تحقيق لمؤسسات حقوق الإنسان: إسرائيل ارتكبت جريمة حرب في رفح الصيف الماضي

تحليلات مهنية حديثة تبين أنها تتبع نهجًا انتقاميًا من المدنيين الفلسطينيين

تحقيق لمؤسسات حقوق الإنسان: إسرائيل ارتكبت جريمة حرب في رفح الصيف الماضي
TT

تحقيق لمؤسسات حقوق الإنسان: إسرائيل ارتكبت جريمة حرب في رفح الصيف الماضي

تحقيق لمؤسسات حقوق الإنسان: إسرائيل ارتكبت جريمة حرب في رفح الصيف الماضي

أصدرت منظمات عدة تعمل في مجال حقوق الإنسان في إسرائيل وأوروبا، نتائج تحقيق جديد أجرته حول أحداث «يوم الجمعة الأسود»، التي وقعت خلال الحرب على قطاع غزة في الصيف الماضي. وخرجت باستنتاج قاطع يقول إن «القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب انتقامًا لوقوع أحد جنودها في الأسر»، وفق ما ورد في التقرير.
وقد أعدت هذا التقرير منظمة العفو الدولية «أمنستي»، بواسطة فرعها في إسرائيل وفروعها في الخارج، وبمشاركة فريق بحث مهني من عدة مؤسسات. واستندت فيه – كما تقول - إلى أدلة جديدة، إضافة إلى تحليل مفصل لكمٍ هائلٍ من المواد متعددة الوسائط. وقالت إنها وجدت «نمطا منهجيا ومتعمدا لدى القوات الإسرائيلية، اتسمت به الهجمات الجوية والبرية التي شنها الجيش الإسرائيلي على رفح وأدت إلى مقتل 135 مدنيا، بما يجعلها ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية».
ويورد التقرير بعنوان «يوم الجمعة الأسود: مجزرة في رفح أثناء نزاع إسرائيل - غزة 2014»، تقنيات تحقيق متطورة وتحليلاً رياديًا من إعداد فريق مشروع علم العمارة الجنائية في غولد سميث بجامعة لندن. وقد تم عرض «الأدلة» التي تم جمعها على خبراء عسكريين وغيرهم من المتخصصين قبل تجميعها معًا ضمن تسلسل زمني، بغية إعداد رواية زمنية ومكانية للأحداث، اعتبارًا من 1 أغسطس (آب)، أي عندما عمد الجيش الإسرائيلي إلى تطبيق إجراء سري يُعرف باسم «توجيه هنيبعل»، عقب وقوع الملازم هادار غولدن في الأسر. وبموجب مقتضيات «توجيه هنيبعل»، بوسع القوات الإسرائيلية الرد على وقوع أحد جنودها في الأسر باستخدام نيران كثيفة، على الرغم من خطر ذلك على حياة الجندي الأسير أو المدنيين في محيط مكان العملية. وكما يقول التقرير، فلقد أدى تطبيق مقتضيات هذا التوجيه إلى «الإيعاز بشن هجمات غير مشروعة على المدنيين».
وتشير ضراوة الهجمات التي استمرت حتى بعد الإعلان رسميًا عن مقتل غولدن، في 2 أغسطس، إلى أنه من المحتمل أن تكون القوات الإسرائيلية قد تصرفت بدافع من الرغبة بمعاقبة سكان رفح انتقامًا لوقوع الملازم في الأسر.
ويسرد التقرير قصة «يوم الجمعة الأسود»، ويقول، إنه جرى الإعلان عن وقف لإطلاق النار قبيل وقوع الملازم غولدن في الأسر بوقت قصير، يوم 1 أغسطس 2014. وهذا ما حمل الكثير من المدنيين على العودة إلى منازلهم، اعتقادًا منهم أنهم قد أصبحوا في مأمن. وبدأ القصف العنيف والمستمر دون سابق إنذار، وأثناء وجود أعداد غفيرة من الناس في الشوارع، ليصبح الكثير منهم أهدافا للقصف، لا سيما أولئك الذين كانوا يستقلون المركبات. وعليه، فلقد أطلق على ذلك اليوم في رفح تسمية «يوم الجمعة الأسود».
ويورد التقرير إفادات شهود عيان على مشاهد مروعة للفوضى والرعب تحت جحيم نيران الطائرات المقاتلة من طراز (إف - 16)، والطائرات من دون طيار، والمدفعية التي انهمرت قذائفها على الشوارع، لتصيب المدنيين الراجلين، والركاب، وسيارات الإسعاف التي كانت تنهمك في إخلاء الجرحى.
ومن أجل إكمال هذا التحقيق والتقصي، قال التقرير إنه تمت مطابقة إفادات شهود العيان التي تصف المجزرة في رفح مع المئات من الصور الفوتوغرافية ولقطات الفيديو التي التُقطت من مواقع ومصادر متعددة، وتمت مطابقتها مع الصور عالية الدقة الملتقطة بالأقمار الصناعية التي حصلت منظمة العفو الدولية عليها. وأضاف التقرير أن نتائج التحليل أظهرت أن الهجمات الإسرائيلية على رفح، بتاريخ 1 أغسطس 2014، استهدفت عددًا من المواقع التي كان يعتقد أن الملازم غولدن يوجد فيها، بصرف النظر عن الخطر الذي تشكله تلك الهجمات على المدنيين، ما يوحي بأن تلك الهجمات كانت تهدف إلى قتله هو أيضا على الأرجح.
وفي إحدى أكثر حوادث ذلك اليوم دمويةً، تمكن الباحثون، يساعدهم الخبراء العسكريون، من التأكد من إسقاط قنبلتين، تزن كل واحدة منهما طنا واحدا، على مبنى مكون من طابق واحد في حي التنور شرق رفح. ولقد تم استخدام هذا النوع من القنابل الذي يُعد الأضخم في ترسانة سلاح الجو الإسرائيلي، على الرغم من وجود عشرات المدنيين في جوار المبنى المستهدف، ما يجعل من الممكن تصنيف هذه العملية ضمن فئة الهجمات غير المتناسبة والهدف المرجو منها.
وفي تقاريرها السابقة، حرصت منظمة العفو الدولية على إبراز الانتهاكات التي ارتكبها طرفا النزاع، بما في ذلك شن إسرائيل هجمات منهجية على المنازل المدنية الآهلة بسكانها، وتدميرها لمبانٍ مدنية مكونة من طوابق عدة، وشن الفصائل الفلسطينية المسلحة هجمات عشوائية وأخرى مباشرة على المدنيين في إسرائيل، وتنفيذها لعمليات إعدام ميدانية بحق فلسطينيين في قطاع غزة.
ويختتم التقرير بالقول، إنه على الرغم من ذلك كله، فقد تقاعست السلطات الإسرائيلية عن إجراء تحقيقات ذات مصداقية ومستقلة ومحايدة، في انتهاكات أحكام القانون الإنساني الدولي. كما أن التحقيقات المحدودة التي أجرتها في تصرفات بعض قواتها في رفح، بتاريخ 1 أغسطس، لم تؤدِ إلى محاسبة أحد على ما ارتكبه من أفعال.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.