دعوة أممية لـ«عملية منسقة» لحل الأزمة السورية

بيدرسن حض على «مزيد من البراغماتية» و«الواقعية» بين الحكومة والمعارضة

غير بيدرسن يتحدث للصحافيين في دمشق يوم 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
غير بيدرسن يتحدث للصحافيين في دمشق يوم 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

دعوة أممية لـ«عملية منسقة» لحل الأزمة السورية

غير بيدرسن يتحدث للصحافيين في دمشق يوم 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)
غير بيدرسن يتحدث للصحافيين في دمشق يوم 13 فبراير الماضي (أ.ف.ب)

دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، إلى البناء على الاستجابة العربية والدولية للتعافي من الزلازل التي ضربت المنطقة أخيراً، من أجل القيام بـ«عملية منسقة» لمواجهة تحديات حل النزاع العسكري المتواصل منذ 12 عاماً، ومعالجة الأزمة العميقة في هذا البلد، انطلاقاً من مقاربته القديمة «خطوة بخطوة»، واستناداً إلى القرار 2254.
وكان بيدرسن يقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، إلى أعضاء مجلس الأمن المجتمعين في نيويورك، حول أحدث التطورات في الأزمة السورية، مستهلاً ذلك بالحديث عن الزلازل المدمرة التي ضربت كلاً من سوريا وتركيا، وأدت إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا. وأكد أن «الأولوية الفورية هي للاستجابة الإنسانية الطارئة». وإذ أشار إلى اجتماعاته الأخيرة مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية والجهات المانحة، أوضح أنه رأى «حسن نية ملحوظاً بين كثير من السوريين أنفسهم (...) لتنظيم وإرسال الإغاثة إلى مواطنيهم عبر الخطوط الأمامية، بغض النظر عن التحديات والصعوبات التي يواجهونها»، ملاحظاً أن «المرأة السورية كانت في طليعة هذه الجهود». ورحب بالإعفاءات المتعلقة بالزلازل في عدة بلدان، بما في ذلك من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. وكذلك رحب بقرار الحكومة السورية فتح نقطتي عبور باب السلام والراعي من تركيا إلى شمال غربي سوريا، مع إعطاء «موافقة شاملة» على عمليات العبور إلى شمال غربي سوريا حتى يوليو (تموز) المقبل، وغيرها من تدابير خفض الروتين بالنسبة للجهات الفاعلة الإنسانية، وتسهيل التمويل الإنساني والمعاملات المتعلقة بالاستجابة للزلزال.
وأشار المبعوث الدولي إلى أنه سجل «هدوءاً نسبياً في أعمال العنف بعد الزلزال، بما يمكِّن من تسهيل عمليات الإغاثة»؛ بيد أنه عبَّر عن «القلق»؛ لأن هناك «أنباء عن حوادث: تبادل قصف وقذائف هاون بين المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية، أو (قوات سوريا الديمقراطية)، أو المعارضة المسلحة، أو (هيئة تحرير الشام) المصنفة إرهابية»، فضلاً عن «ضربات تركية بطائرات مُسيَّرة، وغارة جوية نسبتها دمشق إلى إسرائيل، بالإضافة إلى الاغتيالات في الجنوب الغربي، والهجمات الرهيبة المنسوبة إلى (داعش) في البادية». ودعا إلى البناء على هذه العناصر الأربعة «إذا أردنا تجاوز الاستجابة الطارئة التي أحدثها الزلزال، لمواجهة تحديات حل الصراع نفسه، ومعالجة الأزمة العميقة في سوريا». ووصف سوريا بأنها تُعَد «واحداً من أكثر المشاهد السياسية تعقيداً على هذا الكوكب»؛ لأنها مقسمة إلى عدة مناطق سيطرة: حكومة تخضع لعقوبات، وسلطات أمر واقع في مكان آخر، وأكثر من جماعة إرهابية، و5 جيوش أجنبية.
ودعا المجتمع الدولي إلى «الاستلهام من الشعب السوري الذي وقف على الأرض ضد الصعاب، خلال هذا الوقت للتعامل مع تحدياته الهائلة»، واصفاً الوضع اليوم بأنه «غير مسبوق» يستوجب «قيادة وأفكاراً جريئة وروح تعاون» بغية المضي إلى الأمام، لإجراء «محادثة جادة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين، والتقدم في بعض القضايا السياسية التي لم تحل (...) والتي يمكن أن تمنع التعافي الذي تُعد الحاجة إليه ماسة بعد هذه الكارثة». وحض على «مزيد من البراغماتية»؛ لأن الأمر يتطلب «واقعية وصراحة من الحكومة السورية والمعارضة السورية وكل مفتاح خارجي»، بهدف «حماية سوريا من النزاعات الجيوسياسية الأوسع بين اللاعبين الرئيسيين»، وهذا ما يستوجب بالتالي «عملية منسقة» مع الأمم المتحدة. وقال: «سنحتاج إلى جميع اللاعبين العرب الرئيسيين، وجميع اللاعبين الأوروبيين الرئيسيين، وبالطبع إلى لاعبي آستانا والولايات المتحدة، للعمل بجهد متماسك. إذا كان كل شيء -وأعني كل شيء- يمكن أن يتصور حلاً وسطاً من المواقف السابقة، فسيكسب الجميع». وكرر الترويج لـ«النهج المتمثل في السعي إلى اتخاذ تدابير بناء ثقة متبادلة، ويمكن التحقق منها -أي ما يسمى بنموذج (خطوة بخطوة)- الذي صار أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى»، عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 2254. وأضاف: «دعونا نبني على خطوات حتى الآن من كل الجوانب، مع مزيد من التحركات من جميع الجهات بهذه الروح، نحدد ونتحرك على خطوات إضافية، لبناء الثقة بين جميع الأطراف لمواجهة تحديات التعافي بعد الكارثة، ومعالجة القضايا السياسية التي لم تُحَل».


مقالات ذات صلة

غوتيريش: انسحاب إسرائيل وانتشار الجيش اللبناني يفتحان صفحة جديدة للسلام

المشرق العربي غوتيريش يستعرض حرس الشرف في القصر الجمهوري اللبناني (رويترز)

غوتيريش: انسحاب إسرائيل وانتشار الجيش اللبناني يفتحان صفحة جديدة للسلام

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن استعداده لتعبئة المجتمع الدولي بالكامل لتقديم كل أشكال الدعم للبنان

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبِلاً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في القصر الجمهوري (إ.ب.أ)

غوتيريش: أمام لبنان فرصة لاستعادة السيطرة على أراضيه

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (السبت)، من مقر الرئاسة اللبنانية في بعبدا، إن لبنان أمامه فرصة لإعادة بسط سيطرة الدولة على أراضيها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط سيغريد كاغ (رويترز)

سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة بالشرق الأوسط... من هي؟

أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، تعيين وزيرة الخارجية الهولندية السابقة سيغريد كاغ مبعوثةً جديدة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط... فمن هي؟ وما أبرز محطات حياتها؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لدى وصوله إلى بيروت وكان في استقباله وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب (اليونيفيل)

غوتيريش من بيروت: الأمم المتحدة ستدعم لبنان بكل ما تملك

وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بيروت في زيارة «تضامن» تستمر ثلاثة أيام، وفق ما أعلن متحدث باسمه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا آدم عبد المولى (الشرق الأوسط)

خاص منسق الأمم المتحدة في سوريا: متفائلون بإعادة الإعمار بشرط «نجاح الانتقال»

في حوار مع «الشرق الأوسط» يتحدث المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، عن شرط نجاح الفترة الانتقالية كأساس لإعمار سوريا.

موفق محمد (دمشق)

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.