معمارية عراقية تمزج البناء بالفن في أفريقيا

نهلة ججو مهندسة وعازفة كمان في فرقة سيمفونية

نهلة ججو (خاص «الشرق الأوسط»)
نهلة ججو (خاص «الشرق الأوسط»)
TT

معمارية عراقية تمزج البناء بالفن في أفريقيا

نهلة ججو (خاص «الشرق الأوسط»)
نهلة ججو (خاص «الشرق الأوسط»)

مع شركة فرنسية للتصاميم الهندسية والمعمارية، تساهم مهندسة عراقية في تصميم 29 مبنى تجارياً في بينين، وهو ليس أول عمل للمعمارية نهلة ججو في أفريقيا؛ القارة التي تشكل الأسواق الشعبية قلبها النابض بالحياة. إن التسوق اليومي عادة محلية متبَعة؛ لأن أغلب البيوت تفتقر لما يسمح بحفظ الأطعمة من الحرارة والتلف. وتتوزع الأسواق التي يشملها المشروع على 11 مدينة في عموم البلاد، بينها ما يقتصر على 500 متر مربع، ومنها ما يمتد على مساحة 80 ألف متر مربع.
تقع بينين في أفريقيا الغربية التي يتحدث سكانها الفرنسية، وفي 2017 طلبت حكومتها من شركة arte charpentier في باريس المساعدة في تطوير مشروعات البنى التحتية. واختارت الشركة المهندسة العراقية لتكون مسؤولة عن تصاميم تلك الإنشاءات وإدارتها. كانت المرة الأولى التي تتعرف فيها على ذلك الجزء من أفريقيا وعلى شعب مسالم وثقافة لم تكن تُلمّ بها. وقد جرى العمل بالتعاون مع 8 مكاتب هندسية معمارية محلية، مما سمح لنهلة بالتعرف على زملاء أفارقة في تجربة تصفها بالرائعة. وتقول: «وددنا تصميم حزام فني يحيط بكل واحد من المباني. وستتولى الجهات المعنية دعوة الفنانين الشباب في كل مدينة ليرسموا مواضيع تحكي قصة المدينة أو الحي أو السوق، وبذلك لا تكون المنشآت غريبة، بل تخلق إحساساً بالانتماء للمكان».


ججو في موقع العمل (خاص «الشرق الأوسط»)

درست نهلة ججو في مدرسة الموسيقى والباليه في بغداد، وكانت عازفة كمان في الفرقة السيمفونية العراقية. تفرقت السبل بأهل البلاد واستقرت نهلة في باريس. كانت تأمل أن تكمل دراستها الموسيقية في موسكو، مثلما فعل زملاء سبقوها في المدرسة، لكن البعثات توقفت مع اندلاع الحرب مع إيران. كان عليها اختيار طريق آخر، وكانت الهندسة هي البديل؛ لأنها تجمع العلم والفن، وهي اليوم ترى أنها كانت محظوظة بدراسة الهندسة المعمارية في جامعة بغداد؛ وذلك لوجود أساتذة ممتازين تولّوا تخريج أجيال ذات كفاءة.
بعد حرب عاصفة الصحراء، وإطلاق حملة إعادة إعمار العراق، عملت المهندسة الشابة مع فريق من المهندسين في أحد مشروعات ترميم الأبنية الحكومية المهمة وتطويرها، ثم انتقلت إلى القطاع الخاص وعملت لحسابها. وفي عام 2003 قبل احتلال العراق بقليل، جاءت إلى فرنسا في زيارة قصيرة، ثم اضطرت للبقاء فيها بعد ازدياد التهديدات التي رسمت معالم حرب قريبة. تقول: «كان قرار البقاء في بلد لا أعرف فيه أحداً ولا أتكلم لغته من أصعب القرارات؛ لأنني لم أكن مهيأة نفسياً ولا عملياً لترك أهلي ومدينتي وعملي. لكن الظروف تُجبرنا على ما لا نريد. قامت الحرب ورأيت في الأخبار المصورة بلدي تحت النيران دون أن أفهم كلمة مما يقوله المذيع».
ما كان متاحاً لها أن تعمل في حقل تخصصها مهندسة بسبب عدم إتقانها اللغة، وكان الحل أن تعمل في مجال الموسيقى معلمة للعزف على آلة الكمان في جمعية «موسيقى الأمل» التي أسسها عازف البيانو ميغيلآنج إستريلا. كان سجيناً سياسياً في الأرجنتين، ولاجئاً في فرنسا، وأراد من هذه الجمعية أن تضع الموسيقى في متناول الجميع، ولا سيما الفقراء. ومن خلال الدروس التي تقدمها للطلبة تعلمت أستاذة الكمان لغة البلاد وأتقنتها. وبعد سنة جاءتها الفرصة للعمل مهندسة معمارية في شركة فرنسية كبرى متخصصة في تصميم المستشفيات والمباني الطبية، ومنها انتقلت إلى شركة عالمية للتصاميم المعمارية، حيث استفادت من معرفتها للغة العربية وأوفدتها للمشاركة في مشروعات لأبنية تجارية وسكنية ورياضية مهمة في الخليج. وتبقى تجربتها الأفريقية مختلفة عن غيرها.

لقطة لجدارية ججو في بغداد

تقول إن التوجه العام، خلال السنوات الأخيرة، هو نحو العمارة المستدامة وتوظيف الطاقة النظيفة في الأبنية، ولا بد من الاهتمام بهذا التوجه في أفريقيا لتوفير الطاقة الكهربائية، وذلك من خلال ابتكار حلول للتهوية والإنارة الطبيعيتين، وتوفير السقوف للاحتماء من زخات المطر القوية في مواسمها، واستخدام الخامات المحلية، وكذلك إيجاد وسائل للصيانة غير المكلفة على المدى الطويل. المطلوب في أفريقيا تصميم مشروعات لا تحتاج إلى صيانة معقدة وتكاليف باهظة. تقول إنها في كل رحلاتها إلى بينين لم تكن قادرة على أن تمنع نفسها من المقارنة بين نهضة هذا البلد الصغير متواضع الإمكانيات، وبين العراقيل التي تقف في وجه تطوير البنى التحتية في العراق؛ بلدها الغني بموارده النفطية.
هل ساعدها كونها امرأة في التقدم بمهنتها أم كان عائقاً لها؟ تجيب: «لم أشعر يوماً بأنني أشتغل في مهنة رجالية، كنت أزور مواقع العمل في العراق، فألقى الاحترام من زملائي ومن العمال المحليين. لكن المفاجأة كانت عند مجيئي إلى فرنسا حين وجدت رواتب النساء أقل من رواتب الرجال، رغم أنهن يؤدين العمل نفسه ويحملن المؤهلات نفسها».
في فترة مشاركتها بمشروعات إعادة إعمار العراق، شاركت نهلة ججو في مسابقة معمارية لرسم جدارية بأبعاد 8 في 5 أمتار لوضعها في أحد المباني الرسمية. بدأت بوضع أفكارها على الورق للتعبير عما تعنيه مدينتها لها، وأطلقت على الجدارية اسم «بغداد حبيبتي». وكانت سعادتها لا توصَف يوم أخبروها أن تصميمها فاز بالجائزة الأولى. تقول: «أعدت رسم الجدارية وفق المقاييس المطلوبة لكنني لم أتمكن من متابعة تنفيذها. سافرت إلى فرنسا ومرت السنون إلى أن عثرت ذات يوم، على الإنترنت، على صورة عملي وقد جرى تنفيذه ووضعه في المبنى الذي أصبح مقراً مؤقتاً للسفارة الأميركية. لقد نشر الصورة أحد العسكريين الأميركيين، وكتب أنه يتوقف كل صباح لبضع ثوان ليتأمل بإعجاب تلك الجدارية». وقبل خمس سنوات كتبت مصممة العمل إلى السفارة العراقية لمساعدتها في الحصول على حقوقها المعنوية والفنية، وأن يوضع اسمها على الجدارية. لكن الجدران صمّاء.



دراسة: التدخين لا يزال عامل الخطر الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة

شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)
شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)
TT

دراسة: التدخين لا يزال عامل الخطر الرئيسي للإصابة بسرطان الرئة

شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)
شركة «فايزر» قالت إنها حققت نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة بعد مضي خمس سنوات على العلاج (الشرق الأوسط)

أظهرت دراسة حديثة أن التدخين يشكّل أحد المخاطر الرئيسية للإصابة بسرطان الرئة؛ إذ يُعد مسؤولاً وحده عن 90 في المائة من حالات الوفاة المرتبطة باستخدام التبغ، بما في ذلك تدخين السجائر، والسيجار، والغليون.

وقالت الدراسة إن ثمة سبباً قوياً يدعو إلى القلق بشأن استخدام أجهزة التدخين الإلكترونية وسوائل التدخين الإلكترونية «الفيب»، إذ يُعد خطر إصابة المدخنين بسرطان الرئة أعلى كثيراً، مقارنة بخطر إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة.

وأوضحت الدراسة، التي صدرت من شركة «فايزر» العالمية، أن التدخين السلبي قد يُسهم أيضاً في زيادة مخاطر الإصابة بهذا المرض؛ لأن الأفراد المحيطين بالمُدخن يستنشقون المواد الكيميائية نفسها التي يدخنها.

الأكثر شيوعاً

وقالت «فايزر»، إن سرطان الرئة يظلّ واحداً من أكثر أنواع السرطان شيوعاً؛ إذ سجل نحو 2.21 مليون حالة جديدة في عام 2020. وفيما يتسم هذا المرض بأحد أدنى معدلات النجاة، يبلغ متوسط معدل البقاء على قيد الحياة لمدة خمسة أعوام، بعد التعافي من سرطان الرئة، أقل من 20 في المائة على مستوى العالم.

وأوضحت الدراسة أن «هذا الرقم ينخفض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ يُقدر معدل البقاء على قيد الحياة لمدة 5 أعوام بنحو 8 في المائة، ما يشير إلى أن تشخيص معظم المرضى بسرطان الرئة في المنطقة يتم في المراحل المتقدمة من المرض».

غير المرئي

يُوصف سرطان الرئة أحياناً بالسرطان «غير المرئي»؛ إذ لا تظهر أعراضه الملحوظة إلا بعد أن يكون المرض قد استفحل بالفعل. وفي عام 2020 سُجلت 51.316 حالة جديدة من حالات الإصابة بسرطان الرئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يجعله يحتل المرتبة الثانية من حيث أعلى معدلات الإصابة بالسرطان في المنطقة.

وارتفع معدل الإصابة بسرطان الرئة بصورة كبيرة في الأعوام الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ نتيجة عوامل سلوكية قابلة للتعديل، ما تسبّب في وفاة أكثر من 70 ألف شخص خلال عام 2020.

ولفتت «فايزر» إلى أن سرطان الرئة بهذا يأتي في المرتبة الثانية من حيث أكثر أنواع السرطانات فتكاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ يُمثل 10 في المائة من إجمالي الوفيات الناتجة عن مرض السرطان.

نتائج إيجابية

وأوضحت شركة «فايزر» تسجيل نتائج إيجابية لمرضى سرطان الرئة، بعد مضي خمس سنوات على العلاج، إذ يُعد سرطان الرئة من أكثر أنواع السرطانات صعوبة في العلاج، نظراً إلى طبيعته المتنوعة والمعقدة، بالإضافة إلى وجود عدة أنواع عديدة منه، وذلك بسبب المتغيرات الجينية في الخلايا المتأثرة بالمرض والمسماة «المعلمات الحيوية».

وأوضحت «فايزر» أن أكثر أنواع سرطان الرئة شيوعاً هو «سرطان الرئة غير صغير الخلايا»، ومن أنواعه الفرعية سرطان الرئة غير صغير الخلايا إيجابي «إيه إل كيه» (ALK)، الذي يحدث بين 3 و5 في المائة من المرضى الذين يعانون من سرطان الرئة غير صغير الخلايا.

تطوير دواء دقيق

وأكدت أنه منذ ما يناهز العقد من الزمن، نجحت في تطوير دواء دقيق يستهدف بروتين «إيه إل كيه» (ALK) الشاذ، ما مكّن وقتها من إعداد خطط علاجية جديدة للمرضى المصابين بهذا النوع الفرعي من المرض.

وتابعت: «لسوء الحظ، لاحظ الباحثون تكوين أجسام العديد من المرضى المصابين بسرطان الرئة غير صغير الخلايا إيجابي (إيه إل كيه) ALK لمقاومة العلاجات الموجهة، لتبدأ الأورام السرطانية النمو والانتشار مجدداً. علاوة على ذلك، أُصيب العديد من المرضى بأورام دماغية، التي تُعرف باسم (نقائل الدماغ)».

وأشارت «فايزر» إلى أن أبحاث العلماء لديها واصلت دراسة جين «إيه إل كيه» (ALK)، والتعرف على دوره في تحفيز نمو السرطان، وبناءً على ما توصلت إليه، عكفوا على تصميم مثبط جديد له؛ للمساعدة في تخطي بعض من هذه التحديات، ووضعوا ابتكارهم الدوائي الجديد بمتناول المرضى في غضون فترة لم تتجاوز أربع سنوات، وهي فترة أقصر من الوقت اللازم لتطوير دواء جديد، حسب ما جاء في الأبحاث.

التوعية

وأكدت «فايزر» أن جهود التوعية بشأن سرطان الرئة تساعد في إنقاذ الأرواح، وتشمل مشاركة المعلومات بشأن السرطان أولاً، وأعراضه، وطرق الوقاية منه، وعلاجه.

وشددت على أهمية نشر المعرفة بشأن مخاطر سرطان الرئة وأعراضه، وكسر الوصمة المحيطة بهذا المرض، وتصحيح التصورات الخاطئة عنه وعن علاجه، والدعوة إلى تقليل استخدام التبغ في الأماكن العامة.