أجسام مضادة لكورونا «أكثر فعالية» مع متغيراته

تستهدف جزءاً لا يتحور من بروتين الفيروس الرئيسي

رسم توضيحي للموقع الذي يستهدفه الجسم المضاد الجديد في بروتين الفيروس (معهد غارفان للبحوث الطبية بأستراليا)
رسم توضيحي للموقع الذي يستهدفه الجسم المضاد الجديد في بروتين الفيروس (معهد غارفان للبحوث الطبية بأستراليا)
TT

أجسام مضادة لكورونا «أكثر فعالية» مع متغيراته

رسم توضيحي للموقع الذي يستهدفه الجسم المضاد الجديد في بروتين الفيروس (معهد غارفان للبحوث الطبية بأستراليا)
رسم توضيحي للموقع الذي يستهدفه الجسم المضاد الجديد في بروتين الفيروس (معهد غارفان للبحوث الطبية بأستراليا)

تبين أن فئة جديدة من الأجسام المضادة لفيروس كورونا المستجد، عملت على تحييد أنواع متعددة من الفيروس، ما يمنح الأمل في دواء «أفضل» مضاد للفيروسات لعلاج أعراض الفيروس لدى الأفراد المعرضين للخطر، وفقاً لدراسة جديدة من معهد «غارفان للبحوث الطبية» بأستراليا.
والأجسام المضادة وحيدة النسيلة، هي نسخ مصنوعة في المختبر من البروتينات، تستخدم قبل العدوى أو بعدها لتقليد استجابة الجسم المناعية للفيروس وتعزيزها، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض مزمن أو من نقص المناعة.
وعلى عكس الفئات الخمس المعروفة سابقاً من الأجسام المضادة للفيروس، والتي تضاءلت فعاليتها مع المتغيرات الجديدة، تعمل الأجسام المضادة من الفئة الجديدة من خلال الارتباط بجزء مخفي نسبياً يصعب تحوره من البروتين الشوكي للفيروس الذي يمنحه شكله التاجي (بروتين سبايك). ويظهر البحث، الذي نشر في العدد الأخير من مجلة «نيتشر كومينيكيشن»، أن الأجسام المضادة الجديدة تعمل بشكل «فعال» على تحييد المتغيرات المثيرة للقلق من الفيروس، بما في ذلك سلالات دلتا وأوميكرون.
ويقول دانيال كريست، مدير مختبر علاج الأجسام المضادة في معهد غارفان، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الثلاثاء الموقع الإلكتروني للمعهد، إن «هناك آلية عمل جديدة نراها مع الأجسام المضادة من الفئة الجديدة». ويضيف أن «الأجسام المضادة من الفئة الجديدة فعالة جداً لأن المنطقة التي تستهدفها قريبة من مركز بنية البروتين، وعندما يلتصق الجسم المضاد هناك، فإنه يشوه البروتين ويمزقه، وسيكون من الصعب جداً على الفيروس التكيف مع ذلك».
ويقوم الباحثون حالياً باختبار الأجسام المضادة ضد سلالات أحدث من كورونا، مثل المتحور (XBB.1.5)، الذي يعرف باسم «كراكن»، والمتحور (XBF)، وإذا كانت النتائج واعدة، فإنها ستشكل الأساس للمرحلة الأولى من التجارب السريرية في غضون 12 إلى 18 شهراً.
ويقول جيك هنري، مساعد الأبحاث في معهد «غارفان»، والباحث المشارك بالدراسة، إن «جميع الأجسام المضادة المتوفرة تجارياً لكوفيد 19. لم تعد تعمل بشكل جيد، ما يشير إلى حقيقة أنها ترتبط بأكثر الأماكن وضوحاً على بروتين (سبايك)، موقع ارتباط مستقبلات (ACE2) بالخلايا البشرية بالفيروس»، ما يثير سعادته كون بحثه سيؤدي إلى علاج جديد مضاد للفيروسات يوفر (مناعة سلبية) موثوقة للأفراد المعرضين للخطر.
ويمكن لطريقة الاكتشاف الجديدة التي استخدمها الباحثون أن تسرع من تطوير علاجات بالأجسام المضادة لأمراض فيروسية أخرى، حيث تم اكتشاف الأجسام المضادة الجديدة في البداية بأعداد صغيرة في عينات من مرضى في سيدني أصيبوا بسلالة ووهان الأصلية من الفيروس، واستخدم باحثو معهد «غارفان»، بالتعاون مع شركاء إكلينيكيين وفريق متعدد التخصصات عبر معاهد بحثية أخرى، نهجاً يجمع بين سلسلة من تقنيات الخرائط والهندسة المتطورة لدراسة عينات الدم والتحكم في التفاعل بين هذه الأجسام المضادة العلاجية ومسببات الأمراض التي يستهدفونها.
ومن جانبه، يعتبر خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط، علاجات الأجسام المضادة، إحدى الأدوات «المهمة» في مرحلة التعايش مع فيروس كورونا المستجد، في ظل أن اللقاحات لا توفر الحماية الكاملة من الفيروس. ويقول شحاتة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الثابت أن اللقاحات تقلل من حدوث المرض الشديد الذي قد يؤدي للوفاة، لكنها لا تحمي بشكل كامل من الإصابة، ومن ثم فإن المريض سيحتاج دوماً إلى أدوية مضادة للفيروسات».
ويضيف أنه «كلما كان الدواء محدثاً، وقادرا على التعامل مع كل متغيرات الفيروس، كان ذلك جيداً».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».