تفشي الأوبئة والأمراض في معتقلات انقلابيي اليمن جراء الإهمال

سجناء يخضعهم الحوثيون في صنعاء لتلقي أفكار طائفية (إعلام حوثي)
سجناء يخضعهم الحوثيون في صنعاء لتلقي أفكار طائفية (إعلام حوثي)
TT

تفشي الأوبئة والأمراض في معتقلات انقلابيي اليمن جراء الإهمال

سجناء يخضعهم الحوثيون في صنعاء لتلقي أفكار طائفية (إعلام حوثي)
سجناء يخضعهم الحوثيون في صنعاء لتلقي أفكار طائفية (إعلام حوثي)

وسط تصاعد المطالب الحقوقية بإطلاق سراح المعتقلين في سجون الميليشيات الحوثية، أفادت مصادر طبية بأن آلاف المحتجزين باتوا عرضة للأوبئة والأمراض بعد أن تفشت بينهم بسبب إهمال قادة الجماعة الانقلابية وانشغالهم بأعمال التعبئة الطائفية وحشد المجندين وجمع الأموال.
وكشفت مصادر طبية يمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن انتشار أمراض جلدية وتنفسية وأخرى مزمنة ومعدية في عشرات السجون التابعة للميليشيات في صنعاء العاصمة وريفها.
وفي حين ينشغل قادة الميليشيات بإخضاع نزلاء السجون لتلقي الأفكار الخمينية، تحدثت المصادر عن إصابة مئات المعتقلين في السجن المركزي والسجن الحربي وسجون جهاز الأمن والمخابرات، وفي مراكز الحجز والتوقيف الشرطية في العاصمة وريفها، بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي، مع تفشي الأمراض الجلدية وأمراض الكبد والكلى والكوليرا والملاريا والحميات وضغط الدم وسوء التغذية، وغيرها.
وأرجعت المصادر ذلك التدهور الصحي إلى استمرار الفساد والإهمال الحوثي المتعمد، إضافة إلى مصادرة ونهب قادة الجماعة، منذ سنوات ما بعد الانقلاب، الموازنات التشغيلية الخاصة بالسجون الرسمية، بما فيها مخصصات النظافة والتعقيم والعيادات الطبية التي كانت موجودة داخل السجون.
وكان تقرير صادر عما تسمى «إدارة الترصد الوبائي» في صنعاء، أقر بإصابة عشرات السجناء والمعتقلين في عدد من سجون الميليشيات في صنعاء العاصمة بأمراض وأوبئة مختلفة، منها الكوليرا والتهابات تنفسية وأمراض جلدية.
وسلط التقرير الضوء على ما يعانيه المعتقلون في تلك السجون والأقبية جراء الإهمال والعبث واللامبالاة التي أبداها القائمون على إدارة السجون الحوثية، لافتاً إلى انتشار البعوض والحشرات الناقلة للأمراض، وعدم توفر وسائل النظافة والتعقيم.
وأفاد التقرير بأن نزلاء 5 سجون تابعة للميليشيات الحوثية في صنعاء كانوا يعانون من عدة أمراض وأوبئة، وبأنهم بحاجة ماسة إلى تلقي الرعاية الطبية اللازمة.
وفي محافظة صنعاء (ريف العاصمة) ذكرت مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط»، أن عدداً من الأمراض يواصل التفشي في أوساط النزلاء والمعتقلين في سجون الجماعة، وسط إهمال الميليشيات التي لا تزال تحكم كامل قبضتها على القطاع الطبي، وترفض اتخاذ أي إجراءات أو تدابير احترازية مناسبة حيال تلك الأمراض.
في السياق نفسه، أكدت تقارير محلية انتشار أوبئة معدية وفتاكة في أوساط القابعين بسجون الميليشيات بمحافظة صنعاء، يتصدرها فيروس الكبد وأمراض أخرى متنوعة.
تزامن ذلك مع اعتراف مسؤولين في قطاع الصحة الخاضع للانقلابيين بأن نحو 2.5 مليون مصاب بأمراض الكبد والفشل الكبدي في مناطق سيطرة الجماعة يعانون أشد الويلات، وبحاجة إلى تدخلات علاجية. واتهمت تقارير يمنية قادة الجماعة بمواصلة التكتم وإخفاء المعلومات المتعلقة بانتشار الأمراض في أوساط السجناء والمعتقلين في مراكز الحجز في مديريات محافظة صنعاء.
ووصف ناشطون حقوقيون ما يحدث للسجناء بـ«الجريمة» لجهة تكتم الانقلابيين على انتشار الأوبئة، واستمرارهم في تعريض اليمنيين خارج وداخل السجون لـ«إبادة جماعية».
وكانت رابطة «أمهات المختطفين»، وهي منظمة حقوقية يمنية، كشفت في أوقات سابقة عن انتشار الأمراض الجلدية الخطيرة والأوبئة المزمنة في سجون الميليشيات الحوثية، وإصابة عدد من المحتجزين بتلك الأمراض، وخصوصاً في محافظة إب اليمنية.
ودعت الرابطة المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى زيارة السجون الحوثية، وفي مقدمتها سجن الأمن السياسي في محافظة إب، والاطلاع على أحوال المختطفين، وتقديم المساعدات اللازمة لهم.
وأوضحت الرابطة أن أسباب تفشي الأمراض وزيادة انتشارها تعود إلى «وضع العشرات من المختطفين داخل زنزانة واحدة والإهمال الصحي المتعمد بحقهم».
وأدانت المنظمة الحقوقية ما يتعرض له المختطفون والمخفيون قسراً من تعذيب وظلم وسوء المعاملة، ومنع إدخال الطعام والشراب والأدوية، ومنع الزيارة من قبل مشرفي سجون ميليشيا الحوثي، محملة الميليشيات المسؤولية الكاملة عما يتعرض له المختطفون خلف القضبان.


مقالات ذات صلة

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.