خبراء الأمم المتحدة يدينون انقلابيي اليمن لإعاقتهم وصول المساعدات

سفينة حاويات تجارية راسية في ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون (رويترز)
سفينة حاويات تجارية راسية في ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون (رويترز)
TT

خبراء الأمم المتحدة يدينون انقلابيي اليمن لإعاقتهم وصول المساعدات

سفينة حاويات تجارية راسية في ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون (رويترز)
سفينة حاويات تجارية راسية في ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون (رويترز)

كشف التقرير الأخير الذي أعده فريق الخبراء التابعين لمجلس الأمن الدولي أن الانقلابيين الحوثيين جمعوا خلال فترة الهدنة أكثر من 270 مليار ريال يمني (الدولار حوالي 560 ريالاً) من عائدات الرسوم على الوقود الواصل عبر ميناء الحديدة، وهو مبلغ يكفي لصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الميليشيات لمدة 10 أشهر.
التقرير أكد أن الحوثيين يواصلون السيطرة على مصادر الدخل المشروعة وغير المشروعة، وهي الجمارك والضرائب والزكاة والإيرادات غير الضريبية والرسوم غير المشروعة، كما فرضوا ضريبة «الخمس» على كثير من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك قطاعات المعادن والنفط والمياه والصيد البحري، وذكر أن المستفيدين من الضريبة الجديدة هم عائلة الحوثي وكثير من الموالين لهم.
ووفق ما جاء في التقرير، فإن واردات النفط عبر ميناء الحديدة زادت بشكل كبير، في الفترة من 1 أبريل (نيسان) إلى 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث بلغ إجمالي عدد السفن الواصلة إلى الميناء 69 سفينة، ما أدى إلى حصولهم على إيرادات جمركية بنحو 271.935 مليار ريال يمني، ووصف ذلك بأنه انتهاك لاتفاقية ستوكهولم، بشأن الوضع في الحديدة واستخدام عائدات الميناء لصرف رواتب الموظفين.
الخبراء الأمميون أكدوا في تقريرهم أن الحوثيين لا يستخدمون هذه الإيرادات لدفع رواتب الخدمة العامة، وأنه رغم تلقي هذه الإيرادات الضريبية، يواصلون جني الرسوم غير القانونية من خلال شبكة التجار لديهم، وفي بعض الأحيان يختلقون ندرة مصطنعة للوقود من أجل خلق فرص لتجارهم لبيع النفط في السوق السوداء وتحصيل رسوم غير قانونية من هذه المبيعات.
مصادر وزارة المالية في الحكومة الشرعية ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن المبلغ المحصل من عائدات الوقود في ميناء الحديدة يغطي رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الميليشيات لمدة 10 أشهر حيث إن الاستحقاق الشهري يصل إلى 25 مليار ريال، لأن الجانب الحكومي ينفق مبلغاً مقارباً لذلك كنفقات رواتب شهرية لأكثر من نصف موظفي الجهاز المدني للدولة.
ووفق ما أوردته المصادر، فإن إضافة عائدات الضرائب والجمارك وغيرها من الجبايات إلى جانب عائدات ميناء الحديدة قادرة على تغطية رواتب الموظفين هناك بشكل مستمر، لكن الميليشيات تستخدم هذه المبالغ لصالح مقاتليها ولقياداتها المتنفذة.
وذكرت المصادر أنه منذ السماح بدخول شحنات الوقود عبر ميناء الحديدة تراجعت العائدات الجمركية في ميناء عدن بشكلٍ كبير، وتوقعت أن يزداد التراجع مع السماح بدخول سفن الحاويات التجارية، في وقت لا تزال الميليشيات الحوثية تطالب الحكومة بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، بمن فيهم منتسبو وزارتي الدفاع والداخلية.
الخبراء في تقريرهم قالوا إن العقارات «قطاع آخر يدر إيرادات كبيرة للحوثيين» الذين صادروا قسراً مساحات كبيرة من الأراضي والمباني خلال العام الماضي، كما أنهم يستخدمون أيضاً شركات اتصالات مختلفة لإرسال ملايين الرسائل لطلب الدعم والمساهمات المالية لمجهودهم الحربي.
وبالإضافة إلى ذلك، أكد الخبراء أن الحوثيين واصلوا حملتهم لتلقين الأطفال وتجنيدهم واستخدامهم في قواتهم، خلافاً لالتزاماتهم القانونية وخطة العمل الموقعة مع الأمم المتحدة في أبريل 2022 لمنع وإنهاء التجنيد وغيره من أشكال الخطورة.
وطبقاً لما جاء في التقرير، استمر العنف ضد العاملين في المجال الإنساني، والقيود المفروضة على حركة العاملين في هذا المجال وفي العمليات الإنسانية، والتدخل في الأنشطة من قبل الحوثيين وإعاقة إيصال المساعدات الإنسانية وتوزيعها على ملايين المدنيين الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدة أو الحماية. وأدان الخبراء الأمميون الاستخدام الواسع النطاق والعشوائي من قبل الحوثيين للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، ومعظمها في مناطق الخطوط الأمامية، إذ تسبب ذلك في إلحاق خسائر كبيرة بالمدنيين، ومعظمهم من النساء والأطفال، فضلاً عن تقييد وصول المساعدات الإنسانية وإعاقة عمليات الإغاثة.
الخبراء جزموا أن أطراف النزاع، ولا سيما الحوثيون، واصلوا ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك شن هجمات عسكرية عشوائية أو موجهة ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية. كما واصل الحوثيون إخضاع المدنيين للاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، مع عدم وجود آليات للمحاسبة أو دعم الناجين أو سبل الانتصاف لعائلات الضحايا.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.