ماذا يمكن أن تفعل بالبشر طفرة جديدة من «إنفلونزا الطيور»؟

ماذا يمكن أن تفعل بالبشر طفرة جديدة من «إنفلونزا الطيور»؟
TT

ماذا يمكن أن تفعل بالبشر طفرة جديدة من «إنفلونزا الطيور»؟

ماذا يمكن أن تفعل بالبشر طفرة جديدة من «إنفلونزا الطيور»؟

إنفلونزا الطيور أو ما يُعرف بـ«إتش 1 إن 1»ـ H1N1 هو مرض مميت، ولو أنّه لا يصيب البشر عملياً. وينتشر هذا المرض منذ عقود، ولكن لم تُسجّل بعد حالات انتقال من إنسان إلى آخر، بل نتجت حالات العدوى البشرية عن احتكاك الإنسان بطيور مريضة.
ولكن إذا أصاب المرض البشر، فستصل نسبة وفياته إلى 50 في المائة، أي النسبة نفسها التي يسببها فيروس «إيبولا»، و16 ضعف النسبة التي يسببها فيروس «كوفيد».
إصابات جديدة
ولهذا السبب؛ ولّدت موجات الانتشار الأخيرة، خصوصاً تلك التي طالت حيوانات من الثدييات (اللبائن)، مثلنا نحن البشر، مخاوف كبيرة لعالم لا يزال يعاني من توتّر ما بعد جائحة «كوفيد - 19». فمنذ بداية العام، سجّل المسؤولون الصحيون حلقات انتشار مقلقة عدّة. إذ لقي أكثر من 700 أسدٍ بحري مصرعهم في البيرو متأثرين بإنفلونزا الطيور التقطتها على الأرجح من احتكاكها بطيور البجع، التي مات الآلاف منها بسبب المرض أيضاً.
وفي مزرعة لحيوانات المنك في إسبانيا، انتشر الفيروس على نطاق واسع بين الثدييات. وأظهرت الفحوص التي أجريت على الفيروس في المزرعة التي على أكثر من 500 ألف منك، الذي أصابها أنّه شهد طفرة واحدة على الأقلّ جعلته أكثر قابلية للانتقال بين الثدييات؛ الأمر الذي اعتبر المؤشر الأخطر على قدرة هذا الفيروس على الانتشار بين البشر.
وفي 23 فبراير (شباط)، قتل الفيروس فتاة صغيرة في كمبوديا، ورُصد لدى والدها من دون تسجيل عوارض. ودفع هذا الأمر المجتمع الصحي العالمي إلى تحديد «هوية» الفيروس في وقتٍ قياسي.
في سياق دراسة موجات انتشار إنفلونزا الطيور المتعدّدة والمستمرّة حول العالم، وصفت منظّمة الصحّة العالمية العدوى الكمبودية بالـ«مقلقة». ولكنّ هذه الحالة ليست الأولى في البلاد، حيث سجّلت المنظّمة الأممية منذ عام 2013 ما مجموعه 58 حالة خلّفت 38 وفاة. ولكنّ المقلق في الحالة الأخيرة هو أنّ السلالة التي رُصدت ليست نفسها السلالة المألوفة في المنطقة، بل تلك التي تسببت بموجات الانتشار الأخيرة في أوروبا والأميركيتين. وهذه السلاسة، نفسها التي طفرت لتنتشر من منك إلى آخر، كانت موجودة على نطاقٍ واسع في آسيا أيضاً.
سرعة رصد جينوم الفيروس
احتاج فريقٌ من العلماء بقيادة إريك كارلسون، عالم الفيروسات الذي يدير حالياً معهد «باستور دو كامبوج»، الفرع الكمبودي من المنظّمة الفرنسية الدولية غير الربحية المعنية بأبحاث الأمراض واللقاحات، إلى أقلّ من 24 ساعة للانتقال من مرحلة الاختبار وعزل الفيروس إلى وضعٍ تسلسل جيني كاملٍ له، ليتبيّن أخيراً أنّها السلالة المتوطّنة.
وقال كارلسون في حديث نقلته خدمات «تريبيون ميديا» عن مجلة «كوارتز»: «من الطبيعي جداً أن يشعر الناس بالراحة بعد نشرنا النتائج. أبدى المجتمع العلمي بدوره نوعاً من التفهّم لأنّ هذا الفيروس مستوطن في جنوب شرقي آسيا منذ أكثر من 10 سنوات». وشرح عالم الفيروسات، أنّ هذه السلاسة من الفيروس منتشرة منذ عام 2013 وأنّ الباحثين أصبحوا متآلفين مع خصائصها، لافتاً إلى أنّ «احتمالات طفرتها أو تحوّلها إلى سلسلة تنتقل من إنسان إلى آخر في كلّ مرّة تصيب بشرياً أو أي نوعٍ من الثدييات لا تزال قائمة»؛ الأمر الذي يسلّط الضوء على أهميّة مراقبة التسلسل وسرعته.
وشدّد كارلسون على أنّ «كلفة أي نوعٍ من الانتشار تزداد هولاً في كلّ ثانية تمرّ من دون استجابة».
وتوضح السرعة التي نجح فيها كارلسون وفريقه في وضع تسلسل للفيروس المرصود في كمبوديا أحدث أثرٍ للاستثمار في مجال المراقبة وتسلسل الجينومات خلال الجائحة والذي شمل أجزاء من العالم كانت فيما مضى تعاني من صعوبة في الوصول إلى أحدث التقنيات.
وشرح كارلسون «الآن، وبدل إنفاق 150 ألف دولار على أداة للتسلسل، بات بإمكاننا إنفاق ألف دولار واستخدام هذه الأداة لوضع تسلسل لجينومٍ كامل لفيروس الإنفلونزا مقابل 100 دولار خلال 24 ساعة».
شارك الفريق نتائج التسلسل التي توصّلوا إليها مع المجتمع العلمي الواسع الذي أصبح بمقدوره الوصول بسهولة إليها عبر برنامج التعقّب في الوقت الحقيقي الذي تستضيفه لويز مونكلا، أستاذة علم الأمراض في جامعة بنسلفانيا.
من جهتها، اعتبرت مونكلا، أنّ «الأمر يحتاج إلى عددٍ كبير من الأشخاص، منهم من سيذهب لإجراء المقابلات، ومنهم من سيأخذ العينات، ومنهم من سيبقى في المختبر لتحليل العينات. نحتاج إلى من يطوّر قواعد البيانات هذه للمشاركة، ونحتاج إلى أنظمة بنية تحتية عالمية لمشاركة كلّ ما يتعلّق بهذه الفيروسات».
وبعيداً عن الجزء المتعلّق بالمراقبة، يعتبر وضع التسلسل الجينومي خطوة مهمّة جداً لتوفير لقاحات سريعة كما حصل في حالة فيروس الكوفيد أو فيروسات الإنفلونزا الموسمية السنوية. تتوفّر لقاحات فعّالة لجميع أنواع إنفلونزا الطيور التي عُرّفت حتّى اليوم؛ الأمر الذي يسهّل صناعة جرعات من اللقاح عن الحاجة. وتملك الولايات المتّحدة أيضاً كمية كبيرة جداً من لقاحات هذا الفيروس أنتجتها شركة «سي.إس.إل.سيكويروس» الأسترالية، فضلاً عن أنّ الكثير من الدول تحثّ الأمم المتّحدة منذ فترة طويلة على تخزين كميات وافرة من لقاح إنفلونزا الطيور.


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.