الخارجية الفلسطينية تتعهد برفع ملف «الإعدامات» الإسرائيلية إلى الجنائية

بعد اتهام إسرائيل بقتل شاب فلسطيني في مخيم قلنديا إثر اعتقاله

فلسطينيون ملثمون ظهروا بأسلحتهم أثناء تشييع جثمان أبو لطيفة في مخيم قلنديا في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون ملثمون ظهروا بأسلحتهم أثناء تشييع جثمان أبو لطيفة في مخيم قلنديا في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية تتعهد برفع ملف «الإعدامات» الإسرائيلية إلى الجنائية

فلسطينيون ملثمون ظهروا بأسلحتهم أثناء تشييع جثمان أبو لطيفة في مخيم قلنديا في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون ملثمون ظهروا بأسلحتهم أثناء تشييع جثمان أبو لطيفة في مخيم قلنديا في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

هددت الرئاسة الفلسطينية باتخاذ قرارات وخطوات «هامة» في وقت قريب، ردا على سياسة التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، التي كان آخرها قتل شاب فلسطيني في مخيم قلنديا، بين رام الله والقدس أمس. فيما تعهدت الخارجية الفلسطينية بتقديم ملف «الإعدامات الميدانية» إلى محكمة الجنايات الدولية، ودعت حركة حماس من جانبها، إلى تصعيد المقاومة ردا على هذه الإعدامات.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، بعد قتل إسرائيل الشاب محمد لافي أبو لطيفة (18 عاما)، أثناء اقتحام مخيم قلنديا: «هذه الممارسات الإسرائيلية ستدفع القيادة الفلسطينية والأطراف العربية إلى اتخاذ مواقف وقرارات هامة وقريبة»، مشيرا إلى اتصالات يجريها الرئيس محمود عباس مع الأردن، وأطراف أوروبية ودولية، لمواجهة الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى وعمليات القتل اليومية واستمرار الاستيطان.
ولمح أبو ردينة إلى حراك فلسطيني مع كل من الدول العربية وفرنسا وأوروبا، لوضع أسس واضحة للذهاب إلى مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) المقبل، رغم الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها عباس شخصيا.
وقال أبو ردينة في تصريحات بثتها الوكالة الرسمية: «إن محاولات إسرائيل المستمرة لإنهاء أي محاولة للحفاظ على الأوضاع المستقرة وأي إحياء للعملية السياسية، ستؤدي إلى عواقب وخيمة»، مطالبا الحكومة الإسرائيلية بضرورة التوقف عن هذه الانتهاكات، التي تجر المنطقة إلى ما لا يحمد عقباه.
وتأتي تهديدات الرئاسة الفلسطينية بعد أسبوع متوتر شهد اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى والمدن الفلسطينية، وتخلله قتل 3 فلسطينيين وانتهى بقتل أبو لطيفة في قلنديا.
واتهمت السلطة الفلسطينية وعائلة الفتى، الجيش الإسرائيلي بإعدام الشاب أبو لطيفة بدم بارد، بعد اعتقاله حيا في المخيم، وهو ما نفاه الجيش الذي قال: إنه استمر في الهرب حتى سقط من أحد أسطح المنازل.
وكان الجيش الإسرائيلي قد اقتحم مخيم قلنديا فجر أمس، لاعتقال فلسطينيين، قبل أن يعتقل ما قال: إنه مطلوب ويقتل أبو لطيفة.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي: «إن فلسطينيا مطلوب القبض عليه للاشتباه في تخطيطه لشن هجوم، لقي حتفه حين سقط من سطح مبنى في الضفة خلال محاولته الهرب».
وأضاف المتحدث: «لقد تجاهل الأوامر بالتوقف وقفز إلى سطح مبنى، فأطلق الجنود النار على ساقيه لمنعه». وتابع: «ومع هذا واصل الشخص المطلوب الهرب، وعندما حاول القفز إلى سطح آخر زلت قدمه ووقع وأصيب جراء ذلك بإصابة أفضت إلى وفاته». وأردف: «حاول مضمد من أفراد حرس الحدود إنعاشه إلا أنه فارق الحياة بعد وقت قصير».
إلا أن رئيس اللجنة الشعبية في المخيم، جمال لافي، وهم عم الشاب أبو لطيفة، نفى رواية الجيش الإسرائيلي، وقال: إن قوات الاحتلال اعتقلت محمد حيا ثم قتلته.
وأضاف: «الشهيد محمد لم يكن مطلوبا لجيش الاحتلال، وتم مطاردته فجر اليوم، عند الساعة 5:30 صباحا، وجرى إطلاق النار على قدميه، ومن ثم اعتقاله وهو حي، لنفاجأ بعدها، بأن جيش الاحتلال أطلق النار على صدر الشاب، وقام بتكبيله بأسلاك كهربائية، وهناك ما يثبت أن أجزاء من أعضاء جسمه قد كسرت بفعل الاعتداء عليه».
وتابع: «لقد تم إعدامه بشكل مباشر، من قبل جيش الاحتلال، لأن إصابته في قدميه مكنت جيش الاحتلال من اعتقاله، إلا أنهم قاموا بتصفيته بعد اعتقاله».
وأكد رواية جمال، شاهد عيان يدعى شادي عوض، قال: إنه شاهد بأم عينيه كيف أن الطلقات النارية أفضت إلى موت أبو لطيفة، وأنه لم يسقط من أعلى المبنى. وأضاف، لقد «تم إطلاق النار عليه على سطح المنزل وبقي تقريبا نصف ساعة قبل أن يأخذوه». وينتمي أبو لطيفة إلى حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وشيعت جماهير غفيرة جثمانه أمس، إلى مثواه الأخير، وسط صيحات تطالب بالانتقام وإطلاق رصاص في الهواء.
ودانت الحكومة الفلسطينية: «الجريمة»، وطالبت المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المختصة «بالتدخل العاجل لوقف مسلسل عمليات القتل الإسرائيلية اليومية للمواطنين الفلسطينيين، وكذلك عمليات التوغل في المدن والمخيمات الفلسطينية، والاعتقالات الليلية واقتحام منازل المواطنين الآمنين، وكذلك تقطيع أوصال الضفة الغربية بالحواجز العسكرية والمستوطنات». وأوضحت: «إن جميع هذه الانتهاكات مخالفة للقوانين والاتفاقات الدولية، بخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي أوجبت توفير كامل الحماية للشعوب التي ترزح تحت الاحتلال».
وحملت الحكومة الفلسطينية، حكومة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، ودعت المجتمع الدولي إلى ضرورة محاسبتها وفق ما تقتضيه الأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية.
وقالت الحكومة: «إن إسرائيل باعتمادها سياسة التصعيد ضد شعبنا وأرضه ومقدساته تحاول جر المنطقة بأكملها إلى دوامة جديدة من العنف، ومن أجل التنصل من الالتزامات تجاه العملية السياسية، وتقويض الجهود الفلسطينية والدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة».
وتعهدت وزارة الخارجية الفلسطينية بتوثيق جميع جرائم «الإعدامات الميدانية»، ورفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية، قائلة بأنها «ماضية في عملها ومتابعاتها الدبلوماسية والقانونية من أجل تقديم المجرمين والقتلة إلى المحاكم الدولية، لمحاسبتهم على جرائمهم».
وقالت الخارجية بأن قتل أبو لطيفة «جريمة نكراء تضاف إلى سلسلة جرائم الإعدامات الميدانية التي تمارسها قوات الاحتلال». محملة الحكومة الإسرائيلية ورئيسها نتنياهو، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الإعدامات، وعن التعليمات التي تخوّل الجنود والضباط بإطلاق النار بهذه البساطة والسهولة لقتل الفلسطينيين بشكل مباشر.
ومن جهتها قالت حركة حماس، بأن طريقة إعدام قوات الاحتلال للشاب أبو لطيفة: «تستدعي ردًا قويًا ومؤلمًا من المقاومة في الضفة الغربية المحتلة».
وقال حسام بدران الناطق باسم حماس في تصريح صحافي: «إن الاحتلال الذي اعتقل الشهيد أبو لطيفة من منزله وهو في أتم صحته، وسلمه جثة هامدة، أوصل رسالة للشعب الفلسطيني بنيته التصعيد عبر إعدامه للشهيد وقتله بدم بارد». وأضاف: «إن المقاومة في الضفة الغربية ستؤلم المحتل ردًا على جريمة تصفية الشهيد أبو لطيفة، وكذلك ثأرًا للمسجد الأقصى المبارك الذي دنسه الجنود والمستوطنون».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».