منى سلامة تطرّز الشوكولاته بحب والدتها

تحضّرها بشغف الأطفال

في محل «هدى والشوكولاته» باقة أنواع شوكولاته لذيذة     -     منى شغوفة بصناعة الشوكولاته (الشرق الأوسط)
في محل «هدى والشوكولاته» باقة أنواع شوكولاته لذيذة - منى شغوفة بصناعة الشوكولاته (الشرق الأوسط)
TT

منى سلامة تطرّز الشوكولاته بحب والدتها

في محل «هدى والشوكولاته» باقة أنواع شوكولاته لذيذة     -     منى شغوفة بصناعة الشوكولاته (الشرق الأوسط)
في محل «هدى والشوكولاته» باقة أنواع شوكولاته لذيذة - منى شغوفة بصناعة الشوكولاته (الشرق الأوسط)

تختلف قصة منى سلامة مع صناعة الشوكولاته عن غيرها من القصص التي نسمعها عادة. فهي تخلت عن مهنتها الأساسية في عالم التسويق، وعادت لتستقر في لبنان كي تعيد لأنامل والدتها هدى رونقها.
بدأت قصة منى مع الشوكولاته منذ صغرها، عندما كانت تشاهد والديها يحضران الحلويات بمناسبة عيد ميلادها وأخواتها، فكانت تراقبهما بعيون الأطفال المعجبين بقامات أهاليهم.
كبرت منى وسافرت خارج لبنان بحثاً عن رزقها، وتركت والدتها تعمل في مجال صنع الشوكولاته اللذيذة. «كانت معظم محلات الباتيسري في لبنان تصنع لهم والدتي شوكولاته الـ»كوبيدون» (يصنع من الشوكولاته المخلوطة بالعسل والكاراميل). ومن ثم تطورت صناعاتها لتشمل أنواعاً مختلفة. ولكن ما كان يحزّ في نفسي هو ضياع اسم والدتي في مهب أسماء تلك المحلات الذائعة الصيت. فهم كانوا يغلفون هذه الصناعات بأسمائهم، ووالدتي هدى كانت مجرد مصدّر لهذه الشوكولاته ليس أكثر».
بدأت والدة منى سلامة بعملها الخاص هذا في الثمانينات، ولم تكن تعلم أنها وبعد 40 عاماً ستحصل على المكافأة التي لطالما انتظرتها وعلى يد ابنتها. فمنى قررت العودة إلى لبنان، وراحت تفكر في كيفية تحقيق حلم والدتها. فأن يصبح اسمها (هدى) مطبوعاً كماركة مسجلة لا أحد يستطيع تقليدها، هو حلمها الأكبر.

استحدثت منى أصناف شوكولاته تخرج عن العادية  (الشرق الأوسط)

«كنت خائفة من القيام بهذه الخطوة في ظل أوضاع غير مستقرة في لبنان. مترددة ولا أملك التمويل الكافي للقيام بهذه الخطوة. ولكن وفي يوم مشمس كنت أسير في شوارع ساحة ساسين رأيت إعلاناً لمحل للإيجار. لم أعرف من أين أتتني القوة والجرأة واتصلت بصاحب المحل. وفي ظرف ثلاثة أيام، وقعت الاتفاق واستأجرت المكان».
تخبر منى «الشرق الأوسط» عن يوم افتتاح محل «هدى والشوكولاته»: «كنت أنظر لأمي المتأثرة وعيوني تدمع من الفرح. فعندما علّقنا يافطة المحل (Hoda et chocolat) اجتاحنا معاً فرح لا يوصف. فأنا بذلك استطعت إسعاد والدتي واسترداد حقها الطبيعي في مشوار عمل دام أكثر من 40 عاماً».
تعلمت منى الكثير من والدتها، فكانت الوصفات الكلاسيكية تناسب زبائن أجيال سابقة. قررت أن تحدثها وتدخل عليها نكهات جديدة، «ركنت إلى حب الهال والمسكة وحبوب البن وبهارات القرفة وغيرها، كي ألون صناعاتي في عالم الشوكولاته فولدت عندي 4 أصناف حديثة الطعم».
في محلات «هدى والشوكولاته» الواقعة في ساحة ساسين في الأشرفية تحتار من أين تبدأ وأين تنتهي. فالشوكولاته الموزعة على الرفوف، وفي أوانٍ خاصة تدعوك إلى تذوقها من دون استئذان. «أحب هذا الشعور عند زبائني عندما يحتارون أي نوع شوكولاته يشترون. فهي إشارة إلى أني أجدت اختيار الطريق الصحيح في حياتي العملية».
4 أصناف شوكولاته تؤلف صناعات منى سلامة: الـ«أرابيسك» و«غورمانديز» و«الكلاسيك» و«المنمنم».
وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «الفئة الأولى استلهمتها من نكهات بلادي وحلوياتنا المعروفة كالمغلي وليالي لبنان وقمر الدين مع الزبيب، والتمر مع جوز الهند والسحلب، فيما الثانية أردتها مقتبسة عن الشوكولاته الفرنسية الشهيرة التي تقدم من دون تغليف. أما الفئة الثالثة فهي ترضي الزبائن الذين اعتادوا على أنواع شوكولاته معينة لا يحبون استبدال غيرها بها. وفي حبات الشوكولاته المنمنمة والمصنوعة على شكل نرد طاولة اللعب، أدخلت نكهات ومطيبات مثل المسكة وحب الهال».
تصف منى صناعة الشوكولاته بملعبها الذي تشعر فيه بأنها تطرز أحلامها وتحولها إلى حقيقة، «لن أستطيع وصف هذا الشعور الجميل عندي وأنا أصنع الشوكولاته وأتخيل أنامل والدتي التي تزورني في المحل بين وقت وآخر وهي تشد على يدي. لقد حققت حلمها أخيراً، ومن خلالها وجدت طريقي المهني الذي رغبت فيه منذ صغري».

شوكولاته معجونة بالحب (الشرق الأوسط)

تشعر منى وكأنها الطفلة التي تمارس لعبة مسلية لا تحب أن تتركها ولو للحظات. «أمضي في مطبخي أكثر من 12 ساعة، وتمر علي كثوانٍ قليلة من حبي لهذه المهنة. زرعت هدى في داخلي كل هذا الشغف لصناعة الشوكولاته. وأنا أحمل لها كل الحب والتقدير لمشوار خاضته وحدها وبإصرار وكان مكللاً بالقناعة».
احتفظت منى بفريق والدتها نفسه في المطبخ «إنهن نساء لبنانيات ربات منازل، لم أشأ أن أتخلّى عنهن لا سيما أنهن مسؤولات عن عائلاتهن. فنحن أصحاب المؤسسات الصغيرة تعذبنا كثيراً في السنوات الثلاث الماضية بفعل الأزمات المتلاحقة في لبنان، وكنا نقاوم للاستمرار والمكافحة». وتتابع: «عملنا هو حرفي ويدوي بامتياز. وأعتبر المؤسسات التجارية الصغيرة تشبه إلى حد كبير الجمعيات الإنسانية. ولذلك أتمسك بفريق عمل والدتي لأنهن بشكل أو بآخر يرمزن إلى اللبناني الصلب والمقاوم على طريقته».
وتختم منى: «أعرف اليوم أني قمت بإنجاز هام توجت فيه مسيرة المرأة التي كانت أهم محلات الحلوى في لبنان تفتخر بصناعاتها من دون ذكر اسمها. ولن أنسى بعض السيدات اللاتي كن يزرنها ويتذوقن حبات الشوكولاته التي تصنعها ويتركن لها تعليقاً يحزنها: «إنها لذيذة ولكن تلك التي تذوقناها في المحل الفلاني أطيب». فتلك السيدات لم يكن يعلمن أن أمي هي من تصنع تلك الشوكولاته التي تباع في أفخم محلات لبنان».


مقالات ذات صلة

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
TT

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»، فيروّج لها أصحاب المحلات الذين يبيعونها، كما اختصاصيو التغذية ومستهلكوها في آن. ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن طعمها ومذاقها، ويضعون هذه المكونات على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تسهم في التخفيف من الوزن. وضمن فيديوهات قصيرة تنتشر هنا وهناك يتابعها المشاهدون بشهية مفتوحة. فالمروجون لهذه الفواكه والخضراوات يفتحون العلب أو الأكياس التي تحفظ فيها، يختارون عدة أصناف من الفاكهة أو الخضراوات ويأخذون في تذوقها. يسيل لعاب مشاهدها وهو يسمع صوت قرمشتها، مما يدفعه للاتصال بأصحاب هذه المحلات للحصول عليها «أونلاين». ومرات لا يتوانى المستهلكون عن التوجه إلى محمصة أو محل تجاري يبيع هذه المنتجات. فبذلك يستطلعون أصنافاً منها، سيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات لا يبخلون على زوارهم بتذوقها.

خضار مقرمشة متنوعة (الشرق الاوسط)

تختلف أنواع هذه المنتجات ما بين مقلية ومشوية ومفرّزة. وعادة ما تفضّل الغالبية شراء المشوية أو المفرّزة. فكما المانجو والفراولة والتفاح والمشمش والموز نجد أيضاً الـ«بابايا» والكيوي والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها.

ومن ناحية الخضراوات، تحضر بغالبيتها من خيار وكوسة وبندورة وأفوكادو وفول أخضر وجزر وبامية وفطر وغيرها.

وينقسم الناس بين مؤيد وممانع لهذه الظاهرة. ويعدّها بعضهم موجة مؤقتة لا بد أن تنتهي سريعاً، فتناول الأطعمة الطازجة يبقى الأفضل. فيما ترى شريحة أخرى أن هذه المكونات المجففة والمقرمشة، يسهل حملها معنا أينما كنا. كما أن عمرها الاستهلاكي طويل الأمد عكس الطازجة، التي نضطر إلى التخلص منها بعد وقت قليل من شرائها لأنها تصاب بالعفن أو الذبول.

ولكن السؤال الذي يطرح حول هذا الموضوع، هو مدى سلامة هذه المنتجات على الصحة العامة. وهل ينصح اختصاصيو التغذية بتناولها؟

تردّ الاختصاصية الغذائية عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفواكه والخضراوات المقرمشة تعدّ من المكونات التي ينصح بتناولها. ولكن شرط ألا تكون مقلية. فالمفّرزة أو المجففة منها هي الأفضل، وكذلك المشوية. هذه المكونات تحافظ على المعادن والفيتامينات المفيدة للصحة. والبعض يأكلها كـ(سناك) كي يشعر بالشبع. ولذلك ينصح بتناولها لمن يقومون بحمية غذائية. فسعراتها الحرارية قليلة فيما لو لم تتم إضافة السكر والملح إليها».

يتم عرض هذه المكونات في محلات بيع المكسرات. والإعلانات التي تروّج لها تظهرها طازجة ولذيذة ومحافظة على لونها. بعض المحلات تتضمن إعلاناتها التجارية التوصيل المجاني إلى أي عنوان. وأحياناً يتم خلطها مع مكسّرات نيئة مثل اللوز والكاجو والبندق. وبذلك تكون الوجبة الغذائية التي يتناولها الشخص غنية بمعادن وفيتامينات عدّة.

فواكه وخضار طازجة (الشرق الاوسط)

وتوضح عبير أبو رجيلي: «كوب واحد من الخضراوات المجففة والمقرمشة يحتوي على ألياف تسهم في عدم تلف خلايا الجسم. وبحسب دراسات أجريت في هذا الخصوص فإنها تسهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين».

يحبّذ خبراء التغذية تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لأن فوائدها تكون كاملة في محتواها. ولكن تقول عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تناولنا خضراوات وفواكه طازجة ينعكس إيجاباً على صحتنا، ولكن المجففة تملك نفس الخصائص ولو خسرت نسبة قليلة من الفيتامينات».

تقسّم عبير أبو رجيلي هذه المكونات إلى نوعين: الفواكه والخضراوات. وتشير إلى أن الأخيرة هي المفضّل تناولها. «نقول ذلك لأنها تتمتع بنفس القيمة الغذائية الأصلية. بعضهم يقدمها كضيافة وبعضهم الآخر يحملها معه إلى مكتبه. فهي خفيفة الوزن وتكافح الجوع بأقل تكلفة سلبية على صحتنا».

وبالنسبة للفواكه المجففة تقول: «هناك النوع الذي نعرفه منذ زمن ألا وهو الطري والليّن. طعمه لذيذ ولكن يجب التنبّه لعدم الإكثار من تناوله، لأنه يزيد من نسبة السكر في الدم. أما الرقائق المجففة والمقرمشة منه، فننصح بتناولها لمن يعانون من حالات الإمساك. وهذه المكونات كما أصنافها الأخرى تكون مفرّغة من المياه ويتم تجفيفها بواسطة أشعة الشمس أو بالهواء».

بعض هذه المكونات، والمستوردة بكميات كبيرة من الصين يتم تجفيفها في ماكينات كهربائية. فتنتج أضعاف الكميات التي تجفف في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس. وهو ما يفسّر أسعارها المقبولة والمتاحة للجميع.

في الماضي كان أجدادنا يقومون بتجفيف أنواع خضراوات عدّة كي يخزنونها كمونة لفصل الشتاء. فمن منّا لا يتذكر الخيطان والحبال الطويلة من أوراق الملوخية وحبات البندورة والبامية المعلّقة تحت أشعة الشمس ليتم تجفيفها والاحتفاظ بها؟

وتنصح عبير أبو رجيلي بالاعتدال في تناول هذه الأصناف من فاكهة وخضراوات مجففة. «إنها كأي مكوّن آخر، يمكن أن ينعكس سلباً على صحتنا عامة».