«الأونروا»: العام الدراسي مهدد.. والفلسطينيون في غزة يحذرون من «انفجار»

الوكالة تحتاج إلى 100 مليون دولار فورًا وتقول إنها لا تملك سوى أموال الرعاية الصحية

«الأونروا»: العام الدراسي مهدد.. والفلسطينيون في غزة يحذرون من «انفجار»
TT

«الأونروا»: العام الدراسي مهدد.. والفلسطينيون في غزة يحذرون من «انفجار»

«الأونروا»: العام الدراسي مهدد.. والفلسطينيون في غزة يحذرون من «انفجار»

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن أزمتها المالية تتعمق، مما يهدد بداية العام الدراسي الحالي، في تأكيد لمخاوف سابقة من أن تؤثر أزمتها المالية على الخدمات المباشرة للاجئين الفلسطينيين، وهذا ما رد عليه الفلسطينيون في قطاع غزة، بمظاهرات حاشدة حذروا معها من «انفجار» مقبل.
وقال بيان لـ«الأونروا» تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، إن الوكالة عقدت أمس، اجتماعا غير عادي للجنتها الاستشارية، في العاصمة الأردنية عمان، لمناقشة الأزمة المالية الأشد التي تعصف بالوكالة منذ تأسيسها. وجاء في بيان أن «اللجنة ستقوم بمراجعة المخاطر المتزايدة لاضطرارها إلى تأخير بدء العام الدراسي، لما يقارب من نصف مليون طالب وطالبة، في نحو 700 مدرسة تنتشر في الشرق الأوسط، ما لم يتم تمويل العجز البالغ 101 مليون دولار أميركي بالكامل قبل الموعد المقرر لبدء المدارس. وتجمع الجلسة كبار الجهات المانحة والمستضيفة لـ(الأونروا)».
وقال مفوض عام «الأونروا» بيير كرهينبول: «إنني أشعر بالقلق من أن تجبرنا الأزمة التمويلية التي نعاني منها حاليا، على النظر في تأخير بدء السنة الدراسية»، موضحا: «أن قرارًا كهذا سيعمل على توليد الكثير من التوتر واليأس لمئات الآلاف من الفتيان والفتيات المتفانين جدا في دراستهم».
وأضاف أن «التعليم يكمن في صلب هوية وكرامة لاجئي فلسطين، وفيما ترمز (الأونروا) إليه. كما أن مدارسنا توفر قدرا من الاستقرار في منطقة غير مستقرة للغاية»، متابعا: «إن التأخيرات المحتملة في البدء بالسنة الدراسية سيكون لها تداعيات خطيرة على الحكومات المضيفة أيضا».
ويفترض أن تكون الجلسة غير العادية للجنة الاستشارية قد راجعت تقريرا خاصا سيرسله المفوض العام إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وإلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كافة، البالغ عددها 193 دولة. وزادت أعباء «الأونروا» بعد الحرب الأخيرة على غزة، واضطرها العجز إلى البدء في تقليصات كبيرة في الأراضي الفلسطينية.
وكانت الوكالة قد طلبت أثناء مؤتمر الإعمار في القاهرة، الصيف الماضي، 724 مليونًا لمعالجة مشكلات اللاجئين في غزة، بما في ذلك إعادة إعمار المنازل، ولم تحصل سوى على مبلغ 135 مليون دولار فقط، فيما قدمت، حتى الآن، 77 مليون دولار لـ66 ألف أسرة إصلاح منازلها وكبدل استئجار، قبل أن تتوقف عن ذلك.
وأعلنت الوكالة، في الشهر الماضي، عن تطبيق مبادرة الترك الطوعي الاستثنائي للخدمة، التي تتيح للموظف الذي يستوفي شروط التأهل لتلك المبادرة، أن يختار طواعية ترك الخدمة في الوكالة قبل بلوغه سن التقاعد. وأكدت الوكالة أنها ملتزمة بالكامل، وقادرة على تقديم خدماتها الرئيسية في الوقت الحاضر، مع العلم بأن التمويل المتوفر لديها يكفي لغاية للشهر الحالي فقط.وتضاف خطوة «الأونروا» الجديدة إلى خطوات أخرى اتخذتها منذ بداية العام الحالي.
وكانت «الأونروا» قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي، عن وقفها تقديم المساعدات المالية للمدمرة بيوتهم أو بدل الإيجار في قطاع غزة، بسبب نقص التمويل. وقامت الشهر قبل الماضي، بتجميد التعيينات الجديدة على الموازنة العامة، وبدأت بمراجعة السياسة بخصوص موظفي المياومة لتحديد أولوية استمرار أولئك الموظفين لإسناد أنشطة «الأونروا» الرئيسية فقط، إضافة إلى مراجعة العقود والاستشارات الدولية التي يتم دفعها من مناشدات الطوارئ أو المشاريع.
ولم يوافق الفلسطينيون على خطوات «الأونروا» وتوجهاتها، وينظرون إليها بعين الشك والغضب.
وكانت منظمة التحرير وجهت أكثر من مرة، الدعوة إلى الدول المانحة والدول العربية، وطالبتها بسرعة التحرك والبحث في توفير الحلول الفورية للأزمة المالية التي تشهدها وكالة الغوث، وتمكينها من الوفاء بالتزاماتها. وتظاهر مئات الفلسطينيين في غزة أمس، أمام مقر وكالة الغوث الدولية احتجاجا على سياسة تقليص خدماتها، ورفعوا لافتات تندد بسياسة التقليص التي «ستقود غزة إلى الانفجار بفعل الفقر والقهر وانعدام الأمن».
وقال وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، في كلمة باسم القوى الوطنية والإسلامية، إن الفصائل ترفض إجراءات «الأونروا» الأخيرة، فيما يتعلق بسياسة الإحالة إلى التقاعد المبكر وتأجيل العام الدراسي. ووجه العوض رسالة إلى لجنة الاستشارية المجتمعة في عمان بأن تتراجع عن هذه القرارات، وأن تعيد الأموال إلى «الأونروا» لتتمكن من القيام بخدماتها. وطالب «الأونروا» بالاستمرار في تأمين هذه الخدمات وفق القرار 302 الذي بموجبه أُنشئت وكالة الغوث، محذرا من أن هناك خطوات تصعيدية سيتم الاستمرار بها ضد هذه الإجراءات.
وقال طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية «إن المجتمع الدولي يريد طمس وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة، الشاهد الدولي على قضية اللاجئين وحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها، من خلال تقليص الدعم المالي المقدم لـ(الأونروا)، مما يهدد حاجات اللاجئين ومتطلبات عيشهم». وأضاف: «لا يعقل أن المجتمع الدولي والدول المانحة عاجزون عن تمويل الـ(الأونروا) بمبلغ 101 مليون دولار، مما يهدد عملها للقيام بواجباتها تجاه اللاجئين، وفي مقدمتها تقديم الخدمات الصحية والتعليمية، ويهدد التحاق قرابة نصف مليون طالب في مدارسهم مع بدء العام الدراسي الجديد». وتابع أن «قضية العجز المالي الذي تعاني منه (الأونروا) مدروس ومخطط له وسياسي بالدرجة الأول، والأمر لا يتعلق بنقص التمويل».
وتقول «الأونروا» إنه يتوفر لها حاليا من المال ما يكفي فقط، للمحافظة على خدماتها الضرورية لحماية الصحة العامة، التي تشتمل على تطعيم الأطفال، والرعاية الصحية الأولية، والإغاثة، إضافة إلى بعض البرامج الطارئة حتى نهاية عام 2015، إلا أن التمويل غير كافٍ لضمان توفير خدمات تعليمية مستقرة اعتبارا من شهر سبتمبر (أيلول) وما بعده.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.