ليبيا: الحكومة الانتقالية تطالب المجتمع الدولي بإجبار برلمان طرابلس على توقيع اتفاق السلام

أبو سهمين في الجزائر للقاء ليون.. والأمم المتحدة ترفض وصف الثوار بالميلشيات الإرهابية

ليبيا: الحكومة الانتقالية تطالب المجتمع الدولي بإجبار برلمان طرابلس على توقيع اتفاق السلام
TT

ليبيا: الحكومة الانتقالية تطالب المجتمع الدولي بإجبار برلمان طرابلس على توقيع اتفاق السلام

ليبيا: الحكومة الانتقالية تطالب المجتمع الدولي بإجبار برلمان طرابلس على توقيع اتفاق السلام

بينما حثت الحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا المجتمع الدولي على إجبار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، والمنتهية ولايته، على التوقيع على اتفاق السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة، بدأ نوري أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس، زيارة مفاجئة إلى الجزائر مساء أمس، تزامنا مع إعلان برناردينو ليون، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، رفضه وصف الثوار خلال الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011 ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي بالميليشيات الإرهابية.
وقال البرلمان السابق، المهيمن على العاصمة الليبية طرابلس، إن أبو سهمين سيعقد خلال زيارته للجزائر اجتماعا مع ليون لمناقشة آخر مستجدات الحوار السياسي الليبي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الاجتماع مع عدد من المسؤولين الجزائريين، ومناقشة التطورات بشأن الوضع في ليبيا، وآخر تطورات ملف الحوار الذي ترعاه البعثة الأممية.
وجاءت الزيارة تالية للاتصال الهاتفي الذي جرى الاثنين الماضي بين أبو سهمين والجزائري عبد القادر مساهل، وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.
وكان برلمان طرابلس غير المعترف به دوليا، قد اعتبر أن الصراع الدامي الذي يشهده الجنوب الليبي مؤامرة خارجية، تغذيه دول بعينها لا تريد الاستقرار، وتتآمر ضد الثورة الليبية بمشاركة عدة قوى مضادة لها. واعتبر برلمان طرابلس، في بيان أصدره مساء أول من أمس، أن «تدفق المرتزقة الأجانب عبر الجنوب الليبي هذه الأيام، ما هو إلا دليل على تورط أطراف خارجية في هذا الصراع، غايته إطالة أمد معاناة الليبيين وإضعافهم حتى يتحقق تنفيذ مآربهم الخبيثة ومشاريعهم المريبة». كما حذر الدول الأجنبية المتورطة في مشاكل الجنوب الليبي التي لم يسمها بالاسم، من مغبة العبث بأمنه واستقراره، وتركيبته السكانية وثرواته الطبيعية، مهددا بأن «ليبيا سوف تتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية شعبها وحدودها، وعدالتها سوف تطال المعتدين».
من جهته، أكد المبعوث الأممي لقاءه المقرر في الجزائر مع أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس، الذي يحظى بتأييد ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة، التي تسيطر بقوة السلاح على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس، إذ قال مكتب ليون في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه سيعقد مشاورات في الجزائر العاصمة مع ممثلين عن المؤتمر الوطني لمناقشة سبل تعزيز عملية الحوار والمضي بها قدمًا. وأعرب ليون عن امتنانه للسلطات الجزائرية لاستضافة وتيسير هذا الاجتماع، علاوة على الدعم المستمر الذي تقدمه لعملية الحوار السياسي الليبي.
وكان ليون قد استبق هذا اللقاء، الذي كان مقررا عقده في تركيا وتم نقله إلى الجزائر لأسباب غير معروفة، بالإعراب عن تقديره للدور الذي لعبه الثوار الليبيون خلال ثورة فبراير (شباط) عام 2011 ضد نظام القذافي. وقال في بيان عقب اجتماعه مع وفد من مدينة الزاوية، ضم أعضاء من مجلس النواب وممثلين عن البلدية وعن الثوار، إنه «يرفض تسمية الثوار بالميليشيات الإرهابية»، وعد أن «هذا لن يسهم في إيجاد حل للأزمة الليبية»، معتبرا أن هناك حاجة ماسة لقيام الضباط العسكريين وضباط الشرطة والثوار الليبيين بالاتفاق على تنفيذ الترتيبات الأمنية المؤقتة، ودعمها من خلال المسار الأمني للحوار. ودعا في نفس السياق إلى إيجاد بيئة سالمة وآمنة في طرابلس وبنغازي، وفي جميع أرجاء ليبيا كي تتمكن حكومة الوفاق الوطني المقترحة من العمل في جو خال من التهديدات والعنف.
وأكد ليون أن التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق السياسي الليبي الذي جرى مؤخرًا، يعتبر خطوة كبيرة نحو التسوية السلمية للأزمة الليبية، مجددا تأكيده على أن الأمم المتحدة تشجع جميع الأطراف المشاركة في الحوار على أن تصبح طرفًا كاملاً في الاتفاق، وقال بهذا الخصوص إن «الجلسة القادمة للحوار السياسي تمثل فرصة بالنسبة للأطراف لتوضيح أي سوء فهم، أو قضايا عالقة، وذلك من خلال الملاحق»، مشيرا إلى أن الاتفاق السياسي الليبي يتضمن أحكاما واضحة بشأن تفعيل وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية بالاستناد إلى مبادئ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون. كما أوضح أنه يشجع جميع الأطراف على اتخاذ الخطوات اللازمة بسرعة لتنفيذ هذه الاتفاقات بشكل كامل، وقال إن «الثوار الليبيين ملتزمون بمنع الإرهاب والتطرف، وعدم عودة الحكم الاستبدادي.. وسيسمح لهم بتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي بالمساهمة في تحقيق ذلك من خلال الانضمام إلى قوات مسلحة وقوات أمنية، تتسم بالمهنية وخاضعة للسيطرة الديمقراطية، أو من خلال الاندماج في الحياة المدنية».
من جهتها، انتقدت الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني والمعترف بها دوليا، ما وصفته بتقاعس برلمان طرابلس عن التوقيع على مسودة الاتفاق السياسي التي اقترحتها بعثة الأمم المتحدة، وتم التوقيع عليها بالأحرف الأولى من جانب وفد مجلس النواب الشرعي.
ودعت حكومة الثني الأمم المتحدة وبعثتها إلى ممارسة الضغوط على برلمان طرابلس لإجباره على التوقيع على مسودة الحوار، أو اعتباره طرفا خارجا عن القانون ومعطلا لمسار الحوار والتوافق والتصالح الوطني.
كما حملت الحكومة الانتقالية المجتمع الدولي المآسي التي يعيشها الشعب الليبي، معربة عن استغرابها لعدم اكتراثه للأوضاع وتردده. كما حثت حكومة الثني المجتمع الدولي على تطبيق ما صدر عن اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مؤخرا بشأن فرض عقوبات، في حق معرقلي الحوار ورفع مذكرات اعتقال لهم، وكذا ملاحقتهم قانونيا، وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.