منافسة بين «كان» و«فينيسيا» على جديد بولانسكي

يعود بفيلم تقع أحداثه في جبال الألب

رومان بولانسكي مع ميكي رورك نجم فيلمه الجديد «القصر»   -   رومان بولانسكي مع جون كليس أثناء تصوير فيلم «القصر» (آي إم دي بي)
رومان بولانسكي مع ميكي رورك نجم فيلمه الجديد «القصر» - رومان بولانسكي مع جون كليس أثناء تصوير فيلم «القصر» (آي إم دي بي)
TT

منافسة بين «كان» و«فينيسيا» على جديد بولانسكي

رومان بولانسكي مع ميكي رورك نجم فيلمه الجديد «القصر»   -   رومان بولانسكي مع جون كليس أثناء تصوير فيلم «القصر» (آي إم دي بي)
رومان بولانسكي مع ميكي رورك نجم فيلمه الجديد «القصر» - رومان بولانسكي مع جون كليس أثناء تصوير فيلم «القصر» (آي إم دي بي)

انتهى المخرج الفرنسي - البولندي رومان بولانسكي (89 سنة) من تصوير فيلمه الجديد «القصر» (The Palace). لم ينته من تحقيقه للتو أو في الماضي القريب، بل في صيف العام الماضي. ففي السادس من يونيو (حزيران) أنجز تصوير آخر لقطة وبعد ذلك بنحو أسبوع التحق بالفيلم في ستديوهات ما بعد التصوير لتكملة العمل عليه.
مبدئياً، عمليات ما بعد التصوير لا تأخذ أكثر من ثلاثة أشهر إذا ما كان هناك بطء في العمل سببه انشغال المخرج عن متابعة العمل، أو بسبب قرار بإعادة تصوير مشهد أو أكثر. لكن الوارد عن مصادر وثيقة هو أن الفيلم لم يتعرض لأي من هذه المسببات وبالتالي هو فيلم جاهز للعرض. بكلمات أخرى، انتهى العمل عليه تماماً لكن لا المخرج ولا شركات الإنتاج الموزعة ما بين إيطاليا وسويسرا وبولندا، على عجل لعرضه بعد.
إنجاز الوعد
«القصر» هو الفيلم الحادي والأربعون للمخرج المعروف بسلسلة طويلة من الأفلام الكبيرة. انطلق في الخمسينات بأفلام وطنه البولندي. بدأت قصيرة من إخراجه وكتابته و(أحياناً تمثيله) ثم خطا خطوته صوب الفيلم الطويل سنة 1962 بفيلمه «سكين في الماء» (Knife in the Water). حين غادر بولندا إلى بريطانيا سنة 1965 ليُنجز فيها «نفور» (Repulsion) كان على استعداد ليبقى في أركان السينما البريطانية طويلاً وهو قضى فعلاً معظم الستينات هناك قبل أن تطلبه هوليوود لتحقيق أول فيلم أميركي له وهو «طفل روزماري» (Rosemary‪›‬s Baby) سنة 1968. أتبعه سنة 1971 بأحد أفضل ما تم إنجازه من أفلام مقتبسة عن تحفة ويليام شكسبير وهو «ماكبث».
النجاح قاده إلى نوع الفيلم البوليسي في «تشايناتاون» (1976) سنة 1974، ثم أنجز بعده فيلماً فرنسياً باللغة الإنجليزية هو «المستأجر» سنة 1976 قبل أن يعود هوليوود وفي البال صنع المزيد من الأفلام فيها والتحول إلى واحد من تلك الأيقونات الأوروبية التي حققت نجاحاتها الكبرى في الولايات المتحدة (مثل أوتو برمنجر، وجاك تورنور، وليام وايلر، ومايكل كورتيز وعديدين آخرين). لكن ما لم يكن على البال هو تعرضه لجريمة اغتصاب قامت حيثياتها أن الضحية كانت دون السن القانونية. كانت هذه «غلطة» حياته ولو أن بولانسكي رفض التهمة وأكد براءته، لكن التهمة كانت ثابتة، ما دفعه للهرب من أميركا إلى فرنسا حيث زاول باقي أعماله إلى اليوم.
افتقدت أفلام بولانسكي، بعد ذلك، إلى المستوى الواحد، وعدد من أفلامه أخفق في أن ينجز الموعود منها.
أحد تلك الأفلام كان «قراصنة» من إنتاج التونسي طارق بن عمار وبعده أنجز عدداً كبيراً من الأفلام التي تم تصويرها في فرنسا باللغة الإنجليزية، كما لو أنه يريد التأكيد على أنه يستطيع تحقيق أفلام ذات قالب أميركي حتى ولو كانت خارج هوليوود. من تلك الأفلام «مذعور» (Frantic) سنة 1988 و«قمر مر» (1992) و«الموت وخادمة» (1994) كما «البوابة التاسعة» (1999) وكلها لها - فنياً - حسنات وسلبيات وصولاً إلى فيلمين رائعين على التوالي هما «عازف البيانو» (2002) الذي واجه فيه ماضيه مع النازية مصوّراً خوف لاجئ يهودي لكنه في الوقت ذاته ألغى الصورة النمطية للألماني جاعلاً من الموسيقى رابطة إنسانية بين بطليه (الأميركي أدريان برودي والبولندي ميكال زبروڤسكي).
خطة بديلة
حطت تبعات هذه القضية كما لو كانت جبلاً من الأثقال فوق كتفي المخرج. فلسنوات عديدة داوم بولانسكي السعي لإسقاط الدعوى ضده والقيام بإجراء اتفاق جديد مع المحكمة الأميركية يمكنه من المثول أمام المحكمة الأميركية مقابل رفع العقوبة عنه. لكن المحكمة الأميركية لم توافق، والقرار الذي صدر بإلزام البوليس الأميركي بالقبض على بولانسكي حال وصوله إلى أي من مطارات الولايات المتحدة ما زال ساري المفعول إلى اليوم.
كانت هذه الخلفية السبب الأكبر لاختياره حكاية ألفرد درايفوس لتقديمها قبل أربع سنوات في فيلمه ما قبل الأخير «ضابط وجاسوس» (2019) الذي عرضه في مهرجان ڤنيسيا آنذاك.
لكن موضوع فيلمه الجديد «قصر» ليس واضحاً بعد. هو كناية عن عدد من الشخصيات تلتقي في فندق مترف بمناسبة رأس السنة حيث تتعرض لما لم تتوقعه من أحداث. ما هي هذه الأحداث أمر غير واضح، لكن ما هو مؤكد أن أحداث الفيلم تقع في جبال الألب السويسرية سنة 1999.
حقيقة أن الفيلم في حالة جمود وترقب تعني أن المخرج والشركة الإيطالية ذات الإسهام التمويلي الأكبر لهذا المشروع (RAI CINEMA) تدرس أياً من المهرجانين الكبيرين تريده كعرض عالمي أول؟ هل سيكون مهرجان «كان» في مايو (أيار) المقبل أو مهرجان ڤنيسيا في سبتمبر (أيلول) من هذا العام أيضاً؟ كلاهما يدخلان منافسة صامتة هذه الأيام بغية الفوز بهذا الفيلم الذي قد يكون آخر ما لدى بولانسكي من أعمال.
هناك من يقول إن الشركة، وبموافقة المخرج، وضعت خطة بديلة وهي عدم عرضه في أي مهرجان، بل الانطلاق به مباشرة لعروض تجارية أوروبية تبدأ في السادس من يونيو. لكن هذا هو نوع من الانتحار الفني ما يجعل احتمال الإقدام عليه بعيداً.
يبقى السؤال: لجانب ذلك، هناك بعض الملاحظات الطريفة التي لا بد من تسجيلها هنا:
أولاً: الفيلم من بطولة الأميركي ميكي رورك الذي كتبت له هوليوود تذكرة الوداع كنجم منذ عدة سنوات. ويشاركه في البطولة البريطاني جون كليز والفرنسية فاني أردان والإسباني يواكيم دا ألميديا.
ثانياً: السيناريو موقع بأسماء ثلاثة بولنديين: بولانسكي وإيڤا بياكوسكا ويرزي سكوليموڤسكي. بولانسكي وسكوليموڤسكي من جيل واحد ومن رحم سينما الخمسينات والستينات وكلاهما نزح إلى بريطانيا ولو أن الثاني ما زال يعيش ويعمل فيها.
ثالثاً: الميزانية بلغت 17 مليون يورو والفندق الذي تم استخدامه للتصوير ليس بعيداً عن منزل بولانسكي في المنطقة ذاتها (نواحي مدينة غستاد (Gstaad).
سيبقى السؤال مطروحاً حول من سيفوز بالعرض العالمي الأول؟ كذلك، ما قد يأتي به بولانسكي فيما بات شبه مؤكد من بأن الفيلم هو آخر ما يريد تحقيقه قبل الخلود إلى الراحة... هذا بالطبع إلا إذا وجد الرغبة في إنجاز عمل جديد لا يستطيع أن يقول لا له.


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».