تجار دمشق تحت رحمة مداهمات المكتب السرّي

بسبب إفلاس الدولة وشراسة موظفي النظام في النهب والفساد

تجار دمشق تحت رحمة مداهمات المكتب السرّي
TT

تجار دمشق تحت رحمة مداهمات المكتب السرّي

تجار دمشق تحت رحمة مداهمات المكتب السرّي

تشكل هجمات المكتب السري على الأسواق الهاجس الأكبر للتجار الذين ما زالوا يعملون في دمشق، حيث تشمل الهجمات الأسواق الرئيسية والعريقة في دمشق، كالحريقة والحميدية والحمرا والشعلان والقصاع. وتنظم مخالفات بمئات الملايين من الليرات، عدا مصادرة البضائع بزعم أنها مهربة.
وتخفيفا لوقع مداهمات المكتب السري التابع للجمارك السورية على المخازن والمحلات التجارية، تسعى غرفة تجارة دمشق لدى إدارة الجمارك للبحث عن حل يجنب التجار المداهمات الجائرة والخسائر الفادحة التي تتسبب فيها حملات موظفي المكتب، والتي نشطت في الأشهر الأخيرة إلى حد أدى إلى جمود حركة السوق.
أحد تجار سوق الصالحية قال إن أكثر من ثلاثين عنصرا من الجمارك داهموا مخزنه الذي يضع فيه بضائع صينية مستوردة بشكل نظامي، وتابع التاجر، أن منظر المداهمين، أرعبه، وطريقتهم بالتعامل معه كمهرب أو قاطع طريق، كادت أن توقف قلبه، إذ لم يعترفوا بالوثائق النظامية لبضاعته المستوردة وهددوه بتنظيم ضبط بقيمة خمسة عشر مليون ليرة سورية. وبعد ساعتين من الجدل والمفاوضات قبلوا بقبض مبلغ خمسة ملايين كتسوية. ويؤكد هذا التاجر أنه لم يفكر يوما بمغادرة دمشق مع أن أولاده جميعا سافروا، لكن بعد هذه الحادثة بدأ إعادة النظر، في الأمر، ولا يستبعد أن يبيع كل ما يملكه وورثه عن أهله ليهاجر إلى أي بلد..«أي بلد أرحم من هذا البلد».. يقول بألم.
ويؤكد تاجر ألبسة قطنية أنه لا يتعامل بالبضائع المستوردة وبالأخص الصينية، لكن بعد غزو البضائع الصينية للسوق اضطر لشراء دفعة واحدة من أحد المستوردين المعروفين. ويقول التاجر، إن المكتب السري صادر البضاعة قبل وصولها إلى المحل، بزعم أن وثائق الاستيراد مزورة، وتم تنظيم ضبط بثلاثة ملايين ليرة، وبعد مفاوضات ومساع، تمت التسوية بمبلغ خمسمائة ألف ليرة. أما المستورد الذي اشتريت البضاعة منه فلم يتحمل المسؤولية، مؤكدًا أن أوراقه نظامية. وأكد التاجر أنها تجربة لن يكررها ولن يعمل مجددا بالبضاعة المستوردة، لأن التجارة في الحرب هي «لعب مع اللصوص».
ويروي عرفان، أن صديقه مالك سوبر ماركت شهير وهو من المدعومين من قبل رجال الأمن التابعين للنظام، وكان يبيع بضائع مهربة تحت إشرافهم ويدفع الإتاوات المطلوبة، إلا أن المكتب السري لم يوفره وهجم رجاله على المحل وصادروا كل ما فيه واعتقلوا صاحبه. ويرد عرفان أسباب هذه الحملات إلى إفلاس الدولة وحاجة النظام الماسة إلى تمويل لعملياته الحربية من جانب، وإلى شراسة موظفي النظام وإطلاق يدهم في النهب والسرقة والفساد.
المفارقة أن وسائل الإعلام الرسمية التي كانت قبل عامين تطالب غرفة التجارة بإلغاء عضوية التجار الذين غادروا البلاد منذ بدء الأحداث الدامية، مشيدة بنظرائهم الذين بقوا في البلاد كتجار يمتلكون حسا وطنيا، هي ذاتها وسائل الإعلام التي بدأت في الأشهر الأخيرة تشن حملاتها على التجار الذين لم يغادروا باعتبارهم تجار أزمات ومتهربين من الضرائب ومتحايلين على القانون.
تلك الحملات وضعت غرفة تجارة دمشق المتحالفة كليا مع النظام في موقع محرج، حيث لا يمكنها الدفاع عن مصالح التجار، فسعت للتفاوض مع إدارة الجمارك لإعادة النظر في طريقة عمل المكتب السري. وبحسب بيان لغرفة التجارة نشر يوم أمس الثلاثاء على موقعها بالإنترنت، حاول غسان قلاع رئيس الغرفة، أن يوضح للإدارة العامة للجمارك في الاجتماع الرابع، أن التجار المنتسبين للغرفة «ليسوا مهربين أو تجارًا مخالفين، بل على العكس هم فئة من التجار تعمل على الكسب الحلال وبناء الوطن، وأن المخالفات التي ظهرت عند بعض التجار كانت مبررة بسبب طبيعة البيان الجمركي المختلف والمختوم من قبل إدارة الجمارك». وقد تم الاتفاق على احتفاظ كل مستورد بنسخة عن البيان الجمركي الخاص ببضاعته، مقترنًا بالفاتورة ولائحة مفردات تفصيلية (مختومة أصولاً من إدارة الجمارك وموقع عليها من قبل الكشاف، توضح هوية البضاعة المستوردة)، مع إيصال التسديد المالي.
وكانت (غرفة تجارة دمشق) قد طالبت مديرية الجمارك العامة، في وقت سابق وبعد اشتداد حملات المكتب السري، بتوجيه دوريات الجمارك التابعة بالتمركز وبشكل دائم على بوابات خروج البضائع مباشرة من الأمانات الجمركية. وتشكيل لجنة متابعة وارتباط بين الغرفة ومديرية الجمارك تعمل على تنسيق المداهمات، ووضع المعايير لكشف المخالفات الخاصة بالبضائع المستوردة أو تزويرها أو تهريبها، ومثال ذلك أن البضائع المعدة للتصنيع لا تتطلب اسم المستورد واسم المصدر، على عكس المواد الغذائية فهي تتطلب اسم المصدر واسم المستورد.‏
إلا أن تلك المطالبات لم تجد قبولا، فيتم الاتفاق على احتفاظ التجار بوثائق التخليص التفصيلية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.