عبَّر سياسيون ليبيون عن مخاوفهم من التدخلات الخارجية في إدارة ملف الموارد النفطية، ومدى إمكانية استغلالها في الصراع الروسي- الأميركي، متحدثين عن «ظهور محاولات غربية بقيادة واشنطن لتضييق الخناق المالي على عناصر شركة (فاغنر) الروسية، والتأكد من عدم استفادتهم من عوائد النفط الليبي».
وتوقع عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن يتم الإعلان قريباً عن تشكيل لجنة تضم شخصيات ليبية للإشراف على إيرادات النفط الليبي، كونها تمثل المصدر الرئيسي للدخل في البلاد، معرباً عن تخوفه من أن «قرارات هذه اللجنة المرتقبة، قد تتخذ بعيداً عن مشاركة الليبيين».
وعبَّر بن شرادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده بأن «الجميع لديهم شكوك من محاولة واشنطن وحلفائها بالغرب الأوروبي فرض رؤيتهم الاقتصادية على البلاد، وتوظيف ذلك في صراعهم الراهن مع روسيا». وذكَّر بمقترح سابق لسفير الولايات المتحدة ومبعوثها الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، حول إيجاد آلية لإدارة الإنفاق الحكومي في البلاد، أطلق عليها «آلية مستفيد»، لافتاً إلى أن هذا المقترح «لم يلقَ أي ترحيب على المستوى السياسي أو الشعبي؛ بل وشبَّهه البعض ببرنامج (النفط مقابل الغذاء) بالعراق».
وقال بن شرادة إن الأمر «لن يتوقف على الإسراع بإجراء الانتخابات لإيجاد سلطة ليبية تطالب رسمياً بخروج عناصر شركة (فاغنر) الروسية من البلاد»، متابعاً: «من المتوقع ظهور محاولات غربية بقيادة واشنطن لتضييق الخناق المالي على (فاغنر)، والتأكد من عدم استفادتهم من عوائد النفط الليبي؛ وهذا يتطلب فرض رقابة محكمة لمسارات إنفاق تلك العوائد».
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد صنفت نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، شركة «فاغنر» الروسية على أنها «منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود».
واستبعد بن شرادة أن يكون هناك رد فعل بالداخل الليبي تجاه هذا السيناريو المحتمل، موضحاً: «للأسف الجميع منشغل بالمسار السياسي وتطوراته، ويزيد الوضع سوءاً أن بعض متصدري المشهد قد يقبلون فعلياً بالوصاية الخارجية على ثروات البلاد، مقابل صفقة تضمن استمرار بقائهم بمواقعهم وحصولهم على الفتات».
ووفقاً لمقترح «آلية مستفيد» فسيناط بها توفير الأموال اللازمة للاحتياجات الأساسية، كالرواتب، والمعاشات، وتمويل القطاعات الخدمية، كالصحة، والتعليم، من عوائد النفط، عبر تكوين لجنة لمراقبة تدفق عوائد النفط، والتأكد من طريقة صرفها بشكل صحيح.
ولم يبتعد الناشط السياسي الليبي حسام القماطي كثيراً عن الطرح السابق، متحدثاً عن وجود تخوفات أميركية من «وجود صلة بين شبكات تهريب الوقود في ليبيا وبين عناصر (فاغنر)».
ولا يستبعد القماطي أن تقوم الدول الغربية المنخرطة في ملف الأزمة الليبية بفرض آلية للتحكم بالجوانب المالية والطاقة، عبر مجموعة العمل الاقتصادي بشأن ليبيا؛ خصوصاً في ظل الحديث عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الجاري.
ورأى أن «ضمان تحييد الإنفاق العام عن السباق الانتخابي سيكون ذريعة مقبولة دولياً، لفرض تلك الآلية أياً كان الهدف من ورائها؛ خصوصاً إذا تم دعمها بتقارير الأجهزة الرقابية الليبية بشأن التجاوز في الإنفاق من قبل حكومة (الوحدة) المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة».
وعبَّر الباحث الاقتصادي الليبي محمد الصافي عن قناعاته بوجود آلية اقتصادية تم تدشينها فعلياً، لتمكِّن الأطراف الدولية وكذلك المحلية من مراقبة أوجه الصرف في ليبيا.
ورأى الصافي أن هذه الآلية تعتمد بشكل رئيسي على «قيام المصرف المركزي الليبي بنشر تقارير دورية مفصلة عن مجمل الإيرادات والإنفاق العام بالبلاد، وهو ما بدأ تنفيذه فعلياً خلال الأشهر الأخيرة».
وعلى الرغم من توقعه أن السيطرة على عوائد النفط قد تقلل بدرجة كبيرة من حدة الصراع على السلطة، استبعد الصافي أن تؤدي الآلية المرتقبة لتعزيز العملية الانتخابية المنتظرة؛ لكنه رأى أن «حكومة الدبيبة ستظل مستفيدة، ويمكنها الإفلات من أي رقابة، لتحكمها بحجم الأموال التي تخصص لمشروعات التنمية».
واستبعد الصافي إحراز الآلية المرتقبة أي تقدم في مواجهة «ملفات الفساد، ومنها تهريب الوقود»، مرجعاً ذلك «لعدم ترجمة حجم ما يتم استيراده إلى أرقام توضع بالميزانية العامة، نظراً لإتمام المبادلة مباشرة بالنفط».
مخاوف ليبية من استغلال موارد النفط في الصراع الروسي ـ الأميركي
وسط محاولات واشنطن لمواجهة وجود عناصر «فاغنر»
مخاوف ليبية من استغلال موارد النفط في الصراع الروسي ـ الأميركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة