تلقت الأوساط اليمنية الرسمية والشعبية الوديعة السعودية الجديدة لدى البنك المركزي اليمني في عدن، وقدرها مليار دولار، بارتياح كبير؛ إذ يعول عليها في تحسين سعر العملة المحلية ودعم واردات الغذاء الأساسية، وتمكين الحكومة من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وفي حين أثر على الفور إدراج الوديعة في حساب البنك المركزي اليمني على أسعار الصرف لتشهد تحسناً ملحوظاً، يأمل اقتصاديون يمنيون أن تتمكن الحكومة من استغلال المبلغ على أكمل وجه، وتلافي أوجه القصور في استخدام الودائع السابقة.
وعقب توقيع اتفاقية الوديعة، قارن الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بين أدوار المملكة الداعمة لليمن، والأدوار التخريبية لإيران، حيث عددوا العشرات من المشاريع والمنح التي قدمتها السعودية في مقابل الدمار الذي خلفته طهران عبر تزويد الميليشيات الحوثية بالأسلحة والألغام.
وكانت السعودية أعلنت، مساء الثلاثاء، إيداع مبلغ مليار دولار لدى حساب البنك المركزي اليمني، حيث تم توقيع اتفاقية الوديعة الجديدة «إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده»، وفق ما ذكرته «واس».
وتأتي الوديعة السعودية في سياق المساندة المتواصلة لليمن «تنموياً واقتصادياً، كما يأتي هذا الدعم تأكيداً من المملكة على وقوفها الدائم مع اليمن، حكومةً وشعباً»، وكذلك مساعدته «للنهوض بواجباته في سبيل استعادة أمنه واستقراره».
وبحسب البيان السعودي، فإنه «من المأمول أن تُسهم هذه الوديعة في تعزيز القدرات في مجال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي للجمهورية اليمنية مع صندوق النقد العربي كجهة فنية، ويهدف البرنامج لوضع خارطة طريق واضحة، ورؤية تهتم بالإنسان اليمني أولاً وتلامس احتياجاته، بالإضافة إلى تعزيز جهود بناء احتياطيات لدى البنك المركزي اليمني لتمكينه من تعزيز الاستقرار الاقتصادي».
الوديعة السعودية الجديدة تضاف إلى ودائع سابقة لدى البنك المركزي اليمني، حيث بلغ إجماليها منذ 2012 أربعة مليارات دولار، وهو الأمر الذي ساهم في تعزيز الاقتصاد اليمني وحمايته من الانهيار الشامل.
وفي أول تعليق لرئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي على تلقي الوديعة الجديدة، قال إن ذلك «سيمثل دفعة قوية للاقتصاد اليمني، واستقرار العملة الوطنية، والتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية التي صنعتها الميليشيات الحوثية الإرهابية بدعم من النظام الإيراني».
وعبر العليمي، في تغريدات على «تويتر»، عن عظيم شكره للسعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان «اللذين ضربا مثلاً في التضامن والدعم للشعب اليمني، وصولاً إلى التوقيع على تيسير الوديعة الكريمة للبنك المركزي». وأضاف: «على مدى سنوات الحرب الظالمة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، تؤكد المملكة قيادة وحكومة وشعباً، رؤيتها المسؤولة تجاه اليمن، والذود عن هويته الوطنية والعربية، ودعم اقتصاده، والتخفيف من معاناة شعبه دون تمييز في مختلف أنحاء البلاد».
وأثنى رئيس مجلس الحكم اليمني على كافة الجهود المشتركة من الجانبين اليمني والسعودي «التي أثمرت هذا الاتفاق المهم لدعم الاقتصاد اليمني، واستقرار العملة الوطنية ضمن مسار حافل بالتعاون الواعد، بما في ذلك برامج التنمية والإعمار، والعديد من المشروعات الخدمية الاستراتيجية» المرتقبة.
وفي حين تعد السعودية المانح الأول لليمن، سواء من خلال الودائع لدى البنك المركزي أو من خلال دعم الوقود أو الجوانب الإنسانية والتنموية التي تقترب من 20 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، يأمل الاقتصاديون اليمنيون أن يشكل ذلك حافزاً إضافياً للحكومة لإنجاح خطط إصلاح الاقتصاد، وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية.
ويشير الخبير الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي إلى أهمية توقيت الوديعة الجديدة، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنها جاءت «في ظل ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة والتعقيد، ووضع إنساني هو الأسوأ». ووصفها بأنها «تمثل بارقة أمل لتعافي العملة الوطنية، وتعويض إيرادات الحكومة من مبيعات النفط والتي توقفت منذ نحو 4 شهور بعد قصف الميليشيات الحوثية موانئ تصدير النفط في المناطق المحررة».
وأضاف المساجدي بالقول: «قبيل هذا الإعلان عن الوديعة كانت العملة تزحف نحو التدهور، وإن ببطء، فيما الأسعار تلتهب وتكوي بنارها المواطنين الذين يتهددهم انقطاع المرتبات، وعجز وشيك للحكومة عن دفع مرتباتهم، وتعثر المساعي الأممية والإقليمية في تجديد الهدنة وتوسيعها، حيث كان يتوقف على نتائج المساعي إمكانية استئناف تصدير النفط».
وأكد أن إعلان تقديم الوديعة الجديدة في هذا التوقيت جاء «لحلحلة العقد الاقتصادية، وإحداث بارقة أمل لاستمرار الحكومة في القيام بالتزاماتها تجاه المواطنين، حيث تحسن سعر صرف الدولار (الأربعاء) إلى 1186 ريالاً، نزولاً من 1240 ريالاً، وسط توقعات بمزيد من التحسن خلال الأيام المقبلة».
وأوضح المساجدي أن الحكومة اليمنية «كانت تعول على هذه الوديعة كمنقذ في ظل هذه التحديات». وقال: «الآن وقد تم تحويل المبلغ ينبغي تجاوز وتلافي أوجه القصور عند استغلال الوديعة ومصارفتها؛ لعدم الوقوع في المحذور، ولضمان الاستغلال الأمثل والاستفادة القصوى للاقتصاد اليمني».
وشدد الخبير اليمني على أهمية «استكمال الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، وتفعيل جميع أدوات السياسة النقدية، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية وقيم ومعايير الحوكمة في مؤسسات الدولة».
ارتياح يمني رسمي وتفاؤل شعبي إزاء الوديعة السعودية المليارية
ارتياح يمني رسمي وتفاؤل شعبي إزاء الوديعة السعودية المليارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة