تركيا تضع إعلامياً من «الإخوان» قيد الإقامة الجبرية تمهيداً لترحيله

TT

تركيا تضع إعلامياً من «الإخوان» قيد الإقامة الجبرية تمهيداً لترحيله

أفرجت السلطات التركية عن الإعلامي الموالي لـ«الإخوان» المسلمين حسام الغمري، بعد احتجازه لأكثر من 4 أشهر بسبب نشاطه المكثف في التحريض على مظاهرات وأعمال فوضى، كان يفترض القيام بها في مصر في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ووضعته قيد الإقامة الجبرية تمهيداً لترحيله إلى دولة أخرى.
وكشف الغمري، الذي كان يقدم برنامجاً على قناة «الشرق»، الناطقة باسم الإخوان والمملوكة للمعارض المصري المقيم في إسطنبول أيمن نور، عن إطلاق سراحه عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ووضع وسماً يدعو فيه للإفراج عن نجله يوسف، الموقوف في مصر للسبب ذاته، ملمحاً إلى أنه سيواصل السير في نفس الخط الذي أدى إلى اعتقاله مرتين، وذلك لعدم التزامه بتعليمات السلطات التركية بوقف التحريض ضد مصر، في وقت بدأت فيه خطوات فعلية للتقارب بين أنقرة والقاهرة.
وقالت مصادر قريبة من الإعلامي الإخواني لـ«الشرق الأوسط» إنه تم الإفراج عن الغمري الذي كان محتجزاً بسجن في أغري (شرق تركيا)، لكن تم وضعه تحت الإقامة الجبرية، حيث يسمح له بالحركة في نطاق محدد لقضاء احتياجاته من طعام وشراب وغير ذلك، وتم وضع قيد إلكتروني في إحدى ساقيه لمنعه من التحرك في نطاق أوسع من المحدد. كما سمحت السلطات لمحامي الغمري وزوجته وابنه بزيارته في مقر إقامته الجبرية، مضيفة أن السلطات التركية أبلغت الغمري بالرحيل إلى الوجهة التي يختارها، لكنه لا يحمل جواز سفر صالحاً للاستخدام، بعد أن انتهت صلاحيته، ولم يتمكن من تجديده من القنصلية المصرية في إسطنبول. وتوقعت المصادر أن تساعد السلطات التركية في استخراج وثيقة سفر من القنصلية المصرية، حتى يتمكن الإعلامي الإخواني من المغادرة، ذلك أنه لا يحمل الجنسية التركية، كآخرين من عناصر الإخوان، وليس لديه جواز سفر آخر.
وكانت مصادر قريبة من الغمري قد أكدت أن السلطات التركية أدرجته على كود «جي 78»، الذي يدرج عليه الأشخاص الذين يشكلون تهديداً لأمن تركيا، وهو ما يعني إمكانية ترحيله إذا واصل عدم الالتزام بالتعليمات، حيث سبق التنبيه عليه بالتوقف عن التحريض، ثم وقف برنامجه «رؤية» على قناة «الشرق»، ومنعه من ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي محرض عبر مواقع التواصل، لكنه لم يلتزم بذلك، ما دفع السلطات التركية للقبض عليه في المرة الأولى، ثم القبض عليه ثانية لإصراره على عدم الالتزام بالتعليمات.
وقبل اعتقاله للمرة الثانية بساعات، ظهر الغمري في بث جديد على «يوتيوب» بعنوان: «ليس هناك نضال سهل... والدليل جيفارا»، واصل فيه الدعوة للاحتجاجات بشكل مباشر وغير مباشر، كما سبق أن أعلن عبر «تويتر» عند الإفراج عنه أنه سيستمر في مشاركته للدعوة إلى مظاهرات 11 نوفمبر، التي سبق أن أطلقها المقاول الهارب إلى إسبانيا محمد علي الموالي لـ«الإخوان»، في عام 2019 من أجل إسقاط النظام في مصر. لكن دعوته لم تلقَّ أي استجابة لرفض الشارع المصري المساس باستقرار البلاد. ولاحقاً، كشفت مصادر عن ترحيل الغمري إلى مركز للترحيل في ولاية أغري شرق تركيا تمهيداً لإخراجه من البلاد. وصدرت مطالب عبر حسابات وصفحات الإخوان في تركيا، تطالب بالإفراج عن الغمري، معتبرة أن اعتقاله يشكل إذعاناً من تركيا لمصر، ومطالبها المتعلقة بوقف أي معارضة لها على أراضيها.
وكانت أنقرة قد عملت منذ عام 2021، في إطار مساعيها للتقارب وتطبيع العلاقات مع القاهرة، على وقف الهجوم المكثف من قنوات الإخوان ومنصاتهم الإعلامية التي تحتضنها إسطنبول منذ عام 2013. وأوقفت برامج عدد من الإعلاميين، منهم معتز مطر، ومحمد ناصر، وحمزة زوبع، والفنان هشام عبد الله، وحذرتهم من مخالفة تعليماتها، ثم قررت وقف بث قناة «مكملين» من إسطنبول، التي رحلت إلى لندن، كما غادر كل من مطر وناصر إلى لندن أيضاً، حيث أنشأ الأول قناة له على «يوتيوب»، فيما يعمل الثاني من خلال قناة «مكملين».
وانهالت التعليقات من عناصر الإخوان المسلمين في إسطنبول على ما كتبه الغمري عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ليل أول من أمس، معلناً فيه الإفراج عنه، وأرفقه بصورة شخصية له، يبدو أنها في مطار إسطنبول، حيث ظهر وهو يحمل حقيبة «لابتوب» على كتفه، ما أوحى بأنه في طريقه إلى مغادرة تركيا. ومن ضمن ما كتبه الغمري أنه «لن يكون ظهيراً للمجرمين».
وخلت تعليقات عناصر «الإخوان» من أي إشارة إلى قرار الترحيل، أو انتقاد لتعامل تركيا مع الإعلامي الإخواني، ورحبت فقط بخروجه من السجن. فيما ينظر مراقبون إلى قرار ترحيل الغمري من تركيا على أنه خطوة لإظهار جدية من أنقرة في السير قدماً في طريق تطبيع العلاقات مع مصر عقب المصافحة واللقاء بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب إردوغان على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في قطر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.