«العم فازيا» الذي أنقذ حياة اليهود

حكاية روسية عن الحرب

«المحق»: الروسي الذي أنقذ اليهود (سنترال بارتنرشِب)

> يأتي «المحق» (Pravednik بالروسية) في وقته تماماً: فيلم عن قيام ضابط روسي اسمه نيكولاي كيزليوف قام بإنقاذ حياة نحو 200 بيلاروسي من مصير محتم على أيدي القوات النازية التي كانت قتلت العديد منهم عندما داهمت قرى المنطقة وجمعت المواطنين (معظمهم من اليهود) وقادتهم إلى قرية اسمها دولجينوفو. حسب مراجع تاريخية، أجبرت هؤلاء على دخول بناية تم إغلاق أبوابها ثم إضرام النار فيها.
الفيلم، الذي قام بإخراجه سيرغي أروسولياك، كان بدأ تصويره في مايو (أيار) سنة 2022 وبوشر بعرضه تجارياً على الشاشات الروسية في التاسع عشر من هذا الشهر منجزاً نجاحاً تجارياً لافتاً. وهو يسرد كيف تمكن الضابط الروسي من إنقاذ من استطاع الهرب إلى الغابات المحيطة بتلك القرى. معظم هؤلاء كانوا من النساء.
خطّة كيزليوف (أو العم فازيا كما أُطلق عليه) بدت مستحيلة، لكنها كانت الوحيدة المتاحة: هو وعدد محدود من أفراد الجيش الروسي الملتحقين به سيقودون المدنيين عبر منطقة على الحدود الروسية - البيلاروسية لم تشهد حرباً ولم يدخلها الجيش الألماني بسبب كونها كثيفة الأشجار ومليئة بالمستنقعات. منطقة خطرة من الصعب دخولها ومن الأصعب الخروج منها لكنها كانت السبيل الوحيد أمام الجميع.
لم يخل الأمر من دوريات تجوب الطرق القليلة المحيطة بها أو التي تمر بها. فوق ذلك، واجه الهاربون الجوع والبرد. وبما أن معظمهم من النساء والأطفال فإن تقدّمهم كان بطيئاً ومحسوباً. ساهم سكان المنطقة في سد حاجة هؤلاء من الطعام كلما كان ذلك ممكناً، لكن الرحلة ذاتها بقيت، كما يعرض الفيلم، محفوفة بالخطر.
«المحق» ينتمي إلى نوع المغامرات المأخوذة عن الواقع، لكن له جانب آخر. إذ انطلق إنتاجه بعد بدء الحرب الروسية - الأوكرانية وبوشر بعرضه في مطلع السنة الثانية منها، فإن الرسالة السياسية واضحة، وهي دور الروس في إنقاذ من استطاعوا إنقاذهم من اليهود الذين كان مُقدّراً لهم الاحتجاز في مخيمات النازيين.
في نهاية «قائمة شندلر» لستيفن سبيلبرغ (1993) يحرر الروس اليهود من الأسر في لفتة واقعية لم يشأ سبيلبرغ تجاهلها.
الفيلم الروسي يتناول عملية الإنقاذ منذ البداية وحتى النهاية عندما يكتشف الألمان وجود الناجين والقوّة الروسية. تقع معركة بين الفريقين، مما يتيح للعزّل استغلال الفرصة للهرب شرقاً قبل أن تنجح الفرقة الروسية بالتسلل إلى روسيا بدورها.
ستبقى رسالة الفيلم، وإلى أمد ما، بعيدة عن أعين المشاهدين الغربيين بسبب الحرب الدائرة اليوم، لكنه قد يجد سبلاً مختلفة لعروض عالمية بدءاً من الدورة المقبلة لمهرجان موسكو في الشهر المقبل.