مكافحة الإرهاب على رأس أجندة كاميرون في جولته إلى جنوب شرقي آسيا

رئيس الوزراء البريطاني يبحث خلالها «التهديدات التي يواجهها العالم»

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو خلال مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو خلال مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)
TT

مكافحة الإرهاب على رأس أجندة كاميرون في جولته إلى جنوب شرقي آسيا

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو خلال مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو خلال مؤتمر صحافي في جاكرتا أمس (رويترز)

بدأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس جولة إلى جنوب شرقي آسيا يأمل أن يتوصل خلالها إلى توقيع اتفاقات تجارية بقيمة 1.2 مليار دولار وإلى تعزيز التعاون في مكافحة تنظيم داعش. ووصل كاميرون إلى إندونيسيا المحطة الأولى في جولة تستمر أربعة أيام يرافقه خلالها وزير التجارة و30 من كبار رجال الأعمال، يتوجه بعدها إلى سنغافورة وفيتنام وماليزيا.
وركز كاميرون خلال لقاءاته مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو ورئيس الحكومة الماليزية نجيب رزاق على مكافحة «العدو المشترك» المتمثل بتنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات واسعة من أراضي العراق وسوريا. والتحق مئات الشبان البريطانيين بصفوف المتشددين مما أثار مخاوف من إمكان أن يشنوا هجمات في الداخل بعد عودتهم. كما أن بريطانيا باتت تركز أكثر على التهديد الذي يشكله المتطرفون بعد الاعتداء الذي تبناه التنظيم على فندق في تونس الشهر الماضي الذي راح ضحيته 38 سائحا من بينهم 30 بريطانيا.
وتخشى إندونيسيا أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان التي تتصدى للتطرف منذ سنوات أن يكون قرابة 500 من مواطنيها التحقوا إلى التنظيم. وكان كاميرون صرح قبل مغادرته في أول زيارة له إلى الخارج منذ إعادة انتخابه في مايو (أيار) الماضي أنه سيتباحث مع قادة دول جنوب شرقي آسيا حول «أحد أخطر التهديدات التي يواجهها العالم». وقال كاميرون: «لن نتمكن من هزم هؤلاء الإرهابيين الوحشيين ما لم نتحرك في الداخل والخارج وعلى الإنترنت ونتحد كدول في كل أنحاء العالم ضد هذا العدو المشترك». وأضاف أن «بريطانيا يمكن أن تقدم استشارات حول سبل مكافحة الإرهاب، وأن تستفيد في المقابل من خبرة إندونيسيا وماليزيا في التصدي للتطرف وبناء مجتمعات متسامحة».
من جهة أخرى، تشكل التجارة موضوعا أساسيا بينما تسعى بريطانيا إلى إيجاد أسواق جديدة في آسيا التي تشهد نموا متسارعا، وأعرب كاميرون عن الأمل بتوقيع عقود بأكثر من 1.2 مليار دولار خلال جولته. وأكد كاميرون لوسائل إعلام بريطانية: «خلال السنوات العشرين المقبلة، 90 في المائة من النمو في العالم سيكون خارج أوروبا ولا بد أن تكون بريطانيا مستعدة للاستفادة من ذلك»، وتابع: «لذلك يسرني أن أنقل شركات بريطانية إلى هذه السوق الواسعة والدينامية وأن يؤدي ذلك إلى إيجاد فرص عمل لليد العاملة النشطة في البلاد». ومن ضمن المرافقين لكاميرون من رجال الأعمال ممثلون عن شركة «رولز رويس» لصناعة محركات السيارات و«جاي سي بي» لمعدات البناء. ويسعى كاميرون أيضا إلى تحقيق تقدم على صعيد المشاورات لتوقيع اتفاق للتبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي ورابطة دول جنوب شرقي آسيا، خلال لقائه مع الأمين العام للرابطة في مقره في جاكرتا. إلا أن التوتر يمكن أن يطغى على لقاء كاميرون مع ويدودو بسبب قضية بريطانية تنتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقها بتهمة تهريب المخدرات. وكانت ليندساي سانديفورد أعربت عن قلقها بدنو الموعد بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق مجموعة من الأجانب في أبريل (نيسان) الماضي مما أثار استنكارا دوليا.
كما يمكن أن يثير كاميرون بعض الجدل عند توقفه في ماليزيا مع تزايد النداءات ليلتقي ممثلين عن المعارضة أيضا. ويواجه رئيس الوزراء الماليزي أزمة نجمت عن ادعاءات بقيام شركة حكومية للإعمار قام بتأسيسها باختلاس ملايين الدولارات. وتقوم السلطات الماليزية ولجنة من مجلس النواب بالتحقيق في الادعاءات التي نفاها رزاق وإدارة الشركة بشدة.
ويغادر كاميرون جاكرتا اليوم للتوجه إلى سنغافورة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».