وفد دبلوماسي تركي في كردستان.. والعمال الكردستاني «باق في حالة الدفاع» ضد الهجمات التركية

وحدات شرق كردستان في إيران تعلن مقتل 4 جنود إيرانيين خلال الشهر الحالي

وفد دبلوماسي تركي في كردستان.. والعمال الكردستاني «باق في حالة الدفاع» ضد الهجمات التركية
TT

وفد دبلوماسي تركي في كردستان.. والعمال الكردستاني «باق في حالة الدفاع» ضد الهجمات التركية

وفد دبلوماسي تركي في كردستان.. والعمال الكردستاني «باق في حالة الدفاع» ضد الهجمات التركية

واصل الوفد الدبلوماسي التركي الذي يترأسه نائب وزير الخارجية التركي فريدون سينرلي جولته في إقليم كردستان، حيث اجتمع الوفد مع الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير في محافظة السليمانية. وكشف الصحافي الكردي المقرب من حزب العمال الكردستاني دياري محمد، لـ«الشرق الأوسط» أن «وفد الخارجية التركي يسعى من خلال اجتماعاته مع الأحزاب الكردستانية في الإقليم لإيصال رسالة تركيا إلى حزب العمال الكردستاني، تتضمن مطالبة الحزب بالتخلي عن السلاح مقابل العودة إلى عملية السلام، لكن حزب العمال الكردستاني رد منذ وقت طويل على مطلب الدولة التركية هذا، بأن التخلي عن السلاح يكون عندما تطلق أنقرة سراح زعيم الحزب المعتقل من قبل تركيا عبد الله أوجلان».
وبالتزامن مع التصعيد بين أنقرة والعمال الكردستاني، أعلنت أمس وحدات شرق كردستان الجناح العسكري لحزب الحياة الحرة الكردستاني المعارض في إيران شرق كردستان (كردستان إيران)، عن تنفيذها عدة عمليات نوعية ضد الجيش الإيراني خلال الشهر الحالي. وقال آرفين أحمد بور، مسؤول العلاقات في المنظومة، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أربعة أشهر وحتى الآن تحشد الحكومة الإيرانية قواتها في المناطق الكردية، وتدفع بالكثير من الأسلحة والمعدات إلى هذه المناطق. وفي هذا الإطار نصبت القوات الإيرانية الكمائن ونفذت الكثير من العمليات العسكرية ضد مقاتلينا، واندلعت على أثر هذه التحركات الإيرانية خلال الشهر الحالي اشتباكات بين مقاتلينا والجيش الإيراني، وأسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل أربعة عناصر من القوات الخاصة الإيرانية. وقد أكدنا من قبل أن أي محاولة من قبل إيران لعسكرة كردستان ستقابل برد من قبلنا، وعلى ضوء هذا هاجمت وحدات شرق كردستان المعسكرات التي أنشأها الجيش الإيراني حديثا في منطقة كامياران وديوان برا»، مضيفا أن العمليات العسكرية لمقاتلي الحزب استهدفت الجيش الإيراني في محافظات ورمي (أذربيجان الغربية) وكردستان وكرمانشاه، مبينا أن الجيش الإيراني بدأ عمليات عسكرية أمس في القرى التابعة لمدينة سردشت المحاذية لجبال قنديل المعقل الرئيسي لحزب العمال الكردستاني، دون حدوث أي اشتباكات بين الجانبين.
إلى ذلك قتل شرطي تركي ومدني في هجوم في جنوب شرقي البلاد تمت نسبته إلى المتمردين الأكراد الذين استأنفوا منذ الأسبوع الماضي عملياتهم ضد السلطات، وفق ما نقلت وسائل إعلام تركية أمس الخميس. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن الشرطي كان جالسا الأربعاء أمام مقهى في مدينة تشينار في جنوب شرقي البلاد ذات الغالبية الكردية، حيث أطلق مسلحون النار عليه من سيارة، وفق ما نقلت وكالتا الأناضول ودوغان للأنباء. وأصيب مدني قريب من مكان الحادث جراء تبادل إطلاق النار. وتوفي الرجلان تأثرا بإصاباتهما في مستشفى ليلا. كذلك، أصيب مدني ثان بجروح.
ذكر شهود عيان أمس من إقليم شرناخ (جنوب شرقي تركيا) أن أكثر من ثلاثة جنود أتراك قتلوا وأصيب عدد آخر في هجوم شنه مقاتلو حزب العمال الكردستاني على ثكنة عسكرية تركية، فيما أكدت منظومة المجتمع الديمقراطي الكردستاني الذي يضم تحت جناحه حزب العمال الكردستاني وأحزابا ومنظمات كردية أخرى في تركيا، إنها ما زالت في حالة دفاع مشروعة ضد الهجوم التركي ولم تعلن الحرب على أنقرة بعد.
وقال شهود عيان في اتصال مع «الشرق الأوسط» من إقليم شرناخ في كردستان تركيا أمس، إن مقاتلين من حزب العمال الكردستاني هاجموا ثكنة للجيش التركي في إقليم شرناخ، وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من ثلاثة جنود أتراك وإصابة آخرين بجروح، وأكد الشهود أنهم شاهدوا مروحيات عسكرية تركية تنقل القتلى والجرحى. من جهتها أكدت قوات حماية الشعب، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، أنها ستواصل الرد على الهجوم التركي داخل الأراضي التركية. وقال بختيار دوغان، الناطق الرسمي لقوات حماية الشعب لـ«الشرق الأوسط»: «الطائرات التركية تواصل هجماتها يوميا على مواقع قواتنا، ومقابل هذه الهجمات لنا حق الدفاع المشروع أمام تلك الهجمات التي تطالنا.. أنقرة تهاجمنا في إقليم كردستان، ونحن نرد عليها في كردستان تركيا ونهاجم معسكرات الجيش التركي هناك، وألحقنا خلال تلك الهجمات خسائر فادحة بهم».
وعن دور العمال الكردستاني في تفجير أنبوب نقل النفط بين إقليم كردستان العراق وتركيا، نفى دوغان علاقتهم بالهجوم، وقال: «نحن فجرنا أنبوب نقل الغاز بين إيران وتركيا، ولم ننفذ أي عملية ضد نفط إقليم كردستان، وليست لدينا أي مشكلة مع الإقليم والعراق كي نهاجم مصالحهم، فحربنا مع تركيا فهي تلحق بنا الأذى ونحن نرد عليها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.