هل يمكن أن تسبب كارثة تركيا هزات أرضية في العالم العربي؟

بعد تصريحات لـفاروق الباز بأن الزلزال حرك شبه الجزيرة العربية شرقاً

شبه الجزيرة العربية تصطدم بأورآسيا وتدفع الأناضول غرباً (ناسا)
شبه الجزيرة العربية تصطدم بأورآسيا وتدفع الأناضول غرباً (ناسا)
TT

هل يمكن أن تسبب كارثة تركيا هزات أرضية في العالم العربي؟

شبه الجزيرة العربية تصطدم بأورآسيا وتدفع الأناضول غرباً (ناسا)
شبه الجزيرة العربية تصطدم بأورآسيا وتدفع الأناضول غرباً (ناسا)

تسببت تصريحات أدلى بها فاروق الباز، أستاذ الجيولوجيا في جامعة بوسطن الأميركية، ذهبت إلى أن «ما حدث في زلزال سوريا وتركيا سببه حركة بسيطة في كتلة شبه الجزيرة العربية»، في جدل علمي بين الخبراء الذين ذهب بعضهم إلى نفي التفسيرات التي رأت في كلام الباز إشارة إلى احتمالية تكرار زلازل بالمنطقة العربية.
ويقول زكريا هميمي، رئيس اللجنة الوطنية للعلوم الجيولوجية بأكاديمية البحث العلمي المصرية، ونائب رئيس «الاتحاد الدولي لأخلاقيات علوم الأرض»، وأستاذ الجيولوجيا بجامعة بنها، إن «الزلزال وقع بسبب تحرك صفيحة شبه الجزيرة العربية جهة الشمال؛ وهو ما سبب ضغطاً على الصفيحة الأورآسيوية في الشمال، والصفيحة الممتدة من سلسلة جبال زاجروس بإيران، وهو ما ترتب عليه حركة صفيحة الأناضول (التي تقع عليها تركيا) جهة الغرب».
ويوضح هميمي، أن صفيحة شبه الجزيرة العربية في هذه الحالة تكون أشبه بالمطرقة، التي تضغط على الصفائح الأخرى؛ وهو ما أدى إلى تحركها سنتيمترات قليلة نحو الشرق، لكن لا يعني ذلك أن المنطقة العربية ستكون معرّضة للزلازل.
وعن سبب تحرك صفيحة شبه الجزيرة العربية، يضيف الخبير الجيولوجي الدولي، أن «اتساع البحر الأحمر من جهة الغرب سبب ذلك، وسحب صفيحة شبه الجزيرة العربية تحت جبال زاجروس من جهة الشرق والشمال الشرقي».
ولفت هميمي، إلى أن تفريغ الإجهادات في قشرة الأرض، والذي أسفر عن هذه التحركات يحتاج إلى فترة طويلة من الزمن قد تصل إلى أكثر من 300 عام؛ وهو ما يعني أن المناطق نفسها التي تأثرت بالزلزال ستعاني مجدداً بعد فترة من الزمن، وهو ما يقتضي على صناع القرار في تركيا، البعد عن البناء مجدداً في النطاقات النشطة زلزالياً، وبناء مساكن أخرى للمتضررين في أماكن جديدة، فضلاً عن مراعاة خرائط الشدة الزلزالية ومراجعة أكواد البناء جيداً.
وشدد على أن هذه النصيحة تشمل المناطق المتضررة من الزلزال الأول الذي وقع على صدع شرق الأناضول (7.8 درجة) والثاني الذي حدث على صدع شمال الأناضول (7.5 درجة)، مشيراً إلى أن الصدعين مقترنان، أي مرتبطين ببعضهما بعضاً، بمعنى أنهما حدثا في الوقت نفسه بسبب نفس نظام الضغوط والإجهادات؛ وذلك بسبب ظاهرة تسمى «الهروب الحركي».
وتعني تلك الظاهرة، أن حدوث حركة أفقية يسارية على صدع «شرق الأناضول»، يتزامن معها حركة أفقية يمينية على صدع «شمال الأناضول»، وهو ما حدث في يوم 6 فبراير (شباط)، حيث كانت هناك ساعات معدودة تفصل بين زلزالي شرق وشمال الأناضول.
وكانت دراسة دولية قادها باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، قد أكدت المعنى نفسه الذي ذهب إليه هميمي.
وقالت الدراسة المنشورة في أغسطس (آب) من العام الماضي، والتي يبدو أنها توقعت سيناريو ما حدث في تركيا، إن الصفيحة العربية مستقرة بشكل ملحوظ وستستمر في تحمل الضغوط من الاصطدام القاري في الشمال الشرقي وانهيار الصفائح في الجنوب في المستقبل المنظور.
وتوصلت الدراسة لهذه النتيجة المهمة بعد جمع ومعالجة قياسات الـ«جي بي إس» الجيوديسية من 168 محطة تقع عبر الصفيحة العربية بواسطة رينيه فيلتريس وسيجورجون جونسون وزملائه في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، جنباً إلى جنب مع فريق دولي، حيث تم جمع البيانات بشكل مستمر لمدة تصل إلى 17 عاماً، مما يوفر مجموعة بيانات أكبر بكثير وأكثر اكتمالاً مما كانت عليه في الدراسات السابقة.
وقام الباحثون بدمج قياسات الـ«جي بي إس» مع نمذجة الكتلة الحركية، وهو وصف مبسط للصفائح التكتونية ككتل صلبة دوارة تتفاعل مع بعضها بعضاً عند حدود ضيقة، ويقوم النموذج بتقييم نوع ومستوى نشاط الزلزال عند الحدود المختلفة بين الكتل.
ثم قام الفريق البحثي بفحص كيف تتوافق الحركات مع النشاط التكتوني عند حدود الصفيحة العربية، وقدم قياساً محسناً للحركة على نطاق واسع للصفيحة العربية بأكملها.
ويقول رينيه فيلتريس، الباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لـ«كاوست»: «لقد فوجئنا بالاستقرار الملحوظ للصفيحة العربية، على الرغم من قوى الدفع والجذب المرتبطة بالتصادم القاري في الشمال الشرقي وانكسار الصفائح في الجنوب». ويضيف، أن «الصفيحة العربية تتحرك ككتلة واحدة، ومن المحتمل أن تظل حركتها بالنسبة إلى الصفائح الرئيسية المجاورة لها دون تغيير».


مقالات ذات صلة

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

شمال افريقيا عمارات على النيل في وسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

سجلت مصر اليوم هزة أرضية بقوة 4.8 درجة على بعد 502 كيلومتر شمالي دمياط في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

يعكف علماء على مراقبة سلوك الحيوانات باستخدام أجهزة تعقب متطورة تُثبّت على أجسادها، وترتبط بقمر اصطناعي جديد يُطلق العام المقبل

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تجدُّد القصف على مخيم للاجئين في السودان يواجه خطر المجاعة

تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)
تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)
TT

تجدُّد القصف على مخيم للاجئين في السودان يواجه خطر المجاعة

تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)
تجدُّد القصف على مخيم «زمزم» للنازحين شمال دارفور في السودان (رويترز)

قال مسعفون وناشطون إن القصف تجدد، اليوم (الأربعاء)، على مخيم «زمزم» للنازحين الذي يواجه خطر المجاعة، إثر هدوء مؤقت، أمس (الثلاثاء)، بعد هجمات شنتها «قوات الدعم السريع»، يومَي الأحد والاثنين.

ووفق «رويترز»، ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن سبعة أشخاص أُصيبوا بعد إطلاق قذائف على المخيم المكتظ بالنازحين، الذي يؤوي نصف مليون شخص على الأقل.

وقالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» إن القصف بدأ صباح اليوم. وبدأت «قوات الدعم السريع» التي تقاتل الجيش السوداني للسيطرة على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في مهاجمة المخيم يومَي الأحد والاثنين.

وذكرت «المنظمة الدولية للهجرة» أن أكثر من ألفَي شخص فروا نتيجة تلك الهجمات.

وفي أغسطس (آب)، أعلن خبراء الأمن الغذائي العالمي أن مخيم «زمزم» يعاني من المجاعة. وتمكن برنامج الأغذية العالمي منذ ذلك الحين من توصيل بعض المساعدات الغذائية، لكنه قال، اليوم، إن عمليات التسليم تعطلت.

وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان: «قد تؤدي الهجمات إلى تأخر وصول قوافل المساعدات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي المتجهة إلى المخيم. تلك المساعدات هي السبيل الوحيد لمواجهة المجاعة».

وأضاف: «برنامج الأغذية العالمي قلق للغاية بشأن سلامة المدنيين في المخيم وشركائنا على الأرض».