أفريقيا ساحة مناورات عسكرية للقوى الكبرى

تدريبات تقودها أميركا شرقاً... وفعاليات روسية ـ صينية في الجنوب

عناصر من «أفريكوم» خلال تدريبات في كينيا عام 2022 (موقع وزارة الدفاع الأميركية)
عناصر من «أفريكوم» خلال تدريبات في كينيا عام 2022 (موقع وزارة الدفاع الأميركية)
TT

أفريقيا ساحة مناورات عسكرية للقوى الكبرى

عناصر من «أفريكوم» خلال تدريبات في كينيا عام 2022 (موقع وزارة الدفاع الأميركية)
عناصر من «أفريكوم» خلال تدريبات في كينيا عام 2022 (موقع وزارة الدفاع الأميركية)

يشهد فبراير (شباط) الحالي مظاهر عسكرية للتنافس الاستراتيجي بين القوى الكبرى في أفريقيا، حيث تجري الولايات المتحدة مناورات عسكرية في شرق القارة، عشية تدريبات واسعة لروسيا والصين في جنوب أفريقيا.
فعلى الساحل الشرقي لكينيا، يجري الجيش الأميركي حالياً مناورات عسكرية، وصفها بأنها «الكبرى للقيادة الأميركية في شرق أفريقيا»، بمشاركة القوات المسلحة الكينية، وحضور عناصر من الصومال وأوغندا ورواندا وبوتسوانا وجيبوتي، ودول أخرى.
وبحسب مصادر عسكرية كينية، تشهد المناورات، التي بدأت الاثنين الماضي، وتستمر حتى 24 فبراير الحالي، مشاركة نحو 3 آلاف جندي أميركي، وتتضمن تدريبات ميدانية وتمارين بالذخيرة الحية، وتدريبات بحرية، فضلاً عن «عمليات خاصة وتدريبات على الحرب الإلكترونية».
ووفق موقع «أرمي دوت ميل»، المتخصص في الشؤون العسكرية الأميركية، تقود قيادة فريق عمل جنوب أوروبا، التابع للجيش الأميركي في أفريقيا (SETAF - AF)، المناورات.
وقال أوستن بليسارد، المخطط الرئيسي للمناورات، إنها «تظهر رغبة الولايات المتحدة والدول الشريكة في زيادة الاستعداد وقابلية التشغيل البيني عندما يتعلق الأمر بالأمن الإقليمي والاستجابة للأزمات». وسابقاً، قال العقيد جون جيتهنجي، قائد الوحدة الكينية، إن «المناورات البرية والجوية تهدف إلى تحسين قدرات القوات المسلحة الكينية من خلال التعاون مع نظرائهم الأميركيين».
وتأتي تلك المناورات قبيل مناورات عسكرية مشتركة بين جنوب أفريقيا وروسيا والصين، ستجري من 17 إلى 27 فبراير الحالي، قبالة مدينتي دوربان وريتشاردز باي الساحليتين المطلتين على المحيط الهندي، بالتزامن مع الذكرى الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير.
ويشارك في المناورات أكثر من 350 من عناصر القوات المسلحة لجنوب أفريقيا «بهدف تقاسم مهارات تشغيلية ومعرفية» مع روسيا والصين، حسبما ذكر جيش جنوب أفريقيا الشهر الماضي، في ثاني تدريبات من نوعها للقوات البحرية الثلاث.
وامتنعت دولة جنوب أفريقيا عن إدانة غزو أوكرانيا، الذي أدى إلى عزلة موسكو على الساحة الدولية، قائلة إنها تريد البقاء على الحياد.
وندّدت كبرى مجموعات المعارضة في جنوب أفريقيا (التحالف الديمقراطي) بالمناورات، قائلة إنها بمثابة تأييد لروسيا، وهو ما يخاطر بتهديد العلاقات مع القوى الغربية.
وسابقاً هذا الشهر، أكدت الولايات المتحدة على التزامها العسكري تجاه المحيط الهادي، كما أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أهمية تعاون الحلف عن كثب مع الشركاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، قائلاً إن أوروبا لا يمكنها تجاهل ما يحدث في شرق آسيا، لأن الأمن العالمي مترابط.
ويرى الخبير والمحلل العسكري المصري، حمدي بخيت، أن «ما يحدث في أفريقيا هو مناخ مصاحب لعسكرة متنامية للتنافس بين القوى الدولية، حيث نشهد زيادة في الحشد والتدريب على احتمالات نشوب مواجهات عسكرية كبرى بين المحور الغربي الذي تقوده أميركا من جهة والمحور الصيني الروسي في المقابل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بجانب المواجهة الغربية الجارية مع روسيا، فإن الصراع بين أميركا والصين حول تايوان قابل بشدة للتصاعد والتفجر».
ويعتقد بخيت أن «التحركات والحشد الغربي في شرق أفريقيا أعادا المنطقة كمسرح لعمليات محتملة ستكون خلاله المنطقة نقطة الانطلاق الهامة لعمليات الولايات المتحدة في المحيط الهندي تحسباً لمواجهات محتملة مع الصين وروسيا». وبحسب بخيت «فإن أستراليا أيضاً تُجهز كقاعدة انطلاق ومنطقة لوجيستية ومنطقة إعادة تمركز على المحيطين».
وقال الخبير العسكري المصري: «المحور الروسي الصيني يحاول من جانبه الالتفاف على الوجود الأميركي الأفريقي، من خلال الحضور في جنوب أفريقيا كقاعدة انطلاق محتملة لقطع الإمداد، ونقطة مهمة للحشد والتمركز على المحيط الهندي والهادئ».
بدوره، أكد الخبير المصري في الشؤون الأفريقية رامي زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن «المناورات المتبادلة تشير إلى أن القارة الأفريقية تشهد في الفترة المقبلة مزيداً من إظهار للقوة بين الدول الكبرى من خلال الوجود العسكري الذي يأتي بموازاة زخم من التحركات السياسية والاقتصادية التي شهدناها الفترة السابقة من جانب أميركا وروسيا والصين وغيرها من القوى».
ورأى زهدي أن ذلك يأتي «في إطار التنافس على ضمان الورقة الأفريقية في النزاعات الجيوستراتيجية الدولية التي تزداد اشتعالاً، إلى جانب الصراع على موارد القارة السمراء».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

تشاد تنفي استهداف مدنيين خلال عملية ضد «بوكو حرام»

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» في حوض بحيرة تشاد.

وأكد المتحدث باسم الحكومة التشادية عبد الرحمن غلام الله، في بيان مساء الجمعة، أن «حكومة جمهورية تشاد تنفي بشدة التقارير الأخيرة عن هجمات نفذها الجيش التشادي ضد مدنيين، خصوصاً صيادين في منطقة بحيرة تشاد».

وأضاف أن «العمليات التي تم تنفيذها حتى الآن استهدفت مجموعات جهادية محددة جيداً».

استنفار أمني تشادي (متداولة)

وأكد أن العمليات العسكرية التشادية «منظمة ومنضبطة، وتحرص بشدة على عدم استهداف المدنيين أبداً».

واتهم صيادون محليون وميليشيات مناهضة للمتطرفين الخميس، الجيش التشادي، بقتل «عشرات» من الصيادين عن طريق الخطأ في نيجيريا، أثناء عملية ضد «بوكو حرام» في منطقة بحيرة تشاد يقول الرئيس محمد ديبي إنه يقودها «شخصياً».

وأكد ضابط تشادي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف هويته، أن الضربات «نفذت على جزر تقع على حدود نيجيريا والنيجر».

نفت الحكومة التشادية «بشدة» استهداف مدنيين خلال عمليتها ضد جماعة «بوكو حرام» (متداولة)

وأوضح أنه «كثيراً ما تتخفى جماعة (بوكو حرام) وسط الصيادين والمزارعين في كل مرة ترتكب فيها جرائمها، ولذلك يصعب التمييز بين السكان والإرهابيين».

وقال باباكورا كولو، زعيم ميليشيا مناهضة للمتطرفين في نيجيريا، الخميس، إن «طائرة (مقاتلة) تابعة للجيش التشادي هاجمت صيادين في جزيرة تيلما، ما أسفر عن مقتل كثير منهم».

وتابع: «ظنت الطائرة أن الصيادين إرهابيون من (بوكو حرام) التي هاجمت قاعدة عسكرية في تشاد الأحد».

وتؤكد الحكومة التشادية أن تلك «ادعاءات خاطئة» تهدف إلى «بث البلبلة وزعزعة استقرار الرأي العام».

ونفّذت جماعة «بوكو حرام» ليل الأحد - الاثنين، غارة على قاعدة عسكرية في منطقة بحيرة تشاد، بلغت حصيلتها «نحو 40 قتيلاً»، بحسب السلطات التشادية.

وتقع بحيرة تشاد بين النيجر ونيجيريا والكاميرون وتشاد، وتنتشر فيها جزر صغيرة تؤوي مقاتلين من «بوكو حرام»، وكذلك من تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا.

وتأسست جماعة «بوكو حرام» عام 2009 في نيجيريا، وتسببت مذاك في مقتل نحو 40 ألف شخص، ونزوح أكثر من مليونين، قبل أن توسع نشاطها إلى البلدان المجاورة.