كارثة سوريا وتركيا... هل تؤدي إلى «صحوة إنشائية»؟

بعد أن كشفت عن نمط جديد من الزلازل

البناء غير المقاوم للزلازل ضاعف من حجم خسائر كارثة سوريا وتركيا (غيتي)
البناء غير المقاوم للزلازل ضاعف من حجم خسائر كارثة سوريا وتركيا (غيتي)
TT

كارثة سوريا وتركيا... هل تؤدي إلى «صحوة إنشائية»؟

البناء غير المقاوم للزلازل ضاعف من حجم خسائر كارثة سوريا وتركيا (غيتي)
البناء غير المقاوم للزلازل ضاعف من حجم خسائر كارثة سوريا وتركيا (غيتي)

قبل أيام من زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي بتركيا وسوريا، نشرت مجلة «دراسات حالة في مواد البناء»، دراسة لباحثين من قسم الهندسة المدنية بكلية التكنولوجيا بجامعة «ساكاريا» للعلوم التطبيقية بتركيا، حللت الأضرار التي لحقت بالمباني بسبب الزلزال الذي ضرب ولاية «إلازيغ» التركية بقوة 6.8 درجة في 24 يناير (كانون الثاني) 2020، ورصدت العديد من «أوجه القصور»، مثل استخدام تقنيات البناء غير المطابقة للزلازل، و«سوء جودة الخرسانة، وسوء الصنعة».
وبينما كانت هذه المشكلات هي ذاتها الأسباب الرئيسية للضرر الواسع الذي لوحظ في العديد من الزلازل في تاريخ تركيا، التي سبقت زلزال 2020، فإن الباحثين خلصوا إلى أن «قطاع البناء لم يتعلم من أخطاء الماضي»، وهي نفس الملاحظة التي كررها خبراء تعليقاً على زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي، حيث رأوا أن الخسائر الكبيرة في الأرواح والمنشآت، كان «يمكن تلافيها لو تمت مراعاة اشتراطات البناء المقاوم للزلازل».
وحتى لا تتكرر الأخطاء نفسها، يرى الخبراء أنه يجب ألا يمر زلزال تركيا دون أن تتعلم باقي دول المنطقة أهمية «البناء المقاوم للزلازل»، مشيرين إلى أن «غالبية المباني في بعض دول المنطقة لا تلتزم بالأكواد التقليدية للبناء المقاوم للزلازل»، ناهيك عن أن زلزال تركيا كشف عن «أهمية تحديث تلك الأكواد، حتى داخل تركيا نفسها».

نمط جديد

وأجرت تركيا تحديثاً لأكواد البناء المقاوم للزلازل، دخل حيز التنفيذ بعد زلزال عام 1999، الذي أدى إلى انهيار كبير في المباني، وتسبب في خسائر فادحة بالأرواح. ورغم ذلك، فإن مشهد الدمار الواسع الذي أحدثه الزلزالان الأخيران، يكشف أن «تلك الأكواد لم تكن مطبقة»، كما يوضح أستاذ الهندسة الإنشائية وقائد مجموعة هندسة الزلازل في جامعة شيفيلد، إيمان هاجيراسوليها لـ«الشرق الأوسط». ويقول إن «اللوائح التركية المتعلقة بالبناء المقاوم للزلازل جيدة، ولكن المشكلة في تطبيق هذه اللوائح، ووجود نظام فعال لمراقبة جودة البناء».
ودفعت المخالفات التي تم رصدها في المباني المنهارة السلطات التركية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق بعض مقاولي البناء.
ورغم أن هاجيراسوليها يصف اللوائح بـ«الجيدة» فإنه يرى «ضرورة تغييرها، ليس في تركيا وحدها، ولكن في كل دول منطقة الشرق الأوسط، بعد أن كشفت الكارثة التركية عن نمط من الزلازل يجب مراعاته في أكواد البناء». ويقول: «شهدنا في كارثة تركيا هزة ارتدادية ثانية، كانت متساوية مع الأولى تقريباً في القوة، أدت إلى أن نسبة كبيرة من المباني التي كانت لا تزال قائمة بعد الزلزال الأول (7.8 درجة)، تهدمت بعد الزلزال الثاني (7.5 درجة)».
ويضيف أن «معظم إرشادات التصميم الزلزالي الحالية لا تأخذ في الاعتبار تأثيرات التسلسل الزلزالي في عملية التصميم التقليدية، ومن ناحية أخرى، ليس من الشائع أيضاً أن تكون توابع الزلزال قوية مثل تلك التي لوحظت في أحداث الزلازل الأخيرة في تركيا وسوريا».

أكواد غير مطبقة

وبينما يطالب هاجيراسوليها بتحديث أكواد البناء المقاوم للزلازل تجاوباً مع النمط الغريب من الزلازل الذي كشفت عنه كارثة تركيا وسوريا، فإن الواقع يكشف أن الأكواد القديمة غير مطبقة بشكل جدي في مساحات كبيرة من الدول العربية.
وقبل شهور من الزلزال الذي تأثر به الشمال السوري بدرجة كبيرة، تهدم مبنى مخالف بحي الفردوس في مدينة حلب شمال سوريا، وقالت وكالة الأنباء السورية في 7 سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، إن المبنى لم يتم بناؤه على أسس هندسية سليمة، وهو واحد من عشرات المباني في نطاق حلب والشمال السوري، التي بنيت بشكل مخالف، إبان سيطرة المعارضة على المدينة، في فترة ما سمي بـ«الربيع العربي».
وانعكست هذه الأحداث أيضاً وما صاحبها من عدم استقرار، على وضع البناء في مصر، حيث زاد عدد المباني المخالفة بشكل كبير. وكان لمصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، إبان توليه مسؤولية وزارة الإسكان، تصريح في 2015، أشار فيه إلى «وجود 150 ألف مبنى مخالف في خطر»، وقال إنها «قنبلة موقوتة قابلة للانفجار مع هطول أمطار غزيرة أو حدوث زلزال بسيط».
ومن الإحصائيات المصرية إلى اللبنانية، حيث قدر نقيب المقاولين اللبنانيين مارون الحلو، في تصريحات صحافية نسبة المباني التي طبقت كود الزلازل الذي يتضمنه المرسوم اللبناني الصادر في 2005، بما «يقارب الـ20 في المائة فقط»، ويرجع ذلك في تقديره إلى أن «تكلفة البناء المقاوِم للزلازل، لا سيما في الجزء الإنشائي من المبنى، تصل إلى 30 في المائة من تكلفة المبنى ككل».
ويشترط للحصول على رخصة بناء أن يتضمن المشروع ما يشير إلى التزامه بالبناء المقاوم للزلازل، ولكن عملياً يقول أستاذ الإنشاءات في كلية الهندسة بالجامعة اللبنانية، خير الدين غلاييني، في تصريحات صحافية، إن «الأمر لا يطبق، لا سيما مع ضعف الرقابة خلال مرحلة تنفيذ البناء».
ولا يختلف الوضع في الجزائر، فمثل أغلب الدول العربية، يوجد لديها كود زلازل، ولكن دراسة لباحثين من كلية الهندسة المدنية والمعمارية بجامعة «عمار تيليديجي» في لاجهوت بالجزائر، كشفت قبل 3 سنوات عن «وجود قصور في المعرفة بالبناء المقاوم للزلازل».

كيف يكون البناء مقاوماً؟

والبناء المقاوم للزلازل، كما يعرّفه أستاذ الهندسة الإنشائية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، محمد نجيب أبو زيد، «هو الذي يستطيع امتصاص الطاقة التي تحدثها الزلازل، عبر بعض التدخلات الخاصة أثناء البناء، ومنها أنظمة مقاومة الأحمال الجانبية للمباني».
ويقول أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن «أنظمة مقاومة الأحمال الجانبية للمباني، هي مفهوم أساسي يجب أن تتضمنه جميع هياكل البناء في المناطق المعرضة للزلازل». ويشبه أبو زيد البناء بشخص يتلقى دفعة، فإما يتهاوى على الأرض، وإما يمتص تلك الدفعة فيترنح يميناً وشمالاً، قبل أن يتماسك، وهذا ما يحدث في المباني المزودة بأنظمة مقاومة الأحمال الجانبية.
ومن الاشتراطات الأخرى التي يجب الاهتمام بها، «الابتعاد عن الطوابق اللينة»، وهي ممارسة تتمثل في وجود مساحات مفتوحة على مصراعيها كطابق كامل في مبنى، وعادةً ما يكون ذلك في الطابق الأرضي، للأنشطة التي تحتاج إلى مساحة كبيرة، على سبيل المثال مواقف السيارات أو التأجير التجاري. ويعتقد أبو زيد أن انهيار «هذه الطوابق اللينة ساهم في تعظيم حجم الدمار».
ويشدد أستاذ الهندسة الإنشائية في الجامعة الأميركية بالقاهرة على أن «أكواد الزلازل يجب أن تخضع للتعديل بعد زلزال تركيا وسوريا». ويقول إن «اليابان بعد زلزال مدينة (كوبي) عام 1995 قامت بتغيير كود الزلازل، عقب دراسة نتائج ما حدث بشكل مستفيض».

النموذج الياباني

النموذج الياباني الذي طرحه أبو زيد، يرى إيكو تووهاتا، أستاذ الهندسة الجيوتقنية في جامعة طوكيو باليابان، أنه «كان يمكن أن يكون مفيداً في تقليل حجم الأضرار». ويقول تووهاتا، وهو أيضاً رئيس تحرير مجلة «التربة والأساسات» وهي مجلة متخصصة في الهندسة المدنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأضرار التي لحقت بالمباني في بلدية إرزين بولاية هاتاي التركية، كانت أقل، مقارنة بالمدن الأخرى، وهو ما يكشف كيف يمكن أن تكون هندسة الزلزال مفيدة، فالفلسفة التي تقوم عليها هي بناء أكثر مقاومة وأقل ضرراً عند وقوع زلزال».
وأوضح أن المباني في اليابان تستطيع تحمل الصدمات المتتالية في الأحداث الزلزالية، بعد الاستفادة من دروس الماضي، مشيراً إلى أن «المشكلة تكمن فيمن يدفع تكلفة إنشائها، فإذا كنت تريد بناء قادراً على تحمل الصدمات فعليك أن تنفق أكثر، ولكن لا أحد يريد أن يفعل ذلك».

التعلم من الزلزال

ويشير محمد أمين الحريري، أستاذ مساعد هندسة الزلازل بجامعة كولورادو الأميركية، إلى نفس المشكلة وهي الفجوة بين اللوائح والتطبيق، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك دولاً في منطقة الشرق الأوسط تحتاج بلا شك، إلى وضع لوائح أفضل لأكواد البناء المقاوم للزلازل، ولكن في بعض البلدان هناك قوانين بناء أكثر صرامة من غيرها، ولكن المشكلة في الامتثال لهذه القواعد ومستوى تنفيذها».
وأرجع الانهيار المفاجئ لبعض المباني في سوريا وتركيا، والتي شوهدت في مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى «التصميم الزلزالي غير الملائم أو سوء البناء»، ويقول إنه «من المرجح جداً أن البناء الأفضل كان يمكن أن ينقذ الأرواح».
ومثل سابقيه، طالب بـ«صحوة» إنشائية عن طريق التعلم من النمط الفريد لزلزال سوريا وتركيا. ويقول إنه «غالباً ما تجذب الزلازل الكبيرة والمدمرة مثل الزلازل في تركيا وسوريا الباحثين من جميع أنحاء العالم لأغراض الاستطلاع والتحديثات والتعديلات المحتملة على أكواد البناء. وعلى سبيل المثال، سيسافر فريق من المعهد الأميركي للخرسانة (ACI) والمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (NIST) إلى تركيا في غضون شهر، للاستطلاع وجمع المعلومات، ويجب على كل دول منطقة الشرق الأوسط فعل ذلك».



امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)
امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)
TT

امرأة تلد في سن الـ61 وتصبح أكبر أم جديدة في مقدونيا الشمالية

امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)
امرأة مع طفلها المولود (رويترز - أرشيفية)

أصبحت سيدة تبلغ 61 عاماً أكبر امرأة تلد طفلاً في مقدونيا الشمالية، وفق ما أعلنت السلطات الصحية في الدولة الواقعة في منطقة البلقان، الثلاثاء.

ولجأت الأم الجديدة -التي لم يُكشف عن هويتها- إلى التخصيب المخبري، وفق مديرة العيادة الجامعية لأمراض النساء والتوليد في سكوبيي إيرينا، ألكسيسكا بابستييف.

وأضافت ألكسيسكا بابستييف أن المرأة الستينية خضعت سابقاً لعشر محاولات تلقيح اصطناعي، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولا تفرض مقدونيا الشمالية أي حد عمري على النساء اللائي يسعين إلى التخصيب في المختبر.

وخرجت الأم والمولود الجديد من المستشفى الثلاثاء، ويبلغ الأب 65 عاماً، حسب السلطات.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدل الخصوبة في مقدونيا الشمالية بلغ 1.48 طفل لكل امرأة في عام 2023.

ومنذ استقلالها في عام 1991، واجهت البلاد هجرة جماعية على خلفية ركود الاقتصاد.

ويبلغ عدد السكان حالياً 1.8 مليون نسمة، أي بانخفاض 10 في المائة تقريباً في أقل من 20 عاماً، وفق بيانات التعداد السكاني الأخير عام 2021.