انقلابيو اليمن يقيدون ممارسة الأنشطة الرياضية بغرض الكسب المالي

جانب من ملعب يمني في مدينة إب تعرض للإهمال الحوثي (فيسبوك)
جانب من ملعب يمني في مدينة إب تعرض للإهمال الحوثي (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يقيدون ممارسة الأنشطة الرياضية بغرض الكسب المالي

جانب من ملعب يمني في مدينة إب تعرض للإهمال الحوثي (فيسبوك)
جانب من ملعب يمني في مدينة إب تعرض للإهمال الحوثي (فيسبوك)

لم تمضِ سوى أسابيع على نشوب الخلاف بين القيادات الحوثية في صنعاء على خلفية تحديد مواصفات العباءات النسائية المسموح بها، حتى نشب خلاف جديد عقب إصدار ما تسمى «لجنة التعبئة الرياضية» التابعة للجنة الثورية في محافظة إب تعليمات تقضي بمنع الأنشطة الرياضية، وعدم مزاولتها إلا بعد أخذ تصريح مسبق.
وبموجب تلك التعليمات، منع مكتب الشباب والرياضة في إب إقامة أي أنشطة رياضية، إلا بعد الرجوع إليه وإلى اللجنة الحوثية وتقديم معلومات تفصيلية عن نوعية النشاط الرياضي وزمن ومكان إقامته، وكذا بيانات عن القائمين على النشاط واللاعبين المشاركين فيه.
وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي التعميم الصادر عن القيادي الحوثي إبراهيم المساوى والموجه إلى رؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمديرين العامين للمكاتب التنفيذية، والمديرين العامين للمديريات، ومديري الملاعب الخاصة، يقضي بمنع الأنشطة الرياضية وعدم إقامتها إلا بعد تنفيذ الشروط والإجراءات التي حددتها الجماعة.
في غضون ذلك، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن انزعاج رئيس الحكومة الانقلابية غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور من تلك الإجراءات التي أقرتها اللجنة الحوثية في إب.
ولفت المصدر إلى مطالبة حكومة الانقلاب في صنعاء للمحافظ الموالي للجماعة في إب بالالتزام بتوجيهاتها السابقة الصادرة بخصوص ضبط عملية إصدار التعميمات الخاطئة، التي تمس حياة السكان في مناطق السيطرة الحوثية.
وجددت حكومة الميليشيات غير المعترف بها دولياً مخاطبتها للقيادات التابعة لها في إب بوقف ما سمّته «التصرفات الفردية» في إصدار التعميمات التي تمس حياة السكان وشؤونهم الخاصة، معتبرة تلك الممارسات أنها لا تخدم سلطاتها الانقلابية.
إلى ذلك شكا لاعبون رياضيون ومنتسبون إلى عدد من الأندية في إب، لـ«الشرق الأوسط»، من تعسف الميليشيات وإيقافها المتعمد للبرامج والأنشطة والبطولات الرياضية والشبابية.
وندد اللاعبون بالتعميم الصادر حديثاً عن الميليشيات في المحافظة، مؤكدين أنه يهدف إلى فرض مزيد من الجبايات غير المشروعة على كل لعبة ونشاط رياضي يشهده مركز المحافظة والمديريات التابعة لها.
وذكروا أن منع الجماعة إقامة الأنشطة الكروية بإمكانه أن يزيد من معاناتهم والكثير من زملائهم؛ خصوصاً في ظل استمرار ممارسات الانتهاك والفساد بحق المنشآت الرياضية والمرافق والأندية والملاعب والصالات الرياضية وبحق العاملين فيها.
وفي حين تواصل الجماعة تضييق الخناق على الرياضيين وحرمانهم من حق اللعب ومن أبسط الحقوق بغية تطفيشهم، تفيد مصادر رياضية يمنية بأن قادة الانقلاب يسعون إلى استقطاب آلاف الرياضيين تحت أساليب عدة، بهدف تجنيدهم للقتال بعد أن أصبحوا يواجهون الفراغ جراء الإيقاف المتعمد لمختلف الألعاب والأنشطة الرياضية.
وكشفت في وقت سابق مصادر حقوقية لـ«الشرق الأوسط» عن تصاعد كبير للانتهاكات الحوثية وأعمال التدمير الموجهة إلى معظم الأندية والملاعب والصالات الرياضية الواقعة ضمن مناطق سيطرة الجماعة.
وتصدرت محافظة إب خلال الأعوام الماضية، قائمة المحافظات التي طال مرافقها الرياضية الاستهداف الحوثي، تلتها صنعاء العاصمة التي تعرض قطاع الرياضة فيها لتدمير ممنهج.
وتنوعت بعض تلك الانتهاكات بين عمليات دهم لمقار أندية، وإهمال وعبث وتدمير للملاعب، وتحويل منشآت إلى أماكن للسكن والاستراحات وعقد اللقاءات وإقامة أعراس أبناء قادة الجماعة، إلى جانب السطو على أراضٍ تعود ملكيتها لأندية واتحادات رياضية، بحسب تأكيد المصادر.
وكحال بقية القطاعات التي تعرضت خلال سنوات الانقلاب الحوثي للإهمال والفساد والتدمير الحوثي المنظم، لا يزال قطاع الرياضة ومنتسبوه في العاصمة المختطفة صنعاء، وإب، وبقية مناطق سيطرة الجماعة، يرزح تحت وطأة ذلك العبث الانقلابي الممنهج.
وتسببت ممارسات الانقلابيين بخروج نحو 85 في المائة من مرافق الرياضة عن الخدمة، في حين أكد عاملون بإحدى الإدارات الرياضية الخاضعة للانقلاب في صنعاء أن تلك الممارسات قادت أيضاً إلى توقف 90 منشأة رياضية موزعة على 12 محافظة يمنية.
وأشار العاملون في قطاع الرياضة إلى توقف نحو 32 اتحاداً رياضياً عن العمل بشكل شبه كلي، في حين تواصل الميليشيات تحويل أكثر من 25 نادياً إلى استراحات لقادتها، ومستودعات وأماكن لتلقين الدروس، ومعسكرات لإعداد المقاتلين.
وسبق للميليشيات الحوثية أن أنشأت ما تسمى «لجنة التعبئة الرياضية» وكيانات رياضية أخرى موازية بغية تضييق الخناق على ما بقي من منتسبي ذلك القطاع واستقطاب شريحة الشباب والنشء المنخرطين في العديد من الأندية على مستوى مراكز المحافظات والقرى والمديريات وتحويلهم إلى جنود للقتال.
وكان مسؤولون في الحكومة اليمنية أكدوا أن الميليشيات الحوثية دمرت أكثر من 70 في المائة من المنشآت الرياضية، واتهموها بأنها تمارس العديد من الجرائم تجاه الرياضيين والمنشآت الرياضية بمناطق سيطرتها.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.