استبعد وزير الصحة التركي فخر الدين كوجا تفشي الأمراض الوبائية في مدن الخيام التي أقيمت لاستيعاب المتضررين من زلزالي 6 فبراير (شباط) المدمرين اللذين ضربا 10 ولايات في جنوب وشرق وجنوب شرقي البلاد، مشيراً إلى أن وزارته تطبق نظام إنذار مبكر يمنع تنفشي الأوبئة.
وأكد كوجا، في تصريحات خلال زيارته المناطق المتضررة في هاتاي، السبت، أنه على الرغم مما يعقب الكوارث من احتمالات تفشي الأوبئة، فلا يوجد خطر من شأنه أن يؤثر على الصحة العامة في المناطق التي تم فيها إقامة مدن الخيام والحاويات في الولايات المنكوبة وأن المخاطر المتعلقة بالأمراض المعدية المحتملة في منطقة الكارثة تحت السيطرة الآن مع إنشاء نظام الإنذار المبكر.
وقال كوجا إنه تم تسجيل جميع حالات الإصابة بالأمراض المختلفة في جميع المناطق، مشيراً إلى أنه تم رصد العدوى المعوية في 5746 شخصاً، واليرقان في 103 أطفال حديثي الولادة، والطفح الجلدي في 1483 شخصاً، وبدأ علاجهم على الفور.
وأشار إلى أنه تم رصد أمراض تشبه الإنفلونزا لدى 61 ألفاً و880 شخصاً، مؤكداً أن هذا لا يمثل تهديداً، وقد بدأ علاجهم.
وأضاف الوزير التركي أن عدد المصابين في مناطق الزلزالين بلغ 140 ألفاً، خرج منهم 13 ألفاً و612 شخصاً بعد علاجهم، ويعالج حالياً 21 ألفاً و859 مصاباً بالمستشفيات في الولايات العشر، ونقل 51 ألفاً إلى المستشفيات في ولايات أخرى.
وتابع أنه تم إنشاء 114 نقطة للاستجابة للطوارئ، و25 مستشفى ميدانياً ولكن هناك حاجة إلى 12 مستشفى آخر، لافتاً إلى أن جميع المستشفيات الميدانية تتمتع بخصائص المستشفيات العادية ويوجد بها جميع الأجهزة.
وذكر كوجا أنه تم البدء في إنشاء مراكز صحة الأسرة بمدن الخيام، التي سيعيش فيها المتضررون لفترة طويلة، و«أولويتنا هي مكافحة الظروف التي تهدد الصحة العامة والوقاية من الأمراض المعدية، وأعتقد أنه على الرغم من أن الظروف ليست سهلة، فسيبقى مواطنونا في حالة جيدة من خلال التدابير التي نتخذها، وأهمها توفير المياه النقية، لأن ذلك أحد أهم شروط الصحة العامة». وأشار إلى أن وزارة الصحة تقوم باستمرار بقياس مستوى الكلور للتأكد من بقائه عند مستوى 1.181 نقطة للحفاظ على نظام التعقيم الفائق بالكلور في خطوط المياه الرئيسية.
ودعا كوجا المواطنين إلى توخي الحذر، مؤكداً أنه تم اتخاذ جميع التدابير لمنع ظهور أمراض معدية أو وبائية، وبدأت إمدادات المياه الصحية، وتنظيف المناطق العامة وأنشطة الرش بمضادات الفيروسات والمطهرات.
وتسود مخاوف كبيرة من التداعيات الصحية السلبية المحتملة في المناطق التي أقيمت فيها مخيمات لإيواء المتضررين من الزلزال في ولايات جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا، في ظل انقطاع الماء والكهرباء، ونقص المواد الطبية ومستحضرات الوقاية من الميكروبات.
وأطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيراً، الأسبوع الماضي، أشارت فيه إلى أن عدد من تضرروا من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، قد يتجاوز 23 مليون شخص، بينهم نحو 5 ملايين في وضع هش.
وعبرت المنظمة عن القلق «من أزمة صحية كبرى قد تتجاوز أضرارها خسائر الزلزال»، وعن مخاوفها من «انتشار وباء الكوليرا الذي ظهر مجدداً في سوريا»، ووجود «أعداد ضخمة من الجثث التي خلفها الزلزال».
وقالت «الوكالة الأميركية للتنمية» بدورها، إن الولايات المتحدة ستقدم مساعدة بقيمة 85 مليون دولار إلى تركيا وسوريا بعد الزلزال: «سيتم تسديدها لشركاء على الأرض، بهدف تقديم المساعدة الطارئة الضرورية إلى ملايين الأشخاص، وتأمين مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي لمنع تفشي الأوبئة».
وتعرض أكثر من 82 ألف مبنى في تركيا للتدمير الكلي أو الجزئي نتيجة الزلزال. وتضررت البنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي في المناطق المنكوبة، وهو ما يزيد من خطر انتشار الأوبئة والأمراض المعدية مثل الكوليرا، في وقت يواجه فيه القطاع الصحي بتركيا ضغطاً شديداً منذ فترة وباء «كورونا» في عام 2020.
وحذرت أستاذة الأوبئة والأمراض المعدية، الدكتورة أسين داود أوغلو شينول، من احتمالات «انتشار الأمراض التنفسية، كالتهابات الرئة والشعب الهوائية، لا سيما لدى الأطفال وكبار السن، والإسهال والأمراض الفيروسية والوبائية مثل الملاريا والكوليرا، بسبب انتشار البعوض والذباب والقوارض التي تعد نواقل فعالة للعدوى».
وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مخاطر إضافية بسبب الاتصال المباشر بين أعضاء فرق الإنقاذ والإغاثة، والجثث تحت الأنقاض، وهو ما يمكن أن يتسبب في انتقال بعض الأمراض الوبائية، مثل السل وفيروسات الكبد الوبائي (ب) و(ج)، وغيرها».
ولفتت إلى أنه «لا بد من توفير أعلى درجات الحماية والمواد المضادة للفيروسات، وتوزيعها على المقيمين في الخيام، مع توفير جميع احتياجات المستشفيات الميدانية للتعامل مع الوضع الراهن».
وكانت «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسيف) قد حذرت من أن أكثر من 7 ملايين طفل سيتضررون من الزلزال الذي ضرب تركيا وأجزاء من سوريا.
وقال المتحدث باسم المنظمة جيمس إلدر للصحافيين: «في تركيا، كان مجموع الأطفال الذين يعيشون في الولايات العشر التي ضربها الزلزالان 4.6 مليون طفل، وفي سوريا تأثر 2.5 مليون طفل، فضلاً عن أكثر من 37 ألف قتيل في البلدين».
وأشار إلى أنه «بالنظر إلى عدد القتلى الكارثي والمتزايد (أكثر من 40 ألفاً)، من الواضح أن كثيراً من الأطفال فقدوا أهاليهم في هذه الزلازل المدمرة»، محذراً من أن «الرقم سيكون مرعباً». وأوضح أن «ثمة عائلات مع أطفالها تنام في الشوارع ومراكز التسوق والمدارس والمساجد ومحطات الحافلات وتحت الجسور، وما زالت مع أطفالها في مناطق مفتوحة خوفاً من العودة إلى منازلها، ويتعرضون جميعاً للعوامل الجوية في فترة من العام شديدة البرودة، وسط الثلوج والأمطار».
وكانت وزارة الصحة التركية أنشأت مراكز تنسيق للصحة العامة في الولايات العشر المتضررة، لحماية ضحايا الزلزال والأهالي عموماً، من مخاطر العدوى والأمراض الوبائية.
وذكرت الوزارة، في بيان، الثلاثاء الماضي، أنه تم إرسال 80 ألفاً و516 لقاحاً ضد التيتانوس، و3 آلاف جرعة من لقاح الكزاز وداء الكلب إلى المنطقة. وقال نائب مدير عام الصحة في كهرمان ماراش، الدكتور محمد أنيس غوكلار، إنه تم البدء في اتخاذ التدابير منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال الأسبوع الماضي، وتم تطبيق نظام التعقيم الفائق بالكلور في خطوط المياه الرئيسية، ويتم أخذ عينات من المياه أولاً بأول لتحليلها. وأضاف: «إن المعالجة بالكلور تتم أيضاً في الأماكن التي يتم فيها نقل المياه عن طريق الصهاريج، ويتم توفير المياه بعد هذه المعالجة الفائقة بالكلور، ويتم أخذ هذه العينات في الغالب ومراقبتها بشكل روتيني من جميع النقاط التي يتركز فيها المواطنون، مثل مدن الخيام ومراكز الإيواء والمستشفيات، كما تم إنشاء مناطق تفتيش في كل مدينة من مدن الخيام». وتابع أنه «يتم دورياً صرف الأدوية للأطفال المصابين بالتهاب الحلق أو الحمى، ومن الأمور المهمة الأخرى أننا نطبق نظام إنذار مبكر، نسميه (مراقبة المتلازمات)، الذي يمكّن من الكشف السريع عن الأعراض التي قد تشكل تهديداً للصحة العامة؛ حيث نقوم بجمع بيانات عن الأطفال المصابين بالإسهال من جميع مؤسسات الرعاية الصحية الأولية والإسعاف والمستشفيات، وتتم مراقبة ما إذا كانت هناك زيادة مقارنة باليوم السابق».
وأضاف غوكلار أنه «تم الاتصال بالنساء الحوامل واحدة تلو الأخرى في منطقة الزلزال، وتم إعطاؤهن الأرقام التي يمكنهن الوصول إليها في حالة الطوارئ، كما قامت الفرق الطبية بإنشاء سجلات للعائلات في تجمعات الخيام». وأكد «توفر عدد كاف من اللقاحات في المستودعات».
«وتم وضع ثلاجات صغيرة أو حاويات لنقل اللقاحات في مدن الخيام، وتوزيع اللقاحات على جميع النقاط وعلى المستشفيات، وفي الخطوة التالية، سنحدد وضع حالة تحصين أطفالنا، وسنقوم بتحصين الأطفال الذين فقدوا مواعيد اللقاحات أو الذين حان وقتهم».
وزير الصحة التركي: «نظام إنذار مبكر» لمنع تفشي الأوبئة
تدابير مشددة في مدن خيام المتضررين
وزير الصحة التركي: «نظام إنذار مبكر» لمنع تفشي الأوبئة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة