العليمي: نشجع الوساطة السعودية مع الحوثيين... وأي اتفاق سيكون بين «الشرعية» والانقلابيين

رئيس مجلس القيادة قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحرس الإيراني سبب مشاكل المنطقة

الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني
الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني
TT

العليمي: نشجع الوساطة السعودية مع الحوثيين... وأي اتفاق سيكون بين «الشرعية» والانقلابيين

الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني
الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني

يلخص الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، مشكلة اليمن السياسية في أمرين: الإقصاء والتهميش. ويرى أن علاج ذلك يتمثل في رافعتين: التوافق والشراكة. وهذا ما كان يدفع نحوه حتى قبل أن يتولى قيادة مجلس القيادة الرئاسي اليمني.
ويدعم العليمي الوساطة السعودية مع الحوثيين بمشاركة عمانية، ويؤكد تلقي الحكومة اليمنية تحديثات مستمرة من الجانب السعودي بشأن مسار المحادثات، قائلاً، إن أي اتفاق في نهاية المطاف سيكون بين الحكومة والحوثيين.
مرّ 300 يوم على نقل السلطة في اليمن من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي إلى مجلس قيادة رئاسي برئاسة العليمي وسبعة أعضاء من مختلف القوى السياسية والتشكيلات العسكرية المناهضة للحوثيين.
توجهت «الشرق الأوسط» إلى بروكسل، العاصمة البلجيكية ومركز صنع القرار الأوروبي التي بدأ منها العليمي جولة أوروبية، وأجرت حواراً موسعاً مع رئيس المجلس.
أبرز ما جاء في الحوار تمثل في تشجيع الرئاسة اليمنية وتوضيح موقفها من الوساطة السعودية مع الحوثيين، إلى جانب تأكيدات رئاسية بأن قوات «درع الوطن» التي جرى الإعلان عنها حديثاً لن تحل مكان أي قوات أخرى، فضلاً عن توضيحات واستدلالات وجوانب اجتماعية وسياسية رسم خلالها الدكتور العليمي الذي يقف على عتبة السبعين من العمر جانباً من أفكاره وتصوراته، حاملاً همَّ 30 مليون يمني، يعمل ونوابه وحكومته ليل نهار، لإنهاء كابوس الانقلاب، واستعادة اليمن الذي يعاني ويلات الحرب منذ انقلاب الحوثيين، الجماعة المدعومة من إيران في سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى اليوم.
عدا عن تصالحه الشديد مع ذاته، والذي تمثل في انتقاده نفسه إبان عمله مع «المؤتمر الشعبي العام» لانتزاع «الغالبية المريحة» في البرلمان، وإقصاء بعض القوى، تدور أحاديث الدكتور العليمي على 3 مراكز: الشعب، التاريخ، التجربة.
فإذا تحدث عن نقطة سياسية أخذ يستشهد بقصة أحد أفراد الشعب، أو صديق، أو شخصيات معروفة.
ولا يناقش الصراع من دون الاستشهاد بالتاريخ، بل يصل إلى مرحلة انتقاد أعمال كان مشاركاً فيها إبان توليه مناصب ومهام حزبية إلى جانب المهام الحكومية.
أما التجربة، فتكفي النزاعات التي ألّف حولها كتاباً، وعمل ميدانياً على محاولة حلها، القبلية منها والأخرى التي ترتبط بالدولة كتمرد الحوثيين في الحروب الست، ومن مناصبه المختلفة، نائب رئيس الوزراء وزيراً للإدارة المحلية، أو وزيراً للداخلية أو رئيساً لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية، وغيرها من المناصب الأخرى التي كان العامل المشترك فيها ارتباطه المباشر وغير المباشر بشرائح مجتمعية عديدة.

وساطة السعودية مع الحوثيين؟
عند سؤاله عن التقارير التي تتحدث عن تقدم الوساطة السعودية بمشاركة عمانية مع الحوثيين، استهل الرئيس إجابته بالقول «هذه ليست للمرة الأولى، فقد كانت هناك (تفاهمات ظهران الجنوب) وانقلب الحوثيون على تلك التفاهمات والنقاشات، حتى قبل أن أكون في مجلس القيادة الرئاسي باعتبار عملي السابق كنت مستشاراً للرئيس السابق (عبد ربه منصور هادي) نعرف أن هناك تواصلاً وقنوات اتصال».
علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني اطلع من التحالف على النقاشات التي تجري. يضيف رئيس مجلس القيادة «نعتقد أن النقاشات والتواصل عمل إيجابي؛ لأنه سيخدم عملية السلام والاستقرار في اليمن... الأمر الآخر، سمعناه من الأشقاء في المملكة، وهو أنه لن يكون هناك اتفاق سعودي - حوثي، وإذا كان هناك اتفاق فسيكون بين الحكومة اليمنية والانقلابيين. وإن أسفرت المحادثات عن خريطة طريق تبدأ بتمديد الهدنة، ووقف إطلاق النار، والدخول في مشاورات شاملة تشمل الجانب السياسي والأمني والعسكري والطرق والأسرى وكل القضايا، فهذا سيكون بين الحكومة والحوثيين».
ثم عاد بالتأكيد على تشجيع ذلك، وكرر القول «نحن نرحب به ونعتبر أنه جهد جيد تبذله المملكة وندعمه لأننا نبحث عن السلام والاستقرار لليمن وإنهاء الحرب».

علاقة «الشرعية» والتحالف
كانت هناك انتقادات يمنية لعلاقة الحكومة والتحالف، وربما كانت هناك بعض الأصوات في مشاورات الرياض قد تطرقت إلى ذلك، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
بدأ العليمي إجابته بالتذكير بأن التحالف تشكل بدعوة من الرئيس اليمني (السابق) لاستعادة الدولة اليمنية، واستعادة الشرعية الدستورية التي انقض عليها الانقلابيون، بعد حصار الرئيس وقتل المرافقين وحصار الحكومة وضرب قصر المعاشيق بالطيران، وخروج الرئيس السابق وطلبه التدخل بشكل مشروع وقانوني.
يتابع: تدخل تحالف دعم الشرعية، وهناك من ينتقد أن 8 سنوات من العمل المشترك بين التحالف والحكومة الشرعية لم تسفر عن استعادة الدولة، لكننا نقول بالعكس، لولا هذا التدخل لكان الحوثيون يسيطرون على اليمن كاملاً، ولكانت إيران اليوم هي التي تسيطر على الممرات المائية في باب المندب وبحر العرب، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة في مضيق هرمز، وهناك كثير من الناس الذين يتناسون هذا المنجز. على الأقل تمت المحافظة على جزء كبير من اليمن، كما تم الحفاظ على شرعية الدولة، وهي مصلحة وطنية.
يطرح رئيس المجلس في سياق حديثه سؤالاً: لماذا هي مصلحة وطنية، ثم يجيب قائلاً «دعنا نستعرض نموذجاً، انظر كيف بقي الصومال نحو 30 عاماً بلا هوية ومواطنوه بلا جوازات سفر ولا حكومة. على الأقل اليمنيون الآن لديهم سفارات في الخارج، وتمثيل دولي، واعتراف إقليمي ودولي. يسافر اليمني اليوم بجواز سفر يحمل اسم الجمهورية اليمنية».
وللتأكيد على ما قاله، رسم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني «سيناريو افتراضياً»، فقال «تخيل أن الحوثيين سيطروا على اليمن كاملاً، أنا متأكد أن المجتمع الدولي والإقليمي لن يعترف بحكومة الانقلابيين، وسيقاوم اليمنيون بلا هوادة، كما حدث في الصومال، وقد تستمر معاناة اليمنيين ربما أسوأ مما هي عليه الآن بمراحل، لولا التدخل من قبل التحالف».
«وبغض النظر عن السلبيات وهي موجودة»، يقول العليمي «إن أبرز المنجزات الحيلولة دون استيلاء الحوثيين على كل الأراضي اليمنية، والمحافظة على الممرات المائية تحت سلطة الحكومة اليمنية، والحفاظ على شرعية الدولة والهوية اليمنية».
أما الجوانب الأخرى، «فنستطيع القول كانت هناك أخطاء من الحكومة والتحالف، وهي أخطاء تحصل لأنك تعمل، ومن لا يعمل لا يخطئ، ولكن اجتهد الجميع، وصوّبوا الأخطاء وهي بالنسبة لنا عبرة، عبر وجود استراتيجية واضحة لما ينبغي فعله في المستقبل».
كما يشيد العليمي بكل الدعم المالي والتنموي الذي تقدمه دول التحالف، ولعل آخرها تمثل في بيان أعقب وديعة سعودية بمليار دولار دعماً للاقتصاد اليمني قبل يومين؛ إذ شكر القيادة السعودية، وعدّ ذلك نموذجاً للتضامن، وتأكيداً سعودياً على رؤية مسؤولة تجاه اليمن وهويته وشعبه.

العملية السياسية
يؤمن رئيس المجلس بأن جل مشاكل اليمن التي يعاني منها خلال أزمته، من مشاكل اقتصادية وحرب ونزاعات داخلية وفقر مدقع وحالة إنسانية غير مسبوقة في العالم، سببها واحد؛ عرقلة العملية السياسية.
«قلت للملك اليوم (ويقصد فيليب ملك بلجيكا)، وبدأت له القصة من أحداث 2011. كان رزيناً ورائعاً في إنصاته». يقول العليمي «استعرضت المبادرة الخليجية التي جاءت لتحقن دماء اليمنيين بعد حرب وشيكة قد تستمر لسنوات، وكيف تجاوزت ذلك بعمل حل للمعارضة والمشاركة في حكومة مناصفة ونقل للسلطة بطريقة معينة، ودخلنا في الحوار الوطني الذي شارك فيه الحوثيون ثم لجنة الدستور وكنا على وشك الاستفتاء على الدستور، وكنا سننتخب رئيساً جديداً وبرلماناً جديداً، ثم حصل الانقلاب، وهو خلاصة المشهد (...) قلت للملك هذا المشهد الكامل، الحرب والقضية الإنسانية وكل شيء جاء بعد ذلك كله هو نتيجة لوقف العملية السياسية».
وبسؤاله عما قبل المجلس الرئاسي، حين شكل تحالفاً من 17 حزباً يمنياً مناهضاً للحوثيين. أجاب الرئيس «عندما كنا نفكر في تحالف الأحزاب اليمنية، كنت مع الراحل الدكتور عبد الكريم الإرياني (وزير الخارجية اليمني الأسبق ومستشار الرئيس اليمني السابق) نفكر بالطريقة التي أوصلتنا إلى هذا الحال في اليمن. وجدنا أن المشكلة الرئيسية تكمن في مسألتين: الأولى: الإقصاء، الأخرى: التهميش. ولكي نحل المشكلتين نحتاج إلى رافعتين: التوافق والشراكة».
«بدأنا نفكر في تشكيل تحالف سياسي بين المكونات السياسية اليمنية تقوم على المبدأين. دعونا (الإصلاح) كأول حزب. وقلنا لهم إن القصة باختصار أن ما أوصلنا إلى هنا هو الإقصاء والتهميش، ولا بد من استحداث تحالف للأحزاب، وبدأنا نكتب وثيقة ذلك التحالف، وشكلنا فريقاً لإعداد الورقة وكان من المؤتمر الشعبي أحمد بن دغر، وعبد الوهاب الآنسي من (الإصلاح)، وسلطان العتواني من (الناصري)، وعبد الرحمن السقاف من (الاشتراكي)، ومجموعة أخرى... وبدأنا فكرة التحالف السياسي، واختلفنا لاحقاً لأنه كان لا بد من وجود برنامج لهذا التحالف. استغرقنا عاماً كاملاً حتى خرجنا بالبرنامج، ثم اجتمعنا في سيئون وانتخبوني رئيساً للتحالف واستمررنا حتى جاء تشكيل مجلس القيادة الرئاسي».

الحوثيون والنضج السياسي
يتألم العليمي من مسألة أن «الحوثيين تجاوزوا كل القيم العرفية التي عرفها الشعب اليمني طوال التاريخ»، ويعتبر أن أفعالهم ضربت النسيج الاجتماعي اليمني. ويعتقد بأنه لو جرت انتخابات برعاية الأمم المتحدة في اليمن اليوم، فإن الحوثيين لن ينالوا صوتاً واحداً، مستدلاً بعدم فوزهم إلا مرة واحدة بمقعد واحد، وذلك خلال تسعينات القرن الماضي.
في العام 2018، قال السفير الأميركي الأسبق لدى اليمن ماثيو تولر لـ«الشرق الأوسط»، إن الحل السياسي اليمني لن يأتي إلا إذا نضج الحوثيون سياسياً. سألت «الشرق الأوسط» رئيس المجلس: متى سينضج الحوثيون سياسياً؟
كانت إجابة الدكتور العليمي رشيقة ومختزلة؛ إذ بدأ مازحاً «قد ينضجون بعد سن الأربعين» (في إشارة إلى أن زعيم الميليشيات لم يبلغ سن الأربعين بعد). وأكمل قائلاً «إذا توفر شرطان من الممكن أن نقول إن هناك بداية لنضج سياسي لدى الجماعة، الأول: أن يتخلوا عن فكرة الاصطفاء الإلهي لحكم البشر، لأن اليمنيين لن يقبلوا بذلك، فاليمنيون أنفسهم قاتلوا ألف سنة لهذا الغرض. وهناك انتقادات لهذه الفكرة حتى من المحسوبين على الميليشيات». وحكى قصة من كتاب ابن الأمير وعصره، حيث رفضوا حصر الإمامة في البطنين، وهي مشكلة تاريخية مزمنة.
الشرط الآخر «أن يتخلوا عن المشروع الإيراني الفارسي التوسعي في المنطقة. فالإيرانيون يريدون تفريغ الدين الإسلامي من محتواه الحقيقي لأهداف سياسية».

إيران... والموقف الأوروبي
لاحظ المهتمون بشؤون أزمات المنطقة أن تزويد إيران روسيا بالطيران المسيّر في الحرب، أسهم في فتح أبواب النقاش عن مخاطر الطائرات الإيرانية من دون طيار. ويشتكي اليمن ومعه المنطقة العربية كاملة من إيران ومشروعها في المنطقة. وبسؤال رئيس المجلس الرئاسي اليمني، قال الدكتور العليمي «كنا نتحدث عنها سابقاً ولم تعرنا تلك الدول أي اهتمام، لكن عندما وصلت إلى أوكرانيا بدأ الغربيون والأميركيون يفكرون بهذه المشكلة لأن مصالحهم الرئيسية الآن تضررت (...) ولذلك، أعتقد أن الموقف الأوروبي تغير، ورب ضارة نافعة، نحن لسنا مع الحرب في أي منطقة حول العالم، لكن لعلها رسالة تجعل المجتمع الغربي والدولي يشعر بالمخاطر التي سبق وأن حذرنا منها، فمن كان يتوقع أن دولاً أوروبية تطالب اليوم بإدراج (الحرس الثوري) الإيراني في قوائم الإرهاب».
وكشف رئيس مجلس القيادة، عن أن اجتماعات الجانب اليمني في بروكسل ركزت على هذا الأمر. «قلت لرئيس الاتحاد الأوروبي هذا الموقف متقدم ونشيد بهذه الخطوة فنحن متضررون منهم، و(الحرس الثوري) الإيراني هو سبب كل مشاكل منطقتنا، فهناك غرفة عمليات واحدة هي التي تدير هذا المشهد من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن، وعبر الحدود ربما لمواقع أخرى. كما قلت له نحن لا نريد أن نقول لكم إن هذا هو الموقف الصحيح، لكننا نعتقد أن هذا هو الموقف الصحيح الذي يجب أن يتخذ من قبل الاتحاد الأوروبي».

الهدنة وتعاطي الحكومة
شهد اليمن هدنة برعاية أممية ودعم من تحالف دعم الشرعية في اليمن. بدأت الهدنة في أبريل (نيسان) وجرى تمديدها أكثر من مرة حتى الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) عندما رفض الحوثيون تجديدها ببنود إضافية ومدة ستة أشهر.
كانت الهدنة قائمة على أربعة بنود: وقف النار، فتح مطار صنعاء، فتح معابر تعز (المحاصرة من الحوثيين)، وتدفق الوقود للحديدة.
التزمت الحكومة اليمنية بكل البنود، بل قدمت تنازلات عديدة وكان بإمكانها عرقلة بعض التقدم، لكنها آثرت خدمة الشعب، في حين لم تلتزم الميليشيات الحوثية بأي من البنود خاصة في معابر تعز، وحتى وقف النار شهد خروقات حوثية واسعة بشكل يومي تقريباً، بحسب اتهامات الحكومة ومنظمات المجتمع المدني اليمنية التي رصدت قناصة يقتلون مدنيين بينهم أطفال ونساء في تعز وفي مناطق أخرى.
ورغم انتهاء الهدنة، فإن الحكومة اليمنية لم تعطل وقف النار، ولم توقف رحلات صنعاء ولا تدفق الوقود للحديدة، بينما ارتكب الحوثيون جملة انتهاكات بعضها تمثل في هجمات صنفها مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والخارجية الأميركية بهجمات إرهابية، وهي تلك الهجمات التي طالت موانئ تصدير واستيراد النفط.
سألت «الشرق الأوسط» رئيس المجلس، لماذا استمررتم في السماح لرحلات مطار صنعاء، لأن ذلك قد يبدو مكسباً سياسياً حوثياً؟ إجابة الدكتور العليمي كانت مفاجئة، إذ لم يعتبر ذلك مكسباً للحوثيين، بل مكسباً للحكومة، وأوضح أنه لا يفكر هنا أصلاً في المكاسب بقدر ما كان منشغلاً بمصلحة الشعب اليمني. وقال، إن «الهدف بالنسبة لنا ليس الحوثيين، ولكن مراعاة أهلنا في صنعاء وغيرها من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، من مرضى والمضطرين إلى السفر، فنحن في النهاية مسؤولون عنهم؛ لأننا حكومة كل اليمنيين... ولا أعتبر هذا مكسباً سياسياً للحوثيين، بالعكس، هو مكسب للحكومة اليمنية، والأهم أنه مكسب لكل اليمنيين».
يضيف رئيس المجلس «كانت هناك مشاكل حرصت الحكومة على تجاوزها، لأننا نريد رفع المعاناة عن أهلنا في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين. نريد أن يتنفسوا من ذلك الضغط والظلم والارتهان والسجن الكبير الذي يعيشون داخله، وتجاوزنا كثيراً ليس من أجل الحوثيين ولكن من أجل أهلنا في تلك المناطق».

فلسفة نقل السلطة
تم تشكيل مجلس الرئاسة لأهداف ثلاثة. الأول: استعادة الدولة، وجمع الكل تحت هذا الإطار. بهذا يستهل العليمي حديثه عن فكرة مجلس القيادة الرئاسي. «الأمر الآخر، منع الصراعات الداخلية»، ويقول، إن «معالجة القضايا تقتضي منع نشوب أي صراعات قد تظهر داخل مناطق الحكومة الشرعية. وهذه الصراعات لا تخدم أحداً باستثناء الحوثيين».
«هذه فلسفة نقل السلطة، لماذا سبعة نواب والثامن رئيس المجلس... كان من الممكن أن يكون رئيس المجلس مع نائب أو اثنين أو ثلاثة؟» يعلل رئيس المجلس «نحن جمعنا هؤلاء جميعاً لكي نواجه المشروع الإيراني في اليمن. وبالتالي، فإن أي خلل أو مساس لهذا الهدف سيصب في خدمة الحوثيين، وأول مشكلة هي الصراعات البينية في المحافظات المحررة، والصراعات هنا ليست العسكرية وحسب، بل حتى السياسية تخدم الحوثيين».
الهدف الثالث يعتبره الرئيس «رئيسياً ومهماً»، ويتمثل في القضية الجنوبية. «نؤمن تماماً بأنها قضية عادلة. والحديث عنها في هذه اللحظة أو نقاش حلها في هذا الوقت قد يكون غير مناسب». يقول العليمي «عندما نستعيد الدولة، سنضع كل شيء على طاولة الحوار والنقاش ونضع المعالجات بالحوار وليس بالعنف، أو بالفرض».
ويقول الرئيس، إن «معالجة القضية الجنوبية يجب أن تكون في إطار حلول النظام السياسي، مضمون الدولة، وشكل النظام السياسي المستقبلي».
كان لافتاً أنه لم يتحدث عن قضية حساسة من دون وجود ضمانات، إذ قال العليمي «يجب أن نتأكد أن هناك ضمانات إقليمية، الإخوة الجنوبيون يقولون أحياناً ما هي الضمانات؟ ونحن نقول هناك ضمانات إقليمية لحل القضية الجنوبية وفقاً لهذا الإعلان، وبالتالي عندما يقال هذا الكلام فهو يشكل ضماناً رئيسياً لحقوق جميع الأطراف».

درع الوطن
جرى الإعلان نهاية يناير (كانون الثاني) 2023 عن تشكيل قوات «درع الوطن»، وشهد ذلك سجالاً كبيراً يعي رئيس المجلس أنه من باب التعبير عن الرأي. وبسؤاله عن القوات ومهامها، أجاب الرئيس بالقول «قوات (درع الوطن) كانت في الأساس تتشكل قبل حتى إصدار قرار نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، كانت هناك ألوية اليمن السعيد، وهذه الألوية ساهمت في الدفاع عن مأرب عندما كانت تحت حالة حصار شديد، حيث ساهمت بعض كتائب ألوية اليمن السعيد في تماسك مأرب وصمودها».
الأمر الآخر «كنا نفكر في مجلس القيادة تحت إطار خطتنا العسكرية المقبلة، حول ضرورة وجود قوة احتياطية مع الدولة؛ لأن هناك آلاف الشهداء في مختلف الجبهات، في الجوف والضالع ولحج والحديدة وصعدة ومأرب وتعز وشبوة وغيرها، وكثير من الجرحى أيضاً. لذا كان لا بد من وجود دماء جديدة، و(درع الوطن) تمثل هذه الدماء الجديدة. وهي قوة احتياط لا تؤدي أي مهام عوضاً عن أي قوات أخرى، سواء حرس جمهوري أو حرس رئاسي. هي قوة احتياطية لتنفيذ أي مهام يتم توجيهها من قبل مجلس القيادة الرئاسي».

التواصل مع الشعب
يحرص العليمي على إرسال رسائل للشعب اليمني من خلال خطاباته خلال المناسبات الوطنية، لكنه أيضاً يخصص جزءاً كبيراً من خطاباته التي يلقيها على المستوى الدولي في إرسال رسائل للشعب اليمني كاملاً، في المناطق المحررة أو في مناطق سيطرة الحوثيين.
يقول رئيس المجلس «إن الشعب اليمني يعاني في الداخل، ويعاني في الخارج، ويشعر الشخص بألم شديد بالتشرد الذي يعانيه اليمنيون في العالم بحثاً عن اللجوء، أو بحثاً عن لقمة العيش. فتخيل كم من فرد التقيت يبحث عن لجوء، ضباط سابقون وقيادات وأكاديميون ومسؤولون. اليوم قضيت ساعات وهي من أهم واجباتي في استقبال المواطنين الذين قدموا، سواء مسؤولين سابقين أو مواطنين عاديين كانوا معززين مكرمين».
يكمل قائلاً «الألم الأشد الذي نشعر به أيضاً هو عن المواطنين في الداخل، فالذين في الخارج على الأقل هناك أمل بسيط لهم، لكن في الداخل وفي مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون مأساة حقيقية وكبيرة. لا رواتب، ولا مداخيل، وقمع شديد. وسنكتشف لاحقاً ما هو أسوأ بكثير... هناك معاناة كبيرة في قمع النساء داخل مناطق سيطرة الحوثيين، أيضاً المعاقون لا يوجد من يهتم بهم، إلى جانب ضحايا الألغام، الأطفال ومأساة تجنيدهم أو عدم دخولهم المدارس. الناس تعيش مأساة حقيقية».

الشوق إلى صنعاء؟
«هل اشتقت إلى صنعاء؟» سألت «الشرق الأوسط» فأجاب العليمي «أكيد. كثير من الناس يقولون لي إن بيتك أصبح مركزاً لوجيستياً للحوثيين، ومطبخاً، ومقر اجتماعات. فرددت عليهم بالقول: ستعود، إذا عاد الوطن ستعود المنازل».
ثم عدل الرئيس من جلسته وحكى بصوت أهدأ قليلاً: كثير من الإخوة الذين وقفوا في منطقة رمادية من مسألة الشرعية والحوثيين، تحت مبرر الظروف العائلية أو الممتلكات وغيرها. كاشفت أحدهم مرة: هل تستطيع العودة لبيتك في صنعاء الآن وتستمتع بالحرية وتجلس في باحة المنزل بشكل طبيعي في صنعاء؟ قال: لا، فأجبته، بالتأكيد لأن الوطن هو المختطف وليس المنازل، وعندما نستعيد الوطن سنستعيد المنازل، هذه كومة حجار ليس لها معنى أمام الحرية والمواطنة المتساوية، الحقوق، العدالة... هنا يكمن الفرق.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.