«السوشي» يتنازل عن «نخبويته» وينافس عربات «الكبدة» في شوارع القاهرة

زبائنه يتأرجحون ما بين المحترفين والمبتدئين

إقبال ملحوظ من المصريين على السوشي الذي يباع على العربات (الشرق الأوسط)
إقبال ملحوظ من المصريين على السوشي الذي يباع على العربات (الشرق الأوسط)
TT

«السوشي» يتنازل عن «نخبويته» وينافس عربات «الكبدة» في شوارع القاهرة

إقبال ملحوظ من المصريين على السوشي الذي يباع على العربات (الشرق الأوسط)
إقبال ملحوظ من المصريين على السوشي الذي يباع على العربات (الشرق الأوسط)

لا تخلو الشوارع في مصر من عربات الطعام الشعبي، تلك التي تجتذب المارة بروائح الفول «المدمس» منذ طلوع النهار، مروراً بعربات سندويتشات الكبدة «الإسكندراني» والسجق، وحتى عربات البطاطا المشوية التي تفوح منها روائح ذكية تدفئ ليالي الشتاء القارس.
إلا أن نكهات «يابانية» بدأت فيما يمكن تسميته بكسر نخبويتها في المطاعم الفاخرة، والنزول إلى عربات الطعام المتجولة ببعض الأحياء المصرية، في دعوة للعابرين لخوض تجربة تذوّق مختلفة عن المألوف، وتذوق قطع من «السوشي»، الذي بات يشكل طبقاً أساسياً في مناسبات المصريين الاجتماعية.
ففي أحد الشوارع المحيطة بمنطقة الحصري، بمدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة)، تستقر عربة لبيع «السوشي» التي لا تفوح منها روائح مألوفة كتلك التي تصدر عن نظيراتها الشهيرة في مصر، كعربات الكبدة مثلاً، إلا أنك تلاحظ أنها قادرة على اجتذاب المارة للتوقف عندها، إما فضولاً أو حباً في هذا النوع من الطعام الوارد من القارة الآسيوية.
يقف حازم (26 عاماً) بجوار عربته الصغيرة التي تحمل لافتة باسم «سوشي بييس»، وعلى سطحها يستقر قارب خشبي مُعد خصيصاً لرص قطع السوشي بطريقة جمالية تقترب من عالم البحر، مبدياً حرصه على تغطية الطعام بغلاف بلاستيكي رقيق مُخصص لذلك في محاولة للحفاظ على نظافة معروضاته من التلوث.
بجوار صحن التقديم الذي يشبه القارب الصغير، يضع بائع «السوشي» عُبوات زجاجية وبلاستيكية مُختلفة من أنواع الصويا والصلصة الحارة (الواسابي)، يشير لها ويقول إلى «الشرق الأوسط»: «كل نوع هنا يمنح السوشي مذاقاً مختلفاً، فبعد أن يختار الزبون قطعه المفضلة، يختار معها إضافة من الصلصات التي أعرضها، وفي حالة إذا كان الزبون مبتدئاً في أكل السوشي، أنبه بأن هناك أنواعاً حارة جداً، قد تُزعج غير محبي الطعام الحريف».
ولكن هل استطاع السوشي، «النخبوي» أن يخلق لنفسه مكاناً بين عربات المأكولات الشعبية، بالتوازي مع وجوده المتزايد كوجبة رئيسية في الموائد التي تقام في الأفراح؟ الإجابة أنه لا يزال بالنسبة للكثيرين طعاماً مجهولاً، ويُقدم في مطاعم خاصة بهذا اللون من الطعام الياباني، بكل ما يتيحه لزبائنه من طقوس في طريقة تقديمه وتناوله أيضاً.

عروض للسوشي في شوارع القاهرة (شاترستوك)

الملاحظ أن إقبال المارة على تلك العربات، شجع على زيادة عدد تلك العربات التي بدأت تحظى برواج في أنحاء متفرقة من العاصمة وبعض المحافظات المصرية، وتنتشر بشكل خاص بجوار مراكز التسوق، والنوادي الرياضية والجامعات والشوارع الحيوية بشكل خاص، في محاولة للاقتراب من جمهورها المرجح الذي يأتي لتناول السوشي «تيك أواي».
ويعتبر حازم أن أكبر مقياس نجاح بالنسبة له وللآخرين من رفاقه الذين افتتحوا مشروعات لبيع السوشي على عربات هو أن «السوشي ينفد سريعاً ويُباع بالكامل خلال ساعات»، على حد تعبيره.
ويرى أن «السوشي» أصبح له شعبيته الخاصة بين أكلات التسلية وليس أكلات «سد الجوع»، مضيفاً: «ينقسم زبائني إلى قسمين، الأول من محبي السوشي، ويعرفون تماماً أنواعه المفضلة، وكذلك يختارون نوع الصلصة بخبرة ملحوظة».
أما النوع الآخر، بحسب حازم، «فهم من فئة راغبي الاكتشاف، وهؤلاء عادة ما يكون لديهم تصوّر مسبق أن السوشي عبارة عن سمك نيئ، ويكون دوري تعريفهم بهذه الأكلة وأنواعها، وعادة ما أقوم بترشيح أنواع السوشي المقلي لهم، لأن طعمه يكون محبباً أكثر من النيئ، خاصة للمبتدئين في تذوقه».
يبلغ سعر القطعة الواحدة من السوشي على العربة 12 جنيهاً، وهو سعر موحد لأي قطعة مهما كان نوعها، أما الاختيارات فيمكن للزبون التعرف عليها عن طريق وصف البائع لكل قطعة، أو عبر الاطلاع على قائمة يضعها على عربته تصف مكونات كل نوع.
ولعل أشهر الأصناف والأكثر طلباً هو: «رول الليمون» وهو عبارة عن سالمون وكريمة الجبن والجمبري ونكهة الليمون، وهناك «الفولكانو» ويتكون من الكابوريا والسلمون المدخن، بالإضافة إلى «الإليكتريك»، الذي يشي اسمه بأنه نوع حريف يحتوي على جمبري مايونيز حار وقطع من فلفل الهالبينو الحارق، بجانب سوشي «الفيلاديلفيا» وهو من الأنواع الشهيرة كذلك وهو عبارة عن كريمة الجبن والخيار والسلمون.
أما الأرز الأبيض فيدخل في كثير من أنواع السوشي، كما الوصفة التقليدية التي يتم فيها لفّه بحصيرة مصنوعة من ورق عشب البحر، سواء أرز مسلوق أو مقرمش، ورغم اختلاف مكونات الأنواع المقدمة، فإن تثبيت سعر جميع الأنواع له سبب بالنسبة لبائعي السوشي على العربات.
يضيف حازم: «لست وحدي من يثبت سعر جميع قطع السوشي أيا كانت مكوناتها، فهذا عُرف متبع لدى بائعي السوشي في الشارع، ويشجع الزبائن على تنويع اختياراتهم، وكذلك يُسهّل عملية البيع في الشارع».
وعن طريقته بالبيع، يقول: «أضع القطع التي اختارها الزبون في علبة بلاستيكية، ولها حجمان، الأولى صغيرة للذين يختارون شراء قطعتين أو ثلاث، والعلبة الأكبر لمن يشتري أكثر من ثلاث قطع» كما يقول بائع السوشي الذي يقوم كذلك بتقديم عيدان «الشوب ستيكس» لزبائنه وهي العصا الخشبية الشهيرة التقليدية التي تقدم في المطاعم اليابانية لأكل السوشي والنودلز.
ويقول: «عادة ما يجد الزبون أن تناول السوشي بتلك العيدان صعب، ويكون تناولها باليد حلاً أسهل».
أما التعريف بأنواع الصلصات فيقول حازم إنها تحظى بالفضول الأكبر من الزبائن: «أسماؤها غير مألوفة لمن لا يعرف السوشي، خاصة الواسابي، وهو عبارة عن معجون أخضر حار جداً، وأقوم بتحذير الزبائن حتى لا يكثروا منه، أما الصويا بأنواعها فهي مألوفة بشكل أكبر»، ويشير أيضاً إلى صلصة الـ«ترياكي» التي يقول إنها حل لمن يفضلون الطعم الحلو، خاصة أنها تحتوي على الصويا والسمسم والسكر البني، فهي اختيار جيد لكثير ممن قاموا بتجربته.
يتم إعداد السوشي في مطاعم صغيرة، ثم يتم توزيعها للبيع على عربات متنقلة، كما يشرح حازم كيف يتم تشغيل مشروعه: «هذا جعل السوشي متاحاً أمام جمهور الشارع، وليس مقتصراً على المطاعم المعروفة بارتفاع أسعارها نسبياً ولها جمهور مُحدد، أما في الشارع فهناك فرصة لمن يريد شراء أي عدد من القطع بسعر معقول، أو حتى الاكتفاء بقطعة أو قطعتين للتعرف على هذا النوع من الطعام».


مقالات ذات صلة

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات الشيف العالمي أكيرا باك (الشرق الأوسط)

الشيف أكيرا باك يفتتح مطعمه الجديد في حي السفارات بالرياض

أعلن الشيف العالمي أكيرا باك، اكتمال كل استعدادات افتتاح مطعمه الذي يحمل اسمه في قلب حي السفارات بالرياض، يوم 7 أكتوبر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مذاقات الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية…

كمال شيخو (القامشلي)

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أطباق تراثية تعود إلى الضوء

الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)
الباشا وعساكره (الشرق الاوسط)

يزخر مطبخ البحر المتوسط بأطباق طعام منوعة وغنية، بينها ما يعود إلى بلاد الشام وأخرى إلى بلاد الأناضول. فكل بلد يحضّرها على طريقته وبأسلوب ربّات المنازل. فكل سيدة تصنعها كما تشتهيها، وتحاول تعديلها بما يلائم رؤيتها في الطبخ.

مؤخراً، شهد المطبخ اللبناني عودة ملحوظة للأطباق التراثية. وبعض مؤلفي كتب الطهي وغيرهم من الطهاة المعروفين يبحثون عنها، فيجوبون القرى والبلدات كي يعثروا على أصولها الحقيقية.

«الشرق الأوسط» اختارت 3 أطباق تراثية من المطبخ اللبناني، بينها ما يعود أصولها إلى القرى والضيع، وأخرى تم استقدامها من بلد آخر لما شهد لبنان من حضارات مختلفة.

رشتة المعكرونة والعدس (الشرق الاوسط)

«الزنكل بالعدس» طبق شتوي بامتياز

قلّة من اللبنانيين يعرفون هذا الطبق أو سبق وتذوقوه من قبل. في انتمائه إلى الصنف التراثي القديم، يشتهر هذا الطبق في قرى البقاع وجبل لبنان والشوف.

يتألف هذا الطبق من ثلاثة مكونات أساسية، ألا وهي العدس وحبيبات الزنكل والبصل المقلي. يعتبر من أشهى وأطيب الأطباق الشتوية. سريع التحضير ويحبّه أفراد العائلة أجمعين.

من أجل إطعام أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، يكفي إعداد كمية 800 غرام من البرغل الناعم ووضعه في وعاء معدني ونقعه، يتم غمره بكمية من المياه ويترك لمدة ربع ساعة. ومن ثم يتم عصره لاستخراج المياه منه. ومع نصف كيلو غرام من طحين القمح يتمّ خلط الكميتين بواسطة اليدين. وعندما تصبح كعجينة متماسكة نقسّمها قطعاً صغيرة، ومن ثم ندوّرها لتأخذ حجم حبة الكرز تقريباً، وذلك تمهيداً لغليها مع «القليّة». وهي كناية عن مرقة مكوّنة من البصل والزيت، يضاف إليها مقدار كوب من العدس. وعندما ينضج العدس تصبّ جميع مكونات الطبق في وعاء واحد كي يغلي، فيوضع على نار هادئة فترةً تمتد بين 20 و30 دقيقة. ويقدّم هذا الطبق وجبة ساخنة بعد أن يضاف إليها الملح وبهارات الفلفل كلّ بحسب ذوقه.

"الزنكل بالعدس" طبق شتوي بامتياز (الشرق الاوسط)

تعدّ «الرشتة بالمعكرونة» من الأطباق السريعة التحضير، وتدخل على لائحة أشهر أنواع الحساء الشعبي في لبنان. وتشتهر هذه الطبخة في قرى جبل لبنان والمتن، وتتألف من ثلاث مكونات رئيسية ألا وهي المعكرونة والعدس والبصل.

يشبه تحضير هذا الطبق سابقه. وبعد أن يتم غلي العدس كي ينضج، يضاف إليه البصل المقطّع شرحات والمقلي بالزيت مع الكزبرة والثوم المهروس. في هذا الوقت يتم سلق 500 غرام من المعكرونة. وبعد تصفيتها يتم غمر جميع المكونات بالمياه، وتترك لنحو 10 دقائق على نار متوسطة، ويقدّم مع مخلل اللفت الأبيض.

«الباشا وعساكره» يفتح الشهية من سوريا إلى لبنان

البعض يعدّ هذا الطبق من أصول تركية، فيما أهل الشام يؤكدون أنه من ابتكارهم. ويشتهر به في لبنان أهالي قرى الشمال. وينتمي هذا الطبق إلى تلك التي تحضّر مع روب اللبن. ويتألف من قطع عجين محشوة بالبصل واللحم وقطع الكبة اللبنانية الفارغة. فيجمع بذلك طبقين معروفين في لبنان الـ«كبّة باللبن» و«الشيش برك».

يمكن تحضير الكبّة كما قطع الـ«شيش برك» في المنزل أو شراءها جاهزة.

ويتم تحضير روب اللبن بحيث يوضع نحو كيلوغرام منه في وعاء يضاف إليه ربع كميته من المياه. ويضاف إلى هذا المزيج ملعقتان من طحين الذرة. ويتم خلط المكونات الثلاثة بالمضرب إلى حين تأليفها مزيجاً متماسكاً. يترك هذا الخليط جانباً، في حين يتم قلي كمية من الثوم المهروس بزيت الزيتون أو الزبدة. ويمكن حسب الرغبة إضافة الكزبرة الخضراء إليه. فيما البعض يفضل أن النعناع اليابس والجاف عند الانتهاء من عملية الطهي. بعد أن نحصل على الثوم المحمّر نبقي الوعاء على النار ونضيف إليه المزيج المحضّر سابقاً. ويتألّف من اللبن والمياه وطحين الذرة. نأخذ بتحريك اللبن من دون توقف إلى حين وصول المزيج إلى درجة الغليان. بعدها وعلى نار هادئة نضيف إلى الخليط قطع الكبّة و«الشيش برك». وبعد نحو 10 دقائق يمكن تقديمه على المائدة مع كمية من الأرز المسلوق أو من دونه. ويمكن تزيينه بحبوب الصنوبر المحمّرة بالزبدة.