أسبوع ميلانو لخريف 2023 وشتاء 2024... قوّته في بساطته

تعافي قطاع الموضة في إيطاليا ينعكس على تصاميم تلعب على الفخامة الهادئة

من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)
من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)
TT

أسبوع ميلانو لخريف 2023 وشتاء 2024... قوّته في بساطته

من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)
من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)

«المعنى الحقيقي لما نقوم به هو إبراز أهمية الحياة اليومية بكل بساطتها واهتمامها بالغير»، هذا ما قالته ميوتشا برادا في البيان الصحافي التي تم توزيعه على الضيوف ووسائل الإعلام. ميوتشا لم تكن الوحيدة التي عبَّرت عن حنينها للحياة البسيطة كما كانت، سواء بتكافلها الاجتماعي الذي يتجسد في رعاية بعضنا لبعض، أو بالابتعاد عن الأزياء المعقدة. فالحياة لا تحتاج إلى المزيد من التعقيدات. ويبدو أن الكثير من المصممين يفكرون بنفس الطريقة بدليل أن معظم ما تم عرضه خلال أسبوع ميلانو لخريف 2023 وشتاء 2024 لعب على هذه النغمة بشكل أو بآخر. بساطة التصاميم التي تميز بها معظم العروض قد يُفسِرها البعض بأنها تجارية محضة، لكن التفاصيل التي كانت تتراقص بين طياتها وثنياتها فضلاً عن زخرفاتها كانت تقول عكس ذلك تماماً. الواقع أيضاً يُعزز الرأي الأخير. فرغم أن إيطاليا عانت أكثر من غيرها خلال جائحة «كورونا» فإن قطاع الموضة فيها نجح في التعافي بسرعة أكبر من باقي العواصم العالمية.

من عرض «سبورتماكس» (خاص)

من عرض «فندي» (خاص)

من عرض «برادا» (رويترز)

من عرض «موسكينو»   (رويترز)

تعافي بيوت الأزياء الإيطالية ظهرت بوادره في عام 2021 بزيادة حجم المبيعات بنسبة 21.2 في المائة مقارنةً بالمستويات المنخفضة جداً في ذروة أزمة الجائحة. الآن يتنفَّس هذا القطاع الصعداء أكثر من ذي قبل. الإشارات بانخفاض أسعار الغاز وتراجع التضخم يقابلها ارتفاع في إيرادات المجموعات العملاقة مالكة البيوت المهمة مثل مجموعة «إل في إم إتش» التي تضم «فِندي» و«بولغاري» و«لورو بيانا»، ومجموعة «كيرينغ» التي تضم «غوتشي» و«بالنسياغا» و«بوتيغا فينيتا» وغيرهما. الأولى حققت مبيعات بقيمة 79.2 مليار يورو، في عام 2022، وبلغ دخلها التشغيلي 21.1 مليار يورو، أي بارتفاع 23 في المائة لكلا الرقمين، بينما ارتفعت أرباح «كيرينغ» الصافية إلى 3.6 مليارات يورو، أي بزيادة 14 في المائة، رغم تراجع أداء علامتها التجارية «غوتشي» بنسبة 11 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2022. ما خسرته في «غوتشي» عوَّضته في «بوتيغا فينيتا». إيرادات هذه الأخيرة ارتفعت بنسبة 16 في المائة عام 2022.

لم تتخلَّ دار «ماكسمارا» عن ألوانها وأضافت إليها ألواناً جديدة (خاص)

هذا التفاؤل بغدٍ أفضل شمل أغلب عروض الأزياء البالغ عددها نحو 59. من «فِندي» و«روبرتو كافالي» و«تودز» و«بوتيغا فينيتا» و«إيترو»، إلى «برادا» و«جيني» و«غوتشي» و«ماكسمارا»، وهلم جرا. لم تكن الأجواء هي الوحيدة التي تضج بهذا الإحساس، فقاعات العروض كانت عبارة عن مهرجان من الألوان الفاتحة مثل الأصفر والأحمر والأخضر والتصاميم التي قد تخلو من أي تعقيدات أو مبالغات فنية إلا أنها تضجُّ بالأناقة والحرفية التي تفخر بهما إيطاليا. وليس أدل على هذا من تشكيلة «برادا» التي أبدعت فيها المصممة ميوتشا وراف سيمونز تشكيلة تتنفس أسلوباً يمكن القول إنه جديد على الدار، بخطوطه الأنثوية وتفاصيله التي تبدو بعيدة بعض الشيء عن الحداثي الذي عوّدتنا عليه في تشكيلاتها السابقة.

من عرض «سبورتماكس» (خاص)

دار «فندي» قدمت بدورها تشكيلة كل ما فيها يرقص على السهل الممتنع، فهي بسيطة، إلا أن كل ما فيها ينبض بالأنوثة والديناميكية. بألوان هادئة تتباين بين الأزرق السماوي وحلاوة الشوكولاته، أرادها مصممها كيم جونز أن تخاطب كل الشرائح، وتُعبر عن الواقع الحالي بكل تناقضاته وازدواجيته. مرة أخرى لم يبخل عليها بـ«لوغو» الدار، بعد أن أثبت أنه وسيلة سهلة للتسويق. كيم جونز الذي التحق بدار «فندي» منذ عامين يُبرهن في كل تشكيلة على أن فهمه لشخصية الدار يزيد ويتطور. أسلوبه يختلف عن أسلوب سلفه، الراحل كارل لاغرفيلد، من ناحية أنه أكثر هدوءاً ترجم فيه أناقة الدار الرومانية بلغة أكثر بساطة بحيث تدخل القلب بسهولة.


من عرض «تودز» (خاص)

قال إنه استلهم هذه التشكيلة من أرشيف الدار الغني ومن مصممة المجوهرات ديلفينا ديليتريز فندي «من تلك الأناقة التي يميزها الخروج عن المألوف»، حسب قوله. من هذا المنظور استكشف الكلاسيكية وفكَّكها ليخلق مجموعة تتلاعب على التناقضات. التفصيل الذكوري تزاوج بالنعومة الأنثوية، مثلاً، واللامبالاة والانطلاق بسحر الأناقة المحسوبة، بينما جاءت الفخامة في بعض الإطلالات مطبوعة بلمسة بانك خفيفة. كل هذا من خلال أقمشة مثل الدانتيل أو فساتين بقصات جامحة تارة وبثنيات تكشف عن بطانة من الترتر تارة أخرى.
دار «ماكسمارا» أيضاً لعبت على المضمون بأسلوبها الخاص. لم تتخلَّ عن لونها الجملي بكل درجاته. حافظت عليه وأضافت إليه ألواناً جديدة مثل الوردي المائل للأرجواني، والأخضر الغامق، لتواكب موجة التفاؤل الطاغية على الأسبوع. تشرح الدار أن تشكيلتها نتاج رحلة عبر الزمن إلى القرن الثامن عشر. بطلتها هي إيميلي دو شاتليه، ماركيزة وفيلسوفة صاحبة فكر متنوِّر كان لها دور كبير في التشجيع على تعليم المرأة والتمرد على الفكر الذكوري. وصف زوجها الشاعر فولتير علاقتهما بأنها كانت أكثر من مجرد توافق فكري، قائلاً عنها إنها «رجل عظيم ذنبه الوحيد أنه وُلد كامرأة». أما كيف ترجمت «ماكسمارا» أفكار إيميلي وحياتها وأفكارها في هذه التصاميم، فمن خلال فساتين ذات ثنيات ضخمة وجيوب كبيرة وبنطلونات بتصميم رجالي، وزخرفات استعملت فيها شعر الخيول وعظام الحيتان والريش. ولأن القرن الثامن عشر كان مطبوعاً بالفخامة والأناقة المتناهية، كان لا بد من لمسة ترف تمثلت في إدخال أقمشة الديباج المزركشة، لتأتي التشكيلة مزيجاً بين الكلاسيكي والشاعري، لكن دائماً بأسلوب عملي يعكس عزوف إيميلي عن كل ما يمكن أن يُقيد حريتها وحركتها.
دار «سبورتسماكس» الأخت الصغرى لـ«ماكسمارا» قدمت تشكيلة أطلقت عليها عنوان «عاري». عنوان صادم للوهلة الأولى لأنه لا يتماشى مع مفهوم الموضة على الإطلاق. لكن يتبين أن العاري هنا هو العودة إلى الأصل والغريزة الفطرية. وكما قالت الدار فإن التشكيلة «دعوة للعودة للطرق البدائية وإظهار قوة البساطة الطبيعية والرغبة الوحشية التي تجمع بين الصفاء والفوضى في آن واحد، مشحونة بسيل من الطاقة الذكورية والأنثوية». أما كيف تم تطوير هذه الأفكار وترجمتها في التشكيلة، فبالاعتماد على أعمال فنانين ومصورين مثل بيتر هوجار وروبرت مابلثورب ونان جولدين. فهؤلاء أيضاً أظهرت أعمالهم الجمال المختبئ خلف الظلال، حيث قال بيتر هوجار ذات مرة: «أنا أصوّر أولئك الذين يدفعون أنفسهم إلى أقصى الحدود... الأشخاص الذين يكونون على سجيتهم». من هذا المنظور يمكن تلخيص التشكيلة بأنها تتوخى الحرية. فأن تكون «عارياً» معناه أن تكون مُرتاحاً ومتصالحاً مع نفسك. فهي تلعب على الكثير من التناقضات مثل البرجوازية والبدائية والأنثوية، من خلال أكتاف جريئة وبنطلونات واسعة وفساتين تستوحي خطوطها من فترة التسعينات. لكن أهم ما فيه هي الراحة.
أما بالنسبة إلى دار «موسكينو» فلا يمكن أن يمر عرضها مرور الكرام. كان ولا يزال طبقاً دسماً من الألوان والنقشات مع لمسات شقية مستوحاة من البوب آرت وغيره من الفنون. لموسم خريف 2023 استلهم المصمم جيريمي سكوت، من الرسام سيلفادور دالي السريالي حبه للغرابة. تنوعت التصاميم بين الواسعة بمسامير مدببة ومليئة بالمجوهرات وتنانير كلاسيكية متنوعة الطول ومعاطف تغطي الركبة. من السترات الجلدية والبدلات الكلاسيكية التي تزينها سلاسل وأزرار من اللؤلؤ والذهب، كان القاسم المشترك بينها جرأتها وتوهج ألوانها، وكونها تعكس لوحات دالي المليئة بالساعات والإكسسوارات المتدلية مثل الإكسسوارات التي تحمل شعار السلام وتتميز بالضبابية. في حين تتزين جيوب السترات الجلدية برسومات تشبه مواد مُذابة مع نقشات مميزة تشبه السائل.
أما علامة «جيني» فنسجت قصاتها لموسم خريف وشتاء 2023-2024 من وحي شخصية الرسوم الهزلية الإيطالية الشهيرة، إيفا. تخيَّلت المصممة سارة كافازا فاتشيني إيفا وهي تتصفّح جريدة فتقع عيناها على خبر يقول إن علامة «جيني» تعتزم طرح تشكيلتها الجديدة في ميلانو، وأن فاتشيني أحضرت معها عيّنة نادرة من زهرة الأوركيد السوداء من تايلندا. أثار الخبر فضولها ورغبتها في الحصول عليها. على ضوء هذه القصة، نسجت المصممة تصاميم كانت فيها زهرة الأوركيد عنصراً مهماً ولعبت فيها على التنوع والغموض وعلى الأنوثة والحرية في الوقت ذاته.
ربما تكون «غوتشي» من بين الدور القليلة التي غرّدت عكس السرب. كانت مزيجاً من الإيحاءات وافتقرت إلى تلك التيمة الواحدة التي تجعلها متماسكة. ربما يعود السبب إلى أنها نتاج فريق كامل، عمل بعضه مع المصمم توم فورد منذ عقود في انتظار أن يقدم مصممها الجديد ساباتو دي سارنو أول تشكيلة له في الموسم المقبل. يُشعرك العرض بأن التعليمات كانت واضحة، تتلخص في الابتعاد عن أسلوب المصمم السابق أليساندرو ميكيلي الذي غلب عليه «الماكسيماليزم». صحيح أنه نجح فنياً وتجارياً لعدة سنوات لكنه أصاب البعض بالملل، وكان لا بد من التغيير. بيد أن ما قدمه فريق التصميم الإبداعي للموسمين المقبلين، لم يُنصف الدار لا سيما أنه بين الإطلالة والأخرى كانت تقفز تصاميم تستحضر صوراً قديمة لم تستطع أن تُودِّع أو تنسى الماضي، في وقت تحتاج فيه الموضة إلى أن تنظر نحو المستقبل.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.