الغنوشي يمثل مجدداً أمام القضاء التونسي بتهمة «التحريض» على الشرطة

سجن مدير إذاعة خاصة بدعوى الإساءة لرموز الدولة

الغنوشي لدى وصوله إلى مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أمس (أ.ف.ب)
الغنوشي لدى وصوله إلى مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أمس (أ.ف.ب)
TT
20

الغنوشي يمثل مجدداً أمام القضاء التونسي بتهمة «التحريض» على الشرطة

الغنوشي لدى وصوله إلى مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أمس (أ.ف.ب)
الغنوشي لدى وصوله إلى مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أمس (أ.ف.ب)

مثل رئيس «حركة النهضة» التونسية راشد الغنوشي؛ أحد المعارضين الرئيسيين للرئيس قيس سعيد، أمس، أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب؛ في دعوى اتهمته بوصف الشرطيين بـ«الطغاة»، بعد أن تقدمت بها نقابة الشرطة في أعقاب سلسلة اعتقالات نفذت وسط الأوساط السياسية منذ مطلع فبراير (شباط) الحالي. لكن بعد التحقيق معه؛ تقرر إبقاؤه في حال سراح.
ومن المقرر أن يمثل الغنوشي أمام «كتيبة البحث والتحقيق» التابعة للشرطة، غداً الخميس، في إطار تحقيق آخر فتح على أساس شكوى رفعها شرطي، ادعى أنه يملك تسجيلاً هاتفياً يدين رئيس «حزب النهضة» الذي صرح لدى وصوله إلى مقر قطب مكافحة الإرهاب للصحافيين قائلاً: «خصومنا عجزوا عن مواجهتنا بالوسائل الديمقراطية، فالتجأوا إلى استخدام القضاء»، مؤكداً أن «هناك استهدافاً سياسياً للمعارضة يتم بملفات فارغة. محاكمات وملفات مفبركة... تستهدف المعارضة بملفات فارغة... للتمويه وصرف النظر عن المشكلات الحقيقية لتونس».
من جهته، ندد أحمد نجيب الشابي، رئيس تحالف المعارضة الرئيسي «جبهة الخلاص الوطني»، بـ«المضايقات القضائية» بحق الغنوشي. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها سياسة قصيرة النظر في مواجهة الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية، وفي مواجهة العزلة الدولية للسلطة»، مؤكداً أن «القمع لم يوقف مطلقاً التوق للحرية».
وسبق أن مثل الغنوشي، الذي كان رئيس البرلمان، أمام قاضي التحقيق المختص بقضايا الإرهاب، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 لاستجوابه في قضية تتعلق بتهم «تسفير متطرفين» من تونس إلى سوريا والعراق. واستدعي أيضاً في 19 يوليو (تموز) الماضي للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، لكن «حزب النهضة» نفى التهم الموجهة لزعيمه.
كما اعتقل منذ بداية فبراير الحالي ما لا يقل عن 10 شخصيات؛ معظمهم من المعارضين المنتمين إلى «حزب النهضة» وحلفائه، بالإضافة إلى مدير محطة إذاعية خاصة كبيرة، ورجل أعمال نافذ.
في سياق ذلك، قال مصدر من «حزب النهضة»، لوكالة الأنباء الألمانية، إن قاضي التحقيق حقق مع الغنوشي بشأن كلمة «طاغوت» في دعوى حرّكتها نقابة أمنية ضده، وهي اللفظة التي تستخدم من قبل الجماعات المتشددة في تونس في إشارة إلى قوات الأمن والجيش، وتعتمدها تبريراً لشن هجماتها الدموية ضد هذه القوات. لكن «حركة النهضة» قالت إن التهمة «ملفقة» و«كيدية» تستهدف المعارضين للرئيس. فيما تجمع أمام مقر القطب القضائي مناصرون للحركة وقياديون من الحزب، ومحامون، لإعلان تضامنهم مع الغنوشي.
من جهة ثانية، أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي في تونس العاصمة أمراً بسجن نور الدين بوطار، المدير العام لإذاعة «موزاييك»، بتهمة الإساءة لأعلى هرم السلطة ورموز الدولة، وتأجيج الوضع في البلاد. لكن مصادر حقوقية تونسية قالت إن التهمة التي أودع بمقتضاها السجن لها علاقة أيضاً بتبييض أموال.
وعدّ أيوب الغدامسي، محامي بوطار، القرار الصادر ليلة أول من أمس «تهمة كيدية»، وقال في تصريح إعلامي: «تمنينا أن يتخذ قاضي التحقيق قراراً شجاعاً، بناءً على معطيات قانونية في الملف، وقرائن، تثبت أن التهمة كيدية، لكن ذلك لم يحدث»، مضيفاً أن «الإحساس بالأمان في البلاد صار منعدماً؛ لأن القضاء لم يوفر أدنى حماية لمواطنيه، واستند فقط على تقارير أمنية ضعيفة تحتوي معطيات كاذبة... هذا افتراء واضح وتنكيل بنور الدين بوطار، بسبب نشاط صحافيي الإذاعة... ولأن الخط التحرري هو ما يقلق موجه التهمة».
في السياق ذاته؛ أدان «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» قرار سجن بوطار على خلفية تهم وصفها بـ«الفضفاضة وترتبط على نحو مباشر بعمله الصحافي». وطالب بالإفراج عنه فوراً و«احترام حرية العمل الصحافي، وإنهاء الحملة التعسفية على الحريات، والكف عن استخدام القضاء لتجريم النشاط السلمي»؛ على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.