آلام الدورة الشهرية... أسباب أولية وأخرى متقدمة

خطوات لتشخيصها ومعالجتها

آلام الدورة الشهرية... أسباب أولية وأخرى متقدمة
TT

آلام الدورة الشهرية... أسباب أولية وأخرى متقدمة

آلام الدورة الشهرية... أسباب أولية وأخرى متقدمة

تصف المصادر الطبية عُسْر الطمْث Dysmenorrhea بأنه تَشنُّجات تتسبب في آلام خافِقة في الجُزء السُّفلي من البطن. وتحصل قبل فترات الحيض مُباشرة وفي أثنائها.
ولدى بعض النساء، يكون الألم مُزعجاً فقط. وعند البعض الآخر منهن، يُمكن أن تكون تشنُّجات الطمْث حادَّة، بما يجعلها تعرقِل الأنشطة اليومية لبضعة أيام في كل شهر.

آلام الدورة الشهرية

يبدأ هذا الألم من 1 إلى 3 أيام قبل حيض الدورة الشهرية، ويَصل لذروته بعد بدايته بـ24 ساعة، ثم تنحسر الأعراض من 2 إلى 3 أيام بعد ذلك. ويضيف أطباء النساء في «مايوكلينيك»: «ومن الأعراض الأخرى وجع مستمر ورتيب، وألم يَمتد ليَشمل أسفل الظهر والفخذين. كما يَشعر بعض النساء أيضاً بالغثيان وليونة البراز والصداع والدوَار».
والحيض Menstruation يعد جزءاً طبيعياً من حياة كل امرأة في عمر الإنجاب، وهو ضروري لتجديد بطانة الرحم لتحضيرها للحمل. ويصاحبه بحد ذاته أعراض عدة مزعجة للمرأة. ولكن هذه الآلام وفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تختلف عما يُعرف طبياً بحالة المتلازمة السابقة للحيض Premenstrual Syndrome؛ لأن أعراض متلازمة ما قبل حيض الدورة الشهرية، هي تلك التي عادة ما تبدأ بعد اليوم الثالث عشر من الدورة الشهرية، وتتفاوت في الشدة، وتختلف عن أعراض فترة الحيض الفعلي.
والطبيعي خلال مرحلة طمث حيض الدورة الشهرية، حصول انقباضات عضلية في الرحم. وهذه الانقباضات ضرورية لإخراج الدم والخلايا الملتصقة ببطانة الرحم. وتعمل إحدى المواد الشبيهة بالهرمونات (تُسمى البروستاغلاندين) على تنشيط حدوث التقلصات العضلية تلك في الرحم، مما يؤدي إلى تساقط بطانة الرحم. وكلما كانت مستويات مواد «البروستاغلاندين» أعلى، تسبب ذلك في حصول تقلصات أكثر حدة خلال فترة الحيض.

أنواع عسر الطمث
ووفق ما تذكره مصادر طب النساء والتوليد، ثمة نوعان من عُسر طمث الحيض:
> عسر الطمث الأولي Primary Dysmenorrhea، وهو النوع الأول الذي يحدث نتيجة الدورة الشهرية وحدها. أي أنه لا توجد حالات مرضية أخرى تتسبب في آلام مضاعفة وتفوق المتوقع أو المعتاد.
ويعتقد الباحثون أن ارتفاع إفراز «البروستاغلاندين» هو الذي يتسبب في عُسر الطمث الأولي. وتكون انقباضات الرحم في أقوى حالاتها خلال اليومين الأولين من فترة الطمث، نتيجة الزيادة في إطلاق الجسم لمركبات «البروستاغلاندين». ومعلوم أن كمية «البروستاغلاندين» التي يطلقها الجسم ترتبط بشدة بهذه الانقباضات، وبالتالي شدة آلام حيض الدورة الشهرية.
ولكن قد تُساهم عوامل أخرى في تفاقم هذه المعاناة، مثل:
- العمر أقل من 30 سنة.
- بدء مرحلة البلوغ بشكل مبكر، في عمر 11 عاماً أو أصغر.
- غزارة نزيف الحيض خلال الدورة الشهرية.
- التدخين.
- الضغط النفسي.
- القلق أو الاكتئاب.
- زيادة الوزن.
- خلال فترات محاولة إنقاص الوزن.
- تاريخ عائلي لهذه المشكلة.

عسر الطمث المتقدم
> عُسر الطمث المتقدّم Secondary Dysmenorrhea، وهو النوع الثاني الذي يحصل نتيجة لحالة طبية أخرى. ومن أمثلة الحالات التي يمكن أن تسبب عسر الطمث المتقدم:
1. انتباذ بطانة الرحم Endometriosis. وهذه حالة تؤدي إلى نمو أنسجة الرحم نفسه خارج الرحم. أي تنمو الأنسجة المشابهة لبطانة الرحم خارجه، ويكون ذلك على الأغلب على قناتَي فالوب أو الـمِبيَضين، أو الأنسجة المُبطِنة للحوض. وتعتبر الدورات الشهرية المؤلمة من الأعراض الرئيسية.
2. تضيّق عنق الرحم. هناك بعض النساء اللاتي تكون فتحة عنق الرحم لديهن صغيرة، لدرجة تعيق تدفق الحيض، ما يؤدي إلى زيادة مؤلمة في الضغط داخل الرحم.
3. نمو في الرحم Uterine Growths. ويمكن أن تسبب الأورام الليفية Fibroids والتكيسات Cysts والأورام الحميدة Polyps، ألماً متزايداً أثناء فترات الدورة الشهرية، إضافة إلى مزيد من آلام البطن التي تحدث في غير فترة الحيض نفسها؛ حيث يمكن أن يحصل انتفاخ البطن والإمساك وآلام أسفل الظهر.
4. العضال الغدي Adenomyosis. وهذه الحالة المرضية تحدث عندما تخترق وتتغلغل أنسجة بطانة الرحم، في منطقة جدار عضلات الرحم. أي داخل نطاق الرحم نفسه، مما يتسبب في حدوث تقلصات وضغط وانتفاخ قبل الدورة الشهرية نتيجة «انزعاج» و«تضايق» عضلة الرحم من وجود هذه الأنسجة داخلها.
5. مرض التهاب الحوض PID. وهو التهاب ميكروبي في مناطق الرحم وأعضاء الحوض.
6. الاختلافات الهيكلية Structural Differences. وهي من العوامل المهمة؛ لأن بعض النساء يُولدن باختلافات هيكلية في بنية أرحامهن، أو في موضع الرحم داخل تجويف الحوض، وبالقرب من الأعضاء الأخرى الموجودة فيه، وهو ما قد يتسبب في فترات حيض أكثر صعوبة.
7. استخدام اللولب الرحمي IUD. وهو من وسائل منع الحمل التي يتم إدخالها في الرحم، ولكن بعض النساء يشكين آنذاك من زيادة آلام الدورة الشهرية. والغالب أن سبب ذلك هو تسبب انقباضات الرحم في الضغط على أجزاء اللولب، ويؤدي ذلك إلى عدم راحة الرحم.

تشخيص ومعالجة آلام الطمث
> عند تشخيص حالات آلام الطمث، يفيد أطباء النساء في «مايوكلينيك» بالقول: «سيراجع الطبيب تاريخك المرضي، ويجري لك فحصاً بدنياً يشمل فحص الحوض. وقد يوصي الطبيب أيضاً بإجراء فحوص معيّنة، منها:
• التصوير بالموجات فوق الصوتية، لتكوين صورة للرحم وعنق الرحم وقناتي فالوب والمِبيَضين.
• الاختبارات التصويرية الأخرى؛ حيث يوفر التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي تفاصيل أكثر من التصوير بالموجات فوق الصوتية، ويمكن أن يساعدا طبيبك في تشخيص الحالات المرضية الكامنة.
• تنظير البطن. فعلى الرغم من أن تنظير البطن لا يكون في العادة ضرورياً لتشخيص التقلصات المصاحبة للدورة الشهرية، فإنه يمكن أن يساعد في اكتشاف الحالة الكامنة وراءها، مثل انتباذ بطانة الرحم، والالتصاقات، والأورام الليفية، وتكيسات المبيض، والحمل خارج الرحم».
والتعامل مع حالات عُسر طمث الحيض يتطلب أولاً ممارسة السلوكيات الصحية في الحياة اليومية. وهي التي بمجموعها تُسهم إلى حد كبير في تهيئة المرأة لفترة الطمث، وتعاملها معها بحالة نفسية أفضل، وكذلك حالة بدنية أفضل لتتكيف مع تغيرات هذه الفترة. ومنها:
- أخذ قسط كافٍ من النوم الليلي.
- تخفيف أداء المجهود البدني.
- الالتزام بالراحة وممارسة الأنشطة اليومية بشيء من الهدوء.
- التعود على ممارسة النشاط البدني، بما في ذلك التمارين الرياضية بانتظام، يساعد في تخفيف تقلُّصات الحيض لدى بعض النساء.
- استخدام الحرارة، كمغطس الحمام الدافئ، أو استخدام وسادة التدفئة، أو زجاجة الماء الساخن، أو اللاصقة الحرارية، على أسفل البطن، يؤدي بشكل واضح إلى تخفيف تقلصات الحيض.
- من ضمن نصائح أطباء «مايوكلينيك» قولهم: «جربي المكمِّلات الغذائية؛ حيث أشار عدد من الدراسات إلى أن فيتامين (إي) E، والأحماض الدُهنية (أوميغا 3)، وفيتامين (بي-1) الثيامين، وفيتامين (بي-6)، ومكملات المغنيسيوم، قد تقلِّل من تقلصات الحيض».
ولتخفيف حدة التقلصات الحيضية المؤلمة، قد ينصح الطبيب باستخدام مسكِّنات الألم المتاحة دون الحاجة إلى وصفة طبية، بجرعات منتظمة، بدءاً من اليوم الذي يسبق الموعد المُتوقع لبداية الدورة الشهرية، مثل «أيبوبروفين» أو «نابروكسين». والاستمرار في تناول الدواء كما هو محدَّد لمدة يومين أو 3 أيام، أو حتى تختفي الأعراض. ويضيف أطباء «مايوكلينيك»: «الوسائل الهرمونية لتنظيم النسل (حبوب تنظيم النسل عن طريق الفم) تحتوي على هرمونات تمنع الإباضة، وتقلل من شدة التقلصات الحيضية المؤلمة. ويمكن أيضاً استخدام الوسائل الهرمونية هذه بعدة أشكال أخرى كما يلي: الحَقن، أو اللصيقة الجلدية، أو غرسة (شريحة) تُزرَع تحت جلد الذراع، أو حلقة مرنة تدخلينها في المهبل، أو عن طريق تثبيت اللولب الرحمي». وعند تشخيص وجود حالات مرضية تزيد من تفاقم المشكلة، أي عُسر الطمث المتقدّم، تكون معالجة هذه الحالات إحدى أولويات العمل على تخفيف آلام الحيض.

* استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

دراسة: علامات سرطان الرئة يمكن اكتشافها من الزفير

صحتك يعد سرطان الرئة السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان في جميع أنحاء العالم ويرجع ذلك في الغالب إلى التدخين (أرشيفية - رويترز)

دراسة: علامات سرطان الرئة يمكن اكتشافها من الزفير

قد تتمكن أجهزة فائقة الحساسية في يوم من الأيام من اكتشاف سرطان الرئة من خلال أنفاس شخص ما.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك قطع من حلوى الدونتس في الولايات المتحدة (أرشيفية - رويترز)

بحث جديد: أحماضنا النووية مسؤولة عن شراهتنا للسكريات

إذا كنت تميل إلى تناول السكريات بشكل دائم فقد يكون الحمض النووي الخاص بك هو المسؤول عن ذلك، وفق بحث جديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المكسرات أطعمة غنية بالطاقة وبالعناصر الغذائية والمركبات المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة (أرشيفية - رويترز)

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

وجدت دراسة أجريت على أكثر من 50 ألف مشارك في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يتناولون حفنة من المكسرات كل يوم قد يخفضون من خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

توصل باحثون من آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية تؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون.

«الشرق الأوسط» (دبلن)

السمنة تزيد وفيات مرضى القلب في أميركا بنسبة 180 %

توصيات بممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على وزن صحي (رويترز)
توصيات بممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على وزن صحي (رويترز)
TT

السمنة تزيد وفيات مرضى القلب في أميركا بنسبة 180 %

توصيات بممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على وزن صحي (رويترز)
توصيات بممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على وزن صحي (رويترز)

أظهرت دراسة أميركية أن وفيات أمراض القلب الإفقارية المرتبطة بالسمنة في الولايات المتحدة، زادت بنسبة 180 % بين عامي 1999 و2020.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تعكس ازدياد خطورة السمنة بوصفها عامل خطر رئيسياً لأمراض القلب، وستعرض في مؤتمر جمعية القلب الأميركية 2024، الذي سيعقد في شيكاغو من 16 إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وتعد السمنة من أبرز العوامل المؤدية إلى أمراض القلب، حيث تسهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب الإقفارية مثل النوبات القلبية.

وتؤدي السمنة إلى تراكم الدهون في الجسم؛ ما يرفع مستويات الكوليسترول وضغط الدم، ويزيد من احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني واضطرابات النوم، وكلها عوامل تسهم في تدهور صحة القلب.

وخلال الدراسة، حلل الباحثون بيانات من قاعدة بيانات تابعة للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، والتي تغطي الفترة من 1999 إلى 2020، لدراسة الوفيات المرتبطة بأمراض القلب الإقفارية الناتجة عن السمنة.

ووجدوا أن معدل الوفيات بسبب هذه الأمراض زاد بنسبة 5.03 في المائة سنوياً، حيث ارتفع المعدل بين الرجال من 2.1 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص في 1999، إلى 7.2 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص في 2020، بنسبة زيادة بلغت 180 في المائة.

وكانت أعلى معدلات الوفيات بين الرجال في الفئة العمرية من 55 إلى 64 عاماً، حيث ارتفعت من 5.5 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص في 1999، إلى 14.6 حالة وفاة في 2020. كما سجل الأميركيون من أصل أفريقي أعلى معدل للوفيات، حيث وصل إلى 3.93 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص.

ووفق النتائج، شهدت الولايات الوسطى أعلى معدلات الوفيات، حيث بلغ المعدل في هذه المناطق 3.3 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص، مقارنة بالولايات الشمالية الشرقية التي سجلت أدنى معدل (2.8 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص). كما كانت المناطق غير الحضرية تشهد أيضاً معدلات وفيات أعلى مقارنة بالمناطق الحضرية.

وأشار الباحثون إلى أن السمنة تشكل خطراً كبيراً على صحة القلب، وأن هذا الخطر يزداد بشكل سريع مع الزيادة المستمرة في معدلات السمنة.

وأكدوا أهمية اتخاذ خطوات لإدارة الوزن وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب، من خلال تغييرات في نمط الحياة مثل تناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والتعاون مع الأطباء لمراقبة صحة القلب.