مناطيد «حافة الفضاء» للتجسس... والاختبارات العلمية

توظَّف للاستطلاع ودراسة الطقس والطيران على ارتفاعات عالية

منطاد استطلاعات عسكرية
منطاد استطلاعات عسكرية
TT

مناطيد «حافة الفضاء» للتجسس... والاختبارات العلمية

منطاد استطلاعات عسكرية
منطاد استطلاعات عسكرية

ينطوي وقتنا الحالي على الكثير من المخاطر للمناطيد، فقد أسقط الجيش الأميركي في الرابع من فبراير (شباط) منطاد تجسّس صينياً بعد استباحته الأجواء الأميركية، وتبعه إسقاط أسطولٍ من الأجسام الطائرة المجهولة.
تزدحم السماء بآلاف المناطيد التي تقوم بمهام عدّة من مراقبة الأحوال الجوية إلى جمع المعلومات الاستخبارية. ظهرت هذه التقنية منذ عقود، ولا تزال المناطيد الصناعية وسيلة موثوقة لإطلاق الأجسام على ارتفاعات عالية في السماء بسرعة وبكلفة منخفضة.
كشف المسؤولون الحكوميون تفاصيل قليلة جداً عن الأجسام التي أسقطوها، تاركين النّاس في حالة من الإرباك والحيرة مما يدور في السماء. فقد رأى آرثر هولاند ميشال، زميل في مجلس «كارنيغي للأخلاقيات في الشؤون الدولية»، أنّنا «نحتاج إلى معرفة المزيد عمّا يطير فوق رؤوسنا لأنّ هذه الأشياء التي تطوف السماوات تخيفنا بدرجة بالغة».
استخدام المناطيد
يقدّم برانشو فيرما، الخبير الأميركي في التكنولوجيا، عدداً من الاستخدامات الشائعة للمناطيد، بعضها مريب والآخر لا يستحق الاهتمام.
> التجسّس: تملك المناطيد تاريخاً زاخراً بالتجسّس. فقد أرسل استراتيجيون صينيون في القرن الثالث فوانيس في الهواء لتحذير المدن والبلدات من اقتراب أي هجوم. وخلال الحرب الأهلية الأميركية، وَظّفت قوّات المناطيد في جيش الاتحاد علماء مدنيين لتطيير مناطيد معبّأة بالغاز مهمّتها جمع معلومات استخبارية عن جيش الولايات المنشقة.
يتّسم منطاد التجسّس الصيني الأخير، الذي يوظَّف لعمليات مراقبة واسعة، بالحداثة والتطوّر، حيث يرجّح الخبراء أنّه من نوع المناطيد لطبقة الستراتوسفير (مناطيد الارتفاعات العالية) التي تُستخدم غالباً للبحث العلمي المدني.

منطاد لاستكشاف الفضاء القريب

تستطيع هذه المناطيد المعبّأة بالهيليوم، الطيران على ارتفاع يصل إلى 100 ألف قدم، واستخدام أجهزة استشعار تتزوّد بطاقتها من الشمس للمراقبة –الأمر الذي أكّده مسؤولون حكوميون كانوا على متن المنطاد الصيني.
من جهته، أكّد أندرو هاموند، المؤرّخ والمسؤول عن متحف التجسس الدولي، أنّ «هذا المنطاد ليس نفسه الذي كان أجدادنا يستخدمونه».
• التنبؤ بالأحوال الجوية: تساعد آلاف المناطيد الصغيرة يومياً على مراقبة الأحوال الجوية والتنبؤ بها، حسبما كشفت جيسي غيفن، مديرة في شركة «كايمونت كونسوليديتد» التي تزوّد الحكومة الأميركية بمناطيد الأحوال الجوية.
تمتلئ هذه المناطيد عادةً بالهيليوم والهيدروجين وتطير على ارتفاع يصل إلى ألف قدم في الدقيقة، وتتضمّن أجهزة استشعار صغيرة تقيس درجة الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح واتجاهها، ومن ثمّ ترسل هذه القراءات لمحطّات خدمة الطقس الوطنية في الوقت الحقيقي.
مع تصاعد المنطاد، ينمو الضغط الذي داخله بشكلٍ تدريجي ومستقرّ، وعندما يصل إلى ارتفاع 90 ألف قدم، يبلغ حدوده القصوى وينفجر إلى آلاف القطع البلاستيكية الصغيرة القابلة للتدوير. يهدف هذا التدمير الذاتي إلى تقليل تأثير هذه المناطيد على البيئة.
أبحاث عسكرية ومدنية
> الاستخدام العسكري والأبحاث: يستخدم الجيش الأميركي والعلماء مناطيد الارتفاعات العالية لأسباب لا تعدّ ولا تُحصى، حسب راس فان دير ويرف، نائب رئيس البرامج الستراتوسفيرية في «آييروستار» التي تزوّد «ناسا» والجيش الأميركي بالمناطيد.
تستخدم وكالة «ناسا» الفضائية أكبر مناطيد هذه الشركة لإرسال المناظير الفضائية الثقيلة على ارتفاع 100 ألف قدم ومراقبة تفاعل المعدّات مع ظروف الفضاء القريب.
ويستخدم الجيش الأميركي مناطيد الشركة الأصغر حجماً لتأسيس شبكات اتصال متحرّكة في المناطق الخالية من الاتصالات، بينما تستخدمها الوكالات العاملة في مجال الكوارث للحصول على اتصال خلوي في الأماكن المدمّرة بفعل الأعاصير.
كشف فان دير ويرف، عن أنّه وزبائنه يسجّلون رحلاتهم لدى إدارة الطيران الفيدرالي، كما يفعل الطيّارون، مشدّداً على «أنّ شركته لم تخسر أي منطاد في الآونة الأخيرة، وأنّ أياً من مناطيده لم يسقط».
> استكشاف الفضاء القريب: تسعى شركات كثيرة لاستخدام المناطيد للسياحة وإرسال البشر في رحلات على ارتفاع 100 ألف قدم في السماء –أي الارتفاع الكافي الذي يتيح لهم رؤية منحنى الكوكب.
تصنع شركة «وورلد فيو» ومقرّها أريزونا، مناطيد لإرسال أجهزة الاستشعار والمعدّات على مسافات بعيدة في الفضاء.
وتستهدف الشركة في مشاريعها المستقبلية مجال السياحة، حيث باعت 1250 بطاقة لأشخاص يريدون السفر على ارتفاع 11 ألف قدم في رحلة مدّتها بين ستّ وثماني ساعات، تتسع لثمانية مسافرين وطاقم من شخصين.
وكشف خوسيه ماريانو لوبيز أوردياليس، الرئيس التنفيذي لشركة «زيرو تو إنفنيتي» في برشلونة، عن أنّ شركته المتخصصة في صناعة المناطيد تعتزم بدورها دخول مجال السياحة. وادّعى أوردياليس أنّ منطاد شركته يستطيع رفع حجرة دائرية تتسع لراكبين وطاقمٍ من شخصين على ارتفاع 110 آلاف قدم. * مناطيد الهواة: يطلق الهواة حول العالم الكثير من المناطيد الصغيرة التي تمتلئ بالهيليوم، وغالباً ما تكون مجهّزة بمتعقّبات GPS وكاميرات، وتطير على نطاق أبعد من طائرات الدرون.
يستخدم بعض هؤلاء الهواة ناقلات راديو لتعقّب المناطيد التي ترتفع بين 40 و50 ألف قدم في السماء.


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.