ماذا يعني تكرار وقائع «النصب» في مصر رغم التحذيرات؟

أحدثها «هوج بول» وسبقتها «ظاهرة المستريحين» في المحافظات

جانب من الأدوات والأجهزة التي تم ضبطها مع القائمين على إدارة منصة «هوج بول» (الداخلية المصرية)
جانب من الأدوات والأجهزة التي تم ضبطها مع القائمين على إدارة منصة «هوج بول» (الداخلية المصرية)
TT

ماذا يعني تكرار وقائع «النصب» في مصر رغم التحذيرات؟

جانب من الأدوات والأجهزة التي تم ضبطها مع القائمين على إدارة منصة «هوج بول» (الداخلية المصرية)
جانب من الأدوات والأجهزة التي تم ضبطها مع القائمين على إدارة منصة «هوج بول» (الداخلية المصرية)

وسط «تصاعد» وتيرة الأزمة الاقتصادية في مصر، باتت عمليات «النصب» على المواطنين بداعي الكسب السريع متكررة على نحو لافت. وبين ظاهرة «المستريح» وشركات الاستثمار الإلكتروني، يفقد مواطنون «مدخرات العمر».
أحدث قضايا «النصب» كانت منصة «هوج بول». بدأت القضية باستغاثة مواطنين «إثر تعرضهم للنصب من قبل منصة إلكترونية ادعت الاستثمار في تعدين العملات الرقمية»، وتمكنت الشركة المرخصة تحت عباءة مجال «تكنولوجيا المعلومات» من «جمع 6 مليارات جنيه مصري (نحو 300 مليون دولار) من آلاف المصريين، خلال فترة لم تتجاوز 6 أشهر». وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بقصص ضحايا باعوا ممتلكات، ومشغولات ذهبية، بهدف الاستثمار والحصول على «مكسب سريع»، لا سيما بعدما وعدتهم الشركة بـ«تحصيل مكاسب تبدأ من 4 دولارات يومياً لكل 1000 جنيه (الدولار بـ30.7 جنيه)».
من جانبها، أعلنت السلطات الأمنية في مصر (مساء السبت)، «إلقاء القبض على 29 شخصاً من القائمين على إدارة التطبيق (هوج بول)، بينهم 13 شخصاً من حاملي جنسية أجنبية»، كما أفادت الجهات الأمنية بأن «المتهمين اعترفوا باستهدافهم راغبي الكسب السريع».
قضية «هوج بول» لم تكن الأولى، قبلها ذاع صيت «المستريح»، وهو مصطلح يطلق على أشخاص يجمعون المال من الأفراد، بداعي استثمارها لهم، وعادة ما تنتهي القصة بالهرب أو إلقاء القبض عليهم.
ظاهرة «المستريح» لا تختلف كثيراً عن شركات توظيف الأموال، التي عُرفت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، على شاكلة «الريان»، و«السعد». صحيح أنها توارت لعدة سنوات، لكنها عادت في 2014 تحت مسمى «المستريح»، وهو المصطلح الذي أطلق للمرة الأولى على شخص يدعى أحمد مصطفى جمع نحو 53 مليون جنيه من أهالي الصعيد بغرض الاستثمار، وانتهت قضيته بالسجن 15 عاماً، لكن منذ هذا التاريخ وقضايا «المستريح» تتكرر من آن لآخر.
يرى وليد عبد المقصود، استشاري أمن المعلومات، أن تكرار عمليات النصب، لا سيما إلكترونياً، «يعود إلى فجوة معرفية يعيشها المجتمع المصري»، ويقول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تتحول إلى الرقمنة، وهي فكرة تروج لها الحكومة ووسائل الإعلام، غير أن المواطن ما زال يعاني قصوراً في المعرفة الرقمية، وهنا تأتي الثغرة التي يتصيدها (النصاب)».
على الجهة المقابلة، ثمة تطور متسارع في إمكانات المبرمجين، عدّه عبد المقصود «سلاحاً ذا حدين». ويوضح أنه «لا يمكن أن نبقى بمعزل عن التطور غير أن ذلك يجب أن تقابله توعية للمستخدمين، وإلا بات سلاحاً ضد المجتمع».
وكشفت الجهات الأمنية عن مضبوطات كانت بحوزة المتهمين في قضية «هوج بول»، وحسب الإفادة الرسمية، شملت هواتف محمولة، وخطوط هاتف، وأجهزة رسائل جماعية، وحاسبات آلية، وشاشات، فضلاً عن كروت ائتمان، ومحافظ إلكترونية، ما يعكس وجود «شبكة نصب متكاملة». ويوضح استشاري أمن المعلومات الطريقة التي يصل بها الجناة إلى الضحايا، ويقول إن «قضايا النصب الإلكتروني يتم تنفيذها بدقة من خلال مجموعة خارج مصر، مسؤولة عن تصميم التطبيق، والموقع، ومُلمة بشروط تسمح بتوفر التطبيق على متجر التطبيقات مثل (غوغل بلاي)، بغرض الإيقاع بالضحية وكسب شكل من المصداقية». ويضيف أن «ثمة مجموعة أخرى تعمل من داخل مصر، على طريقة الوسيط لاستدراج الضحايا بالإغراءات المادية».
وتصل عقوبة «النصب» على المواطنين في مصر إلى السجن مدة 7 سنوات، فضلاً عن رد المبالغ المالية. ويرجع الدكتور محمود كبيش، العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة القاهرة وأستاذ القانون الجنائي، تكرار تعرض المصريين لعمليات «النصب» إلى عدة أسباب، بينها «سهولة التواصل عبر الهاتف ودون جهد، والأزمة الاقتصادية». ويضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «ميل المصريين إلى الكسب السريع، هو السبب وراء معظم قضايا (النصب)».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.