أوديسا تتحصن تحسباً لهجوم روسي من جهة الغرب

اشتداد المعارك حول باخموت... وموسكو تعلن «طرد» وحدات أوكرانية توغلت داخل الحدود

يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» الخاصة في مقطع بالزي العسكري  يدعي من مكان غير محدد في باخموت محاصرة المدينة بالكامل ويطالب كييف بسحب قواتها (أ.ف.ب)
يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» الخاصة في مقطع بالزي العسكري يدعي من مكان غير محدد في باخموت محاصرة المدينة بالكامل ويطالب كييف بسحب قواتها (أ.ف.ب)
TT

أوديسا تتحصن تحسباً لهجوم روسي من جهة الغرب

يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» الخاصة في مقطع بالزي العسكري  يدعي من مكان غير محدد في باخموت محاصرة المدينة بالكامل ويطالب كييف بسحب قواتها (أ.ف.ب)
يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» الخاصة في مقطع بالزي العسكري يدعي من مكان غير محدد في باخموت محاصرة المدينة بالكامل ويطالب كييف بسحب قواتها (أ.ف.ب)

رغم تركُّز الأنظار على تطورات الوضع في جنوب شرقي أوكرانيا، خصوصاً حول مدينة باخموت الاستراتيجية في إقليم دونيتسك، حيث تدور معارك ضارية للسيطرة عليها منذ أسابيع، تزايدت المخاوف الأوكرانية من شن هجوم مباغت من جهة الغرب، باتجاه مدينة أوديسا، وهي المدينة الكبرى الوحيدة على البحر الأسود التي أخفقت محاولات روسيا للسيطرة عليها، منذ بدء العملية العسكرية في فبراير (شباط) من العام الماضي.
وأعلن الجمعة، مستشار رئيس الإدارة العسكرية في أوديسا، سيرغي براتشوك، تسريع وتيرة عمليات «تحصين» المدينة، لمنع تعرضها لهجوم. وقال إن «إجراءات لمكافحة التخريب» يتم تنفيذها في المنطقة بهدف «تعزيز الأمن على حدود المنطقة».
وكشف براتشوك عن أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عقد الخميس اجتماعاً بمقر القائد الأعلى للقوات المسلحة، استمع خلاله إلى تقرير قدمته القوات البرية للجيش الأوكراني في أوديسا عن الوضع في الاتجاه الجنوبي الغربي. وزاد المسؤول العسكري الأوكراني أن سلسلة خطوات تم اتخاذها أخيراً، بهدف «تغطية جميع أقسام حدود الولاية التي تمر عبر أراضي منطقة أوديسا بشكل آمن». وتوقف بشكل خاص عند «التهديدات التي تتعلق بالوضع في ترانسنيستريا (بريدنوستروفيه) غير المعترف بها»، في إشارة إلى الإقليم الانفصالي المولدافي الملاصق من جهة الغرب لأوديسا، الذي تتمركز فيه قوات روسية. وقال براتشوك: «لا ألمح إلى أي شيء، أنا فقط أؤكد أن التدابير المضادة لأي عملية تخريب في منطقتنا مستمرة، وهي فعالة، وسوف نقدم مزيداً من التفاصيل لاحقاً». وأشار إلى أن الوضع الأمني العملياتي في منطقة أوديسا لم يتغير كثيراً، ومع ذلك، حسب قوله، فإن «قوات الدفاع لديها ما تفعله».
وكان مسؤول دائرة الحدود الأوكرانية أندريه ديمشينكو قد قال قبل أيام إن الجيش الأوكراني يقوم ببناء تحصينات على الحدود مع إقليم ترانسنيستريا.
وتصاعدت وتيرة التوتر في هذه المنطقة خلال الأيام الأخيرة، وأعلن الجيش الأوكراني قبل يومين، أن روسيا تنشر سفناً إضافية في البحر الأسود، في إشارة إلى مخاوف من تصعيد عسكري محتمل في المنطقة.
ونقلت صحيفة «كييف إندبندنت» المحلية عن القيادة الجنوبية الأوكرانية الأربعاء الماضي، أن عدد السفن الروسية في البحر الأسود ارتفع حالياً إلى 17 سفينة، بما في ذلك خمس حاملات صواريخ وغواصتان.
وجاءت التطورات بعدما كانت وزارة الدفاع الروسية قد اتهمت كييف الأسبوع الماضي، بتحضير «استفزاز عسكري» ضد إقليم بريدنوستروفيه، وقالت الوزارة إن «قوات كييف تستعد لغزو جمهورية ترانسنيستريا بدعوى منع زحف الجيش الروسي على أوكرانيا من هناك».
وعززت هذه الاتهامات فرضية التوجه الروسي لإطلاق مرحلة جديدة من الصراع بمشاركة الانفصاليين المولدافيين الموالين لموسكو. وتكمن أهمية فتح هذه الجبهة في السعي إلى تعقيد الموقف أكثر أمام كييف، من خلال توسيع رقعة المواجهات من ناحية، والعمل بشكل مباشر على محاولة السيطرة على ميناء أوديسا في أقصى غرب البلاد من ناحية أخرى، علماً بأن هدف السيطرة على أوديسا كان دائماً مطروحاً على أجندة الأهداف الروسية، لكن تعثر العمليات العسكرية في خيرسون ونيكولايف المجاورة منع من التقدم نحو الميناء الأوكراني الاستراتيجي.
لم توضح التصريحات الروسية عن استهداف أوكراني لإقليم بريدنوستروفيه المولدافي، كيف يمكن فهم أن تقوم كييف بمغامرة من هذا النوع، يمكن أن تفتح جبهة جديدة ضدها، لكن وزارة الدفاع الروسية قالت إن الجانب الروسي «سجّل حشوداً عسكرية كبيرة لقوات كييف، وقيامها بنشر قوات المدفعية والعربات المدرعة على الحدود مع ترانسنيستريا، فضلاً عن زيادة غير مسبوقة في تحليق الطائرات المسيّرة فوق المنطقة». وأضافت الوزارة: «يشكل مثل هذا الاستفزاز تهديداً مباشراً لقوات حفظ السلام الروسية في ترانسنيستريا»، وشددت على أن الجيش الروسي سوف «يرد بشكل مناسب على الاستفزاز المحتمل من الجانب الأوكراني».
وكان عدد من الجنرالات الروس قد كشفوا منتصف العام الماضي عن أن الوصول إلى بريدنوستروفيه يشكل «الاستكمال الطبيعي للعملية العسكرية بعد إحكام السيطرة على أوديسا». لكن خبراء عسكريين رأوا أخيراً، أن تعثر العملية العسكرية في مناطق الجنوب الأوكراني دفع موسكو، من ضمن خطوات إعادة النظر في تكتيكاتها العسكرية، إلى تفضيل تحرك معاكس، يقوم على استخدام الوجود العسكري الروسي في الإقليم المولدافي الانفصالي للهجوم من جهة الغرب على أوديسا.
وعلى صعيد آخر، أعلنت هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسي الجمعة، أن قواتها نجحت في طرد القوميين الأوكرانيين، الذين قاموا بالتوغل داخل الأراضي الروسية في منطقة بريانسك الخميس. وأفاد بيان أمني بأن المجموعة «أبعدت إلى أراضي أوكرانيا، وتلقت هناك ضربة قوية بالمدفعية الروسية». وزاد البيان: «نتيجة التدابير المتخذة، تم إيقاف هجوم القوميين الأوكرانيين في مقاطعة كليموفسكي في منطقة بريانسك. وتجنباً لوقوع إصابات في صفوف المدنيين، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية المدنية، تم حشر العدو وإبعاده إلى أراضي أوكرانيا، حيث تم توجيه قصف مدفعي مكثف».
وكانت موسكو قد اتهمت «مجموعة تخريبية أوكرانية» بالتسلل إلى أراضي منطقة بريانسك الحدودية، وفي قرية لوبشاني التي تبعد عن الحدود أقل من كيلومتر واحد أطلق المسلحون النار على سيارة؛ ما أسفر عن مقتل اثنين من المدنيين. وبالإضافة إلى ذلك، في قرية سوشاني، اشتعلت النيران في مبنى سكني بسبب قذيفة أسقطتها طائرة من دون طيار. وقالت موسكو لاحقا إن «المجموعة التخريبية» التي قدر عدد أفرادها بخمسين شخصاً احتجزت 6 رهائن مدنيين داخل أحد المتاجر في البلدة. ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي الحادث بأنه «هجوم إرهابي»، وتعهد برد قوي على من «يستهدفون المدنيين».
وشددت هيئة الأمن الفيدرالي الجمعة على «استعادة السيطرة على البلدة»، وقالت إن «خبراء الألغام يقومون بتمشيط المنطقة، وتم العثور على عدد كبير من العبوات الناسفة من طرازات مختلفة».
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الجمعة إن موسكو «ستتخذ إجراءات» لمنع تسلل عناصر أوكرانيين مستقبلاً، مضيفاً: «سيتم التوصل إلى استنتاجات في نهاية التحقيق». ونفت الرئاسة الأوكرانية هذه المزاعم، ورأتها تمثل «استفزازاً متعمداً» يهدف إلى تبرير الغزو الجاري منذ أكثر من عام.
وفي مقطعي فيديو تم نشرهما على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لم يتم التأكد من صحتهما، ادعى أربعة رجال يرتدون زياً عسكرياً أنهم نفذوا عملية التوغل، وقدموا أنفسهم على أنهم أعضاء في مجموعة من «المتطوعين الروس» داخل الجيش الأوكراني. وأوردت وسائل إعلام روسية وأوكرانية أن أحد هؤلاء الرجال هو دينيس نيكيتين، وهو نازي روسي جديد يقيم في أوكرانيا منذ سنوات.
وعلى صعيد المعارك الطاحنة في باخموت، باعتراف طرفي النزاع، قال يفغيني بريغوجين رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة في فيديو نُشر أمس الجمعة، إن مدينة باخموت الأوكرانية أصبحت في حكم المحاصرة بالكامل، وإن قوات كييف ليس أمامها إلا طريق واحد للخروج. وطالب بريغوجين، الذي ظهر في المقطع مرتدياً زياً عسكرياً، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسحب قواته من المدينة الصغيرة. وقال: «وحدات الشركة العسكرية الخاصة (فاغنر) حاصرت تقريباً باخموت، ولم يعد هناك سوى طريق واحدة (مفتوحة للقوات الأوكرانية)، والأمور تزداد إحكاماً». وأضاف أن قواته أصبحت تقاتل بشكل متزايد أفراداً من كبار السن والأطفال وليس الجيش الأوكراني المحترف. وظهر في الفيديو لاحقاً من بدوا أنهم ثلاثة أسرى أوكرانيين، أحدهم رجل مسن، والآخران طفلان صغيران، وبدا على ملامحهم الذعر، وطلبوا السماح لهم بالعودة إلى ديارهم. ونشر بريغوجين الخميس فيديو آخر أظهر مقاتليه داخل وسط باخموت. وتمكنت «رويترز» من تحديد الموقع الجغرافي للتصوير، واتضح أنه إلى الشرق من باخموت على مسافة كيلومترين من وسط المدينة.
ولم تذكر هيئة الأركان العامة الأوكرانية أي تفاصيل عن الوضع في باخموت الجمعة، واكتفت بالإشارة إلى أن الجيش صدّ 85 هجوماً روسياً على الجبهة بأكملها خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، إلا أن المتحدث باسم القيادة الشرقية للجيش الأوكراني سيرغي تشريفاتي نفى في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء انسحاب قواته من باخموت. وقد حاول العسكريون الأوكرانيون الذين قابلهم الصحافيون الفرنسيون في المدينة مؤخراً أن يظلوا متفائلين، فيما أفاد آخرون بنقص في الرجال والذخيرة والمدفعية.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيرة هجومية بدعم من الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا ضابط من الشرطة الروسية - أرشيفية (رويترز)

روسيا تحاكم أميركياً عمره 72 عاماً بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا

يحاكم أميركي في الـ72 من العمر منذ الجمعة في موسكو بتهمة القتال كـ«مرتزق» لحساب أوكرانيا، على ما أفادت به وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية للأنباء التي حضرت الجلسة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

هل تهديدات بوتين «النووية» جدية؟ وكيف يمكن لـ«ناتو» الرد عليها؟

طرحت مجلة «نيوزويك» الأميركية سؤالاً على خبراء بشأن خيارات المتاحة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للرد على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم فولوديمير زيلينسكي يصافح كامالا هاريس (رويترز)

هاريس: تنازل أوكرانيا عن أراض هو صيغة للاستسلام وليس السلام

أكّدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس التي تتنافس مع دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن «دعمها للشعب الأوكراني راسخ».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

واشنطن: تهديدات بوتين النووية الجديدة «غير مسؤولة على الإطلاق»

عدَّ وزير الخارجية الأميركي، الخميس، التهديدات الجديدة للرئيس الروسي بشأن الأسلحة النووية «غير مسؤولة على الإطلاق»، بعد إعلانه خططاً لتوسيع استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
TT

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)

أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، الأربعاء، نداء مشتركا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان حيث يهدّد النزاع الدائر بين إسرائيل وحزب الله بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو كشف خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، عن اقتراح مشترك مع الولايات المتحدة لإرساء وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة.

وقال بارو خلال الجلسة التي عُقدت بطلب من بلاده إنّه "في الأيام الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوما لإفساح المجال أمام المفاوضات". وأضاف أنّ هذا المقترح "سيتم الإعلان عنه سريعا ونحن نعوّل على قبول الطرفين به".

وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله "ليس حتميا" بشرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع. وحذّر بارو من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة". وأضاف أنّ "التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه". وإذ ذكّر الوزير الفرنسي بأنّ لبنان يعاني منذ ما قبل التصعيد الراهن من حالة "ضعف كبيرة" بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها، حذّر من أنّه في حال اندلعت فيه "حرب فهو لن يتعافى منها".

ويبدو الوضع الحالي بين حزب الله وإسرائيل وكأنه وصل إلى طريق مسدود، إذ يشترط الحزب المسلح المدعوم من إيران وقف الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة لكي يوقف هجماته على الدولة العبرية التي تشترط من جهتها انسحابه بعيدا عن حدودها لكي توقف هجماتها ضدّه.وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، قال الوزير الفرنسي "فلنستفد من وجود العديد من القادة في نيويورك لفرض حلّ دبلوماسي وكسر دائرة العنف". وتأتي هذه المبادرة الفرنسية-الأميركية بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأعلن البيت الأبيض أنّ بايدن التقى ماكرون في نيويورك "لمناقشة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع حرب أوسع نطاقا". وأتى هذا اللقاء بعدما حذّر بايدن من أنّ اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط هي "أمر محتمل"، بينما دعا ماكرون "إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق النار".

وقال الرئيس الفرنسي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ حزب الله على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف"، معتبرا في الوقت نفسه أنّه لا يمكن للدولة العبرية "أن توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب". وشدّد ماكرون في كلمته على أنّه "لا يمكن أن تكون هناك حرب في لبنان".

وتزامنت هذه التحذيرات مع إعلان الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنّه يستعد لشنّ هجوم برّي محتمل على لبنان لضرب حزب الله الذي يزيد يوما تلو الآخر وتيرة قصفه للأراضي الإسرائيلية. والأربعاء اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية صاروخا بالستيا أطلقه حزب الله باتجاه تل أبيب، في سابقة من نوعها منذ بدء النزاع بين الطرفين قبل حوالى عام، إذ لم يسبق للحزب المدعوم من إيران أن قصف الدولة العبرية بصاروخ بالستي كما أنها المرة الأولى التي يوجّه فيها نيرانه إلى تل أبيب.

وفي مستهلّ جلسة مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"، مؤكدا أنّ "الجهود الدبلوماسية تكثفت للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار".

من ناحيته، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل بدء الاجتماع من أنّ الشرق الأوسط "على شفير كارثة شاملة"، مؤكدا أنّ بلاده ستدعم لبنان "بكل الوسائل". بالمقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنّ الدولة العبرية تفضّل استخدام القنوات الدبلوماسية لتأمين حدودها الشمالية مع لبنان، لكنها ستستخدم "كل الوسائل المتاحة" إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.