متشددو سيناء يستقبلون قرار مد «الطوارئ» بتفجير حافلة جنود

رئيس مجلس حكماء القبائل لـ«الشرق الأوسط»: الأهالي يدركون دواعي الأمن القومي

جنديان من القوات المسلحة المصرية يحرسان نقطة تفتيش في العريش بسيناء شمال مصر (إ.ب.أ)
جنديان من القوات المسلحة المصرية يحرسان نقطة تفتيش في العريش بسيناء شمال مصر (إ.ب.أ)
TT

متشددو سيناء يستقبلون قرار مد «الطوارئ» بتفجير حافلة جنود

جنديان من القوات المسلحة المصرية يحرسان نقطة تفتيش في العريش بسيناء شمال مصر (إ.ب.أ)
جنديان من القوات المسلحة المصرية يحرسان نقطة تفتيش في العريش بسيناء شمال مصر (إ.ب.أ)

استقبلت الجماعات المسلحة في سيناء، قرارًا رسميًا بمد حالة الطوارئ في شمال شبه الجزيرة المصرية التي تشهد توترا أمنيًا، لمدة ثلاثة أشهر جديدة، بتفجير استهدف حافلة جنود شرطة أمس، وأسفر عن إصابة 18 جنديا، تبناه فرع تنظيم داعش في سيناء. وقال مصدر أمني إن غالبية المصابين إصاباتهم طفيفة وتماثلوا للشفاء.
وبينما شاب قرار مد حالة الطوارئ للمرة الرابعة على التوالي خلال عام واحد فقط، شبهة عدم الدستورية، أكد الشيخ علي فريج، رئيس مجلس حكماء القبائل العربية بشمال سيناء لـ«الشرق الأوسط»، إن «أهالي شمال سيناء كان أملهم أن ينتهي الحظر الذي تسبب في وقف الحركة، لكن في نفس الوقت هم يدركون دواعي الأمن القومي وضرورة الحفاظ على أمن مصر أيا كانت النتيجة».
وتصاعدت حدة أعمال العنف والتفجيرات التي تستهدف قوات الأمن في شمال سيناء وبعض المحافظات من قبل جماعات مسلحة، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي مطلع يوليو (تموز) 2013، حيث مقتل المئات من رجال الجيش والشرطة.
وأعلن مصدر أمني أمس انفجار عبوة ناسفة أثناء مرور حافلة تقل أفراد أمن مركزي أمام مسجد «الخلفاء» على طريق العريش الساحلي، مما أدى إلى إصابة نحو 18 من الجنود.
وأوضح المصدر أن 10 من الجنود المصابين خرجوا بعد تماثلهم للشفاء، عقب علاج استمر بضع ساعات، مشيرا إلى أن الإصابات عبارة عن جروح وشظايا محدودة وأن الباقيين حالاتهم مستقرة.
وبينما قامت قوات الأمن بتمشيط منطقة الحادث بحثا عن عبوات ناسفة أخرى، أكد شهود عيان أن قوات الأمن عثرت على عبوة ناسفة أخرى في محيط الانفجار تمكن خبراء المفرقعات من تفكيكها.
وعقب ساعات من الحادث، نشر تنظيم داعش بيانا على حسابه بموقع «تويتر»، أعلن فيه مسؤوليته عن التفجير. وقال التنظيم، الذي ينشط في شمال سيناء إنه في «عملية أمنية مباركة» وبعد إعلان الحكومة تمديد حالة الطوارئ وحظر التجوال في مدينة العريش، تمكن «جنود الخلافة» من تفجير حافلة ذات حمولة كبيرة تقل عددا كبيرا من الشرطة باستخدام عبوة ناسفة.
وأضاف التنظيم، في بيانه، الذي لم يتسن التأكد من صحته، أن استهداف الحافلة «أدى إلى هلاك وإصابة العشرات».
ويخوض الجيش المصري منذ عدة أشهر حربًا شرسة للسيطرة على شمال سيناء والقضاء على تلك التنظيمات. وقد شهدت المنطقة مطلع يوليو الحالي، اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش وعناصر تنظيم داعش في مدينتي الشيخ زويد ورفح، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 مسلح، و17 جنديا من الجيش، وفق ما أعلنه بيان للقوات المسلحة المصرية آنذاك.
وفي قرار كان متوقعا رغم إشكالياته القانونية والدستورية، أصدر إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري قرارًا بمد إعلان حالة الطوارئ في بعض المناطق بشمال سيناء لمدة ثلاثة أشهر أخرى، اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح أمس (الأحد).
وتضمن القرار، الذي نشر في الجريدة الرسمية للدولة، مد إعلان حالة الطوارئ الصادر به قرار رئيس الجمهورية رقم 189 لسنة 2015 في المنطقة المحددة، شرقا من تل رفح مارا بخط الحدود الدولية وحتى العوجة، وغربا من غرب العريش حتى جبل الحلال، وشمالا من غرب العريش مارا بساحل البحر وحتى خط الحدود الدولية برفح، وجنوبا من جبل الحلال وحتى العوجه على خط الحدود الدولية، وذلك لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح أمس.
ووفق القرار يحظر التجوال في المنطقة المحددة طوال مدة إعلان حالة الطوارئ من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، عدا مدينة العريش يكون حظر التجوال من الساعة الثانية عشرة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي أو لحين إشعار آخر. واستثنى القرار مناطق بالمدينة.
ونص القرار على أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وحفظ الأمن بالمنطقة وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين، كما نص على أن يعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه بالتطبيق لأحكام القانون.
ويجيز الدستور المصري للرئيس إعلان حالة الطوارئ لثلاثة شهور وتمديدها لمدة أخرى مماثلة بعد الرجوع للبرلمان وموافقة ثلثي أعضائه، وفي حال إذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة. ويمتلك السيسي حاليا السلطة التشريعية نظرا لغياب البرلمان. وسبق أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتفويض صلاحياته بشأن إعلان حالة الطوارئ إلى رئيس الحكومة.
وفرضت حالة الطوارئ للمرة الأولى في 26 أكتوبر العام الماضي، بعد مقتل 33 جنديا على الأقل في هجوم شنه مسلحون على نقطة عسكرية في شمال سيناء. ومنذ ذلك الحين مُددت مرتين كل ثلاثة أشهر في يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) الماضيين.
وقال قانونيون إن أي تمديد لحظر التجول أو لحالة الطوارئ أكثر من مرة يعد أمرًا مخالفا للدستور، موضحين أن الحكومة ربما اتخذت تلك القرارات على مرحلتين لتجنب المخالفة الدستورية، في مسعى منها لبسط سيطرة القوى الأمنية على المناطق التي تشهد عمليات إرهابية.
وتمنح حالة الطوارئ للسلطات صلاحيات استثنائية من بينها توقيف المشتبه بهم دون إذن قضائي. ويعتبر فرض حظر التجوال إجراء استثنائيا لا يجوز إلا في حالة الطوارئ، وبالتالي ينتهي العمل بالحظر تلقائيا مع انتهاء فترة الطوارئ.
وقال الزعيم القبلي بشمال سيناء الشيخ علي فريج إن «شعب سيناء كان يأمل أن ينتهي الحظر في موعده وألا يمدد، لأنه بالطبع أوقف حركة الناس، لكن في نفس الوقت هم يدركون دواعي الأمن القومي، وضرورة الحفاظ على أمن مصر، أيا كانت النتيجة».
وأضاف رئيس مجلس حكماء القبائل العربية لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع الحكومة لا تهدف إلى تعذيب الناس، وإنما تحقيق الأمن والقضاء على الجماعات الإرهابية»، مشيرا إلى وجود «حوار مستمر بين المشايخ وقيادات الجيش».
وتابع: «الوضع الأمني رغم ما يحدث من عمليات إرهابية كبيرة يعد أفضل الآن عن عام أو عامين سابقين، مشيرا إلى أنه في فترات سابقة كان المسلحون ينطلقون في مسيرات طويلة تصل إلى 3 كيلومترات يحملون الرايات السوداء دون أن يستطيع أحد أن يقترب منهم، في حين أنهم الآن يقومون بعمليات مسلحة في الخفاء سريعة على فترات متباعدة بعد أن سيطرت قوات الأمن على المنطقة».
وأوضح الشيخ فريج أن «معظم المسلحين أجانب يأتون عبر الحدود الفلسطينية، وليسوا من أبناء سيناء، إلا قلة قليلة من المنتمين لجماعة الإخوان، الذين يحتضنون تلك العناصر ويؤوونها، لكن في النهاية هم تحت أعين قوات الأمن وجاري تعقبهم بالتعاون مع أبناء سيناء».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.