مهاجرون عاجيون في مطار تونس قبل 3 أيام للعودة إلى بلادهم (إ.ب.أ)
مهاجرون عاجيون في مطار تونس قبل 3 أيام للعودة إلى بلادهم (إ.ب.أ)

ترافق الرفض التام من رئاستي الجمهورية والحكومة ووزارة الشؤون الخارجية التونسية الاتهامات الموجهة لها بالعنصرية، مع «حزمة» من الإجراءات العاجلة الموجهة إلى المهاجرين من دول جنوب الصحراء المقيمين في تونس، في محاولة لرأب الصدع الحاصل بين تونس وعدد من الدول الأفريقية إثر تصريح الرئيس التونسي قيس سعيد بأن تدفق «جحافل» من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس يشكل مصدر «عنف وجرائم»، وجزءاً من «ترتيب إجرامي» يهدف إلى «تغيير التركيبة الديموغرافية» للبلاد.
ومن بين تلك الإجراءات التي أعلنتها نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، تسليم بطاقات إقامة لمدة سنة لفائدة الطلبة الأفارقة قصد تسهيل فترة إقامتهم في تونس وتمكينهم من التجديد الدوري لوثائقهم في آجال مناسبة، كما قررت التمديد في وصل الإقامة من 3 أشهر إلى 6 أشهر. وأقرت كذلك إعفاء «الأشقاء الأفارقة» من دفع «خطايا (غرامات)» التأخير المستوجبة على الوافدين الذين تجاوزوا مدة الإقامة المسموح بها، وذلك في إطار العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية. وأكدت تسهيل عمليات المغادرة الطوعية لمن يرغب في ذلك في إطار منظم وبالتنسيق المسبق مع السفارات والبعثات الدبلوماسية للدول الأفريقية لدى تونس.
وكانت رئاستا الجمهورية والحكومة ووزارة الشؤون الخارجية التونسية قد عبرت عن استغرابها من «الحملة المعروفة مصادرها والمتعلقة بالعنصرية المزعومة في تونس». وذكرت بأن تونس من مؤسسي «منظمة الوحدة الأفريقية»، وأنها قد ساندت كل حركات التحرير الوطني في أفريقيا. وشددت على أن الدولة التونسية «لم تقبل، ولن، أن يكون الأفارقة ضحايا هذه (الظاهرة المشينة) لا في تونس ولا خارجها».
وفي هذا السياق، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن «التخلص من تبعات التصريحات الصادرة عن أعلى هرم في السلطة يتطلب مجهودات اتصالية كبرى حتى تعود صورة تونس إلى ما كانت عليه، ففي ظل وسائل الاتصال الحديثة وسرعة حركة المعلومات، فإن ما يبنى لعقود من الزمن يمكن أن ينهار في لحظات».
ودعا العرفاوي السلطات التونسية إلى «اعتماد متحدثين باسم رئاسة الجمهورية وباسم رئاسة الحكومة وبقية الوزارات والمؤسسات الحكومية الكبرى حتى لا تقع أخطاء اتصالية فادحة»؛ على حد قوله.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن ضبط 65 شخصاً من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء في جهات: قبلي والقصرين وصفاقس ومدنين وجندوبة، بعد أن تعمدوا اجتياز الحدود البرية خلسة والإقامة على غير الصيغ القانونية بالبلاد التونسية. كما أكدت احتفاظها بـ19 شخصاً من جنسيات أفريقيا جنوب الصحراء إثر تعمد عدد منهم الاعتداء على سيارة إحدى متساكنات مدينة صفاقس (وسط شرقي تونس).
يذكر أن عدداً من البلدان الأفريقية، مثل غينيا ومالي وساحل العاج، قد استعادت العشرات من أبنائها على متن طائرات أرسلتها حكوماتهم إثر تصنيف بعضها تونس «بلداً غير آمن».
من ناحية أخرى؛ نبهت منظمات رجال الأعمال؛ التي توجهت خلال السنوات الماضية نحو الأسواق الأفريقية، إلى تعثر المبادلات التجارية إثر اتهام تونس بالسلوك العنصري تجاه الأفارقة. وفي هذا الشأن، قال أنيس الجزيري، رئيس «مجلس الأعمال التونسي - الأفريقي»، في مداخلة إذاعية، إن ما حدث مؤخراً في تونس كان له «تأثير اقتصادي كبير على المؤسسات التونسية وكذلك التونسيين العاملين بأفريقيا»، كاشفاً عن حجز بضائع تونسية بعدد من الموانئ الأفريقية؛ على حد تعبيره.
وأكد الجزيري أن ما حدث في تلك الموانئ لم يكن بقرار رسمي من الحكومات الأفريقية؛ «بل تصرفات فردية كان لها أثر سيئ على التوجه التونسي نحو أفريقيا بثرواتها المتعددة». وأشار إلى تسجيل إلغاء كثير من طلبات منتجات تونسية، علاوة على إلغاء طلبات عروض لمنتجات عدة موجهة إلى الأسواق الأفريقية.
كما كشف رئيس «مجلس الأعمال التونسي الأفريقي» عن عودة الطائرة المخصصة لنقل المرضى من دول جنوب الصحراء إلى تونس فارغة، وهو ما لم يحدث منذ سنوات. وعدّ أن الرد الرسمي لا يزال ضعيفاً اتصالياً، وأن الإجراءات التي أقرتها الحكومة بشأن إقامة الأجانب مهمة، وأنها تسوي كثيراً من الملفات؛ على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

قالت سلطات أمنية بشرق ليبيا إنها نجحت في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفتها بـ«المُحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.