لبنان: سلام يؤجل لعب ورقة الاستقالة ويحذر بأن خياراته مفتوحة

حركة دبلوماسية متواصلة لاستيعاب الأزمة الحكومية

لبنان: سلام يؤجل لعب ورقة الاستقالة ويحذر بأن خياراته مفتوحة
TT

لبنان: سلام يؤجل لعب ورقة الاستقالة ويحذر بأن خياراته مفتوحة

لبنان: سلام يؤجل لعب ورقة الاستقالة ويحذر بأن خياراته مفتوحة

نجحت المساعي التي قام بها الثلاثي رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بدفع رئيس الحكومة تمام سلام للتريث بعد تهديده أكثر من مرة بتقديم استقالته ردا على تعثر العمل الحكومي، إلا أنه شدّد خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت يوم أمس أنّه إذا اصطدم بحائط مسدود فخياراته مفتوحة.
ونبّه سلام إلى أنّه «... وإذا لم نجد مخارج وحلولا جدية لاستمرار عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، فسنصل إلى عجز كبير»، وقال: «لقد سبق أن أعلنت استعدادي للمساعدة في تجاوز هذه المعضلة، لكن إذا اصطدمت بحائط مسدود، فإن خياراتي مفتوحة وسألجأ إليها إذا احتجت إلى ذلك».
وأعرب رئيس الحكومة عن أمله في «إبعاد المواضيع السياسية الخلافية والسعي إلى تسيير شؤون البلاد والعباد، باعتبار أن مجلس الوزراء الحالي ليس مكانا لحل هذه الخلافات السياسية، فلا تحملونا وزرها». وأضاف: «إذا استمررنا فيما نحن فيه لن يكون هناك جدوى لمجلس الوزراء أو لأي مؤسسة دستورية».
وبدا لافتا استمرار الاتصالات والحركة الدبلوماسية لاستيعاب الأزمة الحكومية ومنع تفاقمها، وفي هذا الإطار، عرض رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل مع السفير الأميركي ديفيد هيل «ضرورة تفعيل عمل الحكومة»، فيما شدّد سفير مصر محمد بدر الدين زايد بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري على أهمية بقاء الحكومة، معتبرا أن «استمرارها ضروري إقليميا ولبنانيا». وقال زايد: «في ظل الظروف الإقليمية الراهنة لا يمكن وليس من المعقول أن يكون هناك تعطيل لعمل المؤسسات اللبنانية لأن الأوضاع الإقليمية بالغة الصعوبة ودقيقة للغاية».
من جهتها، لفتت وزيرة المهجرين أليس شبطيني إلى أنه «لا اعتكاف للرئيس سلام إنما إمهال للحكومة للتفتيش عن حلول وتأجيل جلسات مجلس الوزراء إفساحا في المجال أمام مزيد من المشاورات»، واصفة في حديث إذاعي «الأجواء بغير المريحة أبدا».
واستمرت أزمة النفايات التي تشهدها البلاد منذ إقفال مطمر الناعمة على حالها بسبب عدم الاتفاق على مطامر بديلة. وكان سلام وصف مشكلة النفايات خلال جلسة مجلس الوزراء بأنّها «كارثة وطنية لا تهدد المناخ الصحي والبيئي في البلاد فقط وإنما تهدد المناخ الأخلاقي والسياسي والوطني».
واعتبر رئيس الحكومة أن «مشكلة النفايات وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم نتيجة تراكم سنوات من محاولة معالجة هذا الملف بطرق غير مجدية وغير فاعلة، وبحلول مؤقتة ومرتجلة»، مشيرا إلى «أن اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات تبذل جهودا كبيرة، لكن الصراع السياسي القائم على قدم وساق، في أماكن عدة وعلى مختلف المستويات حول هذا الموضوع، حال دون التوصل إلى مخارج».
وتواصلت يوم أمس التحركات الاحتجاجية في المناطق اللبنانية رفضا لإقامة المطامر دون الشروع بعمليات الفرز ومعالجة النفايات أولا. ونفذ سكان وأهالي بيروت المقيمون في بلدتي بشامون ودير قوبل تحركا اعتراضيا على «محاولة إقامة مطمرين للنفايات على أراض تابعة لعقارات البلدتين المذكورتين».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.