الأمم المتحدة تناشد طرفي النزاع اليمني الالتزام بالهدنة

المسؤول الأممي للعمل الإنساني يعد لزيارة اليمن في 9 أغسطس

توزيع مساعدات إغاثية على سكان في محافظة الضالع الجنوبية («الشرق الأوسط»)
توزيع مساعدات إغاثية على سكان في محافظة الضالع الجنوبية («الشرق الأوسط»)
TT

الأمم المتحدة تناشد طرفي النزاع اليمني الالتزام بالهدنة

توزيع مساعدات إغاثية على سكان في محافظة الضالع الجنوبية («الشرق الأوسط»)
توزيع مساعدات إغاثية على سكان في محافظة الضالع الجنوبية («الشرق الأوسط»)

حملت الأمم المتحدة طرفي النزاع في اليمن مسؤولية انتهاك الهدنة الإنسانية التي أعلنتها قوات التحالف بقيادة السعودية والتي كان مفترضًا أن تبدأ الأحد الماضي على مدى خمسة أيام بهدف تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
وقال ستيفان أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية «لم يحترم أي طرف في الصراع الهدنة الإنساني التي أعلنت مطلع الأسبوع، وهناك أنباء عن ضربات جوية ومعارك برية في ثماني محافظات. ما زلنا نشهد سقوط قتلى ومصابين من المدنيين». وكانت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الإنسانية قد وضعت خطة عمل خلال الهدنة للوصول إلى ثلاثة ملايين شخص إضافي لتقديم الغذاء والماء والرعاية الصحية والعلاج لنحو 2200 طفل دون الخامسة يعانون سوء التغذية. وقال أوبراين «إن هذه الخطة قائمة وجاهزة للانطلاق بشرط الالتزام بالوقفة الإنسانية».
ودعا المسؤول الأممي إلى «مضاعفة الجهود» من أجل ترسيخ الهدنة في اليمن، مضيفا أن هذه الهدنة يجب أن «تكون مقبولة من جميع الأطراف بهدف تأمين المساعدات لكل الذين هم بحاجة لها».
من جانبه، نفى مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي استهداف التحالف للمدنيين، وقال إنه يتم التحقيق في أي تقارير عن سقوط قتلى مدنيين. وحمل سفيرا السعودية واليمن لدى الأمم المتحدة مسؤولية فشل الهدنة للمتمردين الحوثيين.
وطلب السفير اليمني لدى الأمم المتحدة خالد اليماني من مجلس الأمن الدولي «ممارسة المزيد من الضغط على الحوثيين كي يحترموا قرار الأمم المتحدة 2216»، الذي يطلب من المتمردين الانسحاب من الأراضي التي احتلوها. وقال السفير السعودي «في حال تم ذلك، فإن الوضع العسكري والإنساني سوف يتحسن بشكل واضح وفوري».
وحول الأزمة الإنسانية في اليمن، ذكر أوبراين أن الوضع «يزداد تدهورا بشكل كبير»، مشيرًا إلى النداء الذي وجهه صندوق الأمم المتحدة لجمع 1.6 مليار دولار لم يجمح حتى الآن سوى 15 في المائة من المبلغ أي 241 مليار دولار. وقال أيضا «نحن بحاجة ماسة لموارد إضافية». وكشف أوبراين أنه سيتوجه إلى اليمن قريبا للوقوف على حاجات الشعب اليمني. وذكر سفير اليمن لدى الأمم المتحدة خالد حسين اليماني أن الزيارة ستكون بتاريخ التاسع من أغسطس (آب) المقبل.
في غضون ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أمس عن إحصائيات جديدة تتعلق بالأزمة اليمنية، إذ ذكرت أن النزاع في اليمن راح ضحيته ما يقرب من 4000 شخص، 1900 منهم من المدنيين. وقال مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن 1859 مدنيا قتلوا من بين الأشخاص الـ3984 الذين قتلوا في الحرب. وأضافت أن الحرب خلفت نحو 19300 جريح منهم 2400 من المدنيين، بحسب بيانات وكاله الصحة العالمية. كما قدم اتحاد المساعدات الدولية (أوكسفام) إحصائيات جديدة توضح أن 13 مليون شخص في اليمن - أكثر من نصف السكان - يعانون نقصا في المواد الغذائية، وما يقرب من نصفهم على شفا الموت جوعا.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.