لماذا نمرض عندما يجف الهواء؟

دراسة أميركية تساعد في تفسير السبب

جزيئات اللعاب الحاملة للفيروس تحافظ عليه فترة أطول في المناخ الجاف (جامعة كولورادو)
جزيئات اللعاب الحاملة للفيروس تحافظ عليه فترة أطول في المناخ الجاف (جامعة كولورادو)
TT

لماذا نمرض عندما يجف الهواء؟

جزيئات اللعاب الحاملة للفيروس تحافظ عليه فترة أطول في المناخ الجاف (جامعة كولورادو)
جزيئات اللعاب الحاملة للفيروس تحافظ عليه فترة أطول في المناخ الجاف (جامعة كولورادو)

كشفت دراسة أميركية حديثة عن سبب ميل البشر للإصابة بالأمراض الفيروسية المحمولة جواً في البيئات الأكثر جفافاً.
ووجدت الدراسة، التي نُشرت في العدد الأخير من دورية «PNAS Nexus»، أن الجسيمات المحمولة جواً التي تحمل فيروس كورونا، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفيروس الذي يسبب مرض «كوفيد 19»، وتظل معدية لمدة ضعف الوقت في الهواء الجاف، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن اللعاب يعمل بمثابة عامل وقائي، أي حاجز حول الفيروس، خصوصاً عند مستويات الرطوبة المنخفضة.
وتحمل الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة كولورادو الأميركية، آثاراً كبيرة ليس فقط على جائحة «كوفيد 19» الحالية، ولكن أيضاً على جميع الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق الفيروسات المغلفة باللعاب.
وتؤكد الدراسة أيضاً أهمية إدارة تنقية الهواء الداخلي والتهوية للتخفيف من انتشار الأمراض المنقولة جواً، خصوصاً بالمناطق القاحلة، والبيئات المغلقة الجافة مثل كبائن الطائرات وخلال أشهر الشتاء الجافة في المناخات المعتدلة بجميع أنحاء العالم.
ويعتقد الباحثون أن هذه الحالة الفيزيائية، في مكان ما بين المادة الصلبة والسائلة، هي التي توفر حماية إضافية للفيروس وتسمح له بالبقاء لفترة أطول في الهواء الجاف.
ويرى خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات في جامعة أسيوط (جنوب مصر)، أن نتائج هذه الدراسة تساعد على فهم آليات انتقال فيروس كورونا أكثر.

ويقول شحاتة لـ«الشرق الأوسط»: «رغم دخولنا العام الرابع من الوباء، لا يزال كثير من ألغاز هذا الفيروس غير مفهومة، وتساعد الدراسة الجديدة في حل أحد الألغاز، وهي آليات انتقال الفيروس».
ويقول مارك هيرنانديز، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية وكبير مؤلفي الدراسة، في تقرير نشره الخميس الموقع الإلكتروني لجامعة كولورادو الأميركية: «تؤثر فيزياء الهواء في مبانينا والمناخ الذي نعيش فيه، على الأشياء التي يمكن أن تجعلنا مرضى ومدة استمرارها، ولدينا الآن مؤشرات متحفظة حول المدة التي يمكن لفيروسات مثل كورونا، البقاء فيها».
وفي عام 2020. كان لدى هيرنانديز حدس مفاده أن الرطوبة النسبية واللعاب كانا عاملين مهمين في انتقال الفيروس الجديد الذي يجتاح العالم، وصادف أيضاً أنه يدير مختبر علم الأحياء الدقيقة والتطهير للهندسة البيئية، وهو أحد مختبرات الهباء الجوي الوحيدة في أميركا الجاهزة والقادرة على مواجهة التحدي في بداية الوباء.
وخلال التجارب أطلقوا جزيئات محملة بالفيروسات ومحمولة بالهواء في عدة غرف حديثة ومُحكمة الإغلاق، أكبرها بحجم حمام كبير، مع ومن دون اللعاب، وبنسبة رطوبة 25 في المائة و40 في المائة و60 في المائة.
ووجدوا أن اللعاب يعمل كآلية وقائية للفيروس بغض النظر عن مستوى الرطوبة، وفي كل من 40 في المائة و60 في المائة من الرطوبة النسبية، كان نصف جزيئات الفيروس التاجي المحمولة جواً لا يزال معدياً بعد مدة ساعة واحدة في الغرفة، ولكن مع رطوبة 25 في المائة، تضاعف ذلك الوقت، وظل نصف الجسيمات التي تم إطلاقها في الحجرة معدية لمدة ساعتين.
ويقول هيرنانديز: «يُظهر ذلك أن الفيروس يمكن أن يتسكع لفترة أطول من الوقت الذي تمضيه في المطعم، وأطول من الوقت الذي تقضيه في المقهى».
وتشير الدراسة إلى أنه نظراً لأن الفيروس يمكن أن يظل معدياً في الهواء لفترة أطول مما تستغرقه معظم أنظمة التهوية لإزالته، فإن إجراءات التخفيف الإضافية التي تركز على الهواء مثل الترشيح مطلوبة لتقليل انتقال العدوى.
وتقول مارينا نيتو كاباليرو، الباحثة التي حصلت على درجة الدكتوراه في معمل هرنانديز للرذاذ الحيوي في عام 2021 والمشاركة بالدراسة: «لقد استخدمنا لعاباً مزيفاً لتقليد الجسيمات المحمولة جواً، ثم فحصنا عينات من الفيروس المحمي باللعاب تحت مجهر نموذجي على ألواح مسطحة، وكذلك باستخدام مجهر خاص يقيسها في الهواء».
وتضيف: «وجدنا أن البروتينات الموجودة في اللعاب، ليست هي التي تسمح للفيروس بالاستمرار جيداً في الهواء الجاف، ولكن الكربوهيدرات السكرية هي التي تعمل على استقراره».
وفي حين أن الكثير من أنواع الجسيمات المحمولة في الهواء، مثل جزيئات الملح الشائعة، تتبلور في الرطوبة النسبية المنخفضة، فإن جزيئات اللعاب تصبح هلامية، كما توضح كاباليرو.


مقالات ذات صلة

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

حبس سعد الصغير يجدد وقائع سقوط فنانين في «فخ المخدرات»

المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
TT

حبس سعد الصغير يجدد وقائع سقوط فنانين في «فخ المخدرات»

المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)

جدد حبس المطرب المصري سعد الصغير الحديث عن وقائع مشابهة لسقوط فنانين في «فخ المخدرات»، وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت، الاثنين، بالحكم على الصغير بالسجن المشدد 3 سنوات، وتغريمه 30 ألف جنيه (الدولار يساوي 49.65 جنيه مصري).

الحكم بسجن سعد الصغير وتغريمه جاء على خلفية اتهامه بحيازة «سجائر إلكترونية» تحتوي على مخدر «الماريوانا»، بعد تفتيش حقائبه أثناء عودته من أميركا «ترانزيت» عبر أحد المطارات العربية، عقب إحياء حفلات غنائية عدة هناك.

وكشف الصغير خلال التحقيقات التي جرت أمام الجهات المختصة بمصر، أنه لم يكن على دراية بأن المادة الموجودة في «السجائر الإلكترونية» ضمن المواد المحظور تداولها، مؤكداً أنها للاستخدام الشخصي وليس بهدف الاتجار، وأرجع الأمر لعدم إجادته اللغة الإنجليزية.

الفنانة المصرية برلنتي فؤاد التي حضرت جلسة الحكم، على الصغير، أكدت أن الحكم ليس نهائياً وسيقوم محامي الأسرة بإجراءات الاستئناف، كما أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة سعد النفسية ليست على ما يرام»، لافتة إلى أنه «بكى بشدة خلف القضبان بعد النطق بالحكم، كما أنه يعيش في توتر شديد نتيجة القضية».

وقبل سعد الصغير وقع عدد من الفنانين في «فخ المخدرات»، من بينهم الفنانة دينا الشربيني، التي تعرضت للسجن سنة مع الشغل وغرامة 10 آلاف جنيه لإدانتها بتعاطي «مواد مخدرة».

الفنان أحمد عزمي (حسابه على «فيسبوك»)

وكذلك الفنان المصري أحمد عزمي الذي تم القبض عليه مرتين ومعاقبته بالحبس في المرة الثانية بالسجن 6 أشهر، بينما أعلن مقربون من الفنانة شيرين عبد الوهاب وقوعها في الفخ نفسه، مما جعلها تختفي عن الأنظار حتى تتعافى، كما أن طبيبها المعالج طالب جمهورها بدعمها. وحُكم على الفنانة منة شلبي بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ وتغريمها 10 آلاف جنيه، في مايو (أيار) الماضي، في قضية اتهامها بـ«إحراز جوهر الحشيش بقصد التعاطي في أماكن غير مصرح لها باستخدامها».

وقبل أشهر قضت محكمة الاستئناف بمصر بقبول معارضة الفنان المصري أحمد جلال عبد القوي وتخفيف عقوبة حبسه إلى 6 أشهر بدلاً من سنة مع الشغل وتغريمه 10 آلاف جنيه، بتهمة حيازة مواد مخدرة بغرض التعاطي.

«ليس كل مشهور مدمناً»

من جانبها، أوضحت الاستشارية النفسية السورية لمى الصفدي أسباب وقوع بعض المشاهير في «فخ المخدرات» من الناحيتين النفسية والاجتماعية، وأثره على المستوى المهني.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «التعميم على جميع المشاهير أمر خاطئ، فليس كل مشهور مدمناً أو خاض تجربة الإدمان»، موضحة أن «ذلك ينطبق أحياناً على بعض الفئات التي حصلت على الشهرة والمال والمعجبين لكنهم في الوقت نفسه يطالبون بامتيازات أكثر».

وأشارت إلى أن «الفكرة تكمن في أن المخدرات ربما تساهم بطريقة أو بأخرى في زيادة مستويات هرمون (الدوبامين) الخاص بالسعادة، وهذا جزء نفسي يدفع البعض للسقوط في فخ المخدرات».

الفنانة منة شلبي (حسابها على «فيسبوك»)

وتستكمل الصفدي: «ربما الوقوع في هذا الفخ نتيجة رفاهية أكثر أو البحث عن المزيد والسعي للمجهول أو الأشياء المتوفرة عن طريق السفر أو الوضع المادي».

واختتمت الصفدي كلامها قائلة إن «هذا الأمر لا يخص الفنانين وحدهم، لكنه يتعلق أيضاً بالكثير من المهن والتخصصات، لكن المشاهير يتم تسليط الضوء عليهم أكثر من غيرهم».