روسيا تواجه هجوماً بالمسيّرات... إحداها وصلت إلى أطراف موسكو

بوتين يؤكد أن بلاده سترد بـ«الوسائل اللازمة» على كل تهديد للأمن القومي

بوتين وجّه خلال اجتماع لقيادة هيئة الأمن الفيدرالي أوامر بتكثيف النشاط الأمني والاستخباراتي في مواجهة التهديدات الجديدة (إ.ب.أ)
بوتين وجّه خلال اجتماع لقيادة هيئة الأمن الفيدرالي أوامر بتكثيف النشاط الأمني والاستخباراتي في مواجهة التهديدات الجديدة (إ.ب.أ)
TT

روسيا تواجه هجوماً بالمسيّرات... إحداها وصلت إلى أطراف موسكو

بوتين وجّه خلال اجتماع لقيادة هيئة الأمن الفيدرالي أوامر بتكثيف النشاط الأمني والاستخباراتي في مواجهة التهديدات الجديدة (إ.ب.أ)
بوتين وجّه خلال اجتماع لقيادة هيئة الأمن الفيدرالي أوامر بتكثيف النشاط الأمني والاستخباراتي في مواجهة التهديدات الجديدة (إ.ب.أ)

فيما تتواصل المعارك الضارية على أطراف مدينة خيرسون الاستراتيجية، مع إعلان القوات الروسية عن إحراز تقدم محدود في ضواحيها، بدا أن روسيا واجهت، الثلاثاء، هجوماً غير مسبوق بطائرات مسيرة وصلت واحدة منها إلى أطراف موسكو، في حادثة غير مسبوقة منذ اندلاع الأعمال القتالية قبل عام. وتزامن ذلك مع انعقاد اجتماع لقيادة هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين، الذي وجه أوامر بتكثيف النشاط الأمني والاستخباراتي في مواجهة التهديدات الجديدة، وقال إن بلاده سوف ترد بكل الوسائل على أي خطر يتهدد أمنها القومي.
وقال بوتين، خلال الاجتماع، إن أولوية العمل المقبل لـ«هيئة الأمن الفيدرالية الروسية تتمثل في مساعدة القوات المسلحة والحرس الوطني في تنفيذ مهام العملية العسكرية الخاصة». وزاد أن المطلوب «أولاً وقبل كل شيء، الاستمرار في مساعدة القوات المسلحة والحرس الوطني الروسي في تنفيذ مهام العملية العسكرية الخاصة، بما في ذلك دعم وحدات الجيش من ناحية مكافحة التجسس، والتبادل السريع للمعلومات المهمة». وأقر بوتين بأن الأمن الفيدرالي «تعامل مع مهام معقدة وغير نمطية خلال العملية العسكرية الخاصة»، وأوعز بتعزيز النشاط الاستخباراتي على طول الحدود الروسية الأوكرانية. واتهم بوتين كييف باستخدام «أساليب الإرهاب»، وطالب بتعزيز نشاطات مكافحة التجسس، و«وضع حاجز أمام مجموعات التخريب الأوكرانية». وتعهد برد مناسب «على كل تهديد لأمننا القومي، وسنستخدم في سبيل ذلك كل الوسائل الضرورية».
وشدد الرئيس الروسي على الأهمية الخاصة لـ«كشف وقمع أنشطة أولئك الذين يحاولون تقسيم المجتمع الروسي باستخدام النزعات الانفصالية والقومية والنازية الجديدة»، محذراً من أن «الشباب هم أكثر الفئات عرضة للخطر وتأثراً بدعاية المتطرفين. ودعا أيضاً لحماية الفضاء الرقمي لروسيا والبيانات الشخصية، موعزاً بإيلاء اهتمام جاد لقضايا الأمن الاقتصادي ومكافحة الفساد.

كان لافتاً تزامن انعقاد الاجتماع الأمني مع تواتر معلومات حول تعرض مناطق في روسيا لهجمات بمسيرات استهدفت إيقاع تفجيرات في منشآت حيوية. وأعلنت السلطات الأمنية أن ثلاث مسيرات أوكرانية تم إسقاطها في شوارع مدينة بيلغورود الروسية، ما ألحق بعض الأضرار بنوافذ المنازل والسيارات في تلك المناطق. كما أعلنت السلطات الأمنية عن التصدي لـ«لجسم طائر» سقط في منطقة أديغيا.
وعموماً، تم تسجيل إسقاط 3 مسيرات في المناطق القريبة من الحدود مع أوكرانيا، وفقاً لإفادة وزارة الدفاع التي أكدت أن «أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية واجهت مسيرتين تابعتين للقوات الأوكرانية حاولتا مهاجمة أهداف مدنية في إقليم كراسنودار وأديغيا. وبفضل تصرفات الجيش الروسي، فقدت كلتا الطائرتين من دون طيار السيطرة وانحرفتا عن مسارهما».
بالإضافة إلى ذلك، صرح حاكم منطقة بريانسك الحدودية ألكسندر بوغوماز، بأن الجيش نجح، الثلاثاء، في إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق منطقة سوروتش من دون تسجيل وقوع إصابات. وأفاد محافظ منطقة بيلغورود، فياتشيسلاف غلادكوف، عبر «تليغرام»، بأن فرق الطوارئ، والقوات الروسية الخاصة هرعت للتعامل مع الحادثة في موقع إسقاط المسيرات.
وأضاف غلادكوف أنه أصدر تعليماته لرئيس بلدية بيلغورود، فالنتين ديميدوف، بالتوجه إلى مكان سقوطها للاطمئنان على الأوضاع. وفي وقت لاحق، قال ديميدوف إنه لم تقع أي إصابات بين المواطنين، وإنه «تم نقلهم إلى مكان آمن، وسيتم توفير إقامات فندقية للمتضررين لحين إصلاح الأضرار». وأشار إلى أن القوات الروسية الخاصة قامت بتطويق المكان؛ لضمان حمايته من أي هجمات محتملة.
لكن الحادثة الأكثر لفتاً للأنظار تمثلت في الإعلان عن إسقاط مسيرة في بلدة كولومنا على أطراف العاصمة الروسية، وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها موسكو وصول هجمات مماثلة إلى العاصمة الروسية، من دون أن يتم الكشف عن تفاصيل إضافية، وما إذا كانت لدى السلطات المختصة معطيات حول اختراق الأجواء الروسية والوصول إلى العاصمة، أو أن المسيرة انطلقت من موقع قريب. وأعلن حاكم مقاطعة موسكو أندريه فوروبيوف إن «طائرة مسيرة تحطمت بالقرب من كولومنا».
وزاد: «حدث هذا بالقرب من قرية غوباستوفو، وكان الهدف على الأرجح منشأة لبنية تحتية مدنية، ولم يصب المدنيون بأذى. كما لم تقع إصابات أو دمار على الأرض». وقال إن هيئة الأمن الفيدرالي والسلطات المختصة الأخرى فتحت تحقيقاً بالحادث. ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية عن مصدر في وزارة الطوارئ، أن الطائرة من دون طيار سقطت بالقرب من محطة لتوزيع الغاز.
بالتزامن، أعلنت السلطات الأمنية الروسية توقف الرحلات في مطار سان بطرسبورغ (شمال العاصمة) لعدة ساعات، قبل تأكيد عودة نشاط المطار الدولي إلى طبيعته.
وأعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنه «تم إخطار الرئيس (بوتين) بكل المعلومات المتعلقة بإغلاق المجال الجوي فوق سان بطرسبورغ».
وفي وقت لاحق، نفت وزارة الطوارئ الروسية، صحة بيانات أفادت بإعلان حالة التأهب الجوي الشامل في أجواء روسيا، مقللة من خطر وقوع هجوم صاروخي على الأراضي الروسية.
وأوضحت وزارة الطوارئ، في بيان، أن «المزاعم التي انتشرت حول إعلان حالة التأهب الجوي، وتحذيرات من غارات جوية، وهجوم صاروخي، صدرت نتيجة هجوم سيبراني قام به بعض القراصنة الإلكترونيين على سيرفرات عدد من المحطات الإذاعية والتلفزيونية في مناطق متفرقة من روسيا».
وكانت سلطات مدينة سان بطرسبورغ قد أعلنت، صباح الثلاثاء، عن إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى المدينة مؤقتاً، بسبب «ظهور جسم طائر مجهول»، وأفادت وكالة أنباء «فونتانكا» المحلية، نقلاً عن مصدر مقرب من سلطات المدينة، بأن الجسم كان على بعد 160 - 200 كيلومتر من المدينة، ما أدى إلى توقف حركة الطيران فوق المدينة، وانطلاق المقاتلات في سمائها. ثم عادت السلطات وفتحت المجال الجوي، وعادت حركة الطائرات إلى طبيعتها، إلا أن ذلك تسبب في تأخير عدد من الرحلات لمدد تصل إلى 12 ساعة.
على صعيد آخر، وبالتزامن مع إعلان المصادر العسكرية عن إحراز تقدم محدود في ضواحي مدينة باخموت الاستراتيجية، كشف يان غاغين، مستشار حاكم منطقة دونيتسك المعين من جانب موسكو، أن دبابات «ليوبارد» شوهدت في منطقة أرتيموفسك (باخموت)، مضيفاً أنها «كهدف للجيش الروسي لا تختلف عن باقي المعدات العسكرية للعدو». ويعد هذا أول إعلان روسي عن انخراط الدبابات الألمانية الثقيلة في المعارك الدائرة في جنوب أوكرانيا. وقال غاغين في تصريحات لقناة «روسيا - 1» التلفزيونية، الثلاثاء: «كانت هناك معلومات تشير إلى ظهور قطع من ليوبارد في منطقة أرتيموفسك».
وتابع أن هذه الدبابات ألمانية الصنع هي «أهداف مدرعة لا تختلف عن غيرها»، وأن الأمر لا يستحق إثارة ضجة كبيرة حوله، وزاد: «الطرق متوحلة في الوقت الحالي، وهذا يعيق حركة المركبات الثقيلة مثل ليوبارد». وكان وزير دفاع بولندا، وهي الدولة التي أعلنت تقديم نحو 14 دبابة من طراز «ليوبارد 2» إلى كييف كجزء من مساعدات تحالف دولي، وأكد في 24 فبراير (شباط)، أن دبابات من طراز «ليوبارد» وصلت بالفعل إلى أوكرانيا. ووعدت ألمانيا وإسبانيا وكندا وفنلندا أيضاً بتسليم دبابات من الطراز ذاته إلى أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.