انقلابيو اليمن يتأهبون لتصفية المصارف والسطو على فوائد الديون

عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يتأهبون لتصفية المصارف والسطو على فوائد الديون

عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)

كشفت مصادر يمنية تجارية وأخرى سياسية عن تأهب الميليشيات الحوثية لتصفية البنوك التجارية والسطو على فوائد الدين العام، عبر مشروع قانون انقلابي قدمته الميليشيات قبل أيام إلى مجلس النواب غير الشرعي الخاضع للجماعة، تحت مسمى «منع التعامل بالربا»، وطالبت بإقراره، حيث ينص المشروع على منع الفوائد على كل المعاملات البنكية، وحتى على القروض الداخلية والخارجية.
وبعد معركة استمرت نحو نصف عام مع القطاع الخاص حول مشروع قانون المعاملات البنكية، والذي قوبل بالرفض القاطع، خضع عبد العزيز بن حبتور، رئيس حكومة الانقلاب التي لا يعترف بها غير إيران، وسحب المشروع، لكنه في اليوم التالي قدم مشروعاً آخر بعنوان منع المعاملات الربوية، وصفه تجار وسياسيون بأنه مشروع لتأميم البنوك والأموال المودعة فيها لصالح ميليشيات الحوثي.
وطبقاً لما ذكرته المصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن المشروع الأخير يلغي كل التعاملات المصرفية، ويفتح الباب أمام تأميم البنوك وأموال المودعين، كما أنه يمنع حتى القروض الخارجية، بما فيها تلك التي تمنح اليمن فترة إعفاء من السداد قد تصل إلى 20 عاماً.
ويتعارض مشروع القانون الحوثي مع الدستور اليمني، ومع 14 قانوناً نافذاً صدرت خلال العقود الماضية وصادقت عليها لجنة تقنين أحكام الشريعة في البرلمان اليمني، إلى جانب أن مشروع القانون (شطري)؛ لأنه يخص المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، وفقاً لما جاء في حديث هذه المصادر.
ورأى أحد النواب أن المشروع الجديد يراد منه نهب أموال الناس بالباطل، وتدمير العمل المصرفي والاقتصاد بشكل عام، ويقول إن هذه الخطة مقامرة ستدمر الاقتصاد المدمر أصلاً، مشيراً إلى أن هذه الخطوة استكمال للخطوات التي اتخذت سابقاً بغرض مصادرة أموال البنوك حيث تم تجميد مبلغ 1.7 تريليون ريال يمني (نحو 3.3 مليار دولار)، وهي إجمالي استثمارات البنوك التجارية في الدين الحكومي خلال السنوات الماضية، حيث أمرت حكومة الانقلاب بتحويلها إلى حسابات جارية غير قابلة للسحب، وجعلت الفائدة عليها صفراً.
وفي تعليق له على الخطوة، اعتبر المحاسب القانوني حسن الدولة أنها تؤكد أن رئيس حكومة الانقلاب ووزراءه لا يعلمون شيئاً عن علم النقود والبنوك وعلم الاقتصاد، كما أنهم يجهلون المعاملات المصرفية ويصرون على الإساءة إلى الشريعة الإسلامية المرنة التي تواكب كل عصر ومكان.
وقال المحاسب القانوني إنهم (الحوثيون) يعملون على ذبح الدولة وذبح الاقتصاد وإلغاء البنوك، بعد أن صادروا أرصدتها وأموال المودعين لديها سواء التي كانت مستثمرة في أذونات خزانة أو أرصدة مودعة كاحتياطيات وغيرها.
وأوضح أنه تم سحب هذه المبالغ، وأصبح الدين العام أكثر من 7 تريليونات وخمسمائة مليار ريال (الدولار الواحد يساوي نحو 550 ريالاً)، ويذكر أن من بين المبلغ ما يزيد على 3 تريليونات وتسعمائة مليار ريال تخص البنوك وهيئات التأمين الاجتماعي وهيئة البريد والأفراد وغيرهم.
ومنذ سيطرة الانقلابيين على العاصمة اليمنية صنعاء، تراجعت الموجودات النقدية للبنوك عند تقييمها بالدولار الأميركي؛ من 13 مليار دولار في عام 2014 إلى 5 مليارات دولار حالياً بسبب تدهور سعر الريال في مقابل الدولار الأميركي.
وبموجب مسودة المشروع الجديد التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، سوف يتم إلغاء كافة القوانين المرتبطة بعمل البنوك التجارية أو اتفاقات القروض وفوائد الدين، وينص على وضع استراتيجية للتعامل مع أصول الدين العام فقط، في وقت لاحق لصدور القانون الجديد، كما سينشئ الانقلابيون ما أسموه صندوق الإقراض الحسن، ويمنح موظفي البنك المركزي ووزارات التجارة والمالية صفة الضبطية القضائية ليتمكنوا من اتخاذ قرارات المصادرة والحجز دون الحاجة إلى أي مستوى من مستويات التقاضي.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.