التلاميذ في مدارس كراكاس يتدربون على الاحتماء من عنف العصابات

مجموعة من تلاميذ الصفوف الابتدائية يرتمون في أرض الملعب خلال تدريبات على إطلاق النار في مدرسة «مانويل أغيري» في حي لا بومبيلا في كاراكاس (أ.ف.ب)
مجموعة من تلاميذ الصفوف الابتدائية يرتمون في أرض الملعب خلال تدريبات على إطلاق النار في مدرسة «مانويل أغيري» في حي لا بومبيلا في كاراكاس (أ.ف.ب)
TT

التلاميذ في مدارس كراكاس يتدربون على الاحتماء من عنف العصابات

مجموعة من تلاميذ الصفوف الابتدائية يرتمون في أرض الملعب خلال تدريبات على إطلاق النار في مدرسة «مانويل أغيري» في حي لا بومبيلا في كاراكاس (أ.ف.ب)
مجموعة من تلاميذ الصفوف الابتدائية يرتمون في أرض الملعب خلال تدريبات على إطلاق النار في مدرسة «مانويل أغيري» في حي لا بومبيلا في كاراكاس (أ.ف.ب)

يرتمي الأطفال سريعاً أرضاً على بطونهم، واضعين أياديهم فوق رؤوسهم عقب صدور صوت مفاجئ مشابه لأصوات الانفجارات خارج قاعات الدرس... داخل المدرسة الواقعة في حي في كراكاس يستشري فيه العنف، بات التدريب على مواجهة عمليات إطلاق النار يشكّل جزءاً من يوميات التلاميذ.

وتتأتى أصوات إطلاق النار الوهمية من طَرْق متواصل لصفيحة معدنية في أثناء التمرين. أما ردود فعل التلاميذ الذين باتوا معتادين على الأصوات، فتأتي سريعة ومنسّقة.
وبينما يستلقي بعض التلاميذ في الممر الذي يوجدون فيه، يركض آخرون كانوا يمضون فترة التنزيهة للاختباء داخل الفصول الدراسية أو يزحفون باتجاه أي «مساحة آمنة» في هذه المدرسة الابتدائية والثانوية، الواقعة في حي بيتاريه الفقير الذي يشهد معدلات جريمة مرتفعة.
قبل أيام قليلة، أدت عملية إطلاق نار بين العصابات قرب مدرسة مانويل أغيريه إلى تعطيل اليوم الدراسي، فيما بثت الذعر بين نفوس التلاميذ.
ويدق جرس عند نهاية التدريب الذي يستمر نحو عشرين دقيقة ويُعاد مجدداً في غضون شهرين.

وتقول مديرة المدرسة التي تضم 900 تلميذ يانيت مرايما، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، إنّ «الأمر مشابه لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، إذ ينبغي تلقينهم خطوات تتيح لهم حماية أنفسهم».
وترى مرايما أنّ تطبيق الأطفال هذا التدريب المرتبط بالسلامة داخل منازلهم إن لزم الأمر، خطوة مهمة.
وهذا التدريب مُعتمد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تتولى تنظيمه في عدد كبير من مدارس العاصمة.
ويُعد العنف المتبادل بين عصابات تهريب المخدرات في بيتاريه، وهو حي تنتشر فيه بيوت جدرانها من الطوب غير المطليّ وأسقفها من التوتياء ومبنية على منحدر تلّ، شائعاً لدرجة أنّ الأطفال يمكنهم بسهولة تحديد نوع السلاح المُستخدم استناداً إلى أصوات إطلاق النار، وكذلك المسافة التقريبية التي أُطلقت منها الرصاصة.

ويقول بريليس بريندنباخ (16 عاماً): «إنّ الوضع خطر في الحي»، مضيفاً: «أخاف أحياناً من الحضور إلى المدرسة».
وفي ظل غياب أي إحصاءات رسمية، سجّل المرصد الفنزويلي للعنف عام 2022 في بياتريه ثمانين حالة وفاة ناجمة عن أعمال عنف لكل مائة ألف نسمة، أي أكثر من ضعف المعدل الوطني الذي يثير القلق أصلاً (35.5 لكل مائة ألف نسمة، أي أعلى بست مرات من المتوسط العالمي المُسجَّل).
وفي الحي نفسه، تؤدي ماريسيلا موخيكا صلاة في مدرسة خيسوس مايسترو.
وتقول الراهبة للتلاميذ المتجمّعين في الملعب «لقد شهدنا أسبوعاً متوتراً، فلنصلِّ من أجل إحلال السلام»، وتسألهم: «ماذا نريد؟»، ليرد عليها التلاميذ بصوت واحد: «السلام»!
وتضم مدرسة «خيسوس مايسترو» 722 تلميذاً في قسمي الروضة والابتدائي، لكن خلال الفترات التي تشتد فيها أعمال العنف بين العصابات، لا يرتاد المدرسة سوى مئتي تلميذ.
وتقول المديرة إيفون غونزاليس، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن نعتاد مطلقاً على عمليات إطلاق النار. نعيش مع هذا التوتر الدائم».

وتشير ماريسيلا موخيكا إلى أنّ «السلاح في بيتاريه هو القانون. وينبغي أن نناضل حتى تتغير نظرة الأطفال تجاه الحياة».
وتتنقل الراهبة بين الفصول الدراسية لتلقّن التلاميذ إجراءات السلامة. وتسأل مجموعة منهم: «ما أوّل ما ينبغي فعله» في حال حصل تبادل لإطلاق النار؟ فتردّ إحدى الفتيات: «التزام الهدوء».
وترى المديرة أنّ النقطة الأهم تتمثل في أن يستوعب الأطفال تفاصيل ردود الفعل المناسبة. وتشير إلى أنّ أحد التلاميذ أخبرها أخيراً بأنه كان حاضراً في أحد الشوارع عندما بدأت عملية إطلاق النار.
وتتابع: «سألته: ماذا فعلتَ حينها؟ فأجاب بأنه انبطح أرضاً وزحف تحت إحدى السيارات».

وتُعد التدريبات المدرسية المرتبطة بالسلامة شائعة في دول أميركا اللاتينية، بينها البرازيل والمكسيك.
ومنذ عام 2009 يخضع لتدريبات مماثلة تلاميذ أكثر من 1500 مدرسة تقع في مناطق تنتشر فيها العصابات أو ميليشيات الأمن الذاتي في ريو دي جانيرو.


مقالات ذات صلة

أستراليا تعلن أكبر إعادة تنظيم لقواتها العسكرية منذ عقود

العالم أستراليا تعلن أكبر إعادة تنظيم لقواتها العسكرية منذ عقود

أستراليا تعلن أكبر إعادة تنظيم لقواتها العسكرية منذ عقود

أطلقت أستراليا، اليوم (الاثنين)، أكبر إعادة تنظيم لجيشها منذ عقود، على خلفية تعزيز الصين لقدراتها العسكرية، وتوترات في منطقة آسيا المحيط الهادئ، حيث يتنامى نفوذ بكين. وكشف وزير الدفاع ريتشارد مارليس مراجعة استراتيجية تدعو إلى تحوّل حاد نحو «الردع بعيد المدى»، باستخدام الصواريخ والغواصات والأدوات الإلكترونية لإبعاد الخصوم، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال مارليس إنه «اليوم وللمرة الأولى منذ 35 عاماً، نعيد صياغة مهمة قوات الدفاع الأسترالية». وأشارت المراجعة الاستراتيجية التي قامت بها وزارة الدفاع الأسترالية، إلى أن التنامي العسكري لبكين هو الآن «الأكبر والأكثر طموحاً، مقارنة بأي دو

«الشرق الأوسط» (كانبرا)
العالم أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

سجّل الإنفاق العسكري في أوروبا عام 2022 ارتفاعاً بوتيرة سريعة غير مسبوقة، حيث وصل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مستويات لم تشهدها القارة منذ الحرب الباردة، وفق ما أفاد باحثون في مجال الأمن العالمي. وأوردت دراسة لـ«معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» أن ارتفاع الإنفاق الأوروبي على الجيوش ساهم بتسجيل الإنفاق العسكري العالمي رقماً قياسياً للمرة الثامنة توالياً حيث بلغ 2.24 تريليون دولار، أو 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعززت أوروبا انفاقها على جيوشها عام 2022 بنسبة 13 في المائة أكثر مقارنة بالأشهر الـ12 السابقة، في عام طغى عليه الغزو الروسي لأوكرانيا. وهذه الزيادة هي الأكبر م

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
العالم طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي الأسترالي (الحساب الرسمي-فيسبوك)

بعد بريطانيا.. أستراليا تحقق في تجنيد الصين طيارين سابقين في سلاحها الجوي

فتحت أستراليا، اليوم الأربعاء، تحقيقاً فيما اعتبره وزير الدفاع تقارير مُقلقة عن تعاقد الصين مع طيارين غربيين متقاعدين من سلاح الجو لتدريب عسكريّيها. وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت، في وقت سابق، أنها ستتخذ «خطوات حاسمة» لوقف بكين عن تجنيد طيارين سابقين، في أعقاب تقارير في وسائل إعلام بريطانية ذكرت أن أكثر من 30 طياراً سابقاً قبِلوا عروضاً تتجاوز قيمتها 240 ألف جنيه إسترليني (273.750 دولار) لتدريب عناصر في سلاح الجو الصيني. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية، لـ«وكالة فرانس برس»: «نتّخذ خطوات حاسمة لوقف برامج التجنيد الصينية للبحث عن الكفاءات في أوساط طياري قوات المملكة المتحدة المسلَّحة

«الشرق الأوسط» (سيدني)
العالم عناصر من القوات الموالية لروسيا تظهر مع آليات عسكرية في أوكرانيا (رويترز)

كييف: مقتل 27 ألف جندي روسي منذ بداية الغزو

قال الجيش الأوكراني إنه قتل نحو 27 ألفا و200 عنصر من القوات الروسية، منذ الغزو الروسي للبلاد في الرابع والعشرين من شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. جاء ذلك في بيان لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في صفحتها على «فيسبوك»، وفقاً لما ذكرته اليوم (السبت) وكالة الأنباء الأوكرانية الوطنية (يوكرينفورم). وقال البيان: «من الفترة من 24 فبراير وحتى 14 مايو (أيار)، فقد العدو 1218 دبابة و2934 مركبة قتالة مدرعة و551 منظومة مدفعية و195 منظومة إطلاق صواريخ متعددة». وأضاف: «خسر العدو أيضاً 88 منظومة مضادة للطائرات و200 طائرة و163 مروحية و2059 مركبة وصهريج وقود و13 زورقا/

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم بزيادة 7.1%... الصين تخصص 230 مليار دولار للإنفاق العسكري هذا العام

بزيادة 7.1%... الصين تخصص 230 مليار دولار للإنفاق العسكري هذا العام

ستزيد الصين ميزانيتها العسكرية بنسبة 7.1 في المائة هذا العام، وفق ما أعلنت وزارة المال اليوم (السبت)، وسط توتر عالمي على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وهذه النسبة (+7.1 في المائة) مرتفعة قليلا عن الزيادة في العام الماضي والتي بلغت 6.8 في المائة. وتم تخصيص نحو 1.45 تريليون يوان (230 مليار دولار) للدفاع الوطني، وفقاً لتقرير الميزانية الحكومية.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الحروب والتوترات الإقليمية تعزز مبيعات موردي الأسلحة الرئيسيين

بلغ إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم 632 مليار دولار في العام الماضي (أرشيفية)
بلغ إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم 632 مليار دولار في العام الماضي (أرشيفية)
TT

الحروب والتوترات الإقليمية تعزز مبيعات موردي الأسلحة الرئيسيين

بلغ إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم 632 مليار دولار في العام الماضي (أرشيفية)
بلغ إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم 632 مليار دولار في العام الماضي (أرشيفية)

تعززت مبيعات كبار موردي الأسلحة في العام الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا وغزة والتوترات في آسيا، مع زيادات ملحوظة للشركات المصنعة في روسيا والشرق الأوسط، وفقا لتقرير لمعهد سيبري نُشر الاثنين.

وبلغ إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر 100 شركة أسلحة في العالم 632 مليار دولار في العام الماضي، بزيادة 4,2%، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري). وهي كانت قد تراجعت في عام 2022 بسبب عدم قدرة هذه الشركات العالمية العملاقة على تلبية الزيادة في الطلب، لكن العديد منها تمكن من إعادة إحياء إنتاجه في عام 2023، حسب التقرير.

وفي دليل على هذه الطفرة في الطلب، حققت جميع هذه الشركات المئة مبيعات فردية تزيد عن مليار دولار في العام الماضي للمرة الأولى. وفي بيان، قال لورنزو سكارازاتو، الباحث بشؤون الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة في برنامج سيبري، «كانت هناك زيادة ملحوظة في مبيعات الأسلحة عام 2023، ويُتوقع أن يستمر هذا الاتجاه عام 2024». وأضاف أن مبيعات أكبر 100 مجموعة في العالم «لا تعكس حتى الآن حجم الطلب بالكامل، وقد أطلق عدد كبير من الشركات حملات توظيف، ما يدل على تفاؤلها بالمستقبل».

وأشار معهد سيبري إلى أن الشركات المنتجة الأصغر حجما كانت أكثر فاعلية في تلبية هذا الطلب الجديد المرتبط بالحرب في غزة وأوكرانيا والتوترات المتزايدة في شرق آسيا وبرامج إعادة التسلح في مناطق أخرى. وأوضح نان تيان، مدير برنامج الإنفاق العسكري، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «عددا منها متخصص في مكون واحد أو يبني أنظمة تتطلب سلسلة توريد واحدة»، ما يتيح لها الاستجابة في سرعة أكبر.

وسجلت المجموعات الأميركية، المنتجة الرائدة في العالم، ارتفاعا في المبيعات بنسبة 2,5% عام 2023، ولا تزال تمثل نصف عائدات الأسلحة في العالم، حيث تحتل 41 شركة أميركية لائحة أكبر 100 شركة في العالم. في المقابل، سجلت لوكهيد مارتن (-1,6%) وRTX (ريثيون تكنولوجيز سابقا، -1.3%)، أكبر مجموعتين للأسلحة في العالم، انخفاضا في المبيعات. وقال تيان إنهما «غالبا ما تعتمدان على سلاسل توريد معقدة ومتعددة المستويات، ما يجعلهما عرضة لتحديات سلسلة التوريد التي استمرت في عام 2023».